• Saturday 23 November 2024
  • 2024/11/23 19:58:41
تنشر وكالة {الفرات نيوز} ابرز النقاط في جميع الخطب السياسية لشهيد الحراب التي اقامها في مرقد امير المؤمنين عليه السلام في النجف الاشرف وهي خطب تعجَّ بالمعارف السياسية ما يصلح أن يكون مشعلا مضيئا للأجيال الحالية والقادمة؛ لتنير دربهم، وتبصرهم في أمورهم، وترسم لهم الخطى؛ لتخطي الصعاب وتذليلها وعبور المتناقضات وهناتها، حتى تصل بهم إلى شواطئ الأمان بإذن الله تعالى، الجمعة الأولى 30 /5 / 2003م تحدث سماحته في هذه الجمعة المباركة عن القضايا التي تَهمُّ المواطنين وتشغلهم، وهي: 1. قضية الأمن تعدّ هذه القضية من أهم القضايا التي يعيشها الناس في وقتنا الحاضر؛ لأنه أدرك أن الأمن إذا فقد لا يمكن للإنسان أن يمارس مهمته في الحياة مهما كانت هذه المهمة، سواء كانت علمية أم ثقافية أم اجتماعية أم اقتصادية(3). 2. قضية الاحتلال العسكري للعراق، والموقف منه شغل هذا الأمر سماحته كثيراً، وأرقته، ودعا إلى دراسته قانونياً من قبل رجال القانون،والمتخصصين فيه، ويبحث سياسيا من قبل القوى السياسية؛ لتحديد الموقف من قوى الاحتلال، والآثار القانونية المترتبة عليها في المجتمع الدولي والقانون الدولي(4) لتعريف الأمة والشعب على مدلول سلطة الاحتلال، وما معنى سلطة الاحتلال. 3. فقدان النظام، وعدم وجود دولة تدير شؤون الناس عدّ سماحة السيد هذه المسألة من أكبر المشكلات التي يعانيها المجتمع على نحو عام، ويعانيها المظلومون والمستضعفون المقهورون والمحرومون في هذا المجتمع على نحو خاص، وكان سماحته يحمل هموم هؤلاء في حلّه وترحاله، وفي يقظته وأحلامه، وصحته وسقمه، وليله ونهاره متسائلا السؤال الكبير بخصوصهم: (إذا كان هناك من يتمكن أن يتحمل هذه المشكلة، بما قدر الله ـ سبحانه وتعالى ـ له من إمكانيات وقدرات وأموال ورجال، فما شأن المحرومين والمستضعفين من أبناء أمتنا، هؤلاء الذين لا يتمكنون أن يتحملوا عبء هذه الفوضى والأضرار البالغة لهم التي تمسّ قضاياهم، وأهم أمور حياتهم، ومن هنا نجد هذا الاضطراب الواسع الذي يشكل معضلة في الحياة المعيشية للناس، إذ ليس هناك استقرار في حياتهم المعيشية)(5). ورأى سماحته أن الموقف هو أن يتصدى العلماء والمراجع والشخصيات التي لها وجود في المجتمع، والقوى السياسية، والأمة، ورأى أن الأمة هي المرجع الرئيس في مثل هذه القضايا؛ لأنها الطاقة الكبيرة المؤثرة التي يرجع إليها في الاختبار لهذه الحركة، وهذا الوجود(6). 4. احترام الأديان والأقليات دعا سماحته إلى احترام الأقليات الدينية، كالمسيحيين وغيرهم، ورأى أن التعرض لهم، أو الاعتداء عليهم يعدّ عدوانا لا يتسامح معه، وأن المراجع العظام لم يأذنوا بمثل هذه الأعمال(7). الجمعة الثانية 6/ 6/ 2003م أشار سماحته في مستهل الخطبة الثانية إلى مسائل مهمة، منها: الأمن وفقدان النظام، وتلكؤ المؤسسات العامة التي يحتاجها الناس في حياتهم الشخصية، والاجتماعية، والاقتصادية، والحقوق المهضومة المنتهكة لكثير من الناس في العراق الجريح الذي تعرضت أرواحهم للقتل، وممتلكاتهم للتدمير، ورأى سماحته أنه لابد من السعي لإرجاع هذه الحقوق، وتعويض هذه الممتلكات لهؤلاء المحرومين(8). وقد ركّز في هذه الخطبة على مسائل مهمة، ومصيرية تخص أبناء الشعب العراقي، منها: 1. النظام السياسي المقترح، وما يتعلق به من نقاط مهمة، لتكون واضحة جلية عند أبناء الشعب العراقي؛ ليعرفوا التصّور المطلوب للنظام المستقبلي، والآلية التي توصل إلى هذا النظام وتشخيصها، ومن دون ذلك يصبح العراق وشعبه معرضاً لخطر كبير(9). وبنا سماحته تصوره لهذا النظام المستقبلي على أربعة أركان، هي: أ ـ إرادة الشعب العراقي أن يكون النظام المستقبلي منبثقا من إرادة الشعب العراقي من خلال انتخابات حرة ونزيهة في انتخاب أيّ حاكم أو حكم(10). ب ـ هوية الشعب العراقي أن يكون الإسلام ركنا أساسيا من أركان النظام المستقبلي، ولا يمكن التنازل عنه؛ كونه يرتبط بهوية الشعب، مع الضمان الكامل لحقوق الأقليات الدينية الموجودة على الأرض العراقية؛ لأن هذه الأقليات ترى أن الإسلام هو الظل الظليل الذي يحمي وجودهم من الاضطهاد والمطاردة(11). ت ـ خصائص الشعب العراقي احترام ثقافة جميع مكونات الشعب العراقي وحقوقهم، فالكردي ينبغي أن تحترم حقوقه وثقافته، كما تحترم حقوق العربي وثقافته، والسني ينبغي أن تحترم حقوقه وثقافته، كما تحترم حقوق الشيعي وثقافته، وكذلك الأمر فيما يتعلق بجميع مكونات الشعب العراقي، ولا مجال لإلغاء الناس وتهميشهم وفرض صيغة واحدة عليهم(12). ث ـ وحدة تراب العراق وشعبه أكد وحدة العراق وترابه، ورفض التجزئة، أو التفكيك، ورأى أن الحل الصحيح هو (الفيدرالية) بطريقة تعبر عن مضامين وخصوصيات أبناء الشعب العراقي(13). ورأى أن الطريق الذي يوصلنا إلى ذلك، هو الرجوع إلى العراقيين في تشخيص مجلس ما، وانتخابه من ذوي الخبرة ليحفظ وحدة العراق وترابه، ولا يمكن أن تقبل الطروحات الأجنبية في تأسيس أيّ مجلس وطرحه دستورا خارج إرادة الشعب العراقي؛ لأنه مرفوض ومطعون فيه من الناحية الشرعية والقانونية والوطنية(14). 