السؤال الاول: الحوار بين الشيعة و الحوار بين السنة و الشيعة ؟
- في الواقع عندما نتحدث عن الحوار الشيعي-الشيعي او الحوار الشيعي -السني او غيره من الحوارات الإنسانية ، يجب أن نركز على مقدمة هامة جدا هي مفهوم الحوار نفسه و أهمية الحوار ذاتيا .
- نحن نعيش اليوم في عالم تبذل الإنسانية فيه جهودا كبيرة و متقدمة في أن تتسم بأعلى درجات العقلانية في مناهجها و طرق تفكيرها و علاقاتها البينية و معارفها و علومها و تصرفاتها و سلوكها ، وهو أمر مفرح يفصل بين تلك الحقب البشرية التي كانت تتسم بالانغلاق و الانحصار و منطق القوة و بين عصرنا المتجه نحو الانفتاح و التحاور و التعاون الاكبر و قوة المنطق .
- في عالمنا اليوم القوة العسكرية و حتى القوة الإقتصادية لا تكفي لإضفاء المشروعية و المقبولية على تصرفات الدول و المجتمعات و الأفراد كما كان سابقا ، و هناك عامل حاسم آخر دخل على الخط منذ قرون قليلة و هو عامل العقلانية و التفكر و الثقافة و العلوم ، ومن يريد أن يكون له التميز و المقبولية عليه أن لا يتغافل عن هذه العوامل الرئيسة و الهامة.
- لا شك أن مفهوم الحوار واحد من أهم أركان تلك العقلانية العالمية المنشودة ، عندما ينفتح العالم على بعضه البعض لا لغرض الإستعمار و الإستعباد و الإستغلال بل لغرض التفاهم و التعاون و التشارك في إدارة الحياة البشرية على كوكبنا الصغير بشكل أمثل و أكثر أمانا و رفاهية و أقل شقاء و أنانية .
- ان مدرسة أهل البيت عليهم السلام و تبعا للمنطق القرآني و النبوي الأصيل الذي عملت المدرسة على استمراره و ترسيخه في الأمة ، إتخذت من سبيل الحوار و المعرفة و التعقل و التدبير منهجا للإنفتاح على الناس بكل تلاوينهم و مشاربهم و مذاهبهم و أديانهم .
- نرى بوضوح أن القرآن الكريم ينقل بكل صراحة و شفافية شبهات المشركين و المشككين في آياته التي تتلى في كل يوم و حين و يجيب عليها بالبرهان و الإستدال و هذا هو ديدن رسول الإسلام و أئمة أهل البيت عليهم السلام ، في عدم الخشية من التحاور و الإنفتاح على الآخر.
- عندما نراجع مئات بل الآف الروايات الشريفة المنقولة عنهم عليهم السلام، نرى أنهم لم يبقوا طبقة من الناس الا وحاوروهم ( من الملاحدة و الزنادقة كما كانوا يسمون وصولا الى الفلاسفة و المناطقة و المفكرين و ليس انتهاء بأتباع الديانات و أرباب المذاهب ) بأسلوبهم الحسن و البرهاني و المستدل و هو أمر في غاية الأهمية .
- المتتبع للتاريخ الإسلامي يجد أن هناك ما يشبه الإعجاز في بقاء و إستمرار و نمو مدرسة أهل البيت عليهم السلام رغم كل التحديات الوجودية التي واجهتها المدرسة منذ نشوئها .
حيث انهم عليهم السلام لم يملكوا السلطة او السلاح او المال او العدة أو العدد الكافي للدفاع عن أنفسهم أو أتباعهم في مواجهة تلك التحديات العصيبة واستهدافهم تاريخياً بسبب أنتمائهم لمدرسة أهل البيت (ع) في حقبات التاريخ الطويلة ، و لم يلجأوا في ذلك الا لمنطقهم و لأسلوبهم المعرفي و المعنوي و الأخلاقي و الروحي الذي أثمر اليوم عن مئات الملايين من الشيعة ، فضلا عن إجماع المسلمين الذين يقدسون و يبجلون و يقدرون هؤلاء الأعلام الأطهار من سلالة نبي الإسلام الأكرم .
- ان الشيعة مؤتمنون على هذا التراث الإمامي الفريد من نوعه ، ويجب ان يحافظوا عليه و يتخذوه سبيلا في عالم يتجه و ينضج يوما بعد يوم نحو مستويات أكثر تقدما في العقلانية و التحاور و التعاون .
- ما وصلت اليه البشرية اليوم ، نفتخر أنه كان مكرسا و راسخا و متبلورا في مدرسة أهل البيت أمس ، ويجب أن يبقى حاضرا اليوم و غدا في المستقبل.
-ان منهج أهل البيت عليهم السلام في الانفتاح على الجميع يجب أن يكون سبيلا للشيعة في الإنفتاح على العالم الإسلامي بشكل خاص و على العالم و الإنسانية جمعاء بشكل عام ، فضلا عن الحوار الشيعي-الشيعي الذي يجب أن يكون في أعلى درجات التفهم و التقدير.
