المختصر المفيد.. في الاخبار الهامة تجده في قناة الفرات نيوز على التلكرام .. للاشتراك اضغط هنا
وفي وقت تعيش فيه البلاد أسوأ أزماتها السياسية والأمنية، تضاف الكوارث الطبيعية إلى الحروب المدمرة، في حرب غير مرئية يخوضها السودانيون على جبهات غير متوقعة. غمرت المياه القرى والمنازل، فيما تواصل جهود التصدي التراجع أمام هذا التحدي الكارثي، ما يجعل الوضع في البلاد أكثر مأساوية.
كما تشير التوقعات إلى أن الأيام المقبلة ستكون أكثر قسوة، مع استمرار ارتفاع منسوب النيل الأبيض بشكل يهدد بغرق كامل للمدن والقرى الواقعة على ضفافه. الحديث لا يتعلق بفيضانات عادية، بل بمعركة وجودية بلا هوادة، تُخاض بلا أسلحة وبعجز مرعب أمام خطر لا يمكن التنبؤ به.
وقال مواطنون في "شبشة" و"ود النجومي" و"الجزيرة أبا" إنهم لا يزالون تحت وطأة الكارثة، بعد أن اجتاحت المياه كل ما اعترض طريقها. فيما صارت مدن كوستي، الدويم، القطينة، على شفا الهاوية. وبعد شهور طويلة من الصراع العسكري بولاية النيل الأبيض، جاء الفيضان ليزيد من معاناتهم، مسجلاً معركة جديدة لا تُخاض بالبنادق بل بالدموع، معركة بقاء ضد تحدٍ طبيعي غير مسبوق.
فيما كشف خبراء الموارد المائية أن إغلاق خزان جبل أولياء من قبل قوات الدعم السريع كان السبب الرئيس في ارتفاع منسوب النيل بشكل كارثي.
هذا الإغلاق فاقم الوضع، ليضيف أزمة جديدة على الأزمات القديمة. في وقت انشغل فيه السودان بحروبه الداخلية، كانت الطبيعة تقتحم البلاد من جبهة أخرى، مُحوِّلة القرى إلى مستنقعات مائية.
إلى ذلك، تعيش الجزيرة أبا التاريخية والمناطق المحيطة بها أوقاتًا عصيبة، مع فيضانات مدمرة تهدد بغرق المنازل والأراضي الزراعية بسبب ارتفاع غير مسبوق في منسوب النيل الأبيض. الوضع يزداد سوءًا في ظل الظروف البيئية والصحية المتردية، مع الطقس البارد الذي يضاعف معاناة السكان.
وأكدت مصادر بوزارة الري والموارد المائية بالسودان أن إغلاق خزان جبل أولياء، وغياب مهندسي الري بسبب سيطرة قوات الدعم السريع، قد أسهم في تدفق المياه بشكل هائل، مما عمق الفيضانات.
والنيل الأبيض، الرافد الآخر لنهر النيل مع النيل الأزرق، والذي يعبر عدة دول ويعتبر شريان الحياة لملايين السكان، يعيش الآن كارثة تاريخية.
ومع تزايد التحديات، تظل الأسئلة بلا إجابة: هل من أمل في مواجهة هذا الفيضان المدمر؟ هل ستنجح الجهود في إنقاذ المناطق المهددة بالغرق، أم أن النيل الأبيض سيبقى يهدد بمزيد من الكوارث؟.