2ـ الجيش العراقي جيش الوطن رأى سماحته أن قرار حلَّ الجيش قضية صحيحة إذا أخذت من بعديها وجانبيها، أي: أن يحل هذا الجيش ويؤسس جيش جديد من العراقيين المخلصين على أسس جديدة للدفاع عن الشعب العراقي والوطن، ولا يكون عصا غليظة يضرب بها العراقيون. وأكد سماحته على مسألة مهمة، وهي أن يحل الجيش ويترك أبناؤه، فهذا يمثل مشكلة حقيقية، وستكون نتائجه وخيمة جدا، ورأى أن الجيش الجديد ينبغي أن يبنى على الأسس الآتية: ‌أ- أن يمثل الشعب العراقي كله، أيّ: جميع قطاعات الشعب. ‌ب- أن يكون مدافعا عن الشعب. ‌ج- أن يكون مدافعا عن الوطن، ولا يكون جيشا عدوانيا أو قمعيا(15). 3ـ نزع سلاح العناصر الإرهابية المجرمة دعا سماحته إلى نزع سلاح القوى المضادة المجرمة، ونزع سلاح عصابات السلب والنهب التي تعيث في الأرض فساداً، ونزع سلاح القوى المريبة (قوى العنف والتطرف) وعندما يصبح الشعب العراقي آمنا يمكن أن ينزع من بقية أبناء الشعب العراقي، ورفض سماحته أن يبدأ بنزع سلاح المواطنين، ويترك المجرمون على هواهم، ورأى أن العملية ينبغي أن تتم على نحو صحيح وسليم ومناسب من أجل الحفاظ على أمن العراقيين(16).  الجمعة الثالثة 12 /6/ 2003م   أكد سماحته في هذه الجمعة المباركة على أمرين مهمين هما: 1. تكريم الخالدين دعا سماحته إلى تكريم الشهداء الذين قارعوا النظام البائد؛ لأنّ لهم حقوقاً على جميع أبناء الشعب العراقي. ورأى سماحته أن من معالم هذا التكريم، تسمية الأماكن العامة بأسمائهم، ورعاية أسرهم بالكلمة الطيبة أو بالمواساة، والاهتمام بأوضاعهم الحياتية، والمعاشية، والتربوية، وغيرها. والمطالبة بحقوقهم المصادرة، وعلى الدول والمسؤولين فيها أن يراعوا حقوق هؤلاء الشهداء، ويعوضوا أسرهم وذويهم بما ينبغي لهم من التعويض المادي، ورأى أيضا أن هذا الأمر ينبغي أن يشمل السجناء السياسيين الذين تعرضوا للأذى والملاحقة، والمشردين الذي هُجّروا من ديارهم، وأُخرجوا منها بغير حق(17). 2. الدولة العراقية المرتقبة سبق لسماحته أن تحدث عن هذا الأمر في الخطبة الثانية، وكرّره هنا لأهميته، وهو تشكيل دولة عراقية يشكلها العراقيون، فقد رفض سماحته أن تشكل السلطات المحتلة مجلسا سياسيا يقوم بإدارة البلاد؛ لأنه يكون مشكّلاً من خلال سلطة الاحتلال، ومن ثمّ يقوم هذا المجلس بتكون مجلس دستوري يقوم بمهمة تدوين الدستور، وطرحه للاستفتاء العام، وهذا غير ممكن شرعا، ومخالف لقرار مجلس الأمن 1483 الذي نص على أن الإدارة تكون عراقية(18). ورأى سماحته أن المبررات التي طرحتها السلطات المحتلة لهذا الأمر غير حقيقية، هي: 1- إن تعيين المجلس السياسي، والمجلس الدستوري يكون بالتشاور مع القوى السياسية، والمحافل الشعبية، رأى سماحته أن مجرد المشاورات لا يكفي، والتعيين لابد أن يكون من قبل الشعب العراقي والقوى النافذة(19). 2- إن الانتخابات أمر غير ممكن في الوقت الحاضر؛ لأن الشعب العراقي غير مهيأ لإجرائها، رأى سماحته أن الانتخابات أمر ممكن إن تحققت النية الصادقة لها(20). الجمعة الرابعة 20 / 6/ 2003م تحدث سماحته في هذه الخطبة عن أمور سياسية مهمة تشغل الناس، من أهمها: موضوع الانتخابات، التي عرج عليها في الخطبة السابقة، أي أنّ الانتخابات ممكن إجراؤها، وطرح منهجين من منظور إسلامي لتحقيقها هما: 1) منهج أهل الحل والعقد أي: أهل الخبرة والمواقع الاجتماعية في المجتمع ليقوموا بانتخاب مجلس يأخذ على عاتقه انتخاب حكومة تدير شؤون البلد، ورأى أن تحديد، أو اختيار (أهل الحل والعقد) يكون مع نوعين من الناس: ‌أ- القوى السياسية المتصدية في ساحتنا العراقية. ‌ب- الوجهاء والشخصيات المعروفة في الأوساط الاجتماعية، سواء من رجال العشائر أم شخصيات علمية، أم دينية أم جامعية أم غيرها(21). 2) الإنتخاب المباشر وهو منهج معروف عالميا، ورأى سماحته أنه منهج إسلامي، وأعطى مثالا تاريخيا على ما يراه، وهو أن خلافة الإمام علي (عليه السلام) تنصب من قبل الله بنص إلهي عن طريق النبي (صلى الله عليه وآله) لكنه من الناحية الخارجية والتاريخية كانت بالانتخاب المباشر؛ لأن الناس انتخبوا علي (عليه السلام) لهذه الخلافة على نحو مباشر، وهو منهج إسلامي صحيح(22). وقد أقرّ الإمام علي (عليه السلام) بهذا المنهج في نهجه(23). ورأى سماحته أنه على هذا المنهج يمكن للشعب العراقي إنتخاب مجلس يقوم بمهمتين رئيستين، هما: 1- تدوين الدستور من أجل طرحه على الشعب للتصويت عليه، وينبغي أن يضم هذا المجلس خبراء من العلماء والفقهاء والقانونيين الذين يتمكنون من تدوين الدستور(24). 2- القيام بمهمة انتخاب الإدارة المؤقتة التي تدير شؤون البلاد إلى حين التهيؤ للانتخابات العامة المستقبلية(25). وطَرَحََ آلية للانتخابات يمكن أن تُجرى في كل محافظات العراق لانتخاب ممثلين عن كلّ محافظة، بحسب عدد أصواتها، فإذا كانت المحافظة تضم خمسمائة ألف شخص، فيمكن أن يكون هناك خمسة ممثلين بحساب أن لكل مائة ألف شخص ممثلا واحدا، أو غير ذلك من التقديرات، وهؤلاء الممثلون يجتمعون ليقوموا بالمهمتين السابقتين(26). وهناك مسألة مهمة تعرّض لها في هذه الخطبة، هي: مسألة المقاومة المسلحة(27)، وطرح أمامها ثلاثة أمور: 1- ما هويتها، وما خلفيتها؟ 