• Saturday 23 November 2024
  • 2024/11/23 21:39:10
{بغداد: الفرات نيوز} كشف باحث انتخابي، سعد العبدلي، عن تنفيذ 11 نوعاً من التصويت في انتخابات مجلس النواب الأخيرة التي جرت في 12 آيار الماضي 2018.
وقال العبدلي في مقال "قد لا يعرف الكثيرون ان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وجدت نفسها مضطرة لتنفيذ ١١ نوعاَ من التصويت في انتخابات مجلس النواب ٢٠١٨ ، وهذه الأنواع هي: التصويت العام، التصويت الخاص للقوى الأمنية (الدفاع، الداخلية)، التصويت الخاص لنزلاء السجون، وتصويت منتسبي الحشد الشعبي، وتصويت الخارج، والنازحين والمهجرين المسجلين، والنازحين داخلياً، والنازحين خارجياً، ونازحي المخيمات، وتصويت الإعلاميين، وتصويت الشخصيات المهمة VIP".
وأضاف "الحقيقة ان هذه ظاهرة غريبة لا يوجد لها مثيلا في انتخابات العالم، ولم تكن المفوضية مختارة في قرارها بإجراء كل هذه الأنواع المتعددة من الانتخابات، فقد كان بعض هذه الأنواع منصوصا عليه في قانون انتخابات مجلس النواب رقم ٤٥ لسنة ٢٠١٣، في حين ان الأنواع الأخرى قد فرضتها ظروف النازحين بسبب العمليات الإرهابية مضافا لها الاشتراطات والضغوطات السياسية المتعلقة بهذا الملف ، في حين ان إفراد نوع خاص لتصويت الحشد كان بسبب عدم وصول أسماء منتسبي الحشد كي يتم إضافتهم إلى التصويت الخاص بالقوى الأمنية".
وبين العبدلي، ان "الإجراءات التي أعدتها المفوضية والتي اعتمدت على استخدام منظومة الإجراءات الانتخابية المتكاملة من الوثائق والإجراءات كفيلة بمنع حالات التلاعب والتزوير، وتتكون هذه المنظومة من {سجل ناخبين مُعد سابقا بعد تدقيق وتقاطع بياناته ، بطاقة الناخب البايومترية، جهاز التحقق الالكتروني، تدقيق بيانات بطاقة الناخب وبصمته من خلال جهاز التحقق، تأشير أسم الناخب في سجل الناخبين، تحبير إصبع الناخب قبل وضع الورقة في الصندوق ، التصويت من خلال صندوق الاقتراع الالكتروني}".
وأوضح، ان "هذه المنظومة لم يتم تطبيقها بشكل كامل وحقيقي إلا في الاقتراع العام (وبشكل مقارب في التصويت الخاص للقوى الأمنية)، أما بقية الأنواع التي استخدمت فتم فيها تطبيق جزء أو أجزاء من تلك المنظومة فقط ولم يتم تطبيق كامل المنظومة فيها، والحقيقة المرة التي يجب الاعتراف بها ان عدم تطبيق ولو مرحلة واحدة من هذه المنظومة يفتح الباب أمام احتمالية القيام بعمليات تلاعب أو تزوير لإرادة الناخب أو للنتائج، لذلك نلاحظ ان معظم الشكاوى والطعون التي تقدمت بها الأحزاب السياسية والمرشحون وجهت لأنواع التصويت التي لم تستخدم فيها منظومة الإجراءات الانتخابية المتكاملة".
وتابع "بات من المفهوم ان معظم هذه الأنواع من التصويت فرضتها مرحلة الديمقراطية الانتقالية، إلا انه يبدو ان الوقت قد حان لمناقشة هذا الأمر وإعادة قراءة الأولويات والتي تفضي إلى ان أهم الأولويات التي يجب مراعاتها في الوقت الحاضر هي إعادة الثقة بالعملية الانتخابية ، لذلك تظهر الحاجة وبشكل عاجل ومُلح إلى إلغاء جميع أنواع الانتخابات عدا الانتخاب العام".
