{بغداد: الفرات نيوز}عزا القيادي في المجلس الاعلى الاسلامي الشيخ جلال الدين الصغير سبب رفض حجب الثقة عن رئيس الوزراء نوري المالكي واعتباره حلا للازمة التي تمر بها الى البلاد الى "عدم الاعتماد على العديد من الاليات النظمة لفك النزاعات والتخوف من تأجيج الصراع لما هو أعمق مما عليه الأمر وتشكيل حكومة قد تكون في غاية الضعف. وقال في بيان صحفي ان المشكلة الرئيسية المعاصرة تكمن في أن السياسيين تخلو عن الآلية الناظمة للنزاعات أو أن هذه الآليات ما عادت مورد اعتماد الجميع، فلقد عبثت أطرافا بالمحكمة الاتحادية منذ عام 2007 حتى ما عاد لأحد أن يثق بأحكامها أو قل بأن أحكامها باتت مورد شك، بعد أن جعلها الدستور بمثابة الناظم الأساس للنزاعات". واضاف الشيخ الصغير كما ان "عبث أطراف باستقلالية المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات ادى الى ان خيار العودة للإنتخابات ما عاد مطمئناً، وعملت حكومة المالكي طوال المدة التي حكمت فيها بدون نظام داخلي وبالرغم من الوعد ضمن اتفاقات الطاولة المستديرة بكتابته خلال الستة الأشهر الأولى من تشكيل الحكومة، وها قد انصرم من عمر الحكومة ما انصرم ولا زال يراوح مكانه ". وتابع ان"الناظم الرابع الذي تم العبث به هو تسييس وإفساد هيئة النزاهة بالاضافة الى تحول القضاء للأسف من سلطة مستقلة إلى سلطة يتحكم بها أهل السياسة في الكثير من الأحيان كما تم تعطيل الدور الرقابي للبرلمان ، وتم تجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية من قبل رئاسة الوزراء". وبين الشيخ الصغير ان "القانون بدا وكأنه ينظر إليه وفق المصالح فما كان متوافقاً مع المصالح جرى العمل به، وما لم يك متوافقاً تم غض النظر عنه، ويكفي نظرة على تطبيقات الحكومة وموقف الأطراف السياسية لقانون المساءلة والعدالة لنعلم حقيقة هذا الأمر وهناك الكثير من العبث في النواظم التي تنظيم عمل مؤسسات الدولة". واشار الى ان " عملية التغيير مهما كانت توجهاتها سوف تفضي لنزاع جديد لافتقار الجميع إلى الأليات الناظمة لتنازعهم، وطبيعة أجواء عدم الثقة حينما تهيمن على المشهد السياسي فإن الحاجة لوجود انظمة حل النزاعات التي أشرنا إليها ستكون في غاية الحساسية والأهمية، وعليه فإن الأرقام التي تذكر عن حجب الثقة مهما كانت مصداقية ما يتحدث عنها طرفي النزاع فيها ستكون بالنتيجة في إطار كفتين متقاربتين ولكنهما بتضاد شرس". وتابع الشيخ الصغير " أن حجب الثقة عن الحكومة سيضعنا أمام خيارين فقد لا يؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة مما يجعل حكومة المالكي حكومة تصريف أعمال وبالتالي سيجعلها أكثر جرأة في تخطي ما تبقى من نواظم ضابطة مما سيؤجج الصراع لما هو أعمق مما عليه الأمر الآن، ومعه فإن ما أراد التخلص منه الطرف الذي يريد أن يحجب الثقة سيقع في أسوأ منه، وهي حتى لو لم تفعل فستكون في غاية الضعف". وبين "قد تؤدي عملية حجب الثقة إلى تشكيل حكومة جديدة، لكنها ستكون هي الأخرى ضعيفة بسببين اولا ان ليس لديها وقتا حتى لو كانت في قمة النزاهة والقوة لإيجاد حركة الإصلاح، كما أنها سينهشها صراعها اليقيني مع الكفة المتبقية من ميزان القوى التي ستكون متضررة من الحكومة الجديدة، ولو أضفت إلى ذلك الركام الكبير