{بغداد: الفرات نيوز} تقرير: رانيا المكصوصي .. كربلاء، محطة الحق التي حيرت كل من توقف عندها واستذكر بطولاتها، مدينة التضحية والوفاء تلك التي شهدت ملحمة الظمأ وسُقيت بدماء الطاهرين من ال بيت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وسَجلت حينها اروع ملاحم الدفاع عن الانسانية والمبادئ السامية وألفت موسوعات بانتصار دم الحق على سيف الطاغية المتسلط .
كربلاء المقدسة هي تلك المدينة التي تطهرت باحتضانها لمرقدي ابا الاحرار الامام الحسين واخيه ابا الفضل العباس {عليهما السلام} وثلة من ال بيت الرسول الاطهار والاصحاب والانصار الذين بذلوا ارواحهم في سبيل الله للدفاع عن تعاليم الاسلام الحنيف التي جاءت لتحرر الإنسان من العبودية وترتقي به لتمنحه الحرية.
وعلى الرغم من مكانتها وعراقتها فقد كانت لهذه المحافظة المطهرة، نصيب خاص من المعاناة والالم اذ بدأت معاناتها منذ عام الـ{61}هـ، حين استشهد به الامام الحسين {عليه السلام} وال بيته واصحابه، وبعدها أصبحت هدفا للأمويين والعباسيين والحكومات التي تواترت بعدهم حتى النظام الدكتاتوري البائد.
ولا يُخفى ان في كل حقبة كان لكربلاء الم واذى، ولربما اقسى ما مر عليها كان في عام 1991، حين قاد صهر الطاغية البائد حسين كامل الهجوم على المحافظة المقدسة لإخماد الانتفاضة الشعبانية التي اندلعت انذاك بمدن جنوب وشمال العراق، فامر حسين كامل حينها بتوجيه نيران المدافع والقذائف على مرقد الامام الحسين {عليه السلام} وهو يردد " أنت حسين وأنا حسين كامل"، وامر بقتل الاهالي ودفن المئات منهم احياء بمقابر جماعية واحرق المنازل وبث الدمار في المحافظة لتعيش حقبة سوداء استمرت على مر سنين.
ومازالت كربلاء المقدسة حتى اليوم تعاني وهي تنظر بعيون يملؤها العتب، فبعد ان املت بتغيير واقعها وتعويضها عّما مر بها من الدمار على يد طغاة العصور، بعد انتهاء عصر حكمهم، الا انها صُدمت بعكس ما توقعت فلم يلتفت احد لتشخيص ألامها المتراكمة، ويقدم لها خطط ومشاريع لمنحها ماتستحقه من الاهتمام والاعمار، بالرغم من انها تستقبل كل عام مايزيد على الـ{20} مليون شخص من مختلف بقاع العالم من اجل زيارة الائمة الاطهار {عليهم السلام} وتسجل مرثونا عشقيا نادرا لم تشهده ارض في العالم غيرها، وتقدمه للبلاد من ايرادات من قبل هؤلاء الوافدين اليها، رغم جراحها التي لم تُضمد .
وتعاني محافظة كربلاء أيضا من إهمال في الارث الحضاري، اذ تضم العديد من المعالم الاثرية كصحن الاخيضر، الذي يعد من الابنية الاثرية الدفاعية الشاخصة والمعالم العسكرية المميزة في العمارة الاسلامية، وكهوف الطار التي تقع فوق تل صخري جنوب غرب المحافظة، علاوة على منطقة الاقيصر والتي هي عبارة عن تلول اثرية وتمخضت التنقيبات فيها عن اكتشاف كنيسة شرقية تعود القرن الاول الميلادي وعليها كتابات وصلبان محفورة على الجص، وغيرها من المعالم الاثرية التي لم تؤهل وتطور على الرغم من انها اذا ما طورت فستجني مردودات سياحية كبيرة للبلد وتدخل جزء من الايرادات التي يمكن استغلالها لتطوير هذه المعالم دون الحاجة الى تخصيصات اخرى .
