• Monday 1 July 2024
  • 2024/07/01 05:11:20
{محلية: الفرات نيوز} كتابة: رضا محسن الحكيم

التقوى السياسية، مفهومٌ حمله على عاتقه شهيد المحراب الخالد (قدس سره) قبل أكثر من 25 عامًا حيث سعى إلى ترسيخه وتعليمه لأبنائه الأبرار في تياره الذي عمل على تأسيسه منذ أيام الصراع والمعارضة ضد النظام الصدامي البائد.

يكمن في هذا المفهوم عمقٌ كبير يدعو سامعه إلى التفكر والتأمل بمعانيه ومضامينه التي تمثل منهجًا قويمًا وسراجًا منيرًا للفلاح في كافة المهن والاختصاصات وخاصة العمل السياسي. عودًا على بدء، فالدين الإسلامي ينقسم إلى أقسامٍ ثلاثة وهي (العقيدة والفقه أو الأحكام والأخلاق).

وعندما نسعى إلى التأمل في مكارم الأخلاق نلاحظ أنها تدعونا إلى التقوى والسير في النهج الإلهي السليم في حياتنا اليومية. للمثال، الابتعاد عن المحرمات والعمل بالواجبات التي نزلت علينا من رب كريم ورحيم، كالصدق وبر الوالدين وعدم السرقة والابتعاد عن الغيبة والنميمة وقبيح القول.

حيث قال الإمام الصادق (عليه السلام): "يا معشر الشيعة، كونوا زينًا لنا ولا تكونوا شينًا علينا، قولوا للناس حسنًا واحفظوا ألسنتكم وكفوها عن الفضول وقبيح القول". فهذه كلها أمثلة بسيطة وجزء يسير من الأخلاق ومكارمها وضرورة الالتزام بها.

ثم مع العلم بما سبق، يطلب منا هذا المفهوم أن نطبق وندخل مكارم الأخلاق التي أمرتنا بها الشريعة الإسلامية إلى العمل السياسي، وأن يكون التدين والأخلاق هما الأساس والعمل السياسي يأتي تباعًا بعدما تحققت غاية التدين. فالقاعدة تنص على أن الأصح هو "تدين السياسة، لا تسييس الدين".

وفي ذات السياق، هذا المفهوم ينجلي واضحًا في ثنائية (الغاية والوسيلة)، كون الهدف والغاية الأساسية من خلق البشرية هي الوصول والتقرب إلى الله عز وجل. فهنا الغاية الرئيسية هي التدين والسعي في الوصول إلى الله من خلال التقوى، ويكون العمل السياسي وسيلة لتحقيق هذه الغاية.

إذا تطرقنا إلى كتاب المنهاج الثقافي وما كتب شهيد المحراب فيه عن التقوى السياسية، سنلاحظ أنه يعتبر التقوى أكثر تعقيدًا في السياسة بالنسبة لباقي الاختصاصات ويرى مساحة الالتباس بالمفاهيم الشرعية عالية في هذا المجال. وللمثال في مفهوم الغيبة، فهو واضح في الحياة اليومية ولا يحتاج إلى تفسير، ولكن في العمل السياسي يمكن أن يتم تبريره بأنه تقييم أو بيان رأي بشأن المتصدي.

كما ورد في القرآن الكريم: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ). وهذا ما يجعل البعض يصرون على فهمهم الخاطئ في هذا الباب والاستمرار باستغلال التقييم تبريرًا للغيبة، وقال القرآن في هؤلاء: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ).

إضافة إلى ذلك، يمكن للعمل السياسي أن يكون من أشرف الأمور وأخطرها إن كان بالتزام المبادئ والأخلاقيات الإسلامية الحميدة. وفي الجانب الآخر، يكمن التوفيق والتسديد الإلهي في اتباع ما أملاه علينا الدين وأمرتنا به الشريعة الإسلامية، فيما ذكر الله عز وجل في محكم كتابه الحكيم: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).

وهذا يؤكد ضرورة أن نعمل على جعل كل الاختصاصات والمهن متدينة، للمثال: "نجعل التجارة متدينة، لا أن نتاجر بالدين"، أي ان نكون متدينين قبل الخوض في العمل حتى يزامن التوفيق والبركة عملنا.

وفي الختام، ذكر الله عز وجل في كتابه المبين: (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا)، ما يعني أن الأكوان والعوالم برمتها مبنية على قوانين وسنن إلهية تؤدي إلى مكافأة متبعها ومعاقبة مخالفها في الدنيا قبل الآخرة.

اخبار ذات الصلة