وعزا الباحث الانتخابي مقترحه هذا، للأسباب الآتية:
أولا- تصويت الخارج:
قد يكون مفهوما إقرار تصويت الخارج في السنوات الأولى للعصر الديمقراطي في العراق بعد سقوط النظام السابق، إلا انه أصبح من الضروري إلغاء هذا النوع من التصويت للأسباب الآتية:
١ - قلة عدد المصوتين في الخارج قياسا بحجم الأموال المصروفة والاستعدادات المطلوبة والكم الكبير من الإشكالات التي ظهرت بسبب هذا النوع من التصويت ، حيث بلغ عدد المصوتين في جميع الدول التي تم فتح مكاتب للتصويت فيها بحدود 156 الف ناخب ، أي ما يعادل 1.46% فقط من العدد الكلي للمصوتين في الانتخابات السابقة، علما ان الناخبين كانوا موزعين على ٦٦٧ محطة اقتراع ضمها (١٣٠) مركز اقتراع، في (٢١) دولة ، وعلى سبيل المثال فان إحدى الدول التي تم افتتاح (٧) محطات فيها ولمدة يومين ( أي ما يعادل ١٤ محطة اقتراع ) ، صوت فيها (٧٤٣) ناخب فقط، أي بحدود (٥٣) ناخب لكل محطة، وهو ما يعادل عدد المصوتين في محطتين فقط في أي قرية عراقية.
٢ - المصاريف الباهظة لانتخابات الخارج، في دراسة أجريت عام (٢٠١٠) تبين ان كلفة الناخب داخل العراق تبلغ (١٠) دولارات، بينما بلغت كلفة كل ناخب خارج العراق (٧٥) دولارا، أي أكثر بسبعة مرات من كلفة ناخبي الداخل.
٣ - قد يُحتج بالسلوك الدولي في هذا المجال، وهنا نود ان نوضح ان بحدود (١١٥) دولة من دول العالم تجري انتخابات خارج الأوطان، أي ما نسبته بحدود ٦٣٪ من دول العالم التي تجري فيها انتخابات ، إلا ان الدول التي تجري تصويت خارج البلد (للانتخابات التشريعية فقط) بدون الأنواع الأخرى من الانتخابات ( الرئاسية ، الاستفتاءات ، ... ) كما هي الحالة العراقية ، يبلغ عددها (٧٥) دولة فقط، أي ما نسبته بحدود ٤١٪ من دول العالم فقط، أي اقل من نصف دول العالم ( الإحصائية لعام ٢٠١٢ ) ، على الرغم من ان لبعض هذه الدول جاليات خارج الوطن يفوق عددها حتى عدد سكان البلد نفسه.
ثانيا - التصويت الخاص/ نزلاء السجون:
تثار تساؤلات كثيرة حول المنطق الذي يكمن خلف السماح للسجناء الذين تقل محكوميتهم عن (٥) سنوات بالتصويت في حين لا يُسمح لمن زادت فترة محكوميته عن هذه المدة بالتصويت، وأيضا عن سبب السماح للسجين بالتصويت لمرشحين قد لا يكون بإمكانه رؤيتهم في مناصبهم قبل خروجه من السجن، وهنا تبرز الحاجة أيضا لإلغاء هذا النوع من التصويت للأسباب الآتية :
١ - قلة أعداد ناخبي هذه الفئة، حيث بلغت نسبة الناخبين المسجلين من النزلاء الذين يحق لهم التصويت بحدود 0.15% من عدد الناخبين الكلي.
٢ - يخضع هؤلاء السجناء لسلطة سجانيهم وهم لا حول ولا قوة لهم أمام هذه الحقيقة، وقد يدفعهم ذلك إلى التصويت للحزب السياسي الذي تكون له السطوة في السجون التي تضمهم، مع ملاحظة ان قلة أعدادهم لكل محطة تصويت يجعل من السهولة معرفة اتجاهاتهم التصويتية وقد يتعرضون للتضييق والمعاملة غير العادلة إذا ما تبين ان أصواتهم ذهبت لغير ما كان يطمح له سجانوهم.
٣ - لا تطبق في هذا النوع منظومة الإجراءات الانتخابية المتكاملة، لان ليس للسجناء بطاقات بايومترية ولا يوجد سجل للناخبين وغير ذلك من أجزاء المنظومة، وبذلك فان الباب سيكون مفتوحا لعمليات التلاعب والتزوير.
