واستعانت السلطات بجنود خدموا في العراق وأفغانستان للمشاركة بتأمين المناسبة.
واتخذت موريل باوزر عمدة مدينة واشنطن عدة إجراءات احترازية في ضوء تزايد تحذيرات التقارير الاستخباراتية من تخطيط الكثير من الجماعات اليمينية المتطرفة، والتي تؤمن برقي الجنس الأبيض من أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، بالعودة إلى العاصمة للاحتجاج على تنصيب بايدن رئيسا جديدا للولايات المتحدة.
وأعلنت باوزر حالة طوارئ عامة في المدينة حتى يوم 21 يناير/كانون الثاني الجاري، وهو ما يمنح حكومة واشنطن المحلية سلطات إضافية، ويمكنها من حشد المزيد من الموارد.
وقالت باوزر إن الأمر يشير إلى أنه "قد يتعين علينا أن نفعل شيئا غير عادي للحفاظ على السلامة العامة في المدينة".
ومن الإجراءات التي يمكن لعمدة المدينة اللجوء إليها: الدعوة إلى عمليات الإجلاء، أو فرض حظر التجول، وإغلاق المرافق العامة.
وقد بدأت بالفعل بتوقف مترو الأنفاق في 13 محطة تقع في محيط الكونغرس والمحكمة العليا ومنطقة الكابيتول والبيت الأبيض، على أن يعود العمل لطبيعته يوم 22 من الشهر الجاري.
وتجولت عدسات الكاميرا بشوارع العاصمة التي تحول وسطها إلى ما يشبه الثكنة العسكرية خاصة المناطق المحيطة بالبيت الأبيض، وصولا إلى مباني الكونغرس بمنطقة مساحتها لا تقل عن 8 كلم مربعة، ومن أبرز المشاهدات:
إغلاق الكثير من الشوارع
أعلنت حكومة العاصمة أغلاق المنطقة المعروفة باسم المول the Mall الممتدة بالطول من مبنى الكونغرس الرئيسي (الكابيتول) وصولا إلى النصب التذكاري للرئيس إبراهام لينكولن، أي من الشارع رقم 1 وحتى رقم 23، كولا، وبالعرض بين شارع الدستور والاستقلال، وأغلق كذلك الكثير من المداخل المؤدية لهذه المناطق.
ورصدت العدسات خلو الفنادق الواقعة داخل نطاق الغلق من النزلاء، وأحيط فندق ترامب الواقع في جادة بنسلفانيا بين البيت الأبيض ومبنى الكابيتول، والذي من المنتظر أن يمر منه موكب الرئيس الجديد الاربعاء القادم، بالكثير من الحواجز الحديدية والمعدنية.
ويسمح للصحفيين ممن يحملون بطاقات معتمدة من جهة حكومية، مثل الخارجية أو الدفاع أو الكونغرس أو البيت الأبيض، بالدخول إلى هذه المناطق المغلقة، كما أحيط مبنى نادي الصحافة القومي بإجراءات أمنية مشددة، نظرا لوقوع الكثير من المؤسسات الصحفية في طوابقه الثلاثة عشر.
من جانب آخر يصعد الناشطون وممثلو عمال الفنادق ضغوطهم على ملاك الفنادق داخل واشنطن لإغلاق أبوابهم من الآن وحتى يوم التنصيب، محذرين من المخاطر الصحية والأمنية المحتملة التي يشكلها المتطرفون اليمينيون الذين قد يقدمون إلى المدينة للاحتجاج أو تعطيل حفل التنصيب.
وكان موقع تأجير المنازل والغرف Airbnb قد أعلن مساء الأربعاء الماضي إلغاء جميع الحجوزات في واشنطن خلال أسبوع التنصيب.
ويوافق الاثنين القادم، 18 يناير/كانون الثاني، مناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية لمولد زعيم حركة الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ، وهو يوم عطلة فدرالية، ولن تشهد واشنطن الاحتفالات والمسيرات التقليدية لهذه المناسبة، بسبب المخاوف الأمنية والإغلاق الواسع للشوارع الرئيسية أمام حركة الناس والسيارات.
في كل مكان
تشير تقارير إلى وصول أعداد قوات الحرس الوطني بالعاصمة إلى أكثر من 15 ألف جندي، وهو ما يزيد عن مجموع القوات الأميركية بالعراق وأفغانستان معا.
وانتشر آلاف الجنود حول الكونغرس، وسط تجاهل واضح لقواعد التباعد الاجتماعي بسبب فيروس كورونا، وأغلب هؤلاء الجنود يتبعون الحرس الوطني لعدد من الولايات، منهم فرجينيا وميريلاند ونيوجيرسي.
ويذكر أحد الجنود أن "آخر ما كان يمكن أن يتخيله أن يقوم بحماية مبان فدرالية" في عاصمة البلاد.
ويضيف أن الكثير من زملائه بالحرس الوطني لولاية فرجينيا خدموا في العراق وأفغانستان، وأنه لا يعرف كيف يوضح لطفليه سبب خدمته في واشنطن.
وتم تأمين مباني الكونغرس المختلفة، والتي تمتد عبر عدد من الشوارع في الجنوب الغربي والجنوب الشرقي من واشنطن، حيث يتوسطها مبنى الكابيتول الشهير، والذي اقتحمه "الترامبيون" مناصرو ترامب يوم 6 يناير/كانون الثاني الجاري.
ورصدت كاميرات الصحفيين حمل كل الجنود أسلحة آلية، ووجود عدد من المدرعات، واستخدام بعض الجنود كلاب الكشف عن المتفجرات.
حواجز حديدية وخرسانية
من ناحية أخرى، لا تتوقف عملية نصب المزيد من الحواجز الحديدية الضخمة حول الكثير من المباني الفدرالية بالعاصمة والمحاكم والوزارات المختلفة.
وفي المنطقة الممتدة أمام مبنى الكابيتول، حيث يتجمع تقليديا مئات الآلاف للاحتفال كل 4 سنوات بتنصيب رئيس جديد، لا تتوقف الاستعدادات لحفل التنصيب رغم توقع عدم السماح للمواطنين بالقدوم للمنطقة ومشاهدة الرئيس يؤدي القسم، ويستمعون لأول خطاب له.
خوف.. أمن
وقال عدد من سكان المدينة الذين اختلفت تقييماتهم لما تشهد مدينتهم من مظاهر عسكرية غير مسبوقة.
وعبرت مارجريت هانت، التي تعمل بإحدى المنظمات غير الحكومية، عن قلقها مما تشهده واشنطن، وقالت إنه يثير فزعها وخوفها، وتعتبره انتصارا بالفعل للجماعات المتطرفة البيضاء، وكون الجيش والشرطة تنتشر في شوارع واشنطن بهذه الصورة فإنه يعني أن "أنصار ترامب نجحوا في إرهاب بقية الأميركيين".
في حين تعارض ليزا ماكوفسكي، المحللة اقتصادية بوزارة العمل، وتقطن مع مارجريت في نفس الشارع، بقولها إن انتشار قوات الأمن بهذه الصورة "يمنحني الطمأنينة ويعكس استعداد الحكومة لأي سيناريوهات حتى لا تتكرر مشاهد 6 يناير/كانون الثاني الجاري".
عمار المسعودي