• Thursday 9 January 2025
  • 2025/01/09 09:15:46
{محلية:الفرات نيوز} عثر علماء آثار عراقيون على عشرات آلاف البقايا الأثرية العائدة إلى قصر تاريخي دمره تنظيم داعش الارهابي في موقع النمرود، جوهرة الإمبراطورية الآشورية في العراق... لكنّهم يواجهون تحديا هائلا يتمثل في إعادة تجميع مئات القطع المحطمة، بينها منحوتات لحيوانات أسطورية.

المختصر المفيد.. في الاخبار الهامة تجده في قناة الفرات نيوز على التلكرام  .. للاشتراك اضغط هنا

بعدما سيطر تنظيم داعش الارهابي عام 2014 على مناطق واسعة في العراق وسوريا المجاورة، ووصل إلى مدينة النمرود الأثرية، حيث دمّر معابد وقصورا في الموقع الذي يبعد حوالي ثلاثين كيلومترا عن مدينة الموصل (شمال العراق) التي اتخذها لسنوات عاصمة لهم في العراق.

مساعٍ لإدراجه على قائمة التراث العالمي
وفي الموقع الذي تسعى السلطات العراقية إلى إدراجه على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، حطّمت عصابات داعش الارهابية آثارا لا تُقدر بثمن، بينها 500 قطعة من الجداريات والأرضيات البارزة بأحجام مختلفة، فضلا عن أعداد كبيرة من تماثيل الثيران والأسود المجنحة بوجوه بشرية (ما يُعرف بالـ"لاماسو")، كانت على مداخل قصر الملك الآشوري آشورناصربال الثاني ويعود تاريخها إلى ثلاثة آلاف عام.

وحتى الآن، تمكن علماء آثار عراقيون من جمع أكثر من 35 ألف قطعة بفضل أعمال تنقيب أثري دقيقة.

ويقول خبير الآثار العراقي عبد الغني راضي أحمد (47 عاما)، أحد كوادر مفتشية آثار وتراث محافظة نينوى حيث تقع نمرود "عند انتشال أي قطعة أثرية وإرجاعها إلى مكانها الأصلي، نشعر كأننا أمام اكتشاف جديد".

ويبدو العمل لإعادة تشكيل القطع الأثرية المحطمة أشبه بأحجية "بازل"، إذ توضع القطع العائدة إلى الأعمال الأثرية نفسها جنبا إلى جنب، مفروشة تحت قماش أخضر اللون.

ورغم عمليات التشويه المتمادية على يد الارهابيين، أمكن على إحدى جداريات القصر المدمرة التعرف على الملك الآشوري آشورناصربال الثاني مجسّدا بطريقة النحت الغائر، إلى جوار ملاك مجنح تبدو تجاعيد لحيته منحوتة بكثافة، مع نحت محفور لزهرة على معصمه.

وعلى جدارية أخرى، مشهد لأسرى مقيّدي الأيدي ينحدرون من المناطق المتمردة التي أخضعها الجيش الآشوري.

وهناك تمثال "لاماسو" أعيد تشكيله بشكل جزئي مستلقيا على جانبه، فضلا عن جدران تغطيها كتابات مسمارية.

"كنوز بلاد ما بين النهرين"
يوضح راضي أن "هذه المنحوتات تُعتبر كنوزا لبلاد ما بين النهرين"، واصفا مدينة النمرود بأنها "إرث للإنسانية جمعاء ولكل العالم لأنها عمق تاريخي يمتد لثلاثة الآف سنة".

وأُسّست نمرود في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وكانت ثاني عاصمة للإمبراطورية الآشورية التي بلغت ذروتها خلال القرن التاسع قبل الميلاد، وكانت تسمى كالحو (أو كالهو).

وفي عام 2015، أظهرت مقاطع فيديو صوّرها داعش الارهابي وهو يدمر بالجرافات أو الفؤوس أو المتفجرات، معالم أثرية بينها معبد نابو الذي يعود عمره إلى 2800 عام والمخصص لإلهة الحكمة والكتابة في بلاد الرافدين.

وشهد متحف الموصل، وكذلك موقع تدمر الشهير في سوريا، دمارا مشابها لما تسبب به الارهابيون في نمرود.

وبدءا من عام 2017، طُرد تنظيم داعش الارهابي من العراق، وانطلقت فعليا أعمال إعادة تأهيل موقع النمرود عام 2018، لكنها توقفت بسبب جائحة كوفيد، لتُستأنف من جديد في العام 2023.

ويقول مدير معهد الأبحاث الاكاديمية في العراق محمد قاسم، إن "جهود إعادة تجميع الآثار تتركز "إلى حد الآن على عملية جمع وتصنيف وعزل، على أن تتطور بعد إعداد الخطة اللازمة لتصبح عملية ترميم".

ويؤكد أنه حتى الآن، جرى الانتهاء من 70% من أعمال الجمع في القصر المدمر، مشيرا إلى الحاجة لاثني عشر شهرا إضافيا من العمل الميداني لإنجاز المهمة بالكامل. ويصف هذه العملية بأنها "معقدة".

وعمل المعهد بالتنسيق مع علماء آثار عراقيين ليكون همزة الوصل مع معهد سميثسونيان الأميركي من خلال تقديم دورات تدريبية للفريق العراقي "لإنقاذ" نمرود والحفاظ على الآثار.

لصق قطع الآثار
ويلفت قاسم إلى أن عملية الترميم "تحتاج إلى خبرة أجنبية" و"دعم دولي" نظرا لما تعرضت له النمرود من "عملية تدمير بربرية كبيرة ربما لم تحدث في التاريخ الحديث لموقع أثري".

ويشير إلى أن الدمار اللاحق بالمدينة الأثرية شكّل ضربة لـ"أهم المواقع الأثرية في حضارة بلاد ما بين النهرين"، مذكّرا بأن هذا الموقع "يمثل واحدا من أبرز المعالم التي تؤرشف الفن والعمارة في الحضارة الآشورية حين كان الإنتاج الفني" في "أرقى مستوياته".

واكتسبت نمرود التي شهدت عمليات تنقيب منذ القرن التاسع عشر، شهرة عالمية واسعة عندما نُقلت منها تماثيل "لاماسو" ضخمة إلى المتحف البريطاني أو متحف اللوفر في باريس.

كما عُرضت قطع أثرية أخرى من الموقع الذي أقامت فيه الكاتبة البريطانية أغاثا كريستي مع زوجها الثاني عالم الآثار، في متاحف بغداد والموصل.

من جانبه، أشاد وزير الثقافة العراقية أحمد فكاك البدراني لدى زيارته موقع نمرود بـ"جهد (...) شاق" بذله علماء الآثار لتجميع قطع محطمة ومقارنتها مع "ما هو موجود لديهم من رسومات وصور".

وأشار إلى أنه "بسبب التفجير، لا يمكن معرفة عدد الآثار التي سُرقت" من جانب التنظيم الذي كان يبيع هذه القطع الأثرية في السوق السوداء العالمية.

ويرى البدراني أن "إجراء عملية صيانة حقيقية يتطلب منا جهدا كبيرا" لا يقل عن "عشر سنوات"، و"خبرات إضافية ورصد مبالغ مالية لأنها تحتاج إلى مواد خاصة بالآثار للصق هذه الأجزاء، لتعود لمكانها الطبيعي".

اخبار ذات الصلة