ثالثاً- تصويت منتسبي الحشد الشعبي:
تنص الإجراءات الانتخابية على قيام وزارتي الدفاع والداخلية بتزويد مفوضية الانتخابات ببيانات منتسبيها لتتمكن المفوضية من تنظيم سجل الناخبين الخاص بهم وحذف أسمائهم من سجل الناخبين العام، والحقيقة انه وعلى الرغم من المطالبات المتكررة من قبل المفوضية لهيئة الحشد الشعبي لتزويدها ببيانات منتسبي الحشد لضمهم إلى سجل التصويت الخاص بالقوى الأمنية وحذف أسمائهم من السجل العام إلا ان الأسماء لم تصل للمفوضية ولغاية يوم الانتخابات، مما اضطر المفوضية إلى وضع إجراءات خاصة لتصويت الحشد الشعبي، وهنا يكون من المنطقي إلغاء الإجراءات الخاصة بهذا النوع من التصويت وضم ناخبي الحشد الشعبي إلى التصويت الخاص بالقوى الأمنية ، وذلك للأسباب الآتية :
١ - ان الحشد الشعبي أصبح من القوى الأمنية بعد صدور قانون هيئة الحشد الشعبي ويجب ان يُشمل منتسبوه بالتصويت الخاص للعسكريين أسوة بوزارتي الداخلية والدفاع ، وإذا لم يكن الوقت أو الظروف تسمح بتقديم البيانات المطلوبة في الانتخابات السابقة ، فان الاستعداد المبكر لانتخابات مجالس المحافظات بإمكانه تجاوز هذه العقبة.
٢ - ان ترك هذا النوع من التصويت قائما قد يحرم بعض منتسبي الحشد من التصويت ، في حين قد يُمكن البعض الآخر من التصويت لأكثر من مرة، بسبب عدم استخدام منظومة الإجراءات الانتخابية المتكاملة.
رابعا- تصويت النازحين والمهجرين بمختلف تصنيفاتهم (النازحين والمهجرين المسجلين ، النازحين داخليا ، النازحين خارجيا ، نازحي المخيمات):
اضطرت المفوضية لتنظيم عدة أنواع من التصويت لهذه الفئة بسبب الظروف القائمة حينها إضافة إلى الضغوط والمطالبات السياسية لإيجاد أنواع خاصة من التصويت للتعامل مع هذه الفئة لتعذر استخدام المنظومة الانتخابية المتكاملة بسبب طبيعة ظروف النازحين وفقدانهم لمستمسكاتهم وتوزعهم على العديد من المناطق والمحافظات ، وللأسف فان هذا النوع من التصويت يفتح الباب لإمكانية التلاعب مما اضطر المفوضية لإلغاء نتائج نسبة كبيرة من محطات هذه الأنواع من التصويت ، فعلى سبيل المثال تم إلغاء ما نسبته ٦٠٪ من محطات (النازحين داخليا) ، في حين كانت نسبة الإلغاء لا تتجاوز ٠،٧٪ فقط من المجموع الكلي لمحطات ( التصويت العام ) ، لا بل ان المحطات الملغية لهذا النوع من التصويت بلغت نسبتها بحدود ٥٩٪ من مجموع جميع المحطات التي تم إلغائها في الانتخابات السابقة ، لذلك تظهر الحاجة ملحة لإلغاء هذا النوع من التصويت وللأسباب الآتية :
١ - بلغ مجموع الناخبين المسجلين للفئات أعلاه بحدود (٦٤٠) الف ناخب ، أي ما نسبته ٢،٧٦ ٪ فقط من مجموع الناخبين الكلي .
٢ - يفترض ان الفترة التي انقضت منذ القضاء على عصابات داعش الإرهابية ولحين موعد الانتخابات القادمة كافية لعودة كل أو معظم النازحين إلى مناطقهم الأصلية ، خصوصا وان أمامنا فترة طويلة لغاية الاستحقاق الانتخابي القادم .
٣ - ان تقوم المفوضية بدراسة إمكانية إعداد إجراءات مختلفة عن التي تم استخدامها سابقا بما يضمن استخدام منظومة الإجراءات الانتخابية المتكاملة لمن يتبقى من النازحين عند موعد الانتخابات القادمة.