2- الموقف الشرعي منها. 3- موقف سماحته منها، وسيفصل في كل هذه الأمور في الخطبة الخامسة. الجمعة الخامسة 27/ 6/ 2203م واصل سماحته في هذه الجمعة الحديث عن العمليات العسكرية ضد القوات التي احتلت العراق، ورأى أنها تتلخص في ثلاثة أبعاد: 1ـ تفسير العمليات العسكرية، وتحليلها، والأسباب التي تكمن وراءها، ورفض حصر هذه العمليات بأزلام النظام السابق وبقاياه(28). ورأى أن المتأمل في خلفيتها وأسبابها يحصرها في خمسة عوامل: أ) عدم الرضا والغضب في أوساط أبناء الشعب العراقي، ففي البداية كانت العلميات العسكرية من أجل إسقاط النظام البائد، وتحرير الشعب العراقي من الظلم والطغيان، ثم تحولت إلى احتلال العراق، فبدأ أبناء الشعب العراقي يشعرون بالضيق، ثم تحوّل إلى عدم رضا، ثم إلى غضب؛ لأن المواطن يشعر بالعزة الوطنية الإسلامية؛ لأن الإنسان عندما ينتمي إلى وطنه يريد أن يكون هذا الوطن حرا ومستقلاً(29). ب) ردود الفعل العفوية غير المنظمة لدى أوساط شعبية تعرضت إلى أعمال عنف من قبل قوات الاحتلال عندما تتصرف تصرفا يتسم بالعنف واللامبالاة بالتقاليد والسلوك الاجتماعي للمجتمع، فبطبيعة الحال تكون هناك ردود فعل طبيعية لدى الناس على نحو عفوي(30). ت) نظريات سياسية ذات جذر فقهي يؤمن بها قسم من الأوساط الإسلامية، تتسم بالعنف، إذ إنها تقوم على أساس أن الاحتلال لا علاج له إلا باستعمال العنف، وهذه النظريات ليست خاصة بجماعة دون أخرى(31). ث) أزلام النظام البائد وبقاياه، وهم يستهدفون ـ على نحو أساس ـ المؤسسات المدنية التي تربك الحياة العامة للناس ليبقى الوضع غير آمن ومستقر، ويهدفون إلى أمرين: 1. أن يخرجوا من العراق، وهو خراب مطلق. 2. أن يقول الناس: إن الأوضاع في عهد صدام كانت أفضل من هذه الأوضاع، أي: عندما ذهب صدام تعطلت الخدمات العامة، وكثرت البطالة، وتدهور الوضع العام(32). ج) وسائل الإعلام العربية، تقوم بعامل مساعد لإشاعة الفوضى في العراق، فهم يمارسون عملا مهما لحساب الشعب العراقي ودفعه باتجاه القوات المحتلة للدخول في معارك ضارية لا أول لها ولا آخر، مستعينين بما لديهم من إمكانيات إعلامية، وأساليب متعددة، وتجارب متراكمة(33). 2. الموقف الشرعي العام، رأى سماحته أن النظرية العامة للإسلام تتبنى خطين رئيسين أساسيين، هما: أ) رفض العدوان والهيمنة الأجنبية، قال تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً}(34). وقال تباركت أسماؤه: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}(35). ب) القدرة، لا يوجد واجب شرعي كُلفَّ به الإنسان خارج قدرته؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى لا يكلف الناس أكثر مما يتحملون(36). ورأى سماحته أن هناك مسألة مرتبطة بهذا الأمر، هي: المصلحة، فالحكم الشرعي في النظرية الإسلامية لأهل البيت (عليهم السلام) ينص عليها، وهذا فرق رئيس وأساسي بين فهمهم وفهم قسم من المذاهب الأخرى، ونص سماحته على أن الذي يحدد المصلحة هو المجتهد العارف بالشرع وبالظروف والأحوال التي يعيشها المجتمع حتى يتمكن من الجمع بين النصوص الشرعية التي تتحدث عن الحكم الشرعي، وبين المصالح التي تكون رواء هذا الحكم، ومعرفته بقدرة المسلمين على ممارسته لواجباتهم ومسؤوليتهم(37). 3. تطبيق الموقف الشرعي العام على الحالة القائمة في العراق، رأى سماحته أنّ الموقف الشرعي الذي يمكن أن يشخص الموقف السياسي الذي يتسم بالشرعية في الوقت الحاضر يتمثل في عدة أمور: أ) بذل كل الجهود المشروعة ذات الطابع السلمي لإنهاء الاحتلال؛ لأن الشرع المقدس ينص على أن لا يعمد الإنسان إلى استعمال العنف والسلاح والقوة إلا بعد أن تبذل الجهود في الدعوة إلى الله والحكمة والموعظة الحسنة، والعمل السياسي، حتى يصل إلى استعمال القوة، فرسول الله (صلى الله عليه وآله) بقي ثلاثة عشر عاما يدعو إلى الله، ولم يستعمل القوة حتى أقام الحجة الكاملة على الناس، وعندئذ عمد إلى استعمال القوة والسلاح(38). وأعتقد سماحته أنه لم تستنفد جميع الوسائل السلمية، ولابد من استنفادها على نحو كامل، وأن تبذل الجهود من أجل إنهاء الاحتلال(39). ب) ضبط النفس في هذه المرحلة؛ لأن هناك محاولة لجر العراق إلى حرب ضروس، لا أول لها ولا آخر(40). ت) ممارسة كل وسائل الاحتجاج، والتعبير عن استنكار التصرفات الخاطئة التي تتسم بالعنف واللامبالاة واللامسؤولية التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد الناس الأبرياء(41). ولا أحسب أن أحدا من القادة الدينيين والسياسيين تعرض لهذه المسألة بهذا التشخيص الدقيق ـ على حد علمي المتواضع ـ فقد أشبع سماحته الموضوع بحثا وتفصيلا، ودقة وتنقيرا، فلله دره من فقيه بارع، وسياسي متمرس. ورأى سماحته أنه يمكن إنهاء الاحتلال بإجراء حوار جاد مع هذه السلطات، مستلهمين فقرات قرار مجلس الأمن 1483 كونه يصلح أن يكون أساسا لهذا الحوار لتضمنه عدة مبادئ أوضحها سماحته على النحو الآتي(42): 1- يؤكد السيادة العراقية، إذ لابد من وجود عمل جاد ليكون العراق حراً، ومستقلاً. 2- السرعة في إنهاء الاحتلال. 3- مساعدة العراقيين على تشكيل الإدارة العراقية. فالعراقيون هم الذين يشكلون الإدارة العراقية المؤقتة، وعلى قوات التحالف أن تساعدهم في ذلك. 4- إتخاذ الإجراءات العملية السريعة لإجراء انتخابات عامة، ينتخب فيها مجلس دستوري، يدّون الدستور، ثم تجرى انتخابات عامة؛ لتصبح لدينا حكومة عراقية ذات سيادة كاملة، وهكذا يمكن أن ننهي الاحتلال. الجمعة السادسة 4/ 7 / 2003م تحدث سماحته عن موضوعات مهمة في هذه الجمعة المباركة تواجهها الساحة العراقية، والساحة العربية والإسلامية، ففي ما يتعلق بالقضية العراقية أشار إلى موضوعين رئيسين، هما: 1) الدستور العراقي يعدّ موضوع الدستور من الموضوعات المهمة التي تواجه الساحة العراقية والمطروحة للبحث على مستوى الحوار السياسي مع سلطات الاحتلال، وكان مطروحا في أوساط القوى السياسية والدينية قبل الحرب، وفي أثنائها وبعدها(43). وأكد سماحته في قضية الدستور على المحاور الآتية:(44) ‌أ- إدراك أهمية الدستور لتكون هناك تعبئة عامة في أوساط الناس للاهتمام بهذا الموضوع، والمشاركة الفعالة، والمراقبة الدقيقة، والمتابعة المستفيضة. ‌ب- بحث مبادئ الدستور الرئيسة التي تتطلع أمتنا الإسلامية والعربية على نحو عام لها، وتتطلع أمتنا العراقية، وشعبنا العراقي بكل مكوناته إلى هذه المبادئ، وينبغي أن يكون البحث عن المبادئ الرئيسة التي عليها الدستور. ‌ج- بحث الآليات، والطرائق، والمناهج التي يمكن من خلالها التوصل إلى كتابة دستور يؤمنّ المبادئ في مثل هذه الظروف، ويكون موضع الرضا من الله سبحانه وتعالى، والشعب العراقي. 