{بغداد: الفرات نيوز} تتفاقم ظاهرة الطلاق في العراق يوماً بعد يوم دون حلول وإجراءات للحد منها على الأقل.
وباتت قاعات المحاكم العراقية تمتلئ بفتيات صغيرات بانتظار حكم قضائي بالطلاق يرين انه قد ينصفهن أو يمنحهن بريقا من الأمل بمستقبل بعيد عن شبح الفقر الذي تتزايد نسبته في البلاد.
وتشهد ساحات القضاء قصصا أخرى عن الطلاق تختلف في تفاصيلها وغرابتها أحيانا لدرجة أن البعض يصفها بـ"التافهة" أو "السطحية" في مجتمع كان يعرف حتى وقت قريب بالتماسك والانسجام.
فهناك مثلا من طلبت الانفصال عن زوجها بسبب شخيره الذي يزعجها، وأخرى مستاءة من لعبة إلكترونية تشغل شريكها لساعات، في حين طلق أحدهم زوجته لاكتشافه أنها تمتلك حسابا في موقع فيسبوك دون علمه!!، وتطول القائمة التي أصبحت خطرا يرى الكثيرون أنه بات يهدد بكارثة مجتمعية إذا لم يتم احتواؤها ومعالجة أسبابها.
وبحسب البيانات التي أصدرها مجلس القضاء الأعلى، فإن هناك عشر حالات طلاق كل ساعة، حيث شهدت البلاد 48 ألفا و147 حالة طلاق على مدى الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي.
وترجح جهات قضائية أن يقفز العدد إلى نحو مئة ألف حالة مع انتهاء العام، بزيادة نحو ثلاثين ألف حالة طلاق عما سجلته البلاد العام الماضي، وكان النصيب الأكبر من حصة العاصمة بغدادبأعلى نسبة وهي 44% مقارنة بالمحافظات الأخرى.
وتشير الأرقام الرسمية إلى وقوع نحو سبعمئة ألف حالة طلاق منذ عام 2004 وحتى نهاية 2017، أي أن ما يعادل 20% من حالات الزواج في البلاد تنتهي بالطلاق بحسب الإحصائيات المتوفرة، وهي نسبة يعتبرها الكثيرون مقلقة جدا في مجتمع كالعراق لا تزال نسبة كبيرة من نسائه يعشن ظروفا غير مستقرة.
وأعتبر الخبير القانوني أمير الدعمي أن ضعف تطبيق القانون في العراق كان سببا مهما في عدم السيطرة على هذه الظاهرة،" مبينا أن "أنواع الطلاق السائدة اليوم هي ثلاثة، في مقدمتها الطلاق التعسفي في الحق الذي يستخدمه الزوج، وطلاق المخادعة باتفاق الطرفين على بذل مهر الزوجة، والتفريق القضائي الذي لا يتم إلا نادرا وفق شروط معينة".
ويعزو الدعمي كثيراً من أسباب الطلاق إلى الزواج المبكر وصغر سن الزوجين، وعدم تمكنهما من فهم طبيعة الحياة، إضافة إلى تأثرهما بتقنيات الاتصال الحديثة، وما ينتج عنها من خيانات تهدد الحياة الزوجية.
إضافة إلى ذلك، فإن تباين المستوى الثقافي بين الزوجين من الممكن أن يخلق هوة كبيرة قد تتسع يوما بعد آخر حتى يكتشف أحدهما أنه لا ينسجم مع شريك حياته ولا تجمع بينهما أي لغة تفاهم مشتركة، بحسب تعبيره.
أما المحامي عثمان الجبوري فيؤكد أن الأوضاع المضطربة التي عاشتها البلاد على مدار السنوات الماضية وما نتج عنها من انهيار المنظومة الأمنية وتدهور الوضع الاقتصادي وتفشي البطالة قد أسهمت جميعها في تفاقم هذه الظاهرة.
وترتفع حالات الطلاق في أوساط الذين يقبلون على الزواج المبكر، خاصة مع عجز بعضهم عن تلبية احتياجات المعيشة ومتطلبات الحياة، وهي تعتبر من أكثر الأسباب المؤدية إلى ارتفاع معدلات الطلاق في العراق، على حد قول الجبوري.
ويلقي باحثون اجتماعيون باللوم على بعض الآباء الذين يدفعون بناتهم لخوض غمار تجربة زيجات غير متكافئة أو مناسبة كما يشير الباحث الاجتماعي أحمد العزاوي.
ويرى الباحث أن الأهل في كثير من الأحيان يعطون أهمية "مبالغا فيها" لتزويج بناتهم من أجل "ضمان مستقبلهن" كما يعتقدون، ويزجون بهن في أعمار صغيرة في دوامة مسؤوليات لا يستطعن تحملها لعدم استعدادهن النفسي والجسدي والعاطفي.
والنتيجة بعد ذلك -يتابع العزاوي- صدمات متتالية، وفشل في بناء أسرة وتحمل أعباء منزل وحمل وأمومة وتربية جيل جديد، في حين تحتاج الكثيرات منهن للتثقيف والتعرف على تجارب اجتماعية تساعدهن على تحمل مسؤولية كهذه.
ويدافع بعض الآباء عن مواقفهم معللين ذلك بظروف جيلهم وما نشؤوا عليه، معتبرين أن مواقع التواصل الاجتماعي وتغير التقاليد هما السبب الرئيسي في فشل هذه الزيجات وتزايد حالات الطلاق وليس الزواج المبكر أو الأوضاع الاقتصادية السيئة أو الاختلافات الثقافية.
وعلى الرغم من أن 70% من دعاوى الطلاق أمام المحاكم العراقية ترفعها نساء بحسب إحصائيات السلطة القضائية فإنهن يصبحن "الخاسر الأكبر" في معركة الطلاق بمجتمع شرقي تحكمه الأعراف والتقاليد، بالإضافة إلى عدم استقلالية أغلب هؤلاء النسوة ماديا واجتماعيا، مما قد يعرضهن لضغوط كثيرة قد تفوق الضغوط التي عشنها مع أزواجهن، خاصة في المناطق التي تحكمها التقاليد العشائرية كما يرى الكثيرون. انتهى