المتخلف من الحكومة السابقة فإن المشكلة ستتبدّى أكثر وضوحاً". وذكر الشيخ الصغير "قد تفشل عملية حجب الثقة مما سيعطي المالكي وحكومته جرأة أكبر على تخطي القوى التي ناهضته طوال هذه الفترة، ومن ثم لنفتح عهداً لشدة أكبر في الصراعات قد تكون منذرة بمخاطر كبرى على كل العراق". وبين انه "لا حل في تصوري إلا من خلال تفاهم جدي ومسؤول على العودة للنظم الضابطة للنزاعات واحترامها وإعادة الثقة إليها، ومعها لن تكون المشكلة فيمن سيرأس أو يحكم طالما ان هناك سقفاً لا يسمح له بالتسلط أو التفرد بالسلطة". واعرب عن قناعته بأن نيل هذا أشبه بالمستحيل ضمن الظروف الحالية، ولهذا عمدنا إلى سياسة تخفيف الضرر على الناس، لأن الضرر واقع على الناس في كل الحالات، وما يهمّنا كيف نخفف عنهم ما هو أكبر، بالإضافة إلى أن مثل هذا الأمر يمكن أن يؤسس لاجواء أفضل لحكومة الانتخابات القادمة إن بقي نظام الانتخابات قائماً، وفي القلب شك كبير من ذلك". واعرب عن اعتقاده أن المتصارعين ارتكبوا أخطاء جسيمة بحق شعبهم ومصالحهم، وتجاوزوا الدستور بشكل كبير، ولو سمعنا أن اتفاق أربيل كان فيه مخالفة للدستور فتم التنصل عنه، فأين كان المتفقون عن ذلك يوم أن اتفقوا؟ فهذا الاتفاق هو الذي شكل الحكومة وبدونه ما كنا لنرى أي حكومة، وعليه فإن نقطة تخفيف الضرر كامنة في المضي بتنفيذ الاتفاق، لا لأننا نؤمن بهذا الاتفاق، فنحن لم نكن شركاء فيه، وقد جنّبنا أنفسنا عنه، وأكدنا في وقتها أن الحكومة حينما تتشكل بهذه الطريقة ستكون حكومة أزمة لا حكومة حل، وحكومة نزاع لا حكومة استقرار، وكانت رؤيتنا منذ البداية تتحدث عن خطأ مثل هذه الاتفاقات، ولكن حيث تم الاتفاق بين الأطراف فعليهم أن يفوا بالتزامات توافقهم هذا، أو يعمدوا لاتفاقات جديدة، لأن هذا من شانه أن يجسر الثقة بين الأطراف المتفقة وهي العملة الصعبة المفقودة بين الأطراف المتصارعة". واشار الى ان" المجلس الأعلى كان المتضرر الوحيد من تشكيل الحكومة وفق اتفاقيات أربيل، المعلنة والسرية، وطوال هذه الفترة اتهمنا كثيراً بأن همّنا هو إسقاط حكومة المالكي وظلمنا كثيراً من قبل أطراف كان دأبها هو إتمام عملية الظلم، ولكن بات واضحاً اليوم أن نهجنا منذ البداية كان قائماً على أساس المضي بعملية الاستقرار السياسي إلى الأمام بواقعيات السياسة لا بشعاراتها ومزايداتها ونزع الألغام أمام تكامل أدوار فرقاء هذه العملية، وموقفنا الأخير لا جديد فيه قياساً إلى موقفنا السابق غاية ما في الأمر أن الصورة تجلت اليوم بشكل أفضل وأوضح، ولهذا لم نقبل بكل الإغراءات التي عرضت علينا تلك الفترة أو في هذه الأيام، فالوضع لا يصلح للغنائم والمكتسبات، بقدر ما يوجب دفع الضرر الرهيب الذي يمكن أن تنتج عنه صراعات اليوم". واوضح "ان مطالبتنا بالأمس كانت ولا زالت تطالب بمقدار من المغامرة من قبل الأطراف لتجسير الثقة بينها حتى لو أدى ذلك إلى بعض التراجع، ولا بد من بوادر حسن نية، بالرغم مما يبدو لي أن الوقت قد فات على مثل ذلك ولكن يمكن لمبادرات جريئة أن يتم التأسيس عليها لمشروع العودة إلى الحوار، وهذه مهمة الأطراف كافة، وقد بذلت القيادات المعنية في المجلس الأعلى جهوداً كبيرة من أجل رأب الصدع بين الفرقاء، ولكن الأزمة لا زالت عصية على الحل".انتهى