- اننا يجب ان نحاور الآخرين بكل تنوعاتهم الإنسانية من زاوية ( المشتركات و الهموم و القضايا و المآلات المشتركة ، الى جانب إحترام الخصوصيات و تقبلها و تفهمها ) ، هذه المعادلة كلما كانت متوازنة و محكمة كلما انتجت قدرا أكبر من الحلول العملية و الواقعية , ويفترض ان يكون الهدف من الحوار هو التعاون الجاد في الوصول الى الحقيقة كما هي ( على مستوى التقييم ) والى المساواة و" التناصف " بحسب تعبير اهل البيت (ع) ( على مستوى الحقوق ) .
- على سبيل المثال اليوم ، الصحة و البيئة و الأمن و الغذاء و الإقتصاد في العالم قضايا متشابكة و مترابطة لا تتحمل التقاطعات و المناكفات البشرية ، كما ان الثقافات و الديانات و الخصوصيات قضايا تهم الافراد و المجتمعات و هوياتهم الفرعية بشكل كبير، مما يعد المساس بها مساس بتلك القضايا الكبرى ، وهذا يستوجب منا جميعا إدارة هذا التنوع الهائل و تنظيمه بمعادلة دقيقة و معقولة و مقبولة ، تدفع العالم نحو الإلتقاء و الإرتقاء لا التقاطع و الإحتراب .
- يجب ان يكون زمننا زمن الإنسان المكرم ،الإنسان المتعقل الذي لا أداة لإدارته الا بآليات تليق به و بمكانته العالمية التي حصل عليها بسيل من الدموع و الدماء و التضحيات و التجارب الأليمة .
- من هنا الحوار بكل أنواعه و مستوياته و آلياته يصبح سبيلا لا مناص منه و ضرورة لا إستغناء عنها و أولوية لا يعلى عليها شيء و أصلا يتفرع منه كل الأصول و البنى المطلوبة .
السؤال الثاني : الدور الذي يمكن ان يلعبه الحوار بين المعتقدات في كل من العراق و العالم الاسلامي ؟
- كما ذكرنا فإننا نرى الحوار الإنساني المتعقل أصلا من أصول عالمنا الحديث و بالتأكيد على ما أوردناه من السابقة التاريخية لهذا الحوار في مدرسة اهل البيت (ع) و توفر البنى الدينية و الفكرية و الثقافية الإسلامية له ، نرى لزاما إعادة إحياء و تفعيل هذا المنهج في الأوساط الشيعية و الإسلامية .
- ان عوامل كثيرة أبعدت عالمنا الإسلامي عن أصوله و ثوابته و ثقافته الأصيلة منها :
١-السياسة بمحاورها الإستبدادية الداخلية او الإستعمارية الخارجية.
٢-القراءات الدينية المتشنجة و المتعصبة.
٣-الإعوجاجات الفكرية و الذهنية و النفسية.
٤-تدني الوعي و الثقافة المجتمعية.
٥-الإبتعاد عن روح الإسلام و التمسك بالقشور.
٦-تضارب المصالح و النزاعات البينية.
٧-عدم مواكبة التحولات و المتغيرات العالمية.
وغيرها من العوامل ، كلها كانت ضاغطة و تركت آثارها المدمرة على مجتمعاتنا التي تخلفت عن غيرها من المجتمعات العالمية لا لنقص ذاتي فيها بل لهذا الكم الهائل من المعرقلات و المنغصات التي عانت منها طوال تاريخها.
-من هنا أرى لزاما ضرورة إستعادة المبادرة و العودة الى مائدة الحوار و طاولتها من قبل جميع النخب السياسية و الفكرية الشيعية و الإسلامية في عالمنا الإسلامي و ذلك لا من زاوية المجاملات و المؤتمرات العابرة او المسيسة او الشعارات البراقة بل من نافذة إعتبار الحوار :
أصلا من أصول عالمنا الحديث.
و سبيلا لإستعادة حضارتنا الإسلامية.
و منصة لحوارنا مع الإنسانية جمعاء.
- اذا أردنا لبلداننا الإستقرار و التقدم و النمو و ان يكون لنا بصماتنا في عالمنا الذي نعيش فيه و أن لا نكون عيالا على أحد فيه ، بل شـــــــــــركاء محترمين و مؤثرين و فاعلين ، يجب أن نحـــــــــاور بعضنا البعض اولا و نتفق على الصيغ
المنتجة ثانيا و أن ننفتح على العالم ثالثا .
- ما أحوجنا اليوم الى إيقاف النزاعات و تصفير الأزمات و إزالة التراكمات التاريخية و الذهنية في عالمنا الإسلامي .
-يجب ان نبدل خوف العالم من المسلمين الى أمل عالمي بدور المسلمين و وجودهم .
- ان الوحدة الاسلامية التي نطالب بها ليست تلك الوحدة التي تبغي مواجهة العالم ، او إتباعه في كل شيء بما يجعلنا في أعين الآخرين أعداء شرسين او مقلدين مسلوبي الهوية .
- الوحدة التي ننادي بها هي تلك الوحدة الإسلامية الحضارية التي تحتوي العالم و تضيف اليه نوعا أصيلاً ، يناغم القضايا و الهموم البشرية المشتركة و يواكبها و يقدم لها الحلول و الوصفات الناجعة .
- من هنا اعتقد اننا لو نجحنا في تحويل البوصلة الاسلامية من حالة ( العداء و الجمود و التبعية ) الناتجة من سلوك ادعياء الاسلام من المتطرفين او المتملقين او المنغلقين على انفسهم بعيداً عن روح الاسلام و واقعه الى حالة ( الإنفتاح و التقدم و الأصالة ) سننقذ عالمنا الإسلامي و بلداننا التي ننتمي لها و سنلتحق بركب عالمنا الكبير إلتحاق الشريك لا إلتحاق التابع و إلتحاق الأصيل لا إلتحاق المقلد و إلتحاق المضاف لا المضاف إليه .
- ان سبيل ذلك هو : الحوار و العقلانية و التطور المعرفي و الإحتفاظ بالزخم الروحي-الديني-الأخلاقي الذي يفتقده عالمنا , الحوار الجاد الذي لايكتفي بتدوير الزوايا والتناغم بالكلمات العمومية البراقة وانما يفحص عن الحقيقة بجدية هو السبيل لتحديد عناصر الخلل وتشخيصها ومحاصرتها و وضع خطة جادة للتخلص منها .
-ان مدرسة أهل البيت عليهم السلام و هي جزء أصيل من عالمنا الإسلامي و إمتداد طبيعي للإسلام ، لها القابلية و البنى التحتية المعرفية و الروحية التي تؤهل الشيعة أن يكونوا جزءا أصيلا من هذا المشروع و المشوار الحضاري .
- العراق بحضارته و تاريخه و مقدساته و شعبه الأصيل و تنوعه النوعي، مؤهل جدا أيضا لأن يكون ساحة عالمية لمثل هذه الحوارات و المشاريع الإسلامية و الإنسانية و الحضارية الطموحة.
- العراق يسعى سياسيا هذه الأيام أن يكون جسرا للتواصل بين دول المنطقة لإعادة العلاقات بينها ، و لكننا نطمح ان نرى العراق بلدا مستقرا و فاعلا و جسرا حضاريا بين شعوب المنطقة و نخبها قريبا باذن الله ، و نبذل من أجل ذلك جهوداً كبيرة و صادقة نتمنى ان تكلل بالنجاح و التوفيق .
السؤال الثالث : العراق هو موطن للمدارس الدينية المهمة ، سيما في مدينة النجف الاشرف ، و موقع أساس للزيارة العابرة للحدود .. ما ترونه من أهمية للتشيع في مستقبل العراق ؟
- في الحقيقة العراق هو موطن التشيع الأصيل منذ ١٤٠٠ عام و يضم في جنباته الكثير من المعالم الإنسانية و الإسلامية و الشيعية الشاخصة :
إنسانيا : العراق يعد موطن الحضارات الإنسانية كما موطن النبي إبراهيم الخليل ابو الأنبياء و الديانات البشرية التوحيدية الكبرى ، فضلا عن كونه يضم رفات المئات من الأنبياء العظام و في مقدمتهم : آدم و نوح و صالح و هود و أيوب و ذو الكفل المذكورين في القرآن الكريم .
إسلاميا : هو أرض الخلافة العلوية الراشدة و الإسلامية و موطن و مدفن الأنبياء وأئمة اهل البيت (ع) و كبار أئمة و علماء المذاهب الإسلامية و الطرق الصوفية و في مقدمتهم : الإمام ابو حنيفة النعمان و الإمام أحمد بن حنبل و الشيخ عبدالقادر الكيلاني .
شيعيا : يضم العراق مراقد ٦ من أئمة اهل البيت الاطهار ( الامام علي بن ابي طالب و الحسين بن علي و موسى بن جعفر الكاظم و محمد بن علي الجواد و علي بن محمد الهادي و الحسن بن علي العسكري) عليهم السلام و موطن ولادة الإمام الثاني عشر الإمام المهدي المنتظر .
ويضاف الى ذلك مراقد المئات من الطالبيين العلويين من الأسرة الهاشمية و في مقدمتهم الإمام زيد بن علي بن الحسين رضوان الله تعالى عليه .
كما أن نواب الإمام المنتظر الأربعة و كبار علماء الشيعة الأوائل المفيد و الكليني و الطوسي يرقدون في العراق .
- حوزات العراق الشيعية في النجف الأشرف و بغداد و الحلة و كربلاء و سامراء هي من أقدم و أعرق الحوزات و الجامعات الإسلامية و الشيعية في العالم.
-كما ان النجف الاشرف اليوم بتاريخها الألفي ترمز لكل ذلك التراكم العلمي و المعرفي و الديني .
- كما ان العراق رمزا أصيلا للحضارة الإسلامية في قرونها الأولى و وقت نهضتها العلمية و الثقافية ، و بغداد بشكل خاص يرمز لها كعاصمة للعلوم و العلماء و الأدباء و الثقافة و الفن طوال تاريخنا الإسلامي.
- كل هذه الحقائق و المقومات تجعل موقع الشيعة في العراق موقعا أصيلا و متجذرا و راسخا في البلاد و قد أثبت التاريخ القديم و الحديث ان الشيعة كانوا و لايزالون ركنا رئيسا لتماسك العراق و وحدته ، في أحلك الظروف و أصعب المواقف ، و هذا يدل كذلك على مستقبل زاهر لهم ان شاء الله.
-اما عن سر قوة الشيعة و تجذرهم و رسوخهم في العراق بإعتقادي هي كل تلك المقومات التي ذكرناها و الرباعية التالية:
١-المرجعية الدينية.
٢-الشعائر الحسينية.
٣- التماسك الداخلي.
4-التعايش الوطني.
-ان المرجعية في العراق فضلا عن مكانتها القيادية الدينية الرائدة تمثل الزعامة الإجتماعية ، الإعتدال ، التدبير و المعرفة المتراكمة تاريخيا.
- ان المؤسسة الدينية الشيعية في العراق كان لها الدور الأبرز في تماسك المجتمع الشيعي و الحفاظ على هويته الأصيلة و أحد مقومات إندفاع الشيعة وطنيا و تعايشهم السلمي مع المكونات الاخرى .
نلاحظ بوضوح ان المرجعية الدينية و رغم كل التحديات التي واجهها الشيعة في تاريخهم من الإستبداد و الديكتاتورية لم تدفعهم يوما الى العمل على الإنفصال الجغرافي او السياسي او الإجتماعي من المكونات الأخرى بل بالعكس كانوا دوما يحثون و بإصرار على ضرورة ان ينفتح الشيعة على شركائهم و يندمجون في وطنهم و يتعايشون مع مواطنيهم و أن يكون لهم الدور الأكبر في إحتواء الجميع .
- كما ان المرجعية بإعتدال مواقفها و حكمة قراراتها و تدابيرها التاريخية نراها دفعت و تدفع بإتجاه بناء دولة عراقية يكون فيها لكل عراقي صوت و لكل عراقي قرار و لكل عراقي بصمة في مسير و مستقبل بلاده بعيدا عن الإحتكار و الإستبداد و سياسات التهميش بل وقفت داعمة لأتباع المذاهب والديانات الاخرى على طول التاريخ من الكرد والتركمان و المسيحيين و الإيزديين والصابئة . وأرست القيم الإنسانية والإسلامية في الحرية الدينية والسياسية , والإعتراف بالاَخر المختلف , والتاكيد على الهوية الوطنية الجامعة ودعت الى الشراكة في إدارة الدولة وعدم الإعتماد على الأغلبية الشيعية للإستفراد بالقرار الوطني .
- هذه المواقف للمرجعية حققت طوال التاريخ تماسكا داخليا للشيعة ، و عندما تتماسك الأغلبية ، و تعي ضرورات التعايش المجتمعي ، تتماسك البلاد بوحدتها و هويتها و هذا ما هو حاصل،
- من جهة أخرى إلتزام شيعة العراق بإقامة الشعائر الحسينية منذ تاريخ طويل كان عاملا رئيسا في تماسكهم و تنميتهم ثقافيا و فكريا و سلوكيا .
- زيارة الأربعين التي ذكرتموها واحدة من أهم الزيارات الدينية المليونية و ليست الوحيدة ، تشاهدون زيارات مليونية لسامراء و الكاظمية و النجف الأشرف و مراقد اخرى كذلك طوال السنة.
نعم الأربعينية و لكونها تضم أعداد مليونية من خارج العراق أخذت الجنبة المركزية و جلبت إنتباه العالم إليها .
-الحضور المليوني من ٧٠-٨٠ دولة من العالم سنويا في كرنفال حسيني مدهش على مدار أيام تصل الى أسبوعين و الضيافة منقطعة النظير المجانية و الممتازة و الكريمة التي يقدمها الشعب العراقي لضيوف أبي عبدالله الحسين ع ، خلقت إنطباعا نوعيا عن الشعب العراقي بأنه كريم و خلوق و شجاع و ملتزم و متمسك بقيمه و عاداته المعتدلة و الإنسانية .
- في الحقيقة كل هذه المقومات نقاط قوة أهلت شيعة العراق لتجاوز تحديات وجودية و صعبة و قاتلة في تاريخهم و هناك ضرورة للحفاظ عليها.
- مستقبل شيعة العراق مرهون بتمسكهم بالرباعية التي ذكرناها ( المرجعية ، الشعائر ، الوحدة ، الهوية الوطنية) .
- اي تلاعب بهذه الرباعية الإستراتيجية او أي تغافل عنها سيجعل الشيعة أمام مخاطر و تحديات مستحدثة و مهلكة لا قدر الله.
السؤال الرابع : أثر التعددية الدينية على مستقبل الهوية الوطنية العراقية في ظل توترات صدام و الإحتلال و داعش ؟
- في البداية بودي تأكيد رؤيتي لهذا التنوع و التعدد ، البعض قلوا او كثروا ينظرون ان هذا التنوع يمثل نقطة ضعف للعراق و المجتمع العراقي و أنه عنصر معرقل للتماسك المجتمعي و من هنا إما يهاجمون هذا التعدد بعناوين ( طائفية و عنصرية ) و اما يدعون لتجاوز هذا التنوع بالقفز على حقيقة وجوده من خلال ترويج ان هذه الخصوصيات يجب القضاء عليها لإيجاد تماسك وطني .
- شخصيا أختلف مع كل تلك الطروحات و الرؤى و اعدها خاطئة و غير حقيقية ، حيث إن هذا التنوع و التعدد يمثل قوة كبيرة للعراق.
- عالمنا اليوم هو عالم التنوع و التعدد ، و البلدان المتقدمة اليوم تتجاوز مفاهيم المساواة لتصل الى مفهوم إدارة التنوع و إستثماره لصالح دولها ، فلماذا نتخلى نحن عن هذه القوة و لانستثمرها لصالح الدولة العراقية.
-شخصيا أدعو الى وجوب بناء ( الأمة العراقية ) من خلال ثلاثية:
١ -إحترام الخصوصيات.
٢- إدارة التنوع.
٣ -بناء الهوية الوطنية الجامعة.
-إحترام الخصوصيات يعني : نعم للطائفة كلا للطائفية ، نعم للقومية كلا للعنصرية ، نعم للتدين كلا للتعصب .
ان تكون شيعيا او سنيا فليس ذلك مخلا بوطنيتك مادمت مخلصا للوطن ومصالحه العامة , انما هو حق من حقوقك الوطنية الطبيعية في اتخاذ ماتراه سبيلا قويما ، وان اعتناق المذهب هو قرارك وفهمك لحقيقة الاسلام وانت وحدك تتحمل مسؤوليته في علاقتك مع الله تعالى , اما ان تسعى الى سلب حقوق الاخرين وفرض رأيك عليهم بالقوة فتلك طائفية مقيتة تهدد السلم الاهلي والوحدة الوطنية .
ان تكون كردياً او عربياً و تعتز بزيك و أعيادك و لغتك و أعرافك ، فذلك حق طبيعي لا ينازعك أحد فيه ، اما ان تفضل قوميتك و تهمش الآخرين فتلك عنصرية مقيتة و مرفوضة .
ان تكون مسلماً او مسيحياً او صابئياً او ايزدياً متديناً و ملتزماً فذلك حق طبيعي لك اما ان تجبر الآخرين على الإسلام او المسيحية او الديانات الأخرى و تعامل الآخر بعصبية مقيتة فذلك مرفوض.
- الحل هو ليس القفز على هذه الهويات و الخصوصيات بل إحترامها و تقديرها و فسح الحرية أمام معتنقيها و ممارستهم الدينية الطبيعية.
- اما إدارة التنوع هو ان نمنع اولا التقوقع المذهبي و الديني و القومي اي إنغلاق الهويات على نفسها ، و أن ندفع هذه الهويات للتشارك و التعاون ثانيا و أن نستثمرإ لصالح الدولة ثالثا.
اليوم عرب العراق بوابة البلاد لاكثر من ٢٢ دولة عربية.
وكرد العراق بوابته للكرد في سوريا و إيران و تركيا في جوارنا.
وتركمان العراق بوابته للترك كما شيعة العراق البوابة لشيعة إيران و الخليج و العالم .
هذا يعني إلتقاء الحضارات و الشعوب و توثيق الأواصر و المصالح بينها ، ولا يعني التدخل و التداخل السلبي في شؤون الآخرين.
- اما الهوية الوطنية الجامعة فهي تلك الهوية المتشكلة من مجموع المشتركات الكبرى و الهويات الفرعية الضامنة لمصلحة الجميع ، والمتبلورة في الأمة العراقية الواحدة و الموحدة .
- النظام السابق كان يمثل الرؤية الطائفية و العنصرية الساعية للقفز على الحقائق و إلغاء الخصوصيات و احتكار الهوية الوطنية في الحزب الواحد .
شأنه شأن داعش الذي كان يريد إسقاط الحدود من خلال إيديولوجية متطرفة و منحرفة و متحجرة.
- اما الشعب العراقي فإختياره واضح : التعايش و الوحدة و التماسك و هو ما يجب ان نسعى جميعا للحفاظ عليه .
السؤال الخامس : بعد مرور ١٨ عام من حرب العراق في ٢٠٠٣ ما هي التطورات الإيجابية و السلبية التي حصلت وما هي المعوقات الأساسية أمام التنمية و الديمقراطية في العراق حاليا ؟
- في الواقع الإجابة على هذا السؤال الحيوي بالتفصيل بحاجة الى شرح مطوّل لكن بإختصار:
- منطقتنا الإسلامية و العربية لم تستقر منذ ما يقارب القرن من الزمان على صيغ مستقرة من أنظمة الحكم و الرؤى الواضحة لإدارة الدول ، و تجاذبت المنطقة إيديولوجيات و أنظمة متفاوتة و متضاربة :
حكومات على شاكلة ملكيات و مشيخات و سلاطين و إمارت من جهة و حكومات بقيادات عسكرية او دينية او قومية او مؤدلجة بشكل عام من جهة أخرى.
-النفوذ الدولي للقوى العالمية في المنطقة قد قسمتها الى ولاءات و إنحيازات متصارعة .
-الإيدولوجيات القومية و السياسية و الدينية العابرة للحدود قد قسمت الدول و الشعوب الى كانتونات متضاربة .
-الإستبداد و الديكتاتورية قد أحدثت الفجوات بين الشعوب و الحكومات بشكل عميق.
- العسكرة و الإنقلابات و الطموحات العسكرية قد ادخلت المنطقة الى العديد من النزاعات و التوترات الخارجية او الثورات و الفورات الداخلية.
- وكان للعراق في كل ما ذكر نصيب وافر من هذا التوتر و الضياع :
- فالعراق مر بإحتلالين كبيرين في تاريخه خلال ال ١٠٠ عام الماضية ( الإحتلال البريطاني في ١٩١٤ و الإحتلال الأمريكي في ٢٠٠٣ ) فضلا عن إنحيازات الأنظمة تارة لهذه القوى الدولية و تارة لتلك.
-كما ان العراق جرب أشكال متعددة من الأنظمة ( الملكية و الجمهورية).
-كما إنه جرب إيديولوجيات متعددة عابرة للحدود ( علمانية و دينية من شيوعية و قومية و ليبرالية و إسلامية) .
-كما إنه مر بتجارب مريرة من إنقلابات عسكرية و حروب منهكة في المنطقة جراء طموحات إستبدادية شخصية او حزبية.
- كما انه عانى من إستبداد و ديكتاتورية مقيتة لتاريخ طويل من الزمن .
- كل هذه التراكمات و الإشكاليات المعقدة قد أوصلت الدولة العراقية للحظة تفكك و إنهيار تام عام ٢٠٠٣ فضلا عن فقدان العراق لسيادته منذ ١٩٩٠ جراء القرارات الأممية و دخوله في الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة .
- لذا يمكن ان نشبه العراق عام ٢٠٠٣ و ولادة نظامه الديمقراطي الجديد بذلك الطفل اليتيم الضعيف المولود بعملية قيصرية معقدة و في ظرف من نقصان الرعاية و اللقاحات و التغذية اللازمة و تحت رحمة قوى لا تهتم كثيرا بصحته بقدر إهتمامها بتركة هذا الطفل من الأموال و الثروات ، و فوق كل ذلك تعرض هذا الطفل و على مدى ١٨ عام الى هزات عنيفة من جراء الوجود العسكري الأجنبي و الإرهاب و التخريب و التدخلات في شؤونه.
- ولكن و رغم كل تلك التحديات الوجودية السابقة تمكن العراق و شعبه الأصيل الصبور الواعي من تجاوز ٦ تحديات ما بعد ٢٠٠٣ هي :
1 - تحدي الإحتلال.
2 - تحدي الفتنة الطائفية.
3 - تحدي الإرهاب.
4 - تحدي التقسيم.
5 - تحدي العودة للإستبداد.
6 - تحدي إنهيار الخيار الديمقراطي.
وكل واحدة من هذه التحديات كادت ان تودي بالأوضاع الى مآلات مؤلمة و مفجعة .
- أتصور ان الإيجابيات التي حققها الشعب العراقي وسط هذا الزخم من التحديات الكبيرة كثيرة و كثيرة جدا و أهمها هو جرأته و شجاعته على المضي بإختيار النظام الديمقراطي الحر و مغادرة حقب الإستبداد و الإحتكار من جهة و إستعادة المبادرة في إدارة شؤونه بعيدا عن الوصاية الأممية من جهة أخرى.
- اننا مقبلون أيضا على ٦ قضايا هامة للإنتقال من مرحلة ( إيقاف السلبيات و الأزمات و التداعيات ) الى مرحلة تراكم الإيجابيات و القوة و ترسيخها و هي :
١ -الحفاظ على المنجزات المتحققة ال ٦ التي ذكرناها و ترسيخها بشكل أكبر .
٢- بناء الأمة العراقية.
٣- بناء الدولة العراقية.
٤ - بناء نظام إقتصادي متكامل.
٥ - معالجة الضعف الإداري و الخدمي.
٦ - إكمال منظومة العلاقات الخارجية للعراق.
وكل ذلك بحاجة الى ٤ أنواع من الإدارة:
١- إدارة الحكم الرشيد على مستوى الدولة.
٢- إدارة التنوع على المستوى الإجتماعي.
٣ -إدارة الطموح على المستوى السياسي.
٤- وإدارة المصالح على المستوى الإقليمي و الدولي.
ومن أجل ذلك طرحنا ٣ مبادرات رئيسة:
١ -الدعوة الى عقد إجتماعي يفضي الى عقد سياسي جديد.
٢- الدعوة الى تشكيل تحالفات سياسية عابرة للمكونات.
٣ -الدعوة الى بناء الهوية الوطنية الجامعة.
السؤال السادس : الهوية الوطنية الشيعية ؟ و كيف يمكن ربط التشيع بالوطنية ؟ وكيف سيبدو هذا الشكل من الوطنية مختلفا عن الأشكال الأخرى من الوطنية التي عاشها العراق في الماضي القريب ؟
- في الواقع البلدان العربية و الإسلامية بشكل عام واجهت تحديات عديدة إزاء عمليات بناء الهوية الوطنية الجامعة عقب إستقلالها من الدولة العثمانية او من دول الإستعمار .
