وتناقل المتظاهرون صوراً لما تبقى من عبوات القنابل فيما بينهم محاولين معرفة ما تغيّر.
وتحدّث البعض عن استخدام نوعين من هذه القنابل على مدى الشهرين الأخيرين، بحسب التأثيرات التي لاحظوها.
وقال بعضهم إنّ القنابل منتهية الصلاحية، بسبب الأرقام المدوّنة على العبوات، ممّا اعتبروه تفسيراً لحدّتها وتأثيرها عليهم.
وأكد مصدر في قوى الأمن الداخلي لـ"بي بي سي"، فضّل عدم ذكر اسمه، أنّ "القنابل المسيّلة للدموع المستخدمة حالياً ليست منتهية الصلاحية أبداً"، مضيفاً أنّ "القنابل مصنوعة في فرنسا وتستخدم في دول متقدمة وأوروبية تخاف على شعبها". قبل أن يوضح: "ونحن أيضاً طبعاً، إذ نستخدمها نخاف على شعبنا وناسنا".
يستخدم الغاز المسيل للدموع الذي طوّره الفرنسيون قرابة الحرب العالمية الأولى وسرعان ما نسخته دول أخرى أبرزها الولايات المتحدة وألمانيا، في عدد من البلدان حول العالم لتفريق المظاهرات. إلا أنّه لا يستخدم من قبل جميع البلدان بسبب اشكاليات عديدة حوله.
من أبرز تلك الاشكاليات أنه نوع من أنواع الأسلحة الكيماوية المُحظور استخدامها دولياً، حتى في الحروب، بحسب اتفاقية جنيف بشأن الأسلحة الكيمياوية التي وقعت في عام 1993.
وهو لذلك سلاح كيمياوي طور للتسبب في تعذيب جسدي ونفسي لمستنشقه، وممنوع استخدامه في الحرب، ولكن يسمح للشرطة باستخدامه في مواجهة المدنيين. وهو يسوق وكأنه سلاح "أقل فتكاً" وآمن للاستخدام.
إلا أنّ القنابل المسيلة للدموع قتلت آلاف الأشخاص حول العالم. إذ يمكن لهذه القنابل التسبّب في الوفاة إذا أصابت المتظاهرين بشكل مباشر وتتسبب حتماً في إصابة بليغة أو في عطب دائم.
كما لا يفرّق استخدام المسيل للدموع على الجموع بين الأطفال والمسنين والنساء الحوامل والذين يعانون من أمراض تنفسية كالربو أو من يعاني من قصور في القلب أو الرئتين.
ممّا يجعل اعتباره "أقل فتكاً" غير دقيق.
وانتشرت صور المتظاهرين العراقيين الذين قتلوا خلال الأشهر الماضية في الاحتجاجات بعد اختراق قنابل مسيلة للدموع لجماجمهم. ويعود ذلك لاستهداف قوات الأمن للمتظاهرين بشكل مباشر وعن مسافة قريبة.
ودعا مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى لبنان الاثنين إلى التحقيق فيما وصف بأنه استخدام "مفرط للقوة" ضدّ المتظاهرين، بعد تحول احتجاجات سلمية، في أغلبها، إلى عنف في نهاية الأسبوع الماضي.
وكان خبراء من الأمم المتّحدة ندّدوا نهاية الشهر الماضي باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين.
ورأى الخبراء أنّ "الإجراءات التي اتّخذتها السلطات تثير الكثير من القلق وعلى مستويات مختلفة"، مشيرين إلى أنّ قوّات الأمن استخدمت "كمية كبيرة من الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين".
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إنّ "قوات الأمن اللبنانية استخدمت القوة المفرطة وغير الضرورية ضدّ متظاهرين في وسط بيروت".
وأشارت إلى أن شرطة مكافحة الشغب التابعة لقوى الأمن الداخلي "أطلقت شرطة الغاز المسيل للدموع على آلاف المتظاهرين السلميين إلى حدّ كبير، ومنهم أطفال، وسط بيروت. كما أطلقت الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على المتظاهرين الفارين".انتهى