• Friday 20 September 2024
  • 2024/09/20 09:50:41
{ دولية : الفرات نيوز} بعد أيام قليلة من صدور التقرير الذي أعده نواب بريطانيون، ووصفوا فيه فيسبوك بالعملاق الرقمي، صدر تقرير آخر في المملكة المتحدة أكد أن الصحافة في خطر، وأنها والديموقراطية، تواجهان الموت البطيء، إن لم يتحرك اصحاب المهنة لإنقاذها.
وأكد التقرير الذي أعدته صحافية وأستاذة جامعية بناء على طلب رئيسة الوزراء البريطانية اهمية الصحافة في الديموقراطيات، كما دافع عن صحافة «التميز» التي تحترم القوانين والمرجعيات التي تسمح لها بمنح شرعية للمهنة، لكن التقرير اهتم بمفهوم المعلومة ذات المصلحة العامة ورأى بانها في خطر في المملكة المتحدة.
مع بدء العمل بالانترنت تلقت الصحافة البريطانية على غرار الصحافة في غالبية الدول الغربية عدة ضربات أثرت في نموذجها الاقتصادي، ومع التراجع الكبير لمداخيل الإعلانات على الصحف الورقية، واجهت هذه الاخيرة مصاعب كذلك في تعويض خسائر طبعاتها الالكترونية. وبمرور الوقت سيطر عمالقة الانترنت على الاعلانات على حساب استثمارات الصحف التي كانت سترافق تحولها الى صحافة رقمية، ما دفعها الى تقليص نفقاتها، وفي بريطانيا على سبيل المثال تم تسريح 6000 صحافي منذ 2007.
والغريب وفق هذا التقرير أن تقليص النفقات مس أعمدة الاعلام الذي يهدف الى تحقيق المصلحة العامة ويتعلق الامر بصحافة التحقيقات والصحافة المحلية، وهكذا تراجع اهتمام الصحف بتوجهات المواطنين واهتماماتهم السياسية والاجتماعية.

انسحاب الإعلانات من الصحف[/b]
وتراجعت مداخيل الصحافة البريطانية على مستويين، حيث انسحبت الاعلانات شيئا فشيئا من الصحافة الورقية لمصلحة النسخ الالكترونية، وبسبب عزوف القراء عن شراء الصحف تراجعت مرة واحدة، مداخيل الإعلانات والتوزيع بنسبة 50 في المئة في 2017 مقارنة بــ2007. وتعاملت الصحف مع نسخها الإكترونية،في البداية، كمكمل بسيط للنسخة الورقية، وسعت الى رفع عدد المشاهدات لاستقطاب المعلنين، لكن تبيّن لاحقا ان هذه الاستراتيجية ليست مثمرة للاسباب التالية:
المساحات الاعلانية المقترحة على المواقع الالكترونية محدودة، لذلك لا تستقطب الكثير من المعلنين. وهذا القيد بدا واضحا مع ظهور الهواتف الذكية، حيث تراجعت المساحة، لذلك فان قيمة المساحة الإعلانية ضعيفة.
الصحافة في مواجهة منافسين جدد، هي المنصات، وابرزها غوغل وفيسبوك، حيث يعرفان مستخدميهما أكثر من أي موقع آخر بفضل المعلومات التي يجمعانها لذلك فان قيمة الاعلانات الموجهة لديها أكثر من اي موقع آخر بما في ذلك الصحافة.
[b]اختلال سوق الإعلام[/b]
تغيرت سوق الاعلام بشكل عميق في بريطانيا خلال السنوات العشر الأخيرة بسبب ظهور الهواتف الذكية في 2007، والتي أدت إلى تراجع توزيع الصحف الوطنية من 11.5 مليون نسخة في 2008 إلى 5.8 ملايين في 2018، وأما الصحف المحلية، فقد تراجعت أعدادها من 1303 صحف في 2007 إلى 982 في 2017.
وعلى صعيد آخر، شهدت الساحة ظهور مواقع الكترونية مكّنت المواطن من الحصول على الخبر بعيدا عن وسائل الاعلام التقليدية مثل هافبوست وبازفيد، وذكر التقرير ايضا ان اخبار بي بي سي نيوز يقرأها 30 مليون قارئ أسبوعيا.
هذا التحوّل في السوق أثّر في طريقة وصول الناس للخبر، حيث أصبحت المنصات الوسيطة مثل غوغل نيوز وابل نيوز أو فيسبوك أبرز مصادر الأخبار بالنسبة لهم.
ولهذه الطريقة في الوصول الى الخبر تداعيات على القارئ أيضا، وهنا يشير التقرير إلى أن القارئ أصبح هو من يقرر بمفرده المحتوى الذي يريد أن يقرأه عكس الصحيفة، حيث تكون كل الاخبار أمام عينيه وأن الأخبار ذات المصلحة العامة في الواقع هي أقل الأخبار بروزا وظهورا على المنصات وخوارزميات هذه المواقع لا تعبأ بأهمية الخبر وكفاءته ولكنها تكافئ المضامين التي انتشرت اكثر، وهنا لاحظ التقرير عدم وجود شفافية.

