وقال السيد الحكيم في كلمته بالمؤتمر العام لنقابات العمال في العراق بمناسبة يوم العمال العالمي :"إن شريحة العمال تمثل الشريحة الأهم في المجتمعات الحديثة وإنصاف العامل إنصاف المجتمع فلطالما لعبت هذه الشريحة دوراً في صناعة الأنظمة السياسية وتشكلت على أثرها الاحزاب والنقابات وخصص للعمال يوم عالمي تحتفل به البشرية على اختلاف مشاربها وثقافاتها".
وأوضح إن "العمل في العراق مر بمراحل عدة كان الأغلب منها مأساوياً على شريحة العمال حينما جير عرق الجبين لخدمة الآلة العسكرية والحروب العبثية فخسر العراق جراء ذلك الكثير من طاقاته العمالية التي مثلت ميزة من ميزات المجتمع العراقي حينما كانت الصناعة العراقية رائدة بين صناعات المنطقة ومؤهلة لأن تكون من بين الصناعات المتقدمة في العالم".
وتابع السيد الحكيم "لم تقف معاناة شريحة العمال عند عبثية الدكتاتورية فمرحلة ما بعد ٢٠٠٣ لم تكن مثالية على هذه الشريحة، وساهم في ذلك غياب الفلسفة الاقتصادية الواضحة وإستفحال الدولة الريعية بالإعتماد على النفط كمصدر دخل أوحد وحاولت الحكومات السابقة إيجاد المعالجات اللازمة وتحقق ما تحقق إلا أنه يبقى دون مستوى الطموح ولا يلبي الرغبات أو يشبع الطاقات المعطلة".
ونوه الى ان "العراق مجتمع شبابي وأن عمر الشباب هو العمر المثالي للعامل دون بخس لطبقة المخضرمين من العمال أصحاب الخبرة والدراية" مبينا ان "استقطاب الشباب في مجال العمل لابد أن يكون على رأس الأوليات وكما ان المجتمع الشبابي يمثل فرصة فهو يمثل تحديا من زاوية أخرى علينا أن نشجع على العمل وأن نذكر بقيمة العمل فكلنا نحفظ عن رسول الله {صلى الله عليه وآله وسلم} إنه قبل يدا قد تشققت من قسوة العمل وقال (ص) هذه يد يحبها الله ورسوله".
وأكد "علينا أن لا نخجل من العمل وأن لا نخجل من عنوان العامل وأن نجعل بدلة العمل مساوية من حيث الاحترام والتقدير للبدلات الأخرى لأن الأزياء لا تعني شيئا وأنها مهما تقدمت وتأنقت وتعطرت هي نتاج جهد وتعب العامل فهو صانعها وحائكها".
واستطرد بالقول "كما يتطلب ذلك الوقوف عند حق العمل الذي كفله الدستور العراقي فالحكومات والأنظمة تضمن حق العمل وعلى الشباب أن يطالبوا بحقهم الدستوري والقانوني".
ولفت السيد الحكيم الى إن "الحكومات ملزمة بإصلاح بيئة العمل كما نعتقد أن إصلاح بيئة العمل يمثل مدخلا مهما لاستيعاب الشباب وتحريك المصانع المعطلة الحكومية ومصانع القطاع الخاص ونعتقد أن بيئة العمل المثالية تتطلب ما يأتي:
أولا: إعادة النظر بساعات العمل وبالحد الأدنى من الإجور كي يكون الحد الادنى كفيلاً بتحقيق العيش الكريم للعامل ومن يعيله.
ثانياً: النظر للعمال بإحترام وتقدير وتحويل ذلك إلى ثقافة مجتمعية من خلال المناهج الدراسية والحملات الإعلامية التي تنصف العمل والعامل على حد سواء.
ثالثاً: إعادة النظر بمخرجات المعاهد المختصة كمعهد إعداد المدربين ومعهد التكنلوجيا والمعاهد الفنية وإعداديات الصناعة وتثقيف الشباب العراقي على أن هذه المعاهد تمثل رافداً أساسياً لسوق العمل وأن دراسة العلوم الصناعية لا يعني أنها اقل شأناً مقارنة مع العلوم الأخرى.