2) الأمم المتحدة والعراق جرى حوار بين سلطات الاحتلال من جهة، والقوى الدينية والقوى السياسية من جهة أخرى، ويبدو أن الحوار بين طرفين أثنين، مع أن هناك طرفا ثالثا في هذا الحوار، هو الأمم المتحدة، وأكد سماحته أن قوى مخلصة طالبت بدخول الأمم المتحدة طرفا ثالثا في الحوار قبل الحرب، وفي أثنائها، وبعدها حتى تطور هذا الحوار إلى قرار مجلس الأمن 1483(45)، الذي سبق لسماحته أن لخص أهم نقاطه. ورأى سماحته أن دخول الأمم المتحدة، ومجلس الأمن طرفا ثالثا في الحوار حول مستقبل العراق ومصيره، وإنهاء الاحتلال وإقامة الإدارة العراقية، وتشكيل الحكومة المعترف بها دوليا في المستقبل، يمثل أمرا مهما جدا وإيجابيا، قد أكده قرار مجلس الأمن المشار إليه أنفا(46). أما فيما يتعلق بالقضية العربية والإسلامية فقد أشار إلى الموقف من القضية الفلسطينية، على الرغم من انشغالاته الكثيرة جدا، وازدحام الساحة العراقية بموضوعات لا حصر ولا عد لها، وأشار سماحته إلى عدة نقاط رئيسة وأساسية تتعلق بهذه القضية: 1. المحافظة على وحدة الموقف الفلسطيني، والشعب الفلسطيني، فالمحافظة على وحدة هذه القوى يعد من أهم الواجبات الشرعية والأخلاقية والسياسية التي تواجهها هذه المرحلة، وإن الفلسطينيين والدول ذات الاهتمام بالقضية الفلسطينية يكونون معنيين بهذه الوحدة أكثر من غيرهم(47). 2. مصالح الشعب الفلسطيني، وإنهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، ويعد هذا الأمر المحور الأول في مصلحة الشعب الفلسطيني، ومن القضايا الرئيسة التي لا يجوز بأيّ وجه من الوجوه التهاون بها، أو التساهل فيها(48). 3. قضية القدس الشريف، والأماكن المقدسة في فلسطين، فهذه الأماكن لابد من أن تكون موضع الاهتمام من جميع المسلمين فضلا عن اهتمام العرب بها، وجميع المسلمين والمسيحيين، ولابد أن تكون هناك مراعاة في مشروع (خارطة الطريق) لحفظ الحق الإسلامي في المقدسات الإسلامية في فلسطين(49). الجمعة السابعة 11/ 7/ 2003م تحدث في هذه الجمعة المباركة عن أمور كثيرة، منها: 1ـ الاهتمام بالفقراء والضعفاء من الناس فالظروف القاسية التي مرت عليهم، والسياسات التي كان ينفذها النظام البائد، والآثار التي تركتها الحروب، والفراغ الواسع في الجانب السياسي والإداري والأمني، تركت آثارا قاسية وواسعة عليهم، إذ أصبح المستضعف والفقير يعيشان الآلام والمحن؛ لذلك لابد أن يتعاون الجميع على رعاية هؤلاء(50). 2ـ الفراغ السياسي والإداري والأمني الذي يعاني منه العراق بعد سقوط النظام البائد، على الرغم من الجهود السياسية الكثيرة التي بذلتها القوى السياسية قبل الحرب، وفي أثنائها وبعدها، ودعا سماحته هذه القوى إلى ملء هذا الفراغ(51). 3ـ مجلس الحكم رأى سماحته أن مجلس الحكم المؤقت، يمكن أن يملأ الفراغ السياسي، وينبغي أن تتوفر فيه مواصفات محددة حتى يكون قادرا على القيام بالمهام الموكلة إليه، وهي(52): أ‌- ملء الفراغ السياسي. ب‌- إنهاء الاحتلال. ت‌- تدوين الدستور العراقي الدائم، على أن يكون مؤيدا من قبل الشعب العراقي. ث‌- أن يقوم المجلس في المدة الإنتقالية بتطوير الأوضاع الاجتماعية، والمدنية والسياسية في العراق؛ ليكون قادرا على الإنتقال إلى الوضع المستقر الدائم الذي ننتظره بعد المدة الإنتقالية. ورأى سماحته أن مجلس الحكم ينبغي أن يتصف بالمواصفات الآتية:(53) 1- العراقيون هم الذين يشكلون هذا المجلس، إذ لابد أن يكون عراقيا يمثل الهوية العراقية، والواقع العراقي، وإنما يكون كذلك إذا كونه العراقيون. 2- تمتع المجلس بصلاحيات تمكنه من التحرك، والقيام بواجباته وتحمل مسؤولياته أمام الأمة والشعب العراقي، ومن دون هذه الصلاحيات لا يمكن لهذا المجلس من أداء مهامه. 3- أن يكون الأعضاء المنخرطون فيه على درجة مناسبة من الانسجام فيما بينهم حتى يتمكنوا من الحركة، ويكونوا قادرين على إتخاذ القرارات المناسبة. 4- أن يكون لهؤلاء الأعضاء وجود وحضور شعبي حقيقي في المجتمع العراقي، حتى يمكنّهم من الحصول على الإسناد من قبل قطاعات الأمة. 5- أن يكون ممثلا للتكوين والتركيبة العراقية الطبيعية، فيه عرب، وكرد، وتركمان، وأقليات أخرى، وفيه مسيحيون وأديان أخرى، وفيه شيعة وسنة، ولهذه العناوين أحجام متعددة، فلابد له أن يأتي متطابقا مع هذه التركيبة وهذه المكونات؛ ليكون قادرا على تمثيل العراق وشعبه، وهذا الموقف الذي طرحه سماحته فيما يتعلق بمجلس الحكم لم أعرف أحدا تناوله بهذا المضمون والشمول والدقة ـ على حد علمي المتواضع ـ. الجمعة الثامنة 18/ 7/ 2003م تحدث سماحته في هذه الجمعة المباركة عن موضوعات مهمة، خاصة مجلس الحكم، بعد إعلانه في 13/ 7/ 2003، وهو استمرار لحديثه عنه في الجمعة السابقة، ورأى أن الحديث عنه يشمل أمرين رئيسيين، هما: 1) تقويم المجلس. 