{بغداد: الفرات نيوز} خلال السنوات الماضية اختبرت محافظة ديالى محناً كبيرة تراجعت على إثرها الحياة في المدينة، فقد احتل تنظيم داعش الإرهابي أجزاء واسعة منها مرتكبا أبشع الجرائم بحق المدنيين الأبرياء.
وعلى صعيد آخر أثير جدل أوسع حول الفساد والإهمال الإداري الذي أصاب ديالى، وبين محنتي الفساد والإرهاب كان لمحكمة الجنايات الدور الكبير والمؤثر في معالجة هذه الآفات من خلال الأحكام القضائية التي تحقق العدالة والردع وتعوّض أصحاب الحقوق المسلوبة.
القاضي علي نجم رئيس محكمة الجنايات ونائب رئيس محكمة استئناف ديالى الاتحادية ذكر خلال مقابلة موسعة مع صحيفة "القضاء" إن أحكام جنايات ديالى سحبت اثنين من المحافظين المقصرين إلى السجن بعدما تسببوا بضرر في المال العام، لافتا إلى إصدار الكثير من الأحكام ضد المسؤولين والموظفين الفاسدين.
وعلى صعيد الجرائم الإرهابية أطلقت المحكمة قراراتها بالإعدام ضد مجرمي داعش، محذرة من الخلايا النائمة، ويؤشر القاضي أن المناطق البعيدة عن مراكز المدن غالبا ما تفتقر إلى الاستقرار الأمني.
من جهة أخرى، تحدث نجم عن عدم وجود مناطق في المحافظة متنازع عليها في الوقت الحاضر، وأكد أن كل المتهمين بجرائم خاضعون إلى سلطة المحاكم الاتحادية في المحافظة، التي تتكفل أيضا بكل المعاملات والقضايا.
الحوار كاملاً في ما يلي:
• ما هي الهيكلية الإدارية لمحكمة جنايات ديالى ومم تتكون؟
- في كل مركز محافظة تتشكل محكمة جنايات تنظر في الدعاوى الجزائية المعينة بها وفقاً لأحكام القانون، ويجوز تشكيل أكثر من محكمة جنايات في المحافظة ببيان يصدره رئيس مجلس القضاء الأعلى يحدد فيه اختصاصها النوعي والمكاني ومركز انعقادها، كما يجوز أن تنعقد محكمة الجنايات خارج مركز المحافظة ببيان يصدره رئيس الاستئناف بناءً على اقتراح من رئيس محكمة الجنايات.
وتنعقد محكمة الجنايات من ثلاثة قضاة برئاسة رئيس محكمة الاستئناف أو احد نوابه وعضوية نائبين آخرين او احدهما وقاض او عضوية قاضيين لا يقل صنف أي منهما عن الصنف الثاني ويتم تسمية رئيس وأعضاء محكمة الجنايات الأصليين منهم والاحتياط ببيان يصدره رئيس مجلس القضاء الأعلى بناءً على اقتراح من رئيس محكمة الاستئناف، ويساعد هيئة الجنايات في عملها موظفو قلم المحكمة وعددهم احد عشر موظف ومقسم عليهم العمل كل حسب اختصاصه بموجب أمر إداري.
• ماذا عن الملف العمراني في محاكم ديالى بوصفك احد نواب رئيس الاستئناف وهل طالت المحاكم أضرار جراء احتلال داعش بعض المناطق؟
- تعرضت محاكم عدة تابعة الى رئاسة محكمة استئناف ديالى إلى أضرار جسيمة جراء العمليات الإرهابية التي نفذها تنظيم "داعش" ومن المحاكم التي طالتها هذه الأضرار دار القضاء في السعدية ومحكمة جلولاء ومحكمة المنصورية، إذ قامت المجاميع الإرهابية لعناصر داعش بتفجير بناية محكمة بداءة جلولاء بالكامل وحتى الآن لم يتم إعمارها بينما جرت إعادة تأهيل وترميم محكمة بداءة السعدية على نفقة مجلس القضاء الأعلى وباشرت أعمالها عند اكتمال الترميم، وكذلك الحال بالنسبة لدار العدالة في المنصورية.
• جغرافياً ما هي المناطق التي تخضع لسلطة المحكمة ؟
- الاختصاص المكاني والنوعي لمحكمة الجنايات عادةً يتم تحديده ببيان يصدره رئيس مجلس القضاء الأعلى، وبالنسبة لمحكمة جنايات ديالى فان الجرائم الواقعة في مركز المحافظة وجميع الاقضية والنواحي في محافظة ديالى هي من اختصاصها إذ تحال القضايا الخاصة بجرائم الجنايات على محكمة جنايات ديالى ما عدا جرائم الكمارك وجرائم تهريب النفط ومشتقاته فتحال إلى المحكمة الكمركية الوسطى في بغداد بعد أن يتم التحقيق فيها من قبل محاكم ديالى.
• كيف يتم التعامل مع الجناة والجرائم في المناطق المتنازع عليها وهل يخضعون لسلطتكم أم لمحاكم الإقليم؟
- في الوقت الحاضر لا توجد مناطق في محافظة ديالى متنازع عليها، وجميع المتهمين خاضعون لسلطة المحاكم الاتحادية الموجودة في المحافظة.