[b]المحتوى البريميوم[/b]
راهنت بعض الصحف على المحتوى «البريميوم» لاستقطاب العلامات الكبرى التي تطمح لنشر اعلاناتها مع محتوى اعلامي ذي نوعية، وأما صحف أخرى مثل الفايننشيال تايمز فتبحث عن استهداف افضل لقرائها من خلال اقتراح محتوى مجاني مقابل الحصول على المعلومات الشخصية.
وعموما ينتهي تقرير فرانسز كيرنكروس الى ان الاعلانات الرقمية ليست مصدرا لمداخيل كافية، لهذا السبب أطلقت بعض الصحف اشتراكات الكترونية لتنويع مداخيلها مثل نيويورك تايمز وواشنطن بوست. وهناك ايضا مصادر تمويل اخرى تم استغلالها كالتبرع مثل حالة الغارديان.
[b]الصحافة النوعية هي الأساس

الصحافة المحلية وصحافة التحقيقات هما عصب الحياة في الدول الديموقراطية، ولكنهما اكثر من عانى من التحولات الرقمية.
وحتى تتمكن الكثير من الصحف من البقاء في الساحة الاعلامية، لجأت الى صحافة المعلومات التي سمحت بخفض التكلفة، لانها لا تحتاج الى موارد بشرية كثيرة وتحسين وتطوير نوعية الخبر بفضل كفاءة المعلومات.
وتكللت جهود الكثير من المؤسسات بالنجاح في هذا المجال مثل الرادار الذي يجمع المعلومات الحكومية التي يمكن ان يتم تحليلها لاحقا وفق عوامل جغرافية على الخصوص، ما يسمح للصحافيين بكتابة قصص صحافية.
غير ان الصحافة المحلية هي التي تعاني اكثر فأكثر، وتراجعُ مداخيلها الكبير، لا يوفر لها هوامش للتحرك، فهي لا تستطيع مثل الصحف الوطنية اللجوء إلى تطبيق اقتصادات على صعيد المعلومة لأن حجم الجمهور الذي يتابعها لا يتجاوز البلد، لذلك يرى التقرير البريطاني أن الصحافة المحلية تواجه صعوبات في العثور على النموذج الاقتصادي الذي يكفيها مقارنة بالصحف الوطنية.
ويبدو وفق التقرير أن انقاذ الصحافة من الخطر الذي يهدد استمراريتها يتطلب تدخل الدولة، حيث ذكّر بالمساعدات التي قدمتها كل من فرنسا وهولندا وأستراليا للصحافة من أجل تطوير الابتكار في عالم الصحافة واستخدام التكنولوجيات الحديثة.
وفي المقابل أطلقت بعض المنصات صناديق مشابهة مثل غوغل الذي اطلق صندوق «غوغل ديجيتال نيوز» للابتكار.
وتعتقد فرانسو كيرنكروس أن الصحافة لا يمكن ان تصل الى حل دائم اليوم، من دون الاستثمار، لكن تقريرها أوصى بتدخل مباشر للدولة مثلما يحصل حاليا في عدد من الدول الأوربية التي اقرت مساعدات للصحافة.

اخبار ذات الصلة