ومؤخرا، صدم مصريون بخبر اختفاء 73 ثريا أثرية من المسجد، الذي يعد أحد أهم التحف المعمارية والدينية في العاصمة القاهرة.
وبني المسجد على يد الفاطميين سنة 549 هجرية (1154 ميلادية)، ويحتوي كل ركن فيه على آثار تشهد على حقب مختلفة من تاريخ مصر.
فهو يضم واحدة من أقدم نسخ القرآن الكريم وغرفة تضم بعضا من متعلقات النبي محمد {ص}، أما ثرياته الأثرية المختفية فهي هدية من أسرة الخديوي عباس حلمي وجده محمد علي باشا المعروف بلقب "مؤسس مصر الحديث".
وأثار خبر اختفاء الثريات جدلا عارما وتساؤلات عديدة خاصة أنه جاء بعد أيام من إعلان الاتحاد المصري لكرة القدم اختفاء كأس الأمم الإفريقية ومجموعة من الدروع والأوسمة الرياضية من مقره.
واعتبر معلقون ونشطاء مهتمون بالآثار ما حدث دليلا على انتشار الإهمال والفساد ووصفوا المشهد بالعبثي والسريالي.
وطالب بعضهم الجهات المختصة بالإسراع في فتح تحقيق والتصدي لمن وصفوهم بتجار "التراث والتاريخ".
وقد انتقل النقاش حول الثريات المفقودة من مواقع التواصل الاجتماعي إلى القنوات الإعلامية ثم إلى الصحافة الإلكترونية.
ونقلت صحف مصرية عن عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، عبد الهادي هندي قوله إن "الثريات سرقت في عهد جماعة الإخوان المسلمين" مضيفا أن 25 "ثريا أثرية أزيلت من سقف المسجد واستبدلت بأخرى تركية ثم هربت إلى الخارج بعد ثورة 30 يونيو/ حزيران".
من جهتها، نفت "بوابة الحرية والعدالة"، التابعة لجماعة الإخوان المسلمين الاتهامات الموجهة إليها واعتبرتها محاولة للتغطية على "فشل الإدارة الحالية في محاربة الفساد".
ووسط تبادل الاتهامات بين الطرفين، انقسم المتفاعلون مع الموضوع إلى فريقين، حمل كل منهما عدته الافتراضية من صور وشعارات وسوم، ورمى بها على صفحات الآخر.
وقد دافع الفريق الأول عن إدارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي واتهم جماعة الإخوان ببيع تراