موجة خطيرة من وباء كورونا تسيطر على أوروبا حاليا، وسط توقعات بأن تكون تداعياتها هذه المرة أسوأ بكثير من الموجة الأولى قبل سبعة أشهر.
وكما هو حال جميع الفيروسات، تحول فيروس "سارس-كوف-2"، وفق خبراء الفيروسات، إلى لا يقل عن ألف سلالة جديدة، لكن دون ان يحدث ذلك اختراقة في تركيبته الجينية. مئات منها تتناقل في أوروبا، لكن أقواها انتشارا هي سلالة يطلق عليها „20A.EU1".
واستنادا إلى دراسة جديدة أعدت خصيصا بشأن هذه السلالة مقتفية التغيرات في الشفرة الجينية للفيروس، تبيّن أن مصدرها شمال شرق إسبانيا، حيث ظهرت أول مرة الصيف الماضي ومن هناك تسللت إلى باقي الدول الأوروبية، حتى أنها وفي بريطانيا على سبيل المثال باتت النوع الأكثر انتشار بنحو 90 بالمائة من مجموع الإصابات بالفيروس. وهو رقم أكبر بكثير مما سجلته الدراسة في إسبانيا البلد المصدر نفسه، حيث تصل النسبة إلى80 بالمائة، تليها إيرلندا بنحو 70 بالمائة، وهولندا 40 بالمائة. ولا يعني ذلك أن هذه السلاسة لا توجد في باقي دول العالم، فبالعكس رصدت الدراسة هذه السلالة في دول مثل الصين ونيوزيلاندا وغيرها لكن ليست بذات القدر كما هو الحال في أوروبا.
السؤال الملح يخص خصائص السلالة المنتشرة في دول القارة العجوز دون استثناء. هل هي أكثر خطورة من السللالات الأخرى أو حتى الأكثر انتشارا؟
وفق الموقع العلمي "شبيكتروم دي اي"، فإن التطور الحاصل له علاقة بالتغيرات في تسلسل الأحماض الأمينية في البروتينات السنبلة والنيوكليوكابسيد و ORF14 للفيروس. البروتينات السنبلة كما هو معروف، هي التي تساعد الفيروس على اختراق الخلايا. فهل يعني ذلك أن الفيروس أصبح أكثر قدرة على اختراق الجسم أو أنها شديدة العدوى من غيرها؟ للأسف الدراسة التي أعدت في جامعة بازل برئاسة البروفيسور إيما هودكروفت، لم تقدم إجابات مقنعة عن هذه الأسئلة الجوهرية.
لليوم الثالث على التوالي، تسجل ألمانيا تسجل أرقاما قياسية من حيث الإصابات بكورنا
تقول هودكروفت: "علينا أن نضع بعين الاعتبار، أنه لا توجد أيّ مؤشرات تدل أن هذه السلالة ناجمة عن تطور مفصلي في (تركيبة) الفيروس، يجعله أكثر انتشارا أو خطورة عما قبل".
مع ذلك يعتقد الخبراء أن رفع حظر السفر تزامنا مع انطلاق العطلة الصيفية، كان له أثر بالغ في انتشار الفيروس. ما يشير إلى أن حكومات الدول الأوروبية ربما تكون قد تسرعت في السماح بحرية التنقل بين البلدان، تقول بتحفظ شديد إيما هوردكروفت رئيسة طاقم الباحثين في جامعة بازل. مشددة في الوقت ذاته أن حركة السياحة الصيف الماضي لعبت دورا مفصليا في انتشار الفيروس اليوم وبهذه القوة في أوروبا.
تحفظ خبيرة الفيروسات ناجم عن إدراكها القوي أن الدراسة التي قدمت نتائجها مؤخرا ستعيد النقاش إلى الواجهة حول مدى ضرورة حظر السفر وإغلاق الحدود في دول الاتحاد الأوروبي. وهو نقاش لا يرغب أحد في خوضه حاليا، خاصة مع اعتماد اجراءات إغلاق شبه كامل في العديد من الدول، وسط رفض شعبي متنامي لإجراءات كورونا هنا وهناك.