• Friday 22 November 2024
  • 2024/11/22 07:13:38
{متابعة: الفرات نيوز} ما زال العلماء يبحثون عن أصل فيروس كورونا، وسط تساؤلات لم تفلح بعثة منظمة الصحة العالمية خلال زيارتها لمدينة ووهان الصينية التي يعتقد أنها بؤرة الفيروس، في الكشف عنها بشكل حاسم.

ويؤكد العلماء ضرورة التوصل إلى أصل انتشار الوباء لاتخاذ خطوات لتجنب تفشي المرض في المستقبل. 

ولا تزال الصين مصممة على روايتها الأصلية لظهور الفيروس الذي أودى بأكثر من 1,8 مليون شخص في أنحاء العالم، ودمر اقتصادات عالمية، حيث يروج المسؤولون بدون أدلة على أن الوباء نشأ على الأرجح في أماكن متعددة في أنحاء العالم.

لكن نتيجة التحقيقات التي نقلتها بعثة منظمة الصحة العالمية بعد زيارة ووهان، تتلخص بأن الفيروس التاجي ينتشر على الأرجح بشكل طبيعي إلى البشر من خلال حيوان.

وجاءت أربع دراسات حديثة لتضيف مزيدا من الأدلة على أن جينات فيروس كورونا وثيقة الصلة بالسلالة الوبائية الموجودة في الخفاش و"آكل النمل الحرشفي" (أو البنغولين) في جنوب شرق آسيا واليابان، أي أن هناك أدلة على أنه نشأ في هذين الحيوانين وانتقل إلى الإنسان بشكل مباشر أو من خلال حيوان وسيط. 

وتشير الدراسات أيضا إلى أن هناك فرصة كبيرة لتطور الفيروس، بحسب ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال". 

وأولى حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد تم تسجيلها في مدينة ووهان بوسط الصين أواخر 2019، ما أثار اتهامات للسلطات الصينية بالتعامل بطريقة اتسمت بالفوضى والتكتم مع الفيروس الأمر الذي أدى لانتشاره خارج الصين.

وترجح دراسة جديدة بأن التغيير في حمض أميني واحد في مكون رئيسي للفيروس قد ساهم أو على الأقل ساعد الفيروس في أن يصبح معديا للبشر. 

ويرى عالم الفيروسات بكلية الطب بجامعة تولين، روبرت غاري، وكبير مؤلفي دراسة نشرت في فبراير في "فيرو لوجيكال" أن كل هذه الفيروسات تأتي من الطبيعة. 

وقال عالم الفيروسات في فرجينيا تك، جيمس فيجر لوكاريلي، والذي قاد الدراسة التي حددت تغير الأحماض الأمينية، إن "التغيير في الأحماض الأمينية يشير أيضا إلى تطور فيروسي طبيعي". 

وقام لوكاريلي وزملاؤه بتحليل ما يقرب من 183 ألف تسلسل جيني للفيروس الوبائي من أجل التغييرات التي ربما تكون قد ساعدت في التكيف مع البشر، وحددوا طفرة غيرت حمضا أمينيا واحدا وأظهروا أنها تساعد الفيروس على إصابة الخلايا البشرية والتكاثر.

وليس من الواضح حتى الآن ما إذا كانت الطفرة الجينية حدثت في الفيروس عندما أصاب الناس لأول مرة، أو إذا كانت هناك تغيرات أخرى مكنت من انتقال العدوى بين البشر، "لكننا نعلم أن هذا الحمض الأميني مهم للتكاثر في الخلايا البشرية"، بحسب لوكاريلي. 

ولذا فإن أستاذ الأمراض المعدية الناشئة في سنغافورة والمؤلف الرئيسي لإحدى دراسات الخفافيش، لينفا وانغ، يؤكد أنه من الضروري إجراء بحث جاد عن أصل الفيروس الوبائي، مضيفا: "أنا مقتنع بأن الفيروسات الأصلية جاءت من الخفافيش".