خامسا- تصويت الـ VIP :
لا اعرف ان كانت هناك دول أخرى غير العراق تخصص قاعات ومراكز فخمة كي يصوت فيها المسؤولون، وبما ان هذه المراكز لا يتم بها استخدام منظومة الإجراءات الانتخابية المتكاملة ، لذلك أدعو إلى إلغاء هذا النوع من التصويت ، وللأسباب الآتية:
١ - لا يوجد ما يستوجب التمييز بين الناخب المسؤول والناخب العادي ، أو ان يكون مركز اقتراع المسؤول في قاعة VIP في فندق الرشيد في حين يصوت المواطنون في البنايات العادية لمدارس أولادهم .
٢ - الوضع الطبيعي والصحيح هو ان يُصوت المسؤولون والمرشحون في مناطقهم الانتخابية العادية كي يضربوا المثل لبقية الناخبين ويشجعوا المواطنين على التوجه إلى مراكز الاقتراع .
٣ - قام العديد من المسؤولين بالتوجه إلى مراكز تصويتهم العادية للإدلاء بأصواتهم مثال ذلك (المرجع الديني الشيخ بشير النجفي في انتخابات ٢٠١٤ ، السيد مقتدى الصدر، رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي ، ممثلي المرجعية في كربلاء المقدسة ، ... وآخرون) .
٤ - رغم استبعاد قيام احد المسؤولين بالتزوير أو التلاعب بالتصويت في هذه المراكز ، إلا ان عدم استخدام منظومة الإجراءات الانتخابية المتكاملة قد يفتح المجال لآخرين لاستغلال هذا الوضع.
سادسا- تصويت الإعلاميين:
قامت المفوضية في الانتخابات السابقة بفتح محطتين للإعلاميين واحدة في الكرخ والأخرى في الرصافة ، وعلى الرغم من قلة عدد هذه المحطات إلا أنها تبقى استثناء على السياق العام الذي يستوجب توحيد الإجراءات واستخدام منظومة الإجراءات الانتخابية المتكاملة ، لذلك يكون من الأفضل إلغائها خصوصا وان بإمكان الإعلامي ان ينقل سجله الانتخابي إلى اقرب مركز من عمله الإعلامي يوم الانتخابات.
سابعا - تصويت العسكريين (الداخلية ، الدفاع ، الحشد الشعبي):
على الرغم من ان هذا النوع من التصويت شهد (وبدرجة كبيرة) استخدام منظومة الإجراءات الانتخابية المتكاملة ، إلا انه حان الوقت للتفكير بإلغاء هذا النوع من التصويت للأسباب الآتية:
١ - الكثير من الدول لا تسمح للعسكريين بالتصويت ، حيث ان أن غالبية دول منطقة الشرق الأوسط تحظر مشاركة الأمنيين والعسكريين في الانتخابات أسوة بالعديد من دول أمريكا اللاتينية مثل البرازيل والأرجنتين والإكوادور، وكذلك تركيا والكونغو وإندونيسيا ودول أخرى عديدة .
٢ - ان إبعاد العسكريين عن التجاذب السياسي والانتخابي هو في مصلحة المؤسسة العسكرية بالدرجة الأساس، وذلك للحفاظ على استقلاليتها وقدسيتها لدى جمهور المواطنين.
٣ - لا احد ينكر ان العسكري يخضع بشكل ما للضغوط والتوجيهات السياسية والانتخابية لقادته وآمريه، وبالتالي فان تصويت العسكريين قد لا يعكس الاتجاهات الحقيقة لرغباتهم وتفضيلاتهم الانتخابية .
٤ - كثرة التعقيدات الفنية واللوجستية وحتى الأمنية التي تنتج عن تصويت العسكريين قبل عدة أيام من التصويت العام وما يحتاجه ذلك من تحضيرات ومصاريف إضافية وإرباك للعملية الانتخابية برمتها.
واعرب الباحث الانتخابي سعد العبدلي في ختام مقاله بان "يعمل مجلس النواب وبالتشاور مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على إصدار أو تعديل التشريعات اللازمة لإلغاء جميع أنواع الانتخابات عدا التصويت العام لما سيوفره ذلك من ترصين للعملية الانتخابية وسد المنافذ أمام عمليات التلاعب والتزوير وأيضا الفوائد الجانبية المتمثلة بتقليل المصاريف ووحدة وسهولة الإجراءات وإبعاد القوات المسلحة عن التجاذبات السياسية والحزبية والانتخابية".انتهى

اخبار ذات الصلة