• Saturday 18 May 2024
  • 2024/05/18 16:15:11
{دولية: الفرات نيوز} لم يعد مستغربا في لبنان، وفي ظل الانهيار الشامل الذي تعيشه البلاد، أن تتحول مراكز بيع المواد الغذائية إلى مواقع خطرة على المواطنين، تشهد عمليات تدافع وتهافت، إشكالات وتضارب، احتكار وتلاعب واحتيال وحتى مداهمات أمنية.

وفي بلد بات فيه الأمن الغذائي للبنانيين مهددا يوميا بانقطاع السلع واستمرار ارتفاع أسعارها بشكل جنوني، يتحول تأمين الحاجات الأساسية بالسعر الأنسب والكمية الكافية، إلى ما يشبه الصراع على البقاء، ويسجل معها في يوم واحد ثلاث "معارك" مختلفة في متاجر كبرى عدة، وثقتها مقاطع مصورة ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد.

يختصر المقطع المصور الذي وثق الإشكال في "سوبرماركت سبينيس" في منطقة الحازمية، واقعاً يومياً بات معتادا في مختلف مراكز بيع المواد الغذائية. يبدأ الفيديو بتوثيق إشكال بعيد عند المخرج، وإذ بالإشكال الثاني والأكبر يقع بالقرب منه عند صندوق المحاسبة ويسجله في المقطع نفسه. هكذا هي الحال اليومية بحسب ما يؤكد العاملون في السوبر ماركات.

بدأ الإشكال مع مطالبة سيدة بحصتها من الحليب المدعوم من الحكومة اللبنانية، ليبادر أحد الموظفين ويأخذ كيساً من سلة زبون آخر اشترى فائضا عن حصته من الحليب والزيت، فما كان إلا أن اندلعت مشادة كلامية وتلاسن تطور إلى عراك بالأيدي بين الزبون وعدد كبير من الموظفين، تعرض خلالها مدير الفرع للضرب بحسب بيان إدارة "سبينيس" الذي أسف لما حصل، مؤكدا "استمراره في تأمين الأمن الغذائي للمواطنين بالتساوي". 

مشكلة في سياسة الدعم
وتخصص الحكومة اللبنانية دعما ماليا لسلة غذائية من المواد الأساسية كالزيت وحليب الأطفال والسكر والطحين والأجبان والألبان وغيرها من السلع، لتمكين المواطنين من الحصول عليها بسعر منخفض نسبياً عن أسعار السوق التي ارتفعت بشكل كبير مع الانهيار الكارثي لليرة اللبنانية، حيث بات الحد الأدنى للأجور يبلغ 68$ بحسب سعر صرف السوق السوداء.

إلا إن هذه السياسة أدت إلى حصول العديد من المشاكل في عدالة توزيع المواد وانعكست فوضى في الأسواق والسوبر ماركات وسهولة في الاحتكار والتهريب. وكان بيان "سبينيس" قد طالب المعنيين بـ"اقتراح حل شامل لأزمة البضائع المدعومة تجنّبا لأحداث مماثلة مرتبطة بالاحتكار والتخزين".

يؤكد نقيب مستوردي السلع الغذائية، هاني البحصلي، أن مشهد التهافت هذا بحد ذاته يدل على حجم فشل خطة السلة المدعومة التي قد تكون الغاية منها نبيلة، لكنها "منقوصة"، إذ إنها مقدمة من احتياطي أموال الناس ولا يحق للدولة التصرف به، وليس من اقتصاد منتج أو من مدخول الدولة، بل بات عبارة عن استنزاف مستمر وبات في مراحله الأخيرة قبل الإفلاس النهائي.

وكانت الحكومة اللبنانية قد أعلنت عزمها اعتماد بطاقات دعم توزع على العائلات المحتاجة من أجل تقديم الدعم مباشرةً على فاتورة المشتريات، إلا إن الخطة لم تطبق حتى الآن، فيما لا يزال الدعم يطال عملية استيراد المواد من الخارج فيستفيد منها التجار بالدرجة الأولى لتأمين سلع أرخص في الأسواق للمواطنين، الأمر الذي يؤدي إلى كل تلك الفوضى في مراكز البيع. 

من جهة أخرى، يؤدي انقطاع المواد المدعومة وغير المدعومة إلى تهافت المواطنين على شرائها عند توفرها، هذه الأزمة مردها بحسب النقيب إلى بطء مصرف لبنان في تأمين الدولار لعملية الاستيراد، يصل هذا التأخير إلى حدود الأشهر يتبدل معها سعر صرف الدولار ويتأخر استيراد المواد لتلبية حاجات السوق، ما يؤدي إلى انقطاعها لتعود بأسعار أعلى مما كانت عليه، ولا ذنب هنا على التاجر والمستورد الذي يشتري الدولار من السوق السوداء مثله مثل أي مواطن. 

مقطع آخر مصور من متجر لبيع المواد الاستهلاكية سوبر ماركات مدينة جبيل، يظهر تهافتاً بين المواطنين على شراء الزيت النباتي المدعوم لحظة وصوله إلى السوبرماركت، حيث لم يكف عدد الزبائن، ما أدى إلى تدافع وعراك بينهم من أجل الحصول على حصتهم. 

عمار المسعودي

اخبار ذات الصلة