وقال الشيخ احمد الصافي في خطبة صلاة العيد التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف اليوم الاثنين، استعرض على مسامعكم جزء من وصية الامام علي لولده الامام الحسن عليهما السلام والتي جاء فيها "احمل نفسك من أخيك عند صرمه على الصلة، وعن صدوده على اللطف والمقاربة، وعند جموده على البذل، وعند تباعده على الدنو، وعن شدته على اللين، وعند جرمه على العذر حتى كأنك له عبد وكأنه ذو نعمة عليك".
واضاف ان مجتمعنا في خطر من حيث التوجهات الاخلاقية، سيما التصرفات غير الجيدة التي يزينها الشيطان للإنسان ليجعله يعملها بالعلن ويدافع عنها.
وتابع ان من جملة هذه الامور ما يحصل بين الناس من الهجران والتباعد، لافتا الى ان علاج ذلك يكمن في وصية الامام علي عليه السلام التي جاء فيها (احمل نفسك من اخيك)، اي ان على المؤمن في حال ابتعد عنه اخيه المؤمن ان يقابله بالصدق، واذا قطعه فعليه ان يتقرب اليه، مشيرا الى ان الهجران من اخطر الآفات الاجتماعية التي تمزق المجتمع.
وبين ان الاسلام اكد على ان الهجر (حرام)، كما ورد في بعض الروايات (اذا هجر المسلم اخاه ثلاثة ايام تنقطع الولاية بينهما)، اي انه يخرج عن ولاية الله والمؤمنين التي ورد ذكرها في القران الكريم بقوله تعالى (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)، لافتا الى ان ولاية الله اساسية لنا ولا يمكن الخروج منها او الفرار عنها.
واشار الى ان المؤمن مع المؤمن بينهما اواصر الولاية، مستشهدا بقوله تعالى (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)، منوها الى ان الولاية بين المؤمنين تتجسد بالمحبة والمودة والنصرة، والى غير ذلك من المعاني التي تتناسب مع هذا السياق.
واوضح الشيخ الصافي ان اي شخص خصوصا ما بين الارحام او الاصحاب اذا حدث تباعدا، فان على المؤمن يقابل ذلك بالصلة، كما ورد في وصية الامام علي عليه السلام (احمل نفسك من أخيك عند صرمه على الصلة)، اي مقابلة البعد بالصلة والقرب، وعند صدوده باللطف والمقاربة.
واكد خطيب صلاة العيد على ان هذه الامراض علاجها سهل يكمن في التوجه الى الشخص المقابل والقاء التحية والسلام عليه فتتحول العداوة الى محبة وان المؤمنين لابد ان توجد لديهم هذه الصفات، لافتا الى ان هذا امر الله وهو قانون الهي وليس تجارب، وكذلك هو سنن الهية اوجدها الله مع وجود الكون والبشر، مستشهدا بقوله تعالى (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) اي يتحول المقابل من عدو الى محب ومدافع عنك.
واردف خلال استعراضه جزء من وصيته عليه السلام (وعند جموده على البذل)، موجها بان على المسلم اذا وجد اخاه المسلم جامدا على البذل يجب عليه ان يبادر هو بالبذل، وان يقابله ازاء اي امر يصدر منه بالعكس، اي انه اذا اساء له يجب عليه ان يقابله بالإحسان.
كما طالب الشيخ الصافي خلال استعراضه مقتطف من وصية الامام عليه السلام التي جاء فيها (وعند تباعده على الدنو، وعن شدته على اللين)، ان يعمل المؤمن كلما ابتعد عنه اخاه بان يدنو منه واذا اشتد بلسانه او وجهه فعليه ان يقابله باللين، محذرا من خطورة الامر الذي قد نجده داخل العائلة الواحدة وبين الاخوة والاخوات والازواج، والابناء مع والديهم، وكذلك في الدائرة وموقع العمل.
وعند استعراضه مقتطف من وصية الامام عليه السلام التي جاء فيها (وعند جرمه على العذر حتى كأنك له عبد وكأنه ذو نعمة عليك)، دعا الى ان المؤمن في حال اجرم في حق اخاه المؤمن عليه ان يقابله بالعذر ولا يصده بالجريمة او بالفراق مما يجعله يشتد بموقفه، بل عليه ان يتوجه اليه ويصيره صاحب نعمة عليه ويقل له انت صاحب نعمة وفضل وان لم يكن كذلك.
وتساءل الشيخ الصافي في ختام خطبته "لو ان مجتمعنا طبق هذه الوصية، هل يستطيع اي عدو ان يدخل بيننا، وهل يستطيع احد ان يفرق بين مجتمعنا".