• Saturday 23 November 2024
  • 2024/11/23 18:43:27
{بغداد: الفرات نيوز} نالت قضية دور إيواء المشردين في بغداد ومحافظات العراق حيزا من الاهتمام الإعلامي بعد ‏حادثة حريق دار المشردات في الاعظمية الذي تسبب بمصرع عدد من النساء، ما يدعو إلى ‏بحث قضية المشردين ومعالجات القانون العراقي لهذه الشريحة.‏
وتحتوي العاصمة بغداد دارا لإيواء المشردات الإناث في الأعظمية، ودارا أخرى لإيواء ‏المشردين الأحداث الذكور في الكرادة، وترتبط هذه الدور إداريا بوزارة العمل والشؤون ‏الاجتماعية التي قامت مؤخراً بنقل الإناث والذكور ودمجهم في دار واحدة هي (الدار الآمن) ‏في الصليخ التي سجلت عليها ملاحظات كضعف الإشراف وفقر إمكاناتها من حيث التأثيث ‏والجاهزية لاستقبال المشردين.‏
وتعتمد الدار الآمن على التبرعات والهبات الشخصية التي يبادر بها مواطنون دون وجود دعم ‏مالي من الدولة، ما دعا محكمة أحداث بغداد إلى مفاتحة نيابة الادعاء العام ومفتشية وزارة ‏العمل والشؤون الاجتماعية لغرض إعادة تأهيل داري المشردات والمشردين في الأعظمية ‏والكرادة السابق كونهما مستوفيين للشروط الأمنية والخدمات الأخرى.‏
المتشرد في القانون
وتحدث رئيس محكمة أحداث بغداد القاضي حيدر جليل البيراوي عن المعالجة القانونية في ‏التشريعات العراقية للمتشرد، لافتا إلى أن "المادة 24 من قانون رعاية الأحداث حددت ‏الحالات التي يعتبر بها الصغير او الحدث مشردا، وهي إذا وجد متسولا في الأماكن العامة او ‏تصنع الإصابة بجروح او عاهات او استعمل الغش كوسيلة لكسب عطف الجمهور بهدف ‏التسول".‏
وأضاف البيراوي "يعتبر متشردا من مارس متجولا صبغ الأحذية أو بيع السكائر أو أية مهنة ‏أخرى تعرضه للجنوح، وكان عمره اقل من خمس عشرة سنة، وإذا لم يكن له محل إقامة ‏معين أو اتخذ الأماكن العامة مأوى له، ومن لم تكن له وسيلة مشروعة للعيش وليس له ولي أو ‏مرب، وكذلك من ترك منزل وليه أو المكان الذي وضع فيه بدون عذر مشروع، ويعتبر ‏الصغير مشردا أيضا إذا مارس أية مهنة أو عمل مع غير ذويه".‏
‏ ووضع المشرد يختلف عن وضع منحرف السلوك الذي تناولته المادة 25 من قانون رعاية ‏الأحداث، فالبيراوي يؤكد أن جملة أعمال حددتها "هذه المادة تميز من تنطبق عليهم هذه الصفة ‏وهي القيام بأعمال في اماكن الدعارة او القمار او شرب الخمور، او مخالطة ممن اشتهر عنهم ‏سوء السلوك، و من كان مارقا على سلطة وليه".‏
قصور تشريعي
وعن قدرة التشريعات على الإحاطة بهذه الشريحة بين رئيس محكمة أحداث بغداد جوانب ‏القصور في القانون، ويقول "قد يكون الطفل دون التاسعة لا مأوى له في دار الأيتام، وقد يحوز ‏من هو دون الثامنة عشر مكانا في دار المشردين حسب نص المادة ٢٤ من قانون رعاية ‏الأحداث".‏
‏ أما المادة ٢٥ فاعتبرت الصبي مشردا أيضا اذا كان دون الخامسة عشرة ويعمل بائعا متجولا ‏في الشارع كصبغ الأحذية أو ريع الحلويات وغيرها حتى وان كان له سكن ثابت وله مأوى ‏فهي حالة من حالات التشرد، فهناك من كان بعمر اكبر من سن الثامنة عشر ولا مأوى له ‏فتنطبق عليه نص المادة ٢٤ من قانون رعاية الأحداث الخاصة بمعالجة التشرد".‏
واضاف القاضي البيراوي "انه بعد مرور أكثر من ربع قرن على تشريع قانون رعاية ‏الأحداث رقم 76 لسنة 1983 ودخوله حيز التنفيذ اظهر الواقع التطبيقي قصورا في بعض ‏نصوصه واخفاقا في بعض أحكامه في معالجة بعض المسائل المهمة والتي لها اثرها البليغ في ‏التصدي لجنوح الأحداث والحد منها، وقدم القضاء العراقي شواهد حية كشفت مواطن الخلل ‏في قانون رعاية الأحداث العراقي، وحددت معالم قصور نصوصه عن استيعاب العديد من ‏الحالات او عدم انسجام معالجتها مع خصوصية الأحداث وطبيعتهم والظروف التي تدفعهم إلى ‏الجنوح".‏
