وقال السيد الحكيم في كلمته في التجمع الجماهيري في النجف الأشرف في ذكرى استشهاد شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم {قدس سره}: "إننا نشھد الیوم تحولات كبیرة في المنطقة تستدعي منا الحذر والیقظة والتھیؤ لكل طارئ یمس أمن بلدنا واستقراره ویستھدف ثوابتنا وقیمنا الأصیلة".
وأضاف "لذا فإنني من خلالكم أدعو جمیع العراقیین بمختلف مشاربھم ومواقعھم في المسؤولیة.. وكذلك إخوتي في الحكومة الاتحادیة ومجلس النواب وقادة الكتل والكيانات السیاسیة ، إلى ترك خلافاتهم جانبا مھما كانت.. واعتبار قضیة الأمن القومي العراقي أولویة قصوى من أجل الحفاظ على ما تحقق من مكتسبات".
وأكد إنه "أوان الوقوف صفاً واحداً أمام أي محاولة تستھدف وحدة العراقیین أو أمن بلادھم واستقرارھم السیاسي والاجتماعي والاقتصادي .. وأود الإشارة في ھذا الصدد إلى نقاط مهمة ومفصلیة:
أولا/ تعزیز الجبھة الداخلیة وترسیخ الروح الوطنیة:
وبين السيد الحكيم إن "عدم الاستقرار الذي نشهده حالیا في المنطقة إثر الاعتداءات المتكررة من الكیان الإسرائیلي الغاصب على لبنان وغزة واستھدافه لسیادة دول المنطقة.. وكذلك ما تشھده سوریا من تطورات معقدة وأحداث متسارعة یتطلب منا الحذر والانتباه لبیئتنا الداخلیة.. لأن أي اختلال أو تغییر في موازین القوى في المنطقة من شأنه أن یؤثر في حجم التحدیات التي نواجھھا في العراق.. فنحن جزء من ھذه المنطقة.. بل نحن القلب النابض لها وسط هذه التحدیات المعقدة.
وأوضح إنّ "هويتنا الوطنية الجامعة هي السبيلُ الوحيد لمواجهة المخاطر التي تحدق بالعراق، وهي الجسر الذي نَعبُرُ منه على مستنقعات الفرقة والتمزّق إلى رحاب المنعة والقوّة. وقد أثبت التاريخ بأن العراقيين، كلما توحّدت كلمتهم، استطاعوا هزيمة الظلم والدكتاتورية، وكتبوا صفحاتٍ مجيدة من تاريخهم وإنّ أقلَّ ما نُقدّمه لشهدائنا هو الحفاظ على هذا التلاحم بوصفه سرّ بقائنا وعزتنا بين الأمم والشعوب" مشدداً "یجب الترفع عن كل خلاف یُمكّن الآخرین من استغلاله ، ویجب أن نمنع كل خطاب یحرض على الطائفیة والكراھیة داخل مجتمعنا وصفوف شعبنا ویجب أن نواجه كل من یسعى للنیل من سیادة الدولة والقانون في بلدنا..
وأكد ان "لا تھاون بشأن أمن بلدنا واستقراره ولن نسمح لمن یرید إعادة المشهد إلى أیام الخلاف والتناحر واللعب على مشاعر ووحدة العراقيين والعراق الیوم أقوى برجاله وحكومته وقادته.. وجیشه وشرطته الاتحادية وحشده والبیشمركة وجمیع صنوف قواتنا المسلحة الناهضة بسواعد أبنائه الغیارى".
وقال السيد الحكيم "لن نتساهل مع من یفكر أو یحاول استهداف أمن العراق وسیادته فدماؤنا رخیصة أمام وحدة العراق واستقلاله واستقراره ومن يضعف الدولة ومؤسساتها فإنه في حقيقة الأمر يضعف نفسه و وطنه وجماعته إنّ مكافحة الفساد وترسيخ الأمن وبناء اقتصادٍ متوازنٍ هو مدخلنا لبناء دولة قوية ولكنه لايمكن أن يتمّ بين ليلةٍ وضحاها، وإنما يتطلبُ برنامجًا وطنيًا شاملًا، يقوده رجالٌ صادقون يحملون همَّ الشعب، ويضعون نُصب أعينهم الحاجة الملحّة لإنقاذ البلد من التخبّط والتدهور".
وأشار الى ان "محاسبة الفاسدين واستعادة الأموال المنهوبة ليست مجرد واجب وطني بل هو التزام أخلاقي تجاه كل شهيد ضحى من أجل عراق حر كريم فالعراق أولاً والعراق سيداً والعراق أباً والعراق بيتاً والعراق أرضاً والعراق خيمة نجتمع في ظله ونتنعم بخيراته في إطار المواطنة الصالحة وما تمليه من حقوق و واجبات، ولقد قطعنا شوطاً كبیراً في ترسیخ وحدتنا الوطنیة.. واستطعنا بجھود الجمیع أن نعزز حالة الثقة والاستقرار السیاسي في البلاد لكن الطریق ما زال حافلاً بالكثير ویحتاج إلى قیادة واعیة ویقظة لمواجھة الكوابح التي تقف أمام عجلة البناء والتطور والاستقرار في البلاد".
