• Sunday 24 November 2024
  • 2024/11/24 17:50:38
{بغداد: الفرات نيوز} لم تدم "فرحة" زيارة البابا طويلا بالنسبة لعائلة يوسف كوركيس، التي يعيش أفرادها في حي الكرادة بالعاصمة العراقية، بغداد، منذ عقود.

فمحل أدوات السيارات الاحتياطية الذي تمتلكه العائلة لا يزال مغلقا بسبب "ضغوط" تمارسها "جهات مجهولة"، بحسب كوركيس، الذي تحدث مع موقع "الحرة" بتحفظ واضح.

ورغم أن المسيحيين العراقيين، وخاصة الكاثوليك منهم، أعربوا عن فرحتهم بزيارة البابا إلى العراق، لكن المشاعر تتجه نحو "اليأس" قليلا، عندما يتم التطرق إلى إمكانية حصول تغيير.

وقال رب العائلة الخمسيني إن "جماعات مسلحة دأبت على استحصال أجور حراسة من محله في مجمع المشن التجاري في بغداد"، وأضاف أن "الأجور في الآونة الأخيرة أصبحت أكثر من أرباح المحل".

ويخاف كوركيس أن تعمد الجهات المسلحة إلى كسر محله وأخذ أغراضه أو القيام بتأجيره دون علمه، مؤكدا أن "هذا حصل في السابق".

ويقول كوركيس إن زيارة البابا قد تحمل حلولا لكنها "ليست حلولا سريعة بما يكفي، فيما نتجه بسرعة نحو اليأس".

ويقول الأب مارتن بني، القسيس في إحدى الكنائس البغدادية، إن زيارة البابا حملت "أملا ورجاء للمسيحيين"، كما أنها "لفتت أنظار السياسيين والمرجعيات الدينية بشكل أكبر إلى المسيحيين".

ويأمل الأب بني بأن تؤدي الزيارة إلى ضمان كامل لحقوق المسيحيين وحمايتهم، لكنه يتفق مع الرأي الذي يقول إن هذا قد لا يحصل بالسرعة الكافية.

ويقول بني إن المسيحيين يتعرضون لضغوط تتمثل بالاستيلاء القسري على عقاراتهم في بغداد ومناطق أخرى، مضيفا أن "جهات متنفذة" لم يسمها تقوم بالسيطرة على تلك العقارات أو إجبار مالكيها على بيعها بأسعار مخفضة.

ويذكر الأب بني قصة عائلة تمتلك شققا سكنية في مدينة المنصور ببغداد، قال إنهم يتعرضون لضغوط من أجل التخلي عنها.

وبسبب الطبيعة التاريخية لانتشار المسيحيين في بغداد، يمتلك المسيحيون العراقيون عادة عقارات في مناطق وسط بغداد والمراكز التجارية الرئيسة والقديمة في العاصمة، ما يعني أن هذه العقارات تتمتع بقيمة تجارية عالية.

وقال أحد ملاك هذه العقارات لموقع "الحرة" إن ميليشيات مسلحة، غير معروفة الانتماء، تحاول إجباره على بيع عقاره منذ فترة.

وقال المالك، وهو مسيحي خمسيني من سكان بغداد، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن "عناصر مسلحة، ترتدي أزياء عسكرية وتحمل شعارات فصائل غير معروفة، طالبته بإخلاء محله دون أسباب واضحة".

ويقول الأب بني لموقع "الحرة" إن القيادات المسيحية تحاول معالجة هذا الموضوع مع الجهات الحكومية والدينية، لكن مساعيها تواجه صعوبات مضيفا أن "بعض العقارات تم إرجاعها بعد تغريدة ولجنة شكلها زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، بهذا الشأن".

وغرد الصدر مطالبا بعدم التعرض لأملاك العراقيين المسيحيين، ونشرت التغريدة خلال فترة زيارة البابا للعراق.

ورغم أنه لم تتقدم أي جهة حكومية أو دينية حتى الآن بدعوة المسيحيين العراقيين للحوار بشأن مشاكلهم، يقول الأب بني إن "الوقت لا يزال مبكرا ونأمل أن تحصل مثل هذه الدعوة في الأيام المقبلة".

مع هذا، لا يبدو أن هناك تغييرا حقيقيا في الأفق في العراق، إذ أن البرلمان العراقي على خطى لإقرار قانون المحكمة الاتحادية العراقية الذي يعين فقهاء مسلمين ضمن مجلسها.

ويرتبط الجدل بأهمية هذه المحكمة التي ستكون الجسم القضائي الأعلى في البلاد، المتخصص بالفصل في النزاعات بين فروع السلطة التنفيذية، وبين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتمتد أحكامها للفصل في دستورية القوانين من عدمها.

وتحاول بعض الأحزاب الإسلامية في البرلمان العراقي تمرير مادة توجب اشتراك فقهاء إسلاميين في هيئة المحكمة المكونة من 11 عضوا.

ويقول الأب بني إن "هذا غير مقبول، لا نريد دولة إسلامية وإنما نريد دولة مدنية" تضمن حقوق جميع الأديان.

وحتى الآن، لا يبدو أن زيارة البابا، أو أي شيء آخر، قادر على تحقيق أمنية الأب بني، في الوقت الذي يقول فيه ناشطون ومراقبون إن العراق ينزلق نحو "تقنين التشدد" واعتماده مؤسساتيا.
 

اخبار ذات الصلة