- ان هذه التحديات يمكن إيجازها ب٤ نقاط رئيسة :
١- تحدي الملائمة بين الهوية الوطنية و الهوية الدينية .
٢- تحدي الملائمة بين التنوع و التعدد القومي و المذهبي و الهوية الوطنية في البلدان ذات التعدد .
٣- تحدي الملائمة بين الإيديولوجيات العابرة للحدود و الهوية الوطنية ؟
٢- تحدي تحديد الأسس التي تبنى عليها الهوية الوطنية .
- كثير من الأنظمة العسكرية او الإستبدادية إتخذت مسار صناعة و فرض هويات مقولبة و مؤدلجة على مجتمعاتهم تحت عناوين قومية او مذهبية مسيسة مما زاد الإشكاليات ، أزمات جديدة عمقت الهوة بين المواطنين و دولهم و أوطانهم و لم تحل الإشكالية الرئيسة .
- من جهة أخرى شهدت المنطقة ردود أفعال معارضة تمظهرت بالتشكيك او الرفض لتلك الهويات المفروضة و خرجت تنظيرات إسلامية او علمانية عابرة للحدود للقفز كذلك على الهويات المصطنعة او المطروحة.
- المجتمعات الشيعية المنتشرة في العديد من البلدان العربية و الإسلامية واجهت أسوة بباقي مواطني بلدانهم إزدواجية في الهوية و إزدواجية في التعامل .
ويمكن تلخيص ذلك بالقول :
- كثير من الأقليات الشيعية في بلدانهم واجهوا حملات تشكيك بولائهم لدولهم و أوطانهم .
- وأكثرية شيعية كالتي كانت في العراق واجهت التشكيك بالولاء من جهة و التهديد لوجودها من جهة أخرى بفعل الإستبداد و الديكتاتورية .
وهذه المعادلات تكللت كذلك بردود أفعال دعت الشيعة الى تنظيرات أممية و عابرة للحدود للحفاظ على وجودهم و الدفاع عنها .
- من هنا و لحل الإشكالية من جذورها تعمدنا في طرح الموضوع علنا و بصراحة واضحة ، و تلخص ذلك في :
اولا : الشيعة من حيث العقيدة و الإنتماء لمدرسة أهل البيت عليهم السلام موحدون في كل مكان و يعتزون بذلك و يتشرفون .
ولكنهم من حيث المجتمعات متنوعون جغرافيا و تاريخيا و لغويا و قوميا عن بعضهم البعض .
كما انهم من حيث كونهم أفراد متنوعون في إنتمائاتهم السياسية و الثقافية و الفكرية .
من هنا الحل هو الحفاظ على الرابط العقدي المشترك للشيعة و الإعتراف بالتنوع الإجتماعي و السياسي لهم . كالمسيحيين الكاثوليك مثلاً حيث أنهم مواطنون في بلدانهم ومحبون للبابا والكنيسة الكاثوليكية ذات الرمزية العالمية العابرة للحدود .
- فالتشيع كعقيدة تسمو على الحدود و المحددات ، شأنه شأن اي دين و مذهب .
لكن الشيعي من حيث كونه فردا او مجتمعا فإنه محدد بظرفه التاريخي و القومي و الجغرافي الذي هو فيه .
فانتمائه لبلده فضلا عن المشاعر و العواطف قائم على تراكم تاريخي و جغرافي و عقد اجتماعي و سياسي مع شركائه الآخرين و هو عقد ملزم باتفاق جميع أطرافه .
- من هنا نرى ان المعادلة هي كالتالي :
اينما كان الشيعة أغلبية فعليهم إحتواء شركائهم الآخرين بتنوع انتمائاتهم في بلدانهم كأخ اكبر و كشريك أكبر .
واينما كانوا أقلية فعليهم التمسك بحقوق المواطنة و معادلة الحقوق و الواجبات مع دولهم و مجتمعاتهم و السعي لكسب حقوقهم في الداخل لا عبر الحدود.
ولذا نادينا بضرورة الهوية الوطنية الشيعية و ترسيخها ضمن الهوية الوطنية العراقية الجامعة و نعتقد أن شيعة العراق بشكل خاص متمسكون بهذه الهوية بشكل كبير :
- كون إسلامهم و تشيعهم منسجم تماما مع جغرافيا و تاريخ بلادهم و لا تعارض في ذلك .
- وكون المواقف التاريخية لشيعة العراق تبرهن مدى تمسكهم بهذه الهوية إنتماء و دفاعا عنها .
- كما إنتفاء عهود الديكتاتورية و العسكرة و الطائفية التي كانت تهدد وجودهم و تحتكر الوطنية لغيرهم .
- نركز على هذا المفهوم لا تشكيكا بوطنية الشيعة بل ترسيخا لها و تحريرا لها من تراكمات الماضي و الذهنية الدفاعية المتكرسة في أوساطهم .
