• Saturday 23 November 2024
  • 2024/11/23 17:27:37
{بغداد: الفرات نيوز} تحدث قاضيان متخصصان في قوانين الاحوال الشخصية عن أحكام الوصية الواجبة في تركة ‏الجد لأحفاده، وأوضحوا دور محكمة التمييز الاتحادية الهام في هذا الموضوع من خلال سد ‏العجز التشريعي في القوانين النافذة وإصدارها مبادئ قضائية أدت إلى إنصاف الأحفاد في ‏تركة أجدادهم بالوصية الواجبة.‏
وأفاد القضاة في أحاديث الى "القضاء" بأن الشريعة الإسلامية لم تشر نصا الى آلية تقسيم ‏التركة بما يخص الأحفاد المتوفى والدهم او والدتهم قبل جدهم صاحب التركة، حيث توجه ‏المشرع العراقي الى اصدار المادة الرابعة والسبعين في تعديله الثالث لقانون الأحوال ‏الشخصية رقم (188) لسنة 1959 والتي نصت في فقرتها الاولى (اذا مات الولد ذكرا كان ‏ام انثى قبل وفاة ابيه او امه فأنه يعتبر بحكم الحي عند وفاة اي منهما وينتقل استحقاقه من ‏الارث الى اولاده ذكورا أكانوا ام اناثا حسب الاحكام الشرعية).‏
إنصاف
وبصدور هذه المادة أنصف القانون العراقي الأحفاد الذين يتوفى والدهم او والدتهم قبل ‏جدهم ومنحهم حصة والدهم او والدتهم من تركة الجد او الجدة بما لا يتجاوز الثلث ‏مجتمعين، على خلاف بعض التشريعات العربية التي منحت أبناء الابن فقط حصة من التركة ‏بموجب الوصية الواجبة".‏
وبالرغم من الجهود القضائية المبذولة في تفسير النصوص وإصدار المبادئ القضائية ‏المكملة للتشريع المذكور الا ان المادة المختصة بتوزيع الوصية الواجبة والية تطبيقها ‏تشوبها بعض الملاحظات والنقاط المفصلية التي يجب على المشرع الالتفات لها وتعديلها ‏تطبيقا لمبادئ العدالة وإنصافا لحقوق الأحفاد. ‏
وفي تعليقه إلى "القضاء" يعرّف عضو محكمة التمييز الاتحادية القاضي عصام الشعلان ‏الوصية الواجبة بأنها "انتقال ما يستحقه الولد ذكرا كان أم انثى فيما لو كان حيا في تركة أي ‏من والديه في حالة وفاته قبل أي منهما بحكم القانون الى أولاده على أن لا تزيد على ثلث ‏التركة".‏
وأضاف أن "المشرع العراقي تناول الوصية الواجبة بموجب احكام المادة (الرابعة والسبعين) ‏من قانون الاحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 المضافة الى نصوص القانون ‏المذكور بموجب قانون التعديل الثالث رقم 72 لسنة 1979".‏
العطاء خير من المنع
وأكد الشعلان أن "سبب تشريع المادة الخاصة بالوصية الواجبة للأحفاد هو إنصاف الاحفاد ‏الذين حرموا من تركة جدهم، والمشرع العراقي اشتق احكام الوصية الواجبة من الفقه ‏الظاهري شأنه شأن القوانين العربية الاخرى"، لافتا ان "قانون التعديل الثالث الذي اضيف ‏بموجبه النص الحالي للمادة (الرابعة والسبعين) من قانون الاحوال الشخصية لم يشر الى ‏الاسباب الموجبة التي شرع لأجلها القانون المذكور، إلا انه يمكن القول ان الغاية من ‏التشريعات هو إنصاف الأحفاد الذين حرموا من تركة جدهم او جدتهم بسبب وفاة والدهم او ‏والدتهم قبل أي من جديهما ما حال دون وصول استحقاق اي من والديهم من التركة إليهم ‏سيما وانهم كانوا سيتمتعون بتركة اجدادهم لو كان والدهم او والدتهم (الفرع الوارث) على ‏قيد الحياة، حيث جاء التشريع المذكور انسجاما مع قاعدة (العطاء خير من المنع)".‏
أما في حالة وفاة الأب والجد معا فقد أغفلها المشرع لكن محكمة التمييز لم تهملها. يوضح ‏الشعلان أن "المشرع العراقي لم يتطرق الى عدة حالات ضمنها حالة وفاة الأب والجد معا إلا ‏أن محكمة التمييز الاتحادية والقضاء العراقي اخذ دوره في إصداره مبادئ قضائية وقرارات ‏أكملت آليات تطبيق مواد القانون المذكور وفقا للشريعة الإسلامية استنادا لأحكام المادة ‏‏(الأولى) فقرة (2) من قانون الأحوال الشخصية التي تنص على انه (اذا لم يوجد نص ‏تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملاءمة لنصوص هذا ‏القانون)، وكذلك المادة (التسعون) من القانون المذكور التي نصت على (مع مراعاة ما تقدم ‏يجري توزيع الاستحقاق والانصبة على الوارثين بالقرابة وفق الاحكام الشرعية التي كانت ‏مرعية قبل تشريع قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 كما تتبع فيما بقي من ‏احكام المواريث).‏
