المختصر المفيد.. في الاخبار الهامة تجده في قناة الفرات نيوز على التلكرام .. للاشتراك اضغط هنا
وقالت الباحثة في الجغرافيا الطبيعية من جامعة "كوين ماري" في لندن جيما هارفي، التي أدارت الدراسة المنشورة أخيرا لوكالة فرانس برس، إن "الاهتمام كان دائما ينصبّ على الحيوانات كلّ على حِدة، ولكن مع هذه الدراسة، اكتشفنا الأهمية الجماعية للحيوانات المهندِسة".
وأحصت الدراسة في المجمل أكثر من 600 نوع من الكائنات الأرضية وتلك التي تعيش في المياه العذبة التي تؤثر فعليا على تضاريس الأرض، من بينها الروبيان في أميركا الجنوبية، والجرابيات في أستراليا، والحيوانات العاشبة الكبيرة في إفريقيا، والنمل الأبيض والنمل في آسيا، وديدان الأرض، والدببة، وحشرات المياه العذبة في أوروبا.
تشكيل المناظر الطبيعية
وأضافت الباحثة البريطانية "من خلال تقدير الطاقة الجماعية لهذه الحيوانات، اكتشفنا أنها تنافس قوى مهمة أخرى كالفيضانات لجهة مساهمتها في تشكيل المناظر الطبيعية".
وشرحت الدراسة أن الحيوانات التي حددتها تساهم مجتمعة بطاقة تُقدّر بنحو 76 ألف غيغاجول في العمليات الجيومورفولوجية كل عام، وهو ما يعادل الطاقة الناجمة عن أكثر من 500 ألف فيضان كبير للأنهار أو 200 ألف موسم من الرياح الموسمية.
من الفيل إلى النمل الأبيض
ومن بين هذه الأنواع، حيوانات عملاقة كالفيل والدب الرمادي أو فرس النهر. وأوضحت جيما هارفي أن هذا الحيوان الثديي الإفريقي الذي يمكن أن يصل وزنه إلى طن ونصف طن، "يستطيع من خلال الدوس والتحرك بين المكان الذي ينام فيه والمكان الذي يتغذى فيه إنشاء قنوات نهرية جديدة" في المستنقعات الإفريقية.
وثمة مثال آخر هو القنادس التي أفادت الباحثة بأنها "تُنشئ الكثير من الموائل، ولكنها قد تساعد أيضا في التخفيف من الفيضانات أو إحياء الأنهار ذات التدفق المنخفض خلال فترات الجفاف".
فرس النهر
ففي جمهورية التشيك مثلا، أعادت مجموعة من القنادس تأهيل موقع عسكري في مطلع السنة كانت أشغال التطوير قائمة فيه منذ سبع سنوات، من خلال إنشاء سدود وممرات تشكّل أرضا رطبة مناسبة لحماية جراد البحر، مما أدى إلى توفير أكثر من مليون دولار على المجتمع.
لكنّ هذا الدور الهندسي ليس محصورا بهذه الأنواع المألوفة، بل يشمل كذلك "الحيوانات الأصغر حجما" التي "لا تقلّ أهمية"، مع أن ثمة "ميلا إلى إهمالها"، نظرا إلى كونها "أقل ظهورا لأنها تعيش تحت الأرض أو تحت الماء"، بحسب هارفي.
ومن الأمثلة الأكثر إذهالا قيام مستعمرات للنمل الأبيض في البرازيل ببناء مئات الملايين من التلال المتصل بعضها ببعض بواسطة أنفاق، على مساحة توازي حجم بريطانيا. ولاحظت الباحثة أن "هذه الحيوانات نقلت كمية هائلة من التربة" في هذا العمل الإنشائي المتاحة رؤيته من الفضاء.
وأشارت هارفي إلى أن "حيوانات كثيرة لم تُدرس بعد، أو ربما لم تُكتشف بعد". وقالت "ثمة ملايين الحشرات ينبغي درسها. كذلك لم ندرس النظم البيئية البحرية بعد".
مهددة
وما يجعل هارفي متحمسة لاستكمال دراستها أنها بيّنت أن أكثر من ربع الأنواع التي تم تحديدها كحيوانات بناء (28%) نادرة أو متوطنة، و57 منها تُعَدّ مهددة بالانقراض وفقا للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة.
وعلّقت هارفي على ذلك بالقول "بقدر ما نفقد أنواعا، نفقد معها هذه العمليات الفريدة"، ومعها توازن النظم البيئية، مشيرة إلى أن ثمة نقصا في المعرفة لا يزال موجودا في شأن العمليات نفسها.
وتعتزم الباحثة توسيع نطاق الدراسة، مع الأخذ في الاعتبار خصوصا آثار التغيّر المناخي.
وأضافت عالمة الجيوفيزياء "نفكر في ما سبق أن فقدناه من مناظرنا الطبيعية مع انقراض بعض الأنواع أو انخفاض أعدادها بشكل كبير".
وأملت جيما هارفي المصممة على تقديم "رؤى جديدة" للحفاظ على التنوع الحيوي في أن يؤثر هذا النوع من الأبحاث على البرامج الرامية إلى إعادة الأنواع الضرورية للحد من الظواهر المناخية المتطرفة إلى الطبيعة.