- نعتقد أن شيعة العراق و المنطقة يمرون بفرصة كبيرة لإستعادة أدوارهم الطبيعية في بلدانهم ، بفعل المتغيرات السياسية و الفكرية و النفسية التي تمر بها المنطقة ، و على الشيعة ان يبحثوا عن إاستثمار هذه الفرص في بلدانهم و ان يكونوا جزءا فاعلا فيها .
- اما نصيحتنا لجميع الأنظمة السياسية هي :
- ضرورة كسر القوالب التقليدية و البحث عن بناء هويات وطنية حقيقية ، من خلال معادلة الحقوق و الواجبات و العقود السياسية الملزمة و المطمئنة للجميع وفق مبادئ المواطنة و السلم المجتمعي .
فأبناء البلاد أولى بها من غيرها ، والأوطان لا تعمر الا بأبنائها و الدول لا تستقر الا بإستقرار النفوس و النصوص .
السؤال السابع : ما الدور الذي يمكن للعراق لعبه في الشرق الأوسط من ناحية القيادة ؟ وكيف للعراق ان يكون جسرا بين مختلف الدول و المحاور ؟
للإجابة على هذا السؤال يجب الحديث عن ٣ محاور :
المحور الاول :
هو المحور التاريخي و الجغرافي : العراق بحضارته العريقة و بشعبه الأصيل و بتراثه الزاخر الذي يشكل ذاكرة تاريخية ثرية في نفوس و أذهان أبنائه ، قادر على النهوض من كبواته و بسرعة أكبر من غيره من البلدان .
و التحديات الوجودية التي تخطيناها في ١٧ سنة الماضية أكبر برهان على ما نقوله ، فكل واحدة من هذه التحديات من شأنها ان تفكك دول بأكملها لا ان يتم تجاوزها في مدد قصيرة كما حصل في العراق .
كما ان جغرافيا العراق الكبيرة و ثرواته الهائلة يشكلان مقومات و بنى تحتية متاحة لهذا النهوض .
المحور الثاني :
هو محور حاضر العراق ، فالعراقيون إختاروا أصعب السبل وأكثرها مشقة لحاضرهم و مستقبلهم و هو سبيل و خيار بناء نظام و دولة و هوية متفاوتة عن تاريخهم و تاريخ منطقتهم الحديث ، الا و هو النظام الديمقراطي و الدولة و الهوية الدستورية و الوطنية ، بعيدا عن الإستبداد والإحتكار و الديكتاتورية .
هذا الخيار وهو فريد عربيا و إسلاميا و رغم مصاعبه و تحدياته و مشقاته لو نجح و ترعرع و نضج بسرعة أكبر مما هو عليه ، سيكون خيارا متقدما و تجربة متجذرة و سابقة فريدة من نوعها في المنطقة و هو ما نأمل به و نعمل عليه.
هذه التجربة ستتيح للعراقيين المرونة العالية في الحركة و التواصل و بناء العلاقات و الشراكات المتوازنة مع الجوار و العالم ، و سيفضي قوة إضافية للبلاد .
المحور الثالث :
هو محور مستقبل العراق و المنطقة : العراق يقع بين ٣ حضارات مهمة و عريقة ، الحضارة الفارسية و الحضارة التركية و الحضارة العربية ، مع تنوع قومي و ديني و مذهبي داخلي مهم ، مما يتيح له لعب أدوار حضارية ، سياسية و ثقافية هامة بين حضارات المنطقة و شعوبها .
حضارة العراق ، أصالة شعبه ، موقعه الجغرافي ، ثرواته الهائلة ، نظامه الحر و المرن ، إرادته المسالمة و الواعية ، كلها مقومات لقوة العراق . ولكن ليس تلك القوة المخربة و المدمرة و التوسعية التي تخيف الآخرين بل تلك القوة الحضارية و الاقتصادية و السلمية التي تجذب الاخرين و تحتويهم و تربطهم ببعضهم البعض .
نريد للعراق ان يكون محطة رئيسة و جسرا محكما لكل طاقات المنطقة من خلال شراكات كبرى و مصالح كبرى تعيد للمنطقة أهميتها و مكانتها و أدوارها البناءة .
العراق إختار لنفسه ان لا يكون أداة للتخريب و تصفية الحساب و التقاطع ، بل جسرا للتواصل و الترابط و البناء.
هنا انهي حديثي برسالتين :
الاولى : الشيعة يمثلون أغلبية سكان العراق ولا إستقرار لهذا البلد بدون مركزية الشيعة فيه , وهذا ما تطلبه مكونات العراق الأخرى ايضاً . ولا إستقرار للمنطقة بدون العراق عاصمة المنطقة تاريخياً وشيعة العراق هم المفتاح للإستقرار الإقليمي .
الثانية : ان الفلسفة السياسية الحديثة التي انتجت النظام السياسي الحديث في العالم الخالي من الايدلوجيا والذي يعتمد صندوق الإقتراع والمصالح المتبادلة لها القدرة على التجاوب مع الفكر السياسي الشيعي في النجف لخلق منظومة سياسية قوية تظهر فيه المنطقة بمظهر يؤمن للمشاركين مصالحهم في الوقت الذي يبني نفسه وفق الأصول السياسية الحديثة.
عمار المسعودي