رابعاً: إعادة النظر بقانون الضمان الاجتماعي وإلزام أصحاب المصانع والمعامل بدفع مستحقات الضمان الإجتماعي مع تعريف العمال بحقهم في ذلك لأن كثيرا من العمال يجهلون إستحقاقاتهم المالية.
خامساً: حصر العمالة الأجنبية بما يحتاجه العراق خاصة في المهن التي لايقدم عليها العراقي لإعتبارات نفسية وإجتماعية .
سادساً: دعم النقابات وحثها على ضرورة أن يكون لها ممثل في مجلس النواب من خلال دعم من يرونه مناسبا لذلك.
ونوه السيد الحكيم "أما ما يتعلق بالحكومة ومؤسسات الدولة لإصلاح بيئة العمل وإصلاح وضع العاملين، فذلك يتطلب:
اولا: إعداد الخطط الناجعة للتخلص تدريجيا من ظاهرة الدولة الريعية أحادية الدخل من خلال دعم الاقتصاد وتحريك الصناعة والزراعة والاستثمار وباقي القطاعات.
ثانياً: إعادة النظر بالمصانع المتوقفة عن العمل وإيجاد المعالجات اللازمة لتحريكها بالتعاون مع القطاع الخاص كذلك دعم معامل القطاع الخاص المتوقفة عن العمل .
ثالثاً: توفير الكهرباء عبر استحداث محطات توليد خاصة بالمناطق الصناعية .
رابعاً: دعم المنتج المحلي وإلزام الدولة لمؤسساتها بشراء المنتج المحلي ومنع استيراد أي مادة أجنبية إن توفر ما يضاهيها محليا .
خامساً: دعم المصانع بالقروض الميسرة لإحيائها وإنشاء الجديد منها ومراقبة هذا الدعم كي يذهب إلى مستحقيه ويحقق المرجو منه.
سادساً: العمل على إحتراف الطبقة العمالية والكادر الصناعي من خلال التدريب والتطوير عبر برامج واضحة المعالم تتناسب مع معادلة العرض والطلب.
سابعاً: إلزام الشركات العاملة في العراق بنسب كبيرة من العمالة العراقية ومراقبة تشغيل النسب المنصوص عليها تعاقدياً ومنحها مزيداً من الفرص كلما أسهمت الشركات باستيعاب المزيد من العمالة العراقية.
ثامناً: التواصل المستمر مع النقابات والجمعيات والمنظمات المعنية بشريحة العمال واستضافة ممثليهم في جلسات لجان مجلس الوزراء أو لجان مجلس النواب للوقوف عند رؤاهم في المواضيع ذات الصلة.
واكد إن "إصلاح بيئة العمل وواقع العمال يتطلب إصلاح الواقع السياسي فأغلب المعالجات التي طرحت وسيطرحها مؤتمركم هذا تحتاج الى ارادة سياسية قادرة على تحمل المسؤولية إذ أن بعض المعالجات تشبه التداخل الجراحي الذي يسبب الالآم في الطريق نحو الشفاء التام".
وقال السيد الحكيم :"نمر بمرحلة استثنائية حيث الاستقرار الأمني والمجتمعي والسياسي والوفرة المالية النسبية الناتجة عن ارتفاع اسعار النفط خلال السنتين الماضيتين مما ساعد الحكومة أن تقدم موازنة تبلغ 200 ترليون دينار إلى مجلس النواب ، صحيح فيها عجز لكنها موازنة طامحة وممكن أن تحقق الكثير من طموحات العراقيين وتعالج مشاكلهم" داعيا الى "تحويل هذا الاستقرار الوقتي إلى استقرار دائم يجب أن نكون متفائلين وداعمين لإيجابيات بلادنا ونتحدث بها ونعول عليها ونراكم عليها لنصل إلى الاستقرار الدائم".
وشدد "يجب أن نركز على ثلاث أولويات (الخدمات ومكافحة الفساد ومكافحة الفساد ومكافحة الظواهر الاجتماعية السلبية كالمخدرات )هذه الثلاثية إذا ما ركزنا عليها سنصل إلى الاستقرار الدائم" مشيرا الى ان "التشجيع على العمل يتطلب الوقوف عند حق العمل الذي كفله الدستور العراقي فالحكومات والأنظمة تضمن حق العمل وعلى الشباب أن يطالبوا بحقهم الدستوري والقانوني".