2) بيان التحديات التي تواجهه، والقضايا التي يهتم بها. وأكد أن التقويم قد يحتاج وقتا حتى يكون دقيقا وكاملا، وهناك مجموعة من الملاحظات التي لابد أن يؤخذ بنظر الاعتبار عند التقويم(54): 1- إن المجلس يضم شخصيات معروفة إلى حد كبير في مجتمعنا العراقي على المستوى السياسي، وهم يحظون باحترام واسع في الأوساط الشعبية، وفيه أشخاص قد يكونون على درجة جيدة من الواقع السياسي، لكنهم لا يعرفون على نحو واسع في أوساط المجتمع العراقي، لذا ينبغي التعريف بهم، ليتبين أثرهم وموقعهم في تحمل المسؤولية الكبيرة في إدارة شؤون البلاد. 2- هناك فئات مهمة من الشعب غير ممثلين فيه، ومن هؤلاء الأكراد الفيليين الذي تعرضوا للظلم والحرمان، وهكذا التركمان الذين تعرضوا إلى ظلامة واسعة وكبيرة على الرغم من وجود عنصر تركماني واحد لا يعرف مدى تمثيله لهم على نحو عام، فإذا كان هناك حرص على تمثيل كل العراقيين في هذا المجلس فينبغي تمثيل هؤلاء، ولمعالجة هذه الأمور رأى سماحته أنه يمكن إدخال هذه الفئات في إدارة الدولة من وزارات أو مؤسسات أو غيرها. التحديات التي تواجه المجلس رأى سماحته أن التحديات التي يواجهها المجلس تتمثل بالاتي(55): 1) الاستقلال هناك مؤشرات في بداية تشكيل هذا المجلس تشير إلى استقلالية، وأن ثمة تحدِ كبير يواجهه أمام العراقيين على نحو خاص، وهو أن يكون معبرا عن إرادتهم لا إرادة المحتلين، وأعتقد سماحته أن الاستقلالية تكون بعد عدة أمور أساسية، لابد أن تؤخذ بنظر الاعتبار من قبل المشاركين في إدارته، هي: ‌أ- اهتمامه بأخذ مصالح العراق وشعبه قبل أي مصلحة، للتعبير عن إرادته المستقلة، والاهتمام بقضية الإسلام؛ لان الشعب العراقي شعب مسلم، والإسلام هويته. ‌ب- إن قرارات المجلس، إنما تكون قرارات عراقية، وتكون له القدرة على الحركة والوصول إلى أهدافه، إذ كانت تلك القرارات قابلة للإجراء والتنفيذ أما أن تكون مجرد قرارات مكتوبة دون تنفيذ وإجراء، فعندئذ لا قيمة لها، وحق النقض من جانب المحتلين يقف حاجزا أمامها، ولذا إن حق النقض لا أساس له من الناحية القانونية؛ لان قرار مجلس الأمن 1483 نص على أن سلطة الاحتلال، هي سلطة محتلة، وليست شرعية حتى يكون لها حق النقض. 2) الإعلام العربي وبذور الطائفية الفضائيات والإذاعات في المنطقة العربية، والسياسات التي وراءها تحاول أن تقول: إن الشيعة كونهم الأكثرية، يحاولون اضطهاد السنة ومعاداتهم، وتقليص الفرص أمامهم، ورأى سماحته أن هذا من الأمور الحساسة والمهمة التي ينبغي أن توضح، لان الشيعة لا يريدون دولة طائفية، بل يريدون للجميع أن يعاملوا معاملة واحدة وعادلة، فقد دافع الشيعة عن حقوق السنة في بدايات هذا القرن، وهذا واضح من خلال موقف المرجعية الدينية في قضية الأكراد وغيره. وهناك عمل سياسي واسع في الداخل من قبل النواصب – الذين ينصبون العداء لأهل البيت وشيعتهم – يضاهي عمل الفضائيات والإذاعات، وهو عمل دائب لزرع الخلاف والنزاع والصدام بين الشيعة والسنة، بحيث تحول المعركة إلى معركة أخرى، وللتصدي لمثل هذه الأمور يحتاج إلى وحدة الكلمة والجميع ينبغي أن يعرفوا مواقعهم وحقوقهم وحدودهم، ويحترم بعضهم بعضا، فالوحدة بالاحترام المتبادل، وتكافؤ الفرص، وقيام الدولة، والمجتمع على أساس المواطنة والكفاءة والمشتركات(56) . الجمعة التاسعة 25/7/2003 استمر سماحته في هذه الجمعة المباركة في الحديث عن التحديات التي تواجه مجلس الحكم، متناولا الوحدة بين أبناء الشعب العراقي بالتفصيل، وعدّها من أهم التحديات التي تواجهه(57). ورأى أن هذه الوحدة تقوم على أساسين رئيسيين قد أكدهما القرآن الكريم(58): 1- أخوة المسلم للمسلم، والمؤمن للمؤمن {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}(59). 2- الولاء الذي يعبر عن الحب والنصرة، والعهد والالتزام تجاه الأخر {الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}(60). آليات الوحدة رأى سماحته أن هناك عدة عناصر يمكن من خلالها تحقيق الوحدة(61). 1- الاعتصام بحبل الله {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ}(62). وهو يمثل الطريق الذي ينتهي إلى وحدة الصف والكلمة، وعلى جميع المسلمين الاعتصام بحبل الله. 2- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ}(63). 3- إقامة شعائر الله {وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}(64) . 4- طاعة الله ورسوله {وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ}(65). محاولات اغتيال الوحدة هذه الوحدة مستهدفة من قبل أعداء العراق الذين يحاولون إضعاف الأمة، ووحدة الشعب، فيطرحون الصراع بين السنة والشيعة، أو بين الشيعة أنفسهم(66). وهؤلاء الأعداء يمكن إجمالهم في الأتي(67): 1- صدام وأزلامه وجلاوزته: الذين يحاولون الاندساس في صفوف أهل البيت(عليهم السلام) لإيجاد الاختلافات، والنزاعات، والصراعات، فشق الصف الواحد من أهداف العفالقة المجرمين المستبدين الطغاة، الذين تلطخت أيديهم بالدماء الزكية لأبناء شعبنا العراقي. 2- النواصب: هم الذين ينصبون العداء للمسلمين جميعا، ولأهل البيت(عليهم السلام) خاصة، ويكفرون المسلمين، ويثيرون الفرقة، ويعملون على تمزيق الصف الإسلامي في كل مكان، وليس في العراق فقط، فمنهجهم وطريقتهم تمزيق الأمة. 