وقال صالح ، اليوم الثلاثاء، في استذكار أقامته هيأة الحشد الشعبي في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد قادة النصر بحضور عدد من المسؤولين والوزراء، إن الشهيدين نائب رئيس هيأة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس والقائد الإيراني قاسم سليماني، كان لهما دورا كبيرا في مقارعة الاستبداد والدكتاتورية ومحاربة الإرهاب الداعشي.
وأوضح أن تحديات جسيمة واستحقاقات كبيرة تنتظر البلد، أبرزها تنظيم الانتخابات المبكرة النزيهة والعادلة يتمكن خلالها العراقيون من اختيار ممثليهم بعيداً عن التلاعب والتزوير، إلى جانب الشروع في إصلاحات داخلية وتعزيز الأجهزة الأمنية وضبط السلاح المنفلت.
وأكد الرئيس صالح على أن العراق المستقل ذا السيادة يمثل مصلحة العراقيين وأساس مشروعهم الوطني، كما أنه ركن أساسي لمنظومة إقليمية قائمة على احترام حق الشعوب ونبذ الصراعات، إذ لا يمكن للعراقيين أن يقبلوا بأن يكون بلدهم ساحة صراع الآخرين، أو منطلقاً للعدوان على أحد".
وجاء في نص كلمة رئيس الجمهورية:
نلتقي في هذا المحفل الكريم للاحتفاء بالذكرى السنوية الأولى لشخصيتين بارزتين لهما من الأثر والتاريخ الطويل في مقارعة الاستبداد والدكتاتورية ومحاربة الإرهاب الداعشي، الا وهما الشهيدان نائب رئيس هيأة الحشد الشعبي الحاج أبو مهدي المهندس الذي عرفناه مجاهداً مثابراً شجاعاً مقداماً في سبيل تحقيق قضايا وطنه وشعبه، والقائد الإيراني الكبير الحاج قاسم سليماني الذي وقف مع العراقيين ساعة الشدة خلال الحرب ضد الإرهاب وضد داعش.
في هذه المناسبة نستذكر أيضا الوقفة الشجاعة لجميع صنوف قواتنا المسلحة ولكل من لبّى الفتوى الجهادية المباركة والذي مكننا من الانتصار على داعش الإرهابي، ولكل من ساند العراقيين من الأصدقاء والتحالف الدولي في مواجهة قوى الإرهاب والتكفير.
فلقد واجه العراقيون أعتى هجمة إرهابية ظلامية، لكنهم استطاعوا من خلال صمودهم وبسالة قواتهم المسلحة من الجيش والحشد الشعبي والبيشمركة ومكافحة الإرهاب وقوات الداخلية وبمباركة الفتوى الجهادية لمرجعية الإمام السيد السيستاني التي كان لها الدور المعنوي الكبير في الانتصار على داعش وعلى الإرهاب.
لا يسعنا إلا أن نستذكر الدور الكبير والشجاع للقائد الشهيد أبي مهدي المهندس في تلك الظروف العصيبة، فحقيقة كان المهندس القائد في ظروف المواجهة والتحديات في ساعة الشدة.
نجتمع هذا اليوم تحت عنوان "الشهادة والسيادة"، وهو عنوان يمزج بين التضحية والكرامة معا، فالشهادة التي هي أبلغ مراتب الإيمان لا تتحقق بلا إخلاص وتضحية، والكرامة كذلك لا معنى لها ولا وجود بلا سيادة.
نجتمع في هذه المناسبة، ونحن في ظروف بالغة التعقيد والحساسية، في ظل تحديات إقليمية وأزمات اقتصادية تتطلب من الجميع النظر لها بروح المسؤولية الوطنية والحرص الكبير على المصالح العليا للبلد وللشعب.
فالدماء التي سالت في سبيل تحقيق سيادة وكرامة العراق عند مواجهتها أعتى قوى الإرهاب والضلالة المتمثلة بداعش الإرهابي، تستحق منا الوفاء لها في الحفاظ على ما تحقق من انتصارات عظيمة وتعزيزها بالنصر الناجز في بناء دولة قادرة ومقتدرة على تحقيق طموحات شعبها وحفظ كرامتهم وحقوقهم.