ومن جهة أخرى، شرح رئيس محكمة احداث بغداد آلية عمل دور المشردين والفئات العمرية ‏التي تستقبلها وفق القانون العراقي بأن "يخضع من أكمل التاسعة من عمره ولم يتم الثامنة ‏عشر الى احكام قانون الأحداث رقم 76 لسنة 1983 المعدل بمن فيهم وصف المشرد الوارد ‏ذكره في المادة 24 من القانون الذي يوجب إيواء من تنطبق عليه الشروط في دور الأيتام لمن ‏كان دون الثانية عشرة من العمر، ودور المشردين لمن كان اكبر من ذلك".‏
وقال القاضي البيراوي انه "بعد عملية الايواء مباشرة يقوم الباحثون الاجتماعيون بالاتصال ‏بذوي المشرد او أقاربه، بغية محاولة معرفة سبب تشرده إن كان بسبب العنف الأسري، ثم ‏معالجة الأمر اذا كان بسبب العوز المادي او الظروف الأمنية كما حصل في الموصل، إذ ‏جرى التعرف على ذويهم بشكل مباشر او عن طريق التواصل الاجتماعي وحضروا وتم ‏تسليمهم إليهم".‏
اما في ما يتعلق بعدد المشردين اكد القاضي انه "لا يمكن إعطاء إحصائية رسمية لأعدادهم ‏لأن الرقم في تغيير مستمر وهو يعتمد على الظروف الأمنية والاقتصادية والاجتماعية ‏والثقافية للبلد".‏
وفي الوقت نفسه رسمت المادتان 26 و27 الإجراءات التي يمكن إتباعها وتطبيقها على ‏الاحداث الذين شملوا بالمواد الخاصة بالمشردين ومنحرفي السلوك كما أعطت المادة 27 ‏لمحكمة الأحداث الحق في اتخاذ قرار بتسليم الحدث الى أقربائه، على أن يراعى في ذلك ‏وضعه ومصلحته لضمان حسن تربيته وسلوكه بموجب تعهد مالي مناسب ويجوز لمحكمة ‏الأحداث أن تراقب تنفيذ التعهد بواسطة مراقب سلوك أو باحث اجتماعي لمدة تنسبها، يضيف ‏البيراوي.‏
‏وأكمل "أما في حال عدم ظهور قريب للصغير او الحدث وطلب شخص حسن السيرة ‏والسلوك متحد في الجنسية والدين مع الصغير او الحدث تسليمه إليه لتربيته وتهذيبه فلمحكمة ‏الأحداث ان تسلمه اليه لضمان حسن تربيته وسلوكه بموجب تعهد مالي مناسب وعلى ‏المحكمة ان تراقب تنفيذ التعهد بواسطة مراقب سلوك او باحث اجتماعي لمدة تنسبها".‏
وعن طلبات التبني أو الضم ذكر القاضي أنها "كثيرة وان إجراءات المحكمة هي حضور ‏الزوجين وربط عقد الزواج وما يؤيد مقدرتهما المالية على اعالة الطفل وما يؤيد وجود سكن ‏ثابت لهما، ويجرى الكشف الموقعي من قبل باحث اجتماعي في المحكمة للتأكد من ذلك وربط ‏ما يؤيد حسن السيرة والسلوك لهما من المجلس البلدي وتقرير طبي يؤيد سلامتهما من ‏الامراض السارية والمعدية".‏
‏ويفضل بحسب قاضي الأحداث "إذا كان طالبو التبني عقيمين وليس لهم أبناء ولم يتجاوزا سن ‏الخمسين ويؤخذ تعهد منهما بالمحافظة عليه عند تسليمه إليهما ثم يصدر قرار اولي بالموافقة ‏على ضم الطفل فيأخذان القرار الى دور الأيتام وحسب الأقدمية في الحصول على القرار يتم ‏تسليمهما الطفل، اما العمر المفضل وحسب الواقع المعلي يتراوح من عمر يوم وحتى تسع ‏سنوات، لامكانية تربيته وتوجيهه، اما اكبر من ذلك فهي حالات نادرة".‏
ويضع القاضي كمقترحات لإعادة تأهيل المشردين منها "زيادة الوعي الديني والتربوي لهم من ‏خلال زيارة مختصين من ذوي الخبرة في هذا المجال الى الدور باستمرار، وتوفير المسارح ‏ودور السينما بما تعرضه من برامج ثقافية لغرض تعليمهم استعدادا لدمجهم مع المجتمع في ‏حالة خروجهم".‏
وأكد على الدور بـ"زيادة الأنشطة الرياضية والثقافية وإشراك المستفيدين الأحداث بغية زيادة ‏الثقة بالنفس والاندماج مع الباقين، وتكليفهم بأعمال كتعلم الحاسبة وتصليح الأجهزة ‏الالكترونية والخياطة وغيرها من الحروف تشعرهم بأهميتهم وهي أيضا تعلمهم حرفة تفيدهم ‏في المستقبل".انتهى

اخبار ذات الصلة