3- المحتلون: الذين يحاولون إضعاف الأمة، فهم يقومون في كل يوم بالعدوان على المسلمين جميعا، بأساليب مختلفة، كالعدوان المقرون بالسرقة، والاستهانة بالحرمات، والأعراض، وليس هناك أي تبرير لمثل هذه الاعتداءات، وهذه الأعمال تؤدي إلى إضعاف الأمة وتفتيتها، وتمزيق المؤمنين، وإيجاد الخلافات والصراعات بينهم بوسائل مختلفة. 4- سياسات قسم من دول الخليج، فهؤلاء استقبلوا عائلة صدام وأزلامه بالأحضان، وكان الشعب العراقي يذبح في كل يوم، ولم يتكلم أحد منهم بكلمة واحدة، فهم يكيدون للشعب العراقي، ويريدون تمزيق وحدته وسرقة ثرواته النفطية عن طريق عمليات التهريب. مسؤولية الشعب العراقي دعا سماحته الشعب العراقي كافة شيعة وسنة، وعربا وكردا، ومسيحيين وصابئة إلى الوحدة عن طريق التمسك بالآتي:(68) 1- رفع شعار الوحدة الوطنية الإسلامية. 2- الوقوف أمام محاولات التفرقة بحكمة وموعظة حسنة وإرادة قوية، والوقوف أمام الجهال المضللين. 3- أن يؤشروا على نحو واضح على المندسين والمتسللين إلى صفوف الوطنيين. الجمعة العاشرة 1/8/2003 تحدث سماحته في هذه الجمعة المباركة عن ذكرى تسلط البعثيين العفالقة على رقاب العراقيين في 30/7/1968، وذكرى غزو الكويت في 2/8/1990. ورأى سماحته أن ثمة عوامل أساسية في وصول العراق إلى هذا المستوى من التدني هي: 1- الأساس الفاسد للحكم عندما يكون الحكم فاسدا، يقوم على أساس التمييز والاضطهاد للأمة والشعب، وعندما يكون على هذا النحو، لابد أن ينتهي إلى هذا المصير، من دون فرق بين أن يكون هذا الحكم ملتزما بهذا المنهج أو ذاك، وعندما يكون الحكم فاسدا تكون النهايات للمجتمع الدمار والأذى، وهذا قانون وسنّة تاريخية يتحدث عنها القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}(69). وقوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}(70)(71). 2- الطغيان وهي ظاهرة خطرة تعرض لها القرآن الكريم في مواضع ومناسبات عديدة (72)، لابد من الوقوف اتجاهها، مهما كان نوعه، حتى لو كان من النفس، والشخص الواحد(73). 3- التبعية الحكومات التي حكمت العراق من الحرب العالمية الأولى، وحتى سقوط النظام البائد، كانت تعمل بأوامر الآخرين، ويخططون لها، وتهيمن عليها قوى خارجية، هذه التبعية لابد أن يفكر المسلمون في التخلص منها؛ لأنها قضية مهمة جدا، وعامل أساسي فيما لحقنا من دمار(74). 4- عزلة الأمة عن الوضع السياسي الأمة في العراق كانت أمة معزولة عن الوضع السياسي، وموقفها موقف المتفرج الذي قد يصفق أحيانا، وأخرى يصفّر، لم يكن لها أثر في رسم مصائر الأمور، ورأى سماحته أن الأمة في العراق ينبغي أن تدخل في ميدان العمل، وتعمل من اجل تحقيق أهدافها، وتغيير الوضع السياسي على نحو حقيقي في العراق، وإلا سوف تخضع هذه الأمة للسنن التاريخية، فينزل البلاء، ثم يستمر النزول، ما لم يكن هناك حضور وتواجد من قبل الأمة العراقية في ساحتها.(75) شرائح الأمة رأى سماحته أن الأمة تتكون من ثلاثة أجزاء: 1- قادة الأمة: هم المراجع، ولابد أن ينزلوا إلى الساحة، وأن يعملوا، ويباشروا مهمتهم الرئيسية في توجيه الأمة، وفي إعطاء المواقف وتحديدها وإخراجها من حيرتها.(76) 2- النخبة: هم الصفوة، ولابد أن يكون لهم أثر مهم، ويتحملوا مسؤوليات كبيرة، ويكون لهم رأي، وينزلوا إلى الساحة بكل إمكانياتهم، ولا يكونوا متفرجين، أو من يفتش عن المكاسب الخاصة أو الجزئية، وينبغي أن يتصدوا للأمور(77). 3- امة الناس: هم طاقة كبيرة ومهمة لابد من تنظيمها وتوعيتها بكل ظروفها، وينبغي لها أن تتحرك حتى تصل إلى أهدافها(78). أهداف الأمة رأى سماحته أن للأمة أهدافا، هي: 1- الحرية هي الحرية الحقيقية التي يتحرر فيها الإنسان من العبوديات، عبودية الطغاة، والشهوات، وعبودية الخوف، والخرافات، وعبودية الآلهة الوضعيين، وينبغي على الإنسان أن يكون حرا، في أرادته بكل معناها(79). 2- الاستقلال ينبغي أن نكون مستقلين في إرادتنا، ولا نقبل التبعية، ولا نخضع لإرادة الآخرين، بل نقرر أمورنا بأنفسنا(80). 3- العدالة بين الناس ينبغي أن لا يكون هناك اضطهاد لطائفة، أو عنصر، أو جماعة، أو عرق، أو قومية، أو أقلية، فالاضطهاد مهما كان نوعه، ومهما كان توجهه مرفوض(81). الجمعة الحادية عشرة 8/8/2003 تحدث سماحته في هذه الخطبة المباركة عن موقف دول العالم، وخاصة دول الجوار من مجلس الحكم، ورأى أن هناك نوعا من التردد، والتوجس اتجاهه، واتجاه القوى السياسية المشكلة له، في حين أنهم كانوا يعدون النظام البائد الذي جاء في ليلة ظلماء، واستعمل كل أساليب القسوة، والقهر، والاستبداد، والقتل، والتشريد، نظاما شرعيا، علما انه لم يكن يحضى بتأييد من الشعب العراقي، ورفض هذا الموقف المتردد، وطالب بموقف ايجابي(82). ورأى سماحته أن على مجلس الحكم أن لا ينشغل بالقضايا الجانبية، والشكلية، والصورية، وإنما يصب اهتمامه على القضايا الرئيسة التي لابد أن يتحمل مسؤوليتها في هذه المرحلة، وهي(83): 1- ملء الفراغ السياسي والإداري، وطالبه بالإسراع في تشكيل الوزارة التي تدير شؤون العراق والعراقيين، وهذه مهمة أساسية من مهامه، وقد نبّه سماحته إلى مثل هذه الأمور في خطبة سابقة. 