علاوة على ذلك فان محافظة كربلاء كغيرها من محافظات العراق تعاني تلكؤا بالمشاريع ونقصا في الخدمات والبنى التحتية والخطط الاستراتيجية، اذ تكاد تكون هذه القطاعات الاساسية هي معاناة مشتركة لجميع مدن العراق، حيث انها جميعا بحاجة الى تأهيل وتطوير، فقد مر على تنفيذ هذه القطاعات الاساسية زمن طويل بوقت منحت الحكومات اهتمامها بالحروب والازمات دون الالتفات الى حاجة الوطن والمواطن والاجيال المقبلة .
وحظيت محافظة كربلاء المقدسة، باهتمام ائتلاف المواطن، عن طريق ما تضمنه من فقرات خاصة بها، تروم الى الرقي بواقعها ورفع الحيف عنها، فقد اوضح النائب عن كتلة المواطن والمرشح عن محافظة كربلاء، بالتسلسل رقم {1} حبيب الطرفي ان "برنامج ائتلاف المواطن اكد على المدن المتميزة بالعراق، ومنها محافظة كربلاء المقدسة التي تستحق العناية الكاملة فهي مدينة الخمسين مليون زائر سنويا، وبالتالي فإنها بحاجة الى خدمات وبرامج متميزة".
واضاف ان "هذا البرنامج سيكون بمثابة خارطة طريق لهذه المدينة المقدسة في السنوات الاربع القادمة، اذ لابد من منحها الاهتمام والعناية التي ترتقي بها بما يناسب مكانتها وعمق حضارتها وقدسيتها ".
من جانبها اكدت مرشحة ائتلاف المواطن عن محافظة كربلاء بالتسلسل {4} منال الموسوي، إن "برنامج ائتلاف المواطن الانتخابي قد تضمن خطط ومشاريع استراتيجية للسمو بمحافظة كربلاء المقدسة بما يتلائم ومكانتها القدسية".
واضافت ان "من اولويات البرنامج الانتخابي تنفيذ المشاريع الإستراتيجية وتطوير قطاع الاعمار والبنى التحتية، والنهوض بالخدمات اذ ان المحافظة تفتقر الى الكثير من الخدمات ومن ابسطها الطرق، وشبكات المياه".
وتابعت الموسوي" كما إن الجانبين الصحي والبيئي ويتطلبان عناية واهتماما خاصين، فهناك الكثير من المساحات الشاسعة من الاراضي المهملة، التي تسبب تلوثا بيئيا لذا من الالتفات اليها".
ولم تغب محافظة كربلاء المقدسة عن اهتمام تيار شهيد المحراب ورئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي السيد عمار الحكيم، إذ كان له وقفه بها كغيرها من المحافظات العراقية، ودراسة لما تعانيه وتفتقر اليه، تجسدت بإطلاقه لمبادرة {كربلاء فحر العراق} في السابع من نيسان الماضي 2013، تضمنت عدة محاور منها، تخصيص {1%} من ميزانية العراق كميزانية لمحافظة كربلاء، ولمدة خمس سنوات وإنشاء مجلس اعلي للاعمار خاص بالمحافظة، كي يساعد دوائرها في اكمال مشاريع التخطيط والاعمار وتقديم تسهيلات استثنائية للقطاع الخاص لتشجيع رأس المال المحلي والأجنبي للاستثمار في كافة القطاعات الخدمية والأساسية في المدينة.
وكما تضمنت المبادرة انشاء شبكة طرق سريعة حديثة تربط كربلاء بالمحافظات العراقية المجاورة وخط سكة حديد بين النجف وكربلاء وربطه بشبكة سكك الحديد الوطنية لتخفيف الزخم الحاصل في النقل أثناء الزيارات المليونية إضافة إلى المباشرة السريعة بتنفيذ مطار الفرات الأوسط وإنشاء المجسرات وجسور ألمشات والإنفاق والتي تتلائم وطبيعة الزيارات في المدينة، والتي تقلل من الازدحامات والاختناقات، علاوة على انشاء المدن السكنية وغيرها من المحاور التي تصب بمصلحة المحافظة وابناءها .
وتترقب محافظة كربلاء المقدسة اليوم عرسها الانتخابي، وهي عاقدة الآمال على رجالاتها باختيار من يأخذ على عاتقه النهوض بها وتضميد جراحها، عن طريق العمل على إعادة حقوقها وتعويضها عمّا لاقته من الظلم والدمار متمنية عصرا من الازدهار الذي ترفع به رأسها فخرا أمام العالم به . انتهى