تطوير الفيروس معمليا؟
لكن هناك فرضية أخرى طرحها مسؤولون وعلماء وهي احتمالية انتشار الفيروس نتيجة حادث مخبري في معهد ووهان لعلم الفيروسات، وهو منشأة معملية تجري أبحاثا على فيروسات الخفافيش التاجية. 
ورغم أن بعض أعضاء فريق منظمة الصحة العالمية اعتبر أن وقوع حادث معمل أمر بعيد الاحتمال للغاية للوباء، إلا أن قائد الفريق الذي ترأس بعثة المنظمة لووهان، بيتر بن مبارك، قال الأسبوع الماضي إن فرضية المختبر "بالتأكيد ليست خارج الطاولة" وأقر بأن الفريق يفتقر إلى المعلومات التي يحتاجها لإجراء تقييم كامل. 

وقال بن مبارك، خلال ندوة نظمتها جامعة سنغافورة الوطنية: "لم نقم بمراجعة أي من هذه المعامل ، لذلك لا نملك حقائق ثابتة أو بيانات مفصلة عن العمل المنجز".

وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، قال أيضا بعد عودة البعثة من ووهان، إن "كل الفرضيات لا تزال مطروحة" لتفسير أصل الجائحة. 

وفي مقابلة مع فرانس برس، قال بيتر بن مبارك: "نريد المزيد من البيانات. طلبنا المزيد من البيانات"، مضيفا "يوجد إحباط، لكن توجد أيضا انتظارات واقعية حول ما يمكن إنجازه في فترة محددة"، وعبر عن أمله في توفير المعطيات التي طلبوها، ما سيسمح بالمضي أبعد. 

ويعتقد عالم الفيروسات بكلية الطب بجامعة تولين، روبرت غاري، أنه "إذا كان علماء معهد ووهان يدرسون فيروسا متطورا بشكل طبيعي قادر على إصابة البشر، أو واحدا أكثر تشابها مع السلالة الوبائية من الفيروس الذي أبلغوا عنه، فإنهم سيفعلون ذلك". 

وتقول "وول ستريت جورنال" إن البحث عن أصل الوباء هو عمل شاق"، مذكرة بأن فريقا دوليا من الباحثين استغرق ما يقرب من عقد من الزمان لإثبات أن الخفافيش كانت المصدر المحتمل لوباء متلازمة الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة ، أو السارس الذي استمر عامي 2002 و 2003، وأصاب ما يقرب من 8100 شخص في 30 دولة، وأسفر عن مقتل 774 شخصا.

ويبحث العلماء عن سلالة سابقة للفيروس، مطابقة بنسبة 99 في المئة لفيروس كوفيد-19 لكنها غير معدية بالنسبة للبشر. ،يبحث وانغ برفقة زملائه طرق استخدام فحوصات الدم لتحديد الأجسام المضادة وعزلها، وهي المتخصصة بمنع العدوى وتدوم لوقت أطول في أجسام المصابين بالعدوى الفيروسية. 

وباستخدام هذه الفحوصات تمكن وانغ وفريقه من تحييد الأجسام المضادة التي منعت الإصابة بفيروس "سارس-كوف-2" في الخفافيش وآكل النمل الحرشفي بتايلند، ما قد يعني أن الحيوانات تعرضت لنسخة من الفيروس شبيهة بالمتسبب بجائحة كوفيد-19. 

وأظهرت دراسات أخرى وجود فيروسات من نفس عائلة "سارس-كوف-2" في عينات من لعاب الخفافيش وبرازه في كمبوديا واليابان.

وكشفت دراسة حديثة بأن تغير المناخ المرتبط بالنشاط البشري تسبب بتحولات كبيرة في غابات جنوبي الصين، ومنطقة جنوبي شرقي آسيا، ما أدى إلى انتقال أنواع متعددة من الخفافيش من مواقعها الأصلية إلى أماكن أخرى، وبالتالي انتقال الفيروس عبر الخفافيش لمواقع جديدة.

من جهته، يستبعد الباحث غاري أن يكون آكل النمل الحرشفي الناقل الأصلي للفيروس المتغير، مشيرا إلى أن الفيروسات المعزولة المأخوذة من هذه الحيوانات غير قريبة من فيروس كورونا المستجد.
حسين حاتم

اخبار ذات الصلة