2- أن تكون الوزارة معبرة عن العراقيين من ناحية، وعن ظروف الشعب العراقي من ناحية أخرى، ولابد أن يتصف هؤلاء الوزراء بالمواصفات الآتية: أ- أن يكونوا على درجة عالية من الكفاءة حتى يمكنهم تحمل المسؤوليات الصعبة التي يواجهونها في عراقنا الجريح، ولابد أن اختيارهم يكون على أساس الكفاءة والقدرة، لا على أساس الانتماء السياسي، وأن يتصف هؤلاء الوزراء بالصلاح والإخلاص والنزاهة في عملهم، حتى ينجحوا فيه. ب- لابد لهؤلاء الوزراء أن يضعوا نصب أعينهم المصلحة العامة للشعب العراقي، لا مصلحة الفئة، أو الجماعة، أو الحزب، أو الطائفة، أو القوم، فالعراقيون أمام مشكلات مشتركة من دون استثناء، فلابد أن تكون المشكلات هذه الأساسية لهم. 3- أن تهتم الوزارة بإعادة الحياة الطبيعية للناس بعد اختلالها، وارتكابها طوال هذه المدة. ودعا سماحته جميع القوى السياسية، وأبناء الشعب العراقي والعلماء، والخطباء والشعراء، والصحفيين، والعشائر، وجميع القوى الموجودة في الساحة العراقية، إلى ممارسة رقابة حقيقية على الأعمال التي يقوم بها مجلس الحكم الانتقالي، ولا ينبغي أن تبقى أعماله من دون رقابة، فالشعب العراقي، لابد أن يكون له اثر حقيقي يعبّر عن الموقف، والرأي تجاه الأعمال والتصرفات التي تصدر عنه.(84) وأشار سماحته في نهاية هذا الموضوع إلى مسألة مهمة ينبغي أن تعالج في الوزارة؛ لأنها لم تعالج في مجلس الحكم، فهناك مجموعات وقوى سياسية وشعبية لم تمثل، كالأكراد الفيلية فينبغي معالجة عدم التمثيل هذا في الوزارة التي سيشكلها المجلس لسدِّ النقص، وملء الفجوة التي حصلت بينه وبين هذه القوى(85). الجمعة الثانية عشرة 15/8/2003 تحدث سماحته في هذه الجمعة المباركة عن مجلس الحكم لأهميته، ولكن من جانب آخر، هو الاعتراف به، وذكر أن أول دولة اعترفت به، هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ثم دولة الكويت، وبعدها تركيا، وان هناك شيئاً من التردد في موقف الجامعة العربية بما فيها الدول المجاورة(86). ورأى سماحته أن هناك هواجسا دعت إلى هذا التردد منها مبرر، وآخر غير مبرر، أجملها على النحو الآتي: 1. الخوف على هوية الشعب العراقي ومستقبلها فهل سيحافظ الشعب العراقي في حركته السياسية الجديدة على هويته الإسلامية وانتمائه للأمة الإسلامية، والعربية، أو أنه سوف يفقد هذه الهوية؟ ورأى سماحته أن هذا الهاجس مبرر(87). 2. وحدة العراق تهم هذه الوحدة العراقيين، ودول المنطقة، فلو حدث خلافها فسيحدث اضطراب واسع جدا في المنطقة(88). 3. الإستقلال هل أن هذا المجلس مستقل في قراراته، وإرادته في التعبير عن رأي الشعب العراقي، وحركته ومصالحه واستقلاله؟ هذه المسالة من المسائل المهمة التي تثير الهواجس داخل العراق وخارجه، وهو هاجس مبرر، فلابد للمجلس أن يواجه التحدي في قضية الاستقلال، ولا يخضع لحق النقض، ولا للهيمنة الأجنبية(89). 4. الحرية والعدالة الاجتماعية والسياسية هل تكون نتائج الأوضاع السياسية تصب في صالح حرية الشعب العراقي، بحيث يتمكن أن ينتخب ما يريد، وان يعبر عن إرادته، أو يفرض عليه هذا المحافظ، وذاك الحاكم، أو ذاك الوزير، وتلك الشخصية؟ وهذه المسألة من المسائل المهمة، والرئيسة التي تثير الهواجس في المنطقة؛ لأنه إذا كانت الحرية مسلوبة من الشعب العراقي، فستسلب بطبيعة الحال من مجلس الحكم، وستكون الهيمنة الخارجية القرار الأول في حركة العراق وشعبه، وهذا الهاجس مبرر(90). 5. تمثيل الشعب العراقي يطرح هذا الهاجس في الخارج، وهو ليس مشروعا، والمرحلة الانتقالية والتمثيل للشعب في هذا المجلس أفضل تمثيل، وان لم يكن تمثيلا كاملا، لابد من معالجته في الوزارة، واستغرب سماحته من هذا الأمر قائلا: ((لا نجد الكثير من الحكومات في دول العالم المعترف بها دوليا تمثل شعوبها كما يمثل مجلس الحكم الانتقالي شعبه في قواه السياسية وشخصياته، فلماذا يكون هذا الهاجس وكأنه قضية؟ إلا أن يراد به التغطية على أمور أخرى لا نعرفها))(91). 6. المصالح النظام البائد كان يبيع مصالح العراق كلها، ويعطي أمواله وقدراته من اجل الحفاظ على كرسيه، وألان اختلفت الموازين. فالعراقيون يريدون الاحتفاظ بمصالحهم وثرواتهم، فإذا كان المراد من هذا الهاجس استمرار نهج الابتزاز، وسياسة الاستئثار بنهب ثروات العراق من قبل أمريكا، والاتحاد الأوربي، والدول المجاورة، فهو مرفوض مطلقا، ولا يمكن أن يقبل الشعب العراقي بأن تكون ثرواته نهبا وسلبا من قبل الآخرين(92). القضية المهمة الأخرى التي تناولها سماحته، هي: قضية الدستور، لما لها من أهمية كبرى في حياة العراقيين الحاضرة، وأجيالهم القادمة، وقد تناول هذا الموضوع في الخطبة السادسة، وكرره هنا لأهميته البالغة. ورأى سماحته أن هذه القضية من أهم القضايا التي تواجه العراقيين في هذه المرحلة، ولابد أن نقوم بحملة توعية واسعة من أجل بيان أهمية هذه القضية، فالعلماء، والشعراء، والخطباء، والكتاب، والمثقفون، مسؤولون عن القيام بحملات التوعية في بيان أهمية الدستور، وأهمية المراقبة الدقيقة من قبل الشعب العراقي؛ لأن قضية الدستور، لو تمَّ إقرارها على نحو صحيح، فسوف نتمكن من بناء مجتمع عراقي صالح(93). ورأى سماحته أن هناك قضايا مركزية ومهمة في الدستور لابد من الاهتمام بها هي(94): 1- قضية الهوية الإسلامية. 2- الإنتماء إلى الأمة الإسلامية والعربية. 3- الحرية لابد أن تدون في الدستور. 