‏ وبالرجوع إلى الشريعة بشأن المتوفين بحادث واحد كالغرقى والحرقى والهدمى والقتلى، ‏يقول الشعلا ن إن "للفقهاء المسلمين رأيان بهذا الشأن؛ أولهما وهو رأي الأغلبية يرى انه لا ‏توارث بين المتوفين نتيجة حادث واحد ولم يثبت وفاة احدهم بعد الآخر كحالة الغرقى ‏والحرقى والهدمى والقتلى وينتقل ارث كل منهم الى ورثته الأحياء".‏
وأضاف قاضي التمييز "أما الثاني فهو رأي الجعفرية وهو على رأي الاغلبية بشأن الحرقى ‏والقتلى، اما بشأن الغرقى والهدمى فيرون انه يرث بعضهم بعضا في صلب المال، اي في ‏أصل ماله وليس في طارئه الذي حصل عليه من صاحبه الغريق أو المهدوم عليه، ما يقتضي ‏الأخذ بأحد الرأيين المذكورين وحسب الفقه الذي يتبعه المتوفون".‏
وفي ما يخص الجنين، يكمل الشعلان أن "القضاء العراقي يرى ان أحكام الإرث على الجنين ‏تطبق نفسها في الوصية الواجبة له، حيث كفل القانون العراقي للجنين في بطن أمه حقه، ‏وجاء ذلك استنادا لأحكام المادة (3) من قانون رعاية القاصرين رقم (78) لسنة 1980 ‏المعدل، التي أشارت إلى اعتبار الجنين بحكم القاصر، والمادة (1195) من القانون المدني ‏رقم (40) لسنة 1951 التي اشارت الى تأخير حق الانتقال في حال وجود حمل بين اصحاب ‏حق الانتقال الى حين ولادته، وان المتعارف في حالة وفاة الزوج وترك زوجه حامل فأنه ‏يوقف للجنين في القسام الشرعي حصة ذكر، ويرى الجعفرية ان توقف له حصة ذكرين ‏احتياطا وبعد الولادة واستبيان جنس المولود وعدده ينظر إن كانت المسألة الارثية تحتاج الى ‏تعديل من عدمه".‏
تزاحم الوصايا
وعن حالة تزاحم الوصايا الواجبة مع الاختيارية تابع القاضي عضو محكمة التمييز الاتحادية ‏‏"انها تحسم بالرجوع لاحكام الفقرة (2) من المادة (الرابعة والسبعين) من قانون الأحوال ‏الشخصية التي نصت على (تقدم الوصية الواجبة بموجب الفقرة أولا من هذه المادة على ‏غيرها من الوصايا الأخرى في الاستيفاء من ثلث التركة) وراعى المشرع العراقي احتمالية ‏تزاحم الوصية الواجبة مع وصايا اخرى صادرة من المورث فتكون الاولوية للوصية الواجبة ‏في الاستيفاء من ثلث التركة".‏
وعن موانع تطبيق الوصية الواجبة للأحفاد يخلص القاضي عصام الشعلان إلى ان "الوصية ‏الواجبة لها طبيعة الإرث من بعض النواحي بذلك فأن موانع الوصية الواجبة هي ذاتها بعض ‏موانع الإرث وموانع اخرى خاصة بها، وحيث أن المشرع العراقي لم يذكر موانع الإرث في ‏قانون الاحوال الشخصية فيقتضي الرجوع الى أحكام الشريعة الإسلامية بهذا الشأن استنادا ‏لأحكام المادة (الأولى /2) والمادة (التسعين) من القانون المذكور".‏
وتابع أن "أحكام الشريعة الإسلامية السمحاء أشارت إلى أربعة موانع للإرث هي الرق والقتل ‏واختلاف الدين واختلاف الدارين، ونرى ان مانع الرق لا مجال لتطبيقه في الوقت الحاضر، ‏كما ان القتل لا يمكن تصوره من جانب الاب او الام للجد او الجدة اذ يشترط لتطبيق الوصية ‏الواجبة وفاة الاب او الام قبل الجد او الجدة، الا في حالة تراخي نتيجة القتل بان يتوفى الجد ‏او الجدة بعد وفاة قاتلهما الابن او البنت، ولكن يمكن تصور ذلك من قبل الحفيد المستحق ‏للوصية الواجبة ففي حال قتله لجده فلا يستحق التركة استنادا لاحكام المادة (الثامنة ‏والستين) من قانون الاحوال الشخصية التي نصت على (ان لا يكون الموصى له قاتلا ‏للموصى)"‏
واستطرد قاضي التمييز "اما عن اختلاف الدين فقد أشارت أحكام المادة (الحادية والسبعين) ‏من قانون الأحوال الشخصية الى جواز الوصية بالمنقول مع اختلاف الدين دون العقار، كما ‏ان اختلاف الجنسية لم يمنع الميراث وفقا لأحكام المادة (22/أ) من القانون المدني التي نصت ‏على (اختلاف الجنسية غير مانع من الارث في الاموال المنقولة والعقارات غير ان العراقي ‏لايرثه من الاجانب الا من كان قانون دولته يورث العراقي منه)".‏
من جانبه تحدث القاضي محمد رجب من محكمة الاحوال الشخصية في الكرخ لـ"القضاء" ‏عن الوصية الواجبة معتبرا ان "المشرع العراقي اقر بالوصية الواجبة استنادا لأصله ‏الشرعي كما في الاية المباركة من سورة البقرة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ ‏أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) فهنا جاءت الاشارة الى ‏الوصية واخذ بها الفقه الظاهري".‏انتهى

اخبار ذات الصلة