• الإرهاب هو الملف الأهم في محاكم الجنايات العراقية، ماذا عن جنايات ديالى، كيف تتعامل مع هذه القضايا
- جميع الجرائم التي تختص بها محكمة جنايات ديالى تحال عليها، ويتم التعامل مع القضايا الإرهابية وفق قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لسنة 2005، وننوه بأن أغلب القضايا التي تنظرها محكمة جنايات ديالى هي من الجرائم الإرهابية.
* وما هي ابرز الدعاوى التي نظرتها مؤخراً؟
- أما أبرز الدعاوى التي نظرت وحسمت مؤخرا نذكر منها القضية المرقمة 535/ج2/2018 والمحسومة بتاريخ 29/7/2018 إذ انتهت بالحكم على متهم بالإعدام لمرتين عن حادث الهجوم المسلح على نقطة السيطرة في قضاء الخالص / قرية التحويلة بتاريخ 20/12/2006، وكذلك الحكم بالإعدام والسجن لمدة خمس عشرة سنة لمرتين في القضية المرقمة 86/ج2/2017 في 30/8/2018 عن حوادث تفجير عبوة ناسفة في تقاطع القدس وتفجير سيارة مفخخة في بعقوبة وتفجير عبوة ناسفة على دورية للشرطة والحكم بالاعدام لمرتين في 28/8/2018 عن حادث نصب وتفجير عبوة ناسفة في قضاء المقدادية قرية حنبس بتاريخ 8/6/2016، والحكم بالاعدام في القضية المرقمة في 12/8/2018 والحكم بالسجن المؤبد لثلاث مرات عن حوادث تفجير عبوات ناسفة في ناحية العبارة والحكم بالإعدام مرتين في القضية المرقمة 586/ج2/2018 في 14/8/2018 .
• بقي الأمن في ديالى على الدوام يعاني من عدم الاستقرار كيف تتحدث عنه الآن، ومتى تصبح المحافظة آمنة برأيك؟
- يميل الوضع الأمني الآن نحو الهدوء لكن القلق باقٍ بوجود الخلايا النائمة والثغرات الأمنية التي تحدث بين مدة وأخرى، وعن كيفية تأمين المحافظة فنرى أن ديالى تصبح آمنة عند سيادة وفرض القانون وبناء أجهزة أمنية رصينة تعتمد على جميع المعلومات والتحقق من صحتها وتعضيد تكاتف جميع الجهات الأمنية والإدارية والقضائية والمواطنين لتحقيق الأمان في المحافظة، فالأمن مسؤولية جماعية لا يمكن لأي جهاز السيطرة عليها لوحده دون التكاتف وتعزيز الحس الأمني لدى المواطن ونشر ثقافة الإخبار عن الجريمة والخرق الأمني.
• كيف تحدد جغرافيا المناطق غير المستقرة في المحافظة وما هو السبيل لتحقيق الأمن فيها ؟
- المناطق غير المستقرة في المحافظة غالبا هي التي تكون بعيدة عن مراكز المدن في أطراف المحافظة والتي لا تتمتع بتغطية أمنية كافية، واعتقد أن نشر قوات أمنية وتفعيل الجهد الاستخباري من شأنه توفير الأمن والأمان في هذه المناطق.
• هل وردت قضايا انتقامية أو ثأرية بعد تحرير المدن أو القصبات التي اغتصبها تنظيم داعش الإرهابي؟
- لم ترد أي قضايا انتقامية أو ثأرية بعد تحرير المدن والقرى التابعة إلى محافظة ديالى، بل اتسمت المرحلة الجديدة بالتعايش السلمي والهدوء الذي زعزعه فيما سبق الإرهاب والمدينة على أبواب الدخول إلى مرحلة جديدة يسودها السلام والوئام جراء ما لاقاه الأهلي من إرهاب وتهجير وقتل.
• يعد ملف النزاهة من الملفات التي نالت قسطاً كبيراً من الجدل في المحافظة تحدث لنا عن مكامن الفساد في المحافظة على ضوء الأحكام التي أصدرتها المحكمة؟
- قدر تعلق الأمر قضائياً بهذه المحكمة فقد نظرت العديد من القضايا الخاصة بالنزاهة واصدرت احكاماً مختلفة بحق العديد من المتهمين وفق المادة 340 و307 ومن أهم تلك الأحكام ، الحكم بالسجن لمدة سبع سنوات وفق المادة 340 من قانون العقوبات بحق محافظ ديالى السابق لإلحاقه ضرراً عمدياً بمصالح واموال الجهة التي يعمل فيها، وحكم آخر صدر بحق المحافظ الأسبق بالسجن لمدة سبع سنوات أيضا وفق المادة 340 من قانون العقوبات لإلحاقه ضرراً بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها، وتم الحكم على مدير مصرف الرافدين في جلولاء بالحبس لمدة سبع سنوات، والحبس لمدة سنتين بحق احد الموظفين في المصرف نفسه (أمين صندوق) كذلك تم الحكم على مدير المصرف الزراعي في المقدادية بالحبس لمدة سنتين وفق المادة 340 من قانون العقوبات والحبس لمدير شعبة الأملاك في المحافظة وفق المادة نفسها، والسجن لمدة سبع سنوات وفق المادة 307 بحق احد ضباط الشرطة عن جريمة الرشوة وكذلك الحكم لمدة خمس سنوات وفق المادة 340 من قانون العقوبات بحق احد الموظفات في مديرية مرور ديالى.