4- العدالة، لابد أن يصاغ الدستور بصياغة تحقق العدالة، ولا معنى أن يكون هناك حكم مركزي، بحيث يكون شخص في بغداد يتحكم بكل شؤون العراق، ولا رأي للعراقيين في بلادهم، ليكن هناك رأي لهم في هذه المحافظة، أو تلك، يختارون محافظتهم، وتكون هناك مركزية في القضايا الرئيسة الأساسية، كالدفاع، والخارجية، والنفط، والثروات وشبه ذلك من أمور سياسية(95). ورأى سماحته أن آلية كتابة الدستور ينبغي أن تكون آلية صحيحة، وهي انتخاب المجلس الدستوري الذي يكتب الدستور، فلا يجوز أن يعين هذا المجلس. وإذا تم هذا التعيين فسوف يتم الطعن به شرعيا ودينيا، ومن ثمَّ الطعن بالدستور من قبل المراجع، والعلماء، والأوساط الدينية، والمتدينة، ويتم الطعن به قانونيا؛ لأنه لا يوجد مبدأ قانوني في المجتمع الدولي، ومجتمعنا الإسلامي يقرَّ طريقة التعيين، وعندئذ يفتح الباب أمام المصائب التي عرفها تاريخنا السابق، بحيث تأتي مجموعة من الضباط، ويقومون بانقلاب عسكري على الحكم، ويقولون: انه معين من قبل الأمريكان، أو التحالف، أو جهات أجنبية، ويتمّ الطعن بمثل هذا الدستور(96). الجمعة الثالثة عشرة 22/8/2003 تحدث سماحته في هذه الخطبة المباركة عن قضيتين مهمتين: 1- عملية التفجير التي وقعت في مقر الأمم المتحدة في بغداد في 19/8/2003، واستنكر سماحته هذه العملية الإجرامية الإرهابية بشدة، التي راح ضحيتها رئيس بعثة الأمم المتحدة (سيرجيو فييرادي ميلو)، وعدد كبير من موظفي الأمم المتحدة، وعدّهم من أصدقاء الشعب العراقي الذي قدموا الخدمات له، وحَمّل قوى التحالف المسؤولية في الإخفاقات الأمنية التي أدت إلى مثل هذه الأعمال، وحمل كذلك الأمم المتحدة؛ لأنها لم تبذل الجهود من اجل تغيير السياسة العامة المتبعة فيما يتعلق بقضية الأمن في العراق(97). ووقف سماحته عند هذه الجريمة النكراء بعدة أمور: أ) ما مداليل هذا التفجير من الناحية السياسية والأمنية؟ رأى سماحته أن المدلول السياسي من وراء هذا التفجير قوة بلغت حدَّ القنوط واليأس من تحقيق أهدافها؛ لذلك قامت بهذه الأمور الجنونية التي لا يمكن أن يكون لها أي فائدة إلا التخريب، والإضرار العام، وهذه السياسة وراءها خط سياسي يمكن وصفه بالإرهاب، والتطرف في العمل السياسي(98). أما مدلولها الأمني فرأى سماحته أن قوات التحالف غير قادرة على تحقيق الأمن للشعب العراقي، واكتفت بحماية نفسها، والاهتمام بقواها من دون أن تعير أهمية للشعب العراقي في هذا المجال(99). ب) مَنْ وراء هذا العمل؟ رأى سماحته أن وراء هذا العمل أزلام النظام البائد وقواه والمتحالفين معه من الذين غلو في الجريمة، وتمرسوا على العدوان والقتل والإذلال، وهذا واضح من خلال المتابعة والتحليل للأوضاع السياسية في العراق(100). ت) على من تقع مسؤولية الأمن؟ رأى سماحته أن قوات التحالف هي المسؤول الأول عن الأمن؛ كونها تحملت مسؤوليته، وفرضت هذه المسؤولية على الشعب العراقي بعد أن أراد هذا الشعب تولي المسؤولية بنفسه، ولكنها رفضت ذلك، واستعملت القوة، والعنف من اجل فرض هذا الأمر على الشعب العراقي(101). ومن هذا المنطلق اعتقد سماحته أن قوات التحالف(102): 1- تتهاون مع أزلام النظام السابق. 2- لا تهتم بالدفاع عن المصالح الشعب العراقي، وتهتم بمصالحها فقط. 3- والشعب العراقي غير مستعد للتعاون مع قوات التحالف بعنوان أنها قوات احتلال. وطالب سماحته مرارا بأن تكون هناك سياسة أمنية في العراق تعتمد على عدة ركائز أساسية هي(103): الركيزة الأولى: أن يعطى الدور الرئيس في الأمن للشعب العراقي، وللقوى العراقية. الركيزة الثانية: أن يعطى دور للقوى الوطنية، والشعبية ذات النفوذ الواسع في أوساط الشعب العراقي. الركيزة الثالثة: أن تكون القوى التي يهمها التغيير الجديد، وإيجاد البديل الصالح في العراق، هي مسؤولية عن قضية الأمن، ولا تعطى لأشخاص لا يشعرون بالمسؤولية، أو لديهم نوايا سيئة تجاه الشعب العراقي أو تجاه التحولات الجديدة في العراق. 2- القبض على أزلام النظام البائد: رأى سماحته أن الله سبحانه وتعالى قد أذل هؤلاء الطغاة المستبدين، وأن هذا الأمر سنة إلهية؛ لتكون عبرة لكل الطغاة والمستبدين، وطالب سماحته بعدم التكتم على اعتقال هؤلاء، وأن يتم الكشف عن كل تفاصيل اعتقالهم، وينبغي أن يقدموا للتحقيق على نحو علني ليكتشف العالم أجمع، والعراقيون حقيقة الجرائم والآثام التي ارتكبوها بحق الشعب العراقي،وينبغي إتخاذ الإجراءات الحازمة تجاه هؤلاء المجرمين ليكونوا عبرة لنظرائهم الآخرين(104). وفي ختام هذه الخطبة المباركة استنكر الأعمال الوحشية التي تقوم بها إسرائيل بحق الفلسطينيين، ورأى أن هناك صمتا حيال هذه العمليات في حين إذ قام الفلسطينيون بالدفاع عن أنفسهم، وأعراضهم، وأرضهم وعدّ ذلك عملا إرهابيا، ورأى أنه لا يجوز الكيل بمكيالين في هذا الأمر، وطالب سماحته بالعدالة للجميع(105). الجمعة الرابعة عشرة الجمعة الدامية 29/8/2003 تناول سماحته في هذه الجمعة الدامية موضوعين مهمين هما: 1- العدوان على المرجعية الدينية في النجف الأشرف في تاريخ 24/8/2003 حيث تعرض سماحة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم إلى محاولة اغتيال فاشلة، واستنكر سماحته هذا العمل الغادر الجبان بشدة، وحَمّل أزلام النظام البائد مسؤولية ذلك، وأشار إلى نقاط رئيسة من أجل إيضاح الموقف تجاه هذا العدوان: أ- إن هذا العدوان يمثل ظاهرة من أخطر الظواهر، التي يواجهها الشعب العراقي في هذه المرحلة من الناحية السياسية والاجتماعية، واستهدف أهم مركز مقدس في المجتمع العراقي، فالمرجعية الدينية ليس شأنها شأن القوى السياسة والأحزاب مهما كان الاحترام لها، وهي صاحبة تأريخ عريق يعود إلى أكثر من أثني عشر قرنا(106). ب- إن السياسات السابقة التي اتبعه

اخبار ذات الصلة