وأثارت عملية الإخلاء، التي بدأت الثلاثاء، ذكريات مخيفة عن حريق كبير وقع في عام 2016 ودمر ما يقرب من 2400 منزل وشركة، وأجبر 90 ألف شخص على الفرار .
وقالت دانييل سميث، رئيسة وزراء ألبرتا، خلال مؤتمر صحفي الأربعاء، وفق ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" إن ما يحدث سيعيد ذكريات صعبة من الحرائق المدمرة في عام 2016. "أنا متأكدة من أن هذه الذكريات ستخلق الخوف وعدم اليقين".
العام الماضي، اجتاحت حرائق كبيرة البلاد، من نوفا سكوتيا، على ساحل المحيط الأطلسي وحتى كولومبيا البريطانية على المحيط الهادئ.
وملأ الدخان الخانق الناتج عن الحرائق في كيبيك سماء شرق كندا وأدى إلى تلوث الهواء وتدهور جودته حتى على طول الساحل الشرقي للولايات المتحدة.
وكان مسؤولون في مناطق غرب كندا، حذروا من "نشاط حرائق الغابات المتقلب"، حيث اشتعلت عشرات من الحرائق في جميع أنحاء البلاد، ما أدى إلى إصدار أوامر إخلاء في المناطق المتضررة وتنبيهات بشأن جودة الهواء في العديد من الولايات الأميركية المجاورة هذا الأسبوع.
وقال مسؤولون كنديون، وفق ما نقل موقع "أكسيوس" إن البلاد قد تواجه موسما آخر لحرائق الغابات النشطة للغاية بسبب درجات الحرارة الأعلى من المعتاد والجفاف الواسع النطاق.
أسباب الحرائق
شهدت كندا أحد أكثر فصول الشتاء دفئا هذا العام وهو ما أدى إلى ندرة الثلوج أو عدم تكونها بالأساس في كثير من المناطق، وسط مخاوف من أن يتسبب فصل الصيف في اندلاع مزيد من حرائق الغابات والبراري مع استمرار الجفاف.
ويعاني نصف كندا من الجفاف، بينما تعد كولومبيا البريطانية، وألبرتا من المقاطعات الأكثر جفافاً، وفقاً لمرصد الجفاف في أميركا الشمالية.
وتنفرد الغابات الشمالية بمثل هذه الحرائق، حيث يتزايد نشاط الحرائق مع تغير المناخ.
وتشير الدراسات إلى أن تغير المناخ يؤدي إلى مزيد من تقلبات الطقس الناجم عن الحرائق، إذ أصبحت حرائق الغابات أكثر تواتراً، كما أن تفاقم ظروف الجفاف يجعل مثل هذه الأحداث المناخية المتطرفة أكثر احتمالاً.
ومن المتوقع أن تستمر ظروف الجفاف في المناطق شديدة الخطورة في مايو، بما في ذلك المناطق الجنوبية من البراري والمقاطعات الغربية، وفقًا لبيان الحكومة الكندية، صدر الجمعة.
أرقام صادمة
معظم الحرائق الـ 133 المشتعلة في كندا كانت في كولومبيا البريطانية (44) وألبرتا (45) اعتبارًا من مساء الثلاثاء، وفقًا لمركز حرائق الغابات الكندي المشترك بين الوكالات (ciffc).
وأدرج 41 من هذه الحرائق على أنها "خارجة عن السيطرة" من بينها حريق بحيرة باركر في شمال كولومبيا البريطانية، والذي أحرق أكثر من 20 ألف فدان منذ أن بدأ يوم الجمعة.
وقال مسؤولو خدمات الإطفاء، الثلاثاء، إن حريق "بحيرة باركر" كان على بعد 1.5 ميل من مدينة فورت نيلسون، لكن الرياح التي كانت هادئة بشكل غير متوقع أبقت الحرائق بعيدًا عن المدينة التي أصدرت أوامر الإخلاء بالفعل، وفقًا لهيئة الإذاعة الكندية.