• هل تكفي التشريعات الحالية لمكافحة ظاهرة الفساد في العراق؟
- أرى أن التشريعات العقابية النافذة ومنها التي تكافح ظاهرة الفساد كافية في الوقت الحاضر.
• كيف ترى مستوى تعاطي المخدرات في المحافظة, وأي المناطق تتفشى بها الجريمة؟
- محكمة جنايات ديالى تنظر العديد من القضايا الخاصة بالمتاجرة وتعاطي المواد المخدرة في المحافظة وان اغلب المتهمين ممن تم القبض عليهم من منطقة مندلي وقزانية وخانقين.
* ما هي أهم الأحكام الصادرة عن محكمتكم بهذا الخصوص؟
- صدرت العديد من الأحكام بحق المدانين بجرائم المتاجرة وتعاطي المواد المخدرة ومنها السجن لمدة سبع سنوات وفق المادة الرابعة عشر/ ثانياً من قانون المخدرات لأحد المدانين بترويج وتعاطي المواد المخدرة والحبس لمدة سنتين وغرامة مالية قدرها ستة ملايين وفق المادة 320 من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 50 لسنة 2017 لمدان آخر، والحبس لمدة سنتين وفق المادة 28 من القانون المذكور بحق احد المدانين وأحكام عقابية أخرى.
* كيف تعلق على القانون الجديد لمكافحة المخدرات؟
- القانون كاف لمكافحة هذه الظاهرة، لكننا نعتقد أن المادة 32 من قانون المخدرات الجديد والخاصة بتعاطي المواد المخدرة كانت العقوبات الواردة فيها لا تتناسب مع خطورة هذه الجريمة وتأثيرها على المجتمع، ولغرض تحقق الردع بصورة أكبر كنا نأمل من المشرع العراقي تشديد هذه العقوبة.
• ديالى أهم المحافظات التي تمتلك معابر حدودية, هل من خروقات يحدثها المهربون؟
- نعم، توجد في محافظة ديالى منافذ حدودية خاضعة لسلطة الدولة الاتحادية وعند وقوع أي جريمة تهريب تتم إحالة القضية والمتهمين الى المحكمة المختصة بنظر قضايا الكمارك في محافظة ديالى لغرض التحقيق مع المسؤول عنها ومن ثم تتم إحالتها إلى محاكم الموضوع.
• هل هناك جرائم قتل عشائري؟
- إن اغلب الجرائم الجنائية التي تقع في محافظة ديالى غالبا ما تكون ذات طابع عشائري وقسم من هذه الجرائم تكون وفق ما يسمى "غسل العار".
• تناقلت أنباء أن ديالى سجلت 48 محاولة انتحار خلال 8 أشهر هل وردت قضايا تتعلق بهذا الموضوع ؟
- بخصوص محاولات الانتحار التي تحدث في المحافظات ومنها محافظة ديالى لم ترد إلى محكمة الجنايات أي قضية بخصوصها حتى الآن.
• ما هي ابرز الدعاوى التي تنظرها جنايات ديالى بكثرة وتأخذ حيزا من عملها؟
- محافظة ديالى إحدى المحافظات التي عانت من ويلات الإرهاب وتعرضت لهجمات مستمرة واحتل تنظيم داعش الإرهابي أجزاء منها في ما سبق، لذلك تجد أن أغلب الجرائم التي تأخذ حيزا كبيرا من عمل هذه المحكمة هي الجرائم ذات الطابع الإرهابي والمحكمة مستمرة بحسمها.
• ما مستوى السرقات في المحافظة؟ وماذا تستهدف في الغالب؟
- إن جرائم السرقة التي تحدث في المحافظة قليلة ولا تشكل ظاهرة اجتماعية وغالبا ما تستهدف هذه الجرائم على ندرتها دور المواطنين ومصالحهم الخاصة كالمحال والمتاجر.
• في الختام كلمة جنايات ديالى لمن توجهها وماذا تقول فيها؟
- في الختام نتقدم بالشكر الجزيل إلى معالي رئيس مجلس القضاء الأعلى لرعايته واهتمامه بالقضاء بشكل عام في تلبية احتياجات المحاكم ومتابعة سير العمل القضائي فيها، كما نقدم الشكر لكادر صحيفة "القضاء" لإتاحة هذه الفرصة من أجل تسليط الضوء على عمل محكمة جنايات ديالى إحدى المحاكم التي تصدت لعديد من القضايا المهمة في المدة السابقة لاسيما ما يتعلق بالجرائم الإرهابية وجرائم نهب المال العام.انتهى