وباتت محطة "عبد المحسن الكاظمي" للصرف الصحي التي تقع في مدينة الكاظمية المقدسة متهالكة وتنذر بخطر بيئي كبير على العاصمة بسبب الضغط الشديد عليها وصب قرابة الثلثين من المياه الثقيلة والصرف الصحي لمناطق واسعة من الكرخ فيها، ما يضطر المحطة "أوتوماتيكياً" لفتح الصرف تجاه نهر دجلة "الخالد".
المحطة التي سميت باسم الشاعر الشهير، تم تنفيذها منذ العام 1984 بطاقة تصميمية تبلغ 9 أمتار مكعبة في الثانية، وهي محطة حاكمة "تقريباً" على ثلثي جانب الكرخ، وبسبب الزيادة الكبيرة بعدد سكان بغداد، جرى تأسيس خط طوارئ في حال امتلاء المحطة يفتح مباشرة على الأنهر لصرف المياه الصحية، وما يؤسف له أن شبكة الصرف الصحي وشبكة مياه الأمطار التي تستفيد منها الدول في العالم أصبحتا مشتركتين بسبب عدم تنظيف خطوطهما منذ العام 2003، حيث تضطر إدارة المحطة إلى "تصفيرها" عند الامتلاء ما يؤدي إلى انبعاث روائح كريهة في منطقة واسعة من الكرخ وقرب الكاظمية تحديداً.
بتوجيه من أمينة العاصمة السابقة "ذكرى علوش"، جرت إعادة التصميم لمعالجة مشكلة "الروائح" فقط من دون معالجة المياه الثقيلة المنبعثة من المحطة، وتم التخطيط لذلك بجهود محلية في 2016، إلا أنه حتى هذا المخطط لم يتم بسبب ضعف التخصيصات المالية.
ويقول مدير عام بلدية الكاظمية رئيس مهندسين محمد كريم راضي في تصريح صحفي "عند اختيار مخطط (البايو فلتر) فوجئنا بالضائقة المالية، وهناك كلفة بحدود مليار وخمسمئة مليون دينار لا نمتلكها لغرض تنفيذ المخطط المتعلق بإزالة الروائح رغم المصادقة عليه في 2018".
المياه الواردة الى محطة "عبد المحسن الكاظمي" تأتي من عدة مناطق هي السنك والاسكان وعلي الصالح والطوبجي وجزء كبير من مدينة الشعلة بالاضافة الى منطقة العطيفية والشالجية جميعها تصب في هذه المحطة، فضلا عن ثلثين من بلديات الكرخ والمنصور والشعلة والكاظمية نفسها تصب في هذه المحطة اضافة الى ثلثي المياه من بلدية الكرخ والمنصور وبلدية الشعلة والكاظمية نفسها تصب في هذه المحطة.
وبسبب قدم وتهالك المحطة والمحطات التي تستلم منها، وبسبب عدم معالجة البنى التحتية لتناسب التوسعة السكانية وزيادة المياه الحاصلة نتيجة الامطار يصل الزائد المائي للصرف الصحي مع الامطار الى 13 مترا مكعبا/ثانية حالياً، ما يعني ضرورة معالجة هذه الزيادة، فإن كانت محطة ”عبد المحسن الكاظمي“ تغرق صيفاً فكيف هو الحال في الشتاء؟! وكل ذلك بسبب الأخطاء التصميمية التي رافقت الانشاء في الثمانينيات من القرن الماضي.
محطة عبد المحسن الكاظمي ليست المكان الوحيد المهدد للبيئة وتنبعث منها روائح نتيجة رمي المياه الثقيلة فيها، حيث أن هناك مجموعة من مضخات مياه المجاري تصب مباشرة في نهر دجلة من ”البوعيثة“ وفي العديد من المناطق الاخرى، ومياه الصرف الصحي لمدينة الطب ايضا تصب في نهر دجلة.
للدلالة على الانتهاكات الأخرى للأنهار، يبين عضو الهيئة الاستشارية في وزارة الموارد المائية والمتحدث باسم الوزارة المهندس عون ذياب عبد الله في تصريح صحفي ان ”موضوع الرستمية في نهر ديالى مؤذ جدا، ففي العام الماضي كانت لدينا حالة فيضان جرفت كميات كبيرة من المواد المترسبة نتيجة توجيه مياه الصرف الصحي الى نهر ديالى، ما تسبب بإيقاف تسعة مشاريع من مياه الشرب قائمة بمنطقتي سلمان باك والنهروان، وحتى الصويرة".
ويعترف عبد الله أن ”ملف مياه الصرف الصحي، بات يؤرق المؤسسات المختصة بصورة كبيرة".
من جانب آخر، فإن أمانة بغداد تصرف بحدود مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي في نهري دجلة والفرات، ووفق القانون فإن ذلك إجراء ”خارج القانون“،
ويقول وكيل وزارة الصحة والبيئة جاسم الفلاحي في تصريح صحفي ”نحن نعاني من مشكلة كبيرة تتمثل بالاعتداءات الجائرة على المصادر المائية (نهري دجلة والفرات)، ونحن نأسف لأن هذه الاعتداءات تقوم بها مؤسسات حكومية ووزارات، وعلى رأسها أمانة بغداد والدوائر البلدية في المحافظات كافة“، مشيراً الى وجود عشرات القضايا التي تم رفعها ضد الجهات المخالفة أمام أنظار القضاء".
عمار المسعودي