وأضاف المسؤولون أن الهدوء في سلوك الحرائق والظروف الجوية المواتية حول فورت نيلسون من شأنها أن تساعد رجال الإطفاء على مكافحة الحريق.
وأثرت الحرائق في جميع أنحاء كندا على جودة الهواء في خمس ولايات أميركية، الثلاثاء، وهي داكوتا ونبراسكا وأيوا ومينيسوتا وويسكونسن.
وقالت بوين ما، وزيرة إدارة الطوارئ في مقاطعة كولومبيا البريطانية في مؤتمر صحفي، الاثنين، إن رجال الإطفاء يواجهون "ظروفًا صعبة للغاية" في شمال المقاطعة وتم إصدار مزيد من أوامر الإخلاء في هذه المنطقة في ذلك اليوم.
وأصدرت السلطات أوامر إخلاء في كولومبيا البريطانية خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وفي ألبرتا، أصدرت بلدية وود بافلو الإقليمية إنذارًا بإخلاء العديد من التجمعات السكانية في منطقة فورت ماكموري بسبب "حريق غابات خرج عن السيطرة" واجتاح أكثر من 27 ألف فدان حتى مساء الثلاثاء.
نطاق الحرائق
أتت أولى حرائق الغابات الكبرى هذا الموسم على نحو عشرة آلاف هكتار في جميع أنحاء غرب كندا وأصدرت السلطات أمرا بإخلاء بلدة في إقليم كولومبيا البريطانية وحذرت من تدهور جودة الهواء في جميع أنحاء المنطقة.
وأتت الحرائق على ما يقرب من 4136 هكتارا من الإقليم.
من جهة أخرى، قالت السلطات في إقليم ألبرتا إن الحريق الذي اندلع على بعد 16 كيلومترا جنوب غربي فورت ماكموري خرج عن السيطرة وانتشر على مساحة 1992 هكتارا.
وفي إقليم كولومبيا البريطانية، طلبت السلطات من آلاف السكان في نورثرن روكيز ريجينل وفورت نيلسون فرست نيشنز ترك منازلهم مع اتساع رقعة الحريق.
وقال روب فريزر رئيس بلدية نورثرن روكيز ريجينل في مقابلة تلفزيونية إن السلطات أجلت معظم السكان البالغ عددهم 3500 نسمة في بلدة فورت نيلسون ومحيطها.
وأضاف فريزر أن الحريق اندلع بسبب سقوط شجرة بفعل الرياح القوية على خط كهرباء.
وقالت السلطات في ألبرتا إن خمسة أطقم من أفراد الإطفاء وتسع طائرات هليكوبتر عكفت على إخماد الحريق مساء أمس مع انخفاض درجات الحرارة في أوقات الليل.
وحذرت الحكومة الاتحادية من أن كندا تواجه موسما "كارثيا" آخر من حرائق الغابات، إذ تتوقع درجات حرارة أعلى من المعتاد في الربيع والصيف في معظم أنحاء البلاد، زادت من حدتها ظاهرة النينيو المناخية.
تاريخ كندا مع الحرائق
تُظهر خريطة وضعها رسام الخرائط الجغرافية الكندي كريس براكلي، المناطقة التي تعرضت لنيران حرائق الغابات في كندا منذ عام 1921.
وقد تم تصوير العقود السابقة من نشاط الحرائق بألوان مختلفة، بينما تم عرض عام 2023 باللون الأبيض، حيث كان من بين أبرز الأعوان من حيث حدة الحرائق.
في حين أن مواسم الحرائق النشطة الماضية شهدت مزيدا من الحرائق الفردية، لا يزال عام 1989 يحمل الرقم القياسي بـ 10998 حريقًا - إلا أن عام 2023 يتميز بإجمالي المساحة المحروقة.
وتم تسجيل رقم قياسي سابق في عام 1995 بإحراق 7.1 مليون هكتار؛ وحتى الآن في عام 2023، تم حرق ما مجموعه 15.2 مليون هكتار، وفق موقع "كانديان جيوغارفيك".