حكاية النجم سهيل مع سكان المنطقة بدأت منذ مئات السنين، فمع ظهوره كانوا يحتفلون بالبدء التدريجي لانخفاض درجات الحرارة ومن ثم الاستعداد لكافة الأعمال فيستنفر كل ذي حرفة استعدادا لبدء أعماله.
وارتبط ظهور سهيل في أكثر من صعيد بحياة الشعوب العربية لاسيما بمنطقة الشرق الاوسط، فمن خلال موعد ظهوره عرف المزارعون مواعيد حرث الأرض والبذر لتكون جاهزة قبل موسم الأمطار، واعتمد أهل البر موعد ظهوره لمعرفة مواسم الرعي ومواعيد الترحال، كما اعتمد أهل البحر على ظهوره وبقية النجوم في دقة مواعيد الصيد، وتحديد الاتجاهات أثناء الإبحار.
ركزت الأمثال الشعبية على نجم سهيل والفوائد التي تتحقق بقدومه كتحول الرطب إلى تمر كالمثل الشعبي الذي يقول "طلع سهيل تلمس التمر بالليل" وكذلك "إذا دخل سهيل لا تأمن السيل"، و"سهيل طلع في الما"، أي أن أثر طلوع سهيل سيظهر في المياه قريبا، والعديد من الأمثال الأخرى التي ركزت على تأثير ظهور سهيل على حياة سكان المنطقة.
ويرى خبراء فلك أن أهل الجزيرة العربية جميعا كانوا يستبشرون بظهور النجم سهيل إيذانا بانكسار درجة الحرارة والوصول إلى الأجواء الباردة، موضحا أن ظهور سهيل كان يعد بداية للعديد من الأعمال والحرف كتجهيز المقناص (أدوات الصيد) ورحلات البحث عن اللؤلؤ والزراعة وغيرها من الحرف.
ويعتبر الكواري، أن سهيل لم يكن نجما عاديا في السماء، بل كانت له مكانة كبيرة في نفوس الناس في هذه المنطقة، فم خلاله يُحدد اتجاه الجنوب ويهدي من يسير في الصحراء إلى طريقه الصواب، فضلا عن أن ظهوره يعني قرب مرور أوقات صعبة كان يقضيها الناس في الصيف قبل اختراع المكيفات وغيرها من الوسائل التي سهلت حياة البشر.
واتفق باحثون بشأن البشرى التي كان يحملها النجم سهيل إلى سكان منطقة الخليج، معتبرا أن المكانة الكبيرة التي وضعها التراث الخليجي لسهيل تؤكد مدى ارتباط الأباء والأجداد بذلك النجم.
ويضيف أن العرب قديما أطلقوا أسماء عدة على النجم سهيل مثل: "الوزن"، و"وسيم"، و"لامع"، و"النبيل"، و"المجيد"، كما سمته "البشير اليماني" أو "نجم اليمن" و"سهيل اليماني"، وسبب نسبته إلى اليمن كونه يطلع من جهة الجنوب ويظهر مقابلا للنجم القطبي الشمالي، موضحا أن كثرة هذه الأسماء تدلل أيضا على مدى تعلقهم به.
ويروي أن اسم سهيل نفسه يستخدم في الخليج في الفأل الطيب، "فإذا شبهت أحدا بسهيل فإن ذلك قمة المدح لهذا الشخص"، مشيرا إلى أن أهل الجزيرة العربية ارتبطوا ارتباطا كبيرا بالفلك كونه كان ملاذهم في الصحراء، فكان الأجداد يرددون في السابق مثلا أن "الصيف أوله طلوع الثريا وآخره طلوع سهيل".
سهيل نجم عملاق أبيض اللون، وهو في المرتبة الثانية لمعانا في السماء ليلا بعد نجم الشعرى اليمانية، ويبدأ ظهور سهيل من 25 أغسطس/آب، ومن دلالات ظهوره قصر النهار والبرودة النسبية، ويقدر علماء الفلك عمر نجم سهيل بحوالي 27 مليون سنة.
عمار المسعودي