وهو ما يتطلب منا وقفة جادة لمعالجة الأخطاء وتجاوز السلبيات التي تراكمت بفعل ظروف وعوامل أدت إلى تصدع منظومة الحكم القائم، وهذا ما يستوجب منا الشجاعة للإقرار بضرورة الإصلاح ومعالجة مكامن الخلل من خلال عقد سياسي جديد يمكّن العراقيين في بناء حقيقي لدولة ذات سيادة كاملة تتمتع مؤسساتها بالقوة والقدرة على تجاوز الأزمات ومواجهة التحديات وتحقيق حياة حرة كريمة تليق بالعراقيين وتاريخ بلدهم العريق.
فهناك من يريد أن ينشغل العراقيون بصراعات داخلية تزيد من استنزاف قوتهم وتضعف وتهدد كيانهم، فلا يمكن للعراقيين أن يقبلوا باستباحة بلدهم وانتهاك دولتهم الوطنية، فلا يمكن لهذا البلد أن يستقيم وضعه من دون أن يكون شعبُهُ سيّدَ نفسِهِ وصاحبَ قرارِهِ بعيداً عن أي وصاية أو تدخل خارجي.
فالسيادة قرارٌ وإرادةٌ وطنيةٌ ملتزمة بمرجعية الدولة والدستور والقانون. السيادة تمكين لقواتنا الأمنية في تولي واجباتها الأمنية بالكامل ضد الإرهاب والمخاطر الخارجية التي قد تواجهنا.
وفي هذا السياق ايضاً أنوّه بقرار الحكومة بتفعيل اللجنة المختصة ضمن الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة بجدولة تواجد القوات العسكرية الاجنبية في العراق، وهذا ما يضمن السيادة العراقية ومتطلبات الحرب ضد الإرهاب.
تحدياتنا كبيرة وجسيمة، وأمامنا استحقاقات مهمة أبرزها الانتخابات المبكرة وضرورة ان تكون نزيهة وعادلة وتمّكن العراقيين من اختيار ممثليهم بعيداً عن التلاعب والتزوير.
أمامنا ايضا استحقاق الإصلاح الداخلي وتعزيز أجهزتنا الأمنية وضبط السلاح المنفلت واستكمال النصر على الإرهاب بعودة المُهجَّرين وإعمار المناطق المحررة.
نؤكد على العراق المستقل ذي السيادة الكاملة، فمن دون السيادة ومن دون دولة مقتدرة خادمة وحامية لشعبها، لن يكون العراق آمناً لشعبه ولا للمنطقة ولا للعالم.
لا نريد العودة مجدداً إلى ماضي الحروب والتدخلات الخارجية، فلقد عانى العراق وجيرانه ويلات ذلك الماضي ولا نريد الرجوع اليه مطلقاً.
فالعراق المستقل ذو السيادة يمثل مصلحة العراقيين وأساس مشروعهم الوطني، وأكاد أجزمُ أيضاً أنها تمثل المصلحة المشتركة بين دول المنطقة.
فالعراق المنشود باستقلاله الفعلي وسيادته غير المنتقصة يمثل جسر التواصل بين شعوب المنطقة ودولها وركن اساسي لمنظومة إقليمية قائمة على احترام حق الشعوب في حياة حرة كريمة، وتعمل على تسخير موارد المنطقة وخيراتها للتنمية والازدهار وخلق فرص عمل لشبابنا العاطل عن العمل بدلا عن تبديدها في الحروب والنزاعات.
لا يمكن للعراقيين أن يقبلوا بأن يكون بلدهم ساحة لصراع الآخرين أو منطَلقاً للعدوان على أحد. ومن هنا أؤكدُ على أهمية ضبط النفس وعدم السماح لأحد بالتلاعب بمقدرات بلدنا، فكفانا حروباً وعنفاً، نريد عراقاً آمناً مع شعبه ومع جيرانه ومع المنطقة.
وندعو جميع القوى السياسية الفاعلة والمنظمات الخيرة في مساندة جميع الجهود الوطنية المسؤولة في الحفاظ على السلم المجتمعي ومواجهة التحديات القائمة كي يبقى العراق سيد نفسه، وينعم شعبه بالأمن والسلام ولمستقبل أبنائه بالتطور والازدهار.
غفران الخالدي