وحذر السيد الحكيم من "المندسین بین الصفوف ومن أصحاب الشعارات المضللة على حساب وحدة العراقیین وتكاتفھم ومن أصحاب المصالح الخاصة التي تستھدف استقرار النظام السیاسي في بلادنا ومن أصحاب الأجندات الخبیثة التي لا ترید أن یكون العراق سیداً وفاعلاً مؤثراً في المنطقة وحذرنا ویقظتنا یجب أن يكونا أفعالاً ميدانية ، لا أقوالاً فقط یجب أن نستمر في إعمار محافظاتنا ومناطقنا وأن لا نسمح لأي ذریعة أن تخلق فجوة بین الحكومة والشعب ویجب أن نركز على مشاریع الإعمار والتطور الاقتصادي وزیادة الاستثمارات في بلادنا كي نبث روح التفاؤل الدائم لشبابنا لكي لا یكونوا وقودا لمآرب وأجندات مرفوضة".
وتابع "الشباب هم ركيزة نهضة العراق، ويجب أن يكونوا في قلب مشاريع التنمية والاستثمار ، فهم القوة الحقيقية لبناء المستقبل، بمؤازرة المرأة العراقية ، رمز التضحية والصبر ، والشريكة في جميع مجالات الحياة الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية و واجبنا جميعاً أن نرسم الأمل والبھجة في مناطقنا المحررة كي تكون منارا لتاریخ شعبنا ومستقبله وأن نبدع في خلق النماذج القیادیة الجديرة بإدارة البلاد ، لإيجاد فرص التنافس للجميع في بناء البلد وإعماره.. یجب أن یكون خطابنا الإعلامي واعیاً مسؤولاً مخلصاً تجاه شعبنا وبلدنا وأن لا نسمح بوجود من ینشر الأكاذیب والتضلیل وتزییف الحقیقة".
ودعا السيد الحكيم "مؤسسات الدولة إلى تعزيز روح المواطنة والتماسك الوطني وعدم السماح لأي ثغرة تخترق صفوفنا الداخلیة وقلتھا سابقاً وأؤكدھا الیوم بأن قدرنا في العراق أن نكون متحدین بتنوعنا وتعدد مشاربنا ھذا ھو العراق وسیبقى عراق الجمیع بلا إستثناء وإن دورنا يكمن في التقريب ونبذ التفريق وأن نكون نقطة التقاء وحوار دائمين، ومحطة وئام لا خصام ، وساحة تفاهم لا خصومة".
ثانیا/ اتباع سیاسة خارجیة متوازنة لا تتقاطع مع ثوابت العراق وقیمه وأهدافه.
وقال السيد الحكيم "لقد أعلن العراق في أكثر من محفل دولي أن سیاسته الخارجیة تنأى بالعراق وشعبه عن التدخل في شؤون الآخرین وأن أرضه لن تكون ممرا لأي اعتداء على دول الجوار والمنطقة لكن ھذا لا یعني أن يبقى العراق متفرجاً ومكتوف الأيدي أمام القضايا المصيرية للأمتين العربیة والإسلامیة فشعبنا لا یقبل بالضيم والظلم لأن شهامته وغیرته وعزته مغروسة في وجدانه وضمیره ولن یقبل بأن تمس الأمتان العربیة والإسلامیة بأي اعتداء أو هوان".
ودعا الى ان "يلعب العراق دور الأخ الحريص في توحید المنطقة ولم شتاتھا ومنع أي محاولة لاستھداف شعوبھا واستقرارهم وذلك عبر سیاسة خارجیة واعیة تراعي ظروف المنطقة وتطوراتھا..
وأشار السيد الحكيم إلى "أهمية الاستمرار في دعم العلاقة الإیجابیة البناءة بین الجمھوریة الإسلامیة في إیران والمملكة العربیة السعودیة فالتعاون بین هذين البلدین المسلمین یمثل قوة ومنعة للمنطقة ولايمكن التفریط بذلك مھما كانت التحدیات فلا مناص من الاستمرار بدعم وتفعیل المبادرات البناءة بین البلدین المسلمین وأن نسعى من خلال العراق إلى تأسیس روابط إقتصادیة ومصالح مشتركة طویلة الأمد تنعم بھا شعوبنا وشعوب منطقتنا العربیة والإسلامیة.".
كما شدد "على مساعدة الشعب السوري ودعمه في استقلالیة خياره في النظام السياسي الذي یحكمه.. ویجب أن تكون أبواب العراق مفتوحة للشعب السوري الشقیق الذي يربطنا معه تاریخ ومصیر مشترك ونهيب بالشعب السوري أن یكون واعیاً للمخاطر التي تحیط به .. وأن یستفید من ظروف العراق وتجربته السیاسیة في بناء دولة قویة ممثلة لجمیع أطیاف الشعب السوري وعلى المجتمع الدولي مساعدة سوریا وشعبھا في النھوض مجدداً.. وفي إيجاد برنامج حقیقي یدعم عملیة البناء والتماسك الوطني بعیداً عن عقلیة الكراھیة والتطرف والاستبداد والإقصاء".
وقال "نتمنى أن تستعید سوریا عافیتھا مجدداً وأن تكون دولة قویة بشعبھا وبحكومة ممثلة لجمیع أطیافھا.. فسوریا الحضارة والتاریخ یجب أن تبقى حرة أبیة كریمة وعزیزة وسيجد الشعب السوري من العراق كل الود والاحترام والتعاون والإسناد لبناء سوريا الديمقراطية المستقلة المستقرة المزدهرة ، التي تضمن حقوق جميع مواطنيها من دون تمييز أو تهميش وعلینا الاستمرار في دعمنا لفلسطین بجمیع السبل الممكنة.. فقضیة فلسطین كانت وستبقى حاضرة في وجدان العراقیین وولن نتنازل عن حق الشعب الفلسطيني في أرضه التي سلبها الكیان الإسرائیلي المحتل".
وشدد " واھم من یظن أن العراق یتخلى عن قضیة فلسطین العادلة وواھم من یظن أن العراق یرضخ لضغوطات التنازل عن قیمه ومبادئه وواھم من یظن أن العراق غیر قادر على تحقیق الأمن والسلام في المنطقة".
وجدد "معًا، نُجدّد العزم على مواصلة الطريق الذي بدأه أولئك الشهداء الأبرار، ونمدّ أيدينا لكلّ من يسعى لمصلحة العراق ومستقبل أجياله فالمسؤولية التي خلفها لنا الشهداء أمانةٌ ثقيلةٌ، تتطلب منّا استنهاض الهمم وتوحيد الصفوف لتجاوز الأزمات، والانطلاق بمشروع الإصلاح والتنمية بلا تردّدٍ أو تلكّؤ".
واستطرد بالقول "آنَ الأوان لنكون جميعًا شركاء في حماية هذا الوطن والدفاع عن مصالحه، من أجل عراق موحدٍ ، قوي ، آمنٍ ، حرٍ ، كريم يليق بشعبه وبطموحاتهم. ولتكن دماء الشهداء بوصلةً تهدينا إلى سواء السبيل، وتمنحنا القدرة على تحقيق ما يتطلع إليه شعبنا الصابر الذي قدم أغلى الدماء وأطهر النفوس".
وبين رئيس تيار الحكمة الوطني "في الأول من رجب "يوم الشهيد العراقي" نجدد العھد والولاء والثبات على القیم والمبادئ التي رسخھا شھید المحراب الخالد بدمه الطاھر .. في مرقد جده أمير المؤمنين (علیه السلام).. فھنیئا له الشھادة.. وھنیئاً لنا به قائداً وزعیماً وملھماً ونبراساً ولقد كان شھیدنا الخالد وما زال ، مناراً ونبراساً للمجاھدین والمدافعین عن حقوق العراقیین وتطلعاتھم نحو بناء دولةٍ عصريةٍ عادلةٍ یعیش فیھا الجمیع مواطنين متساوين في الحقوق والواجباتلا فرق بین مذھب أو قومیة ولا بین أقلیة أوأكثریة".
وأضاف "لقد كان (رضوان لله تعالى علیه) منذ الیوم الأول الذي دخل فیه إلى العراق ، حريصاً على استقلالیة القرار العراقي عن أیة مؤثرات أخرى.. فھو یرى العراق حالة خاصة ومختلفة وفق طبیعته الاجتماعیة المتنوعة وموقعه الجغرافي الحیوي الممیز وكان یرى بعین ثاقبة مستقبل العراق ودوره المحوري القيادي في مواجھة قوى التكفیر والتطرف والاستبداد ومحاولات النیل من سیادة العراق واستقلاله حتى اُستشھد على أیدي قوى الظلام والتطرف والتكفیر فعاش مجاھداً وقُتل شھیداً وظلت ذكراه خالدة ممتدة نستلھم منھا الدروس والعبر.. والعزم والإرادة والإصرار على اكمال المسیر ذاته ، بإذنه تعالى".
وأكد السيد الحكيم إن "تجمعنا الیوم واحیاءنا لھذه المناسبة العزيزة على قلوب العراقیین تتزامن مع الذكرى السنویة لاستشھاد قادة النصر و مرور أكثر من أربعة أشھر على استشھاد سيد المقاومة سماحة السید حسن نصر لله (رضوان الله تعالى علیه) فسلام على الشھیدین الكبيرين الحاج أبي مھدي المھندس والحاج قاسم سلیماني اللذين كان لھما الدور البارز في تحقیق النصر المؤزر على فلول داعش الإرھابیة فكانا رجال النصر وقادته بحق وعنوان البطولة والتضحیة من أجل الدفاع عن قضایا الأمة وثوابتھا المقدسة".