وتلقت أقسام الطوارئ في أغلب مستشفيات العاصمة طهران خلال الشهر الأخير أعدادا كبيرة يوميا ممن يشعرون بضيق التنفس، جراء بلوغ نسبة تلوث الهواء مستويات خطيرة على الصحة، وفق ما أعلنت وزارة الصحة الإيرانية.
وبعد أن خيم ضباب كثيف على سماء طهران ومدن أخرى بينها كرج وقزوين غرب طهران وأصفهان وسط البلاد ومشهد شرقها، أعلنت العلاقات العامة بمحافظة طهران إقفال جميع المدارس حتى نهاية الأسبوع الجاري.
وفي ضوء عدم تنبؤ منظمة الأحوال الجوية بهطول أمطار أو هبوب رياح خلال الأيام القليلة المقبلة، أعلن محافظ العاصمة طهران أنوشيروان بندبي في مؤتمر صحفي عصر اليوم الاثنين، أنه سيتخذ قراره حتى الخميس المقبل بشأن استمرار إغلاق المدارس خلال الأسبوع القادم من عدمه.
وأعاد إغلاق المدارس هذه المرة إلى الأذهان المقولة الإيرانية الشهيرة بأن عدد أيام العطلة في مدارس العاصمة خلال فصل الخریف بسبب تلوث الجو، يفوق عدد أيام الدراسة.
مؤشرات خطيرة
من جانبه، أعلن عضو اللجنة الثقافية والاجتماعية في بلدية طهران حسن خليل أبادي، أن مؤشر التلوث في العاصمة سجل أسوأ مستوياته حيث بلغ حوالي 180 درجة، وذلك بعيد أيام من إعلان عمدة العاصمة بيروز حناجي الذي كشف عن تجاوز مؤشر التلوث في طهران حاجز الـ200 درجة، فيما تحدثت بعض وسائل الإعلام الإيرانية عن تخطي مؤشر معايير التلوث حاجز الـ210 درجات.
وفي السياق، أعلنت وزارة الصحة أن مؤشر التلوث في طهران وعدد من المدن الأخرى خطير على جميع الفئات العمرية، محذرة الأطفال والمسنين ومرضى القلب والجهاز التنفسي من التواجد فترات طويلة خارج المنازل، فيما تم تعليق الأنشطة الرياضية في الفضاءات المفتوحة.
وتتكرر ظاهرة "الانعكاس الحراري" خلال فصلي الخريف والشتاء بطهران وكبرى المدن الصناعية الأخرى، حيث تخيم غيوم رمادية على سماء المدن، وهي عبارة عن غازات سامة تنبعث من عوادم السيارات والشاحنات والدراجات النارية ومداخن المصانع والمناجم.
خطة لاحتواء الأزمة
وللحد من تداعيات الظاهرة على صحة المواطنين، أصدرت محافظة طهران قرارا يقضي بتطبيق نظام السير بالتناوب بين لوحات التسجيل المفردة والمزدوجة طوال أيام الأسبوع، إضافة لحظر تنقل الشاحنات داخل العاصمة التي يبلغ عدد سكانها أكثر من ثمانية ملايين نسمة.
كما علقت السلطات المحلية بطهران جميع الأنشطة في مناجم الرمل بالمحافظة، فضلا عن إلزام كبرى المصانع ومحطات توليد الكهرباء باستخدام الغاز الطبيعي وقودا بدلا من المازوت ذي المحتوى الكبريتي العالي.
وفيما تحدثت أوساط إيرانية عن نجاعة خطة خفض تلوث الهواء والإجراءات المرورية في احتواء الأزمة الخانقة، قال المستشار في وزارة التربية والتعليم مسعود ثقفي إنه لا تأثير لإقفال المدارس في تحسين ظروف طلبتها والحيلولة دون تعرضهم للتلوث.
وأردف أنه إذا كان قرار السلطات المعنية يرمي إلى منع سيارات المدارس التي لا يتجاوز عددها 20 ألفا من التنقل داخل العاصمة، فإنه لا أثر يذكر لما تطرحه عوادم سيارات المدارس مقارنة مع أكثر من مليون سيارة أخرى تتنقل في طهران، بالرغم من اتخاذ أنواع الخطط الرامية إلى تقييد تنقلها وسط المدينة.
وفي السياق، تزايدت خلال الفترة الأخيرة انتقادات المجتمع المدني لعدم مصادقة البرلمان الإيراني على مشروع قرار تقليل العطلة المدرسية الصيفية التي تستمر ثلاثة أشهر تقريبا، وفي المقابل منح التلاميذ إجازة شتوية بغية تخفيف التلوث وأزمات المرور في فصل الشتاء.
أرقام الخسائر
وتسبب تلوث الهواء في وفاة أكثر من 33 ألف شخص خلال العام الماضي، وفق ما صرح به علي رضا رئيسي مساعد وزير الصحة الإيراني الذي أكد أن تلوث الهواء في بعض أحياء العاصمة طهران تجاوز بثلاثين ضعفا المواصفات العالمية والمعدل الذي تعتبره منظمة الصحة العالمية أقصى حد مسموح به.
وأشار المسؤول الإيراني إلى أن الخسائر التي تلحق بالاقتصاد الوطني جراء أزمة التلوث كبيرة جدا، وأن إقفال المدارس والجامعات والأسواق ليس سوى جزء منها، موضحا أن منظمة الصحة العالمية قدرت هذه الأضرار بأكثر من 30 مليار دولار سنويا، أي ما يعادل نحو 2.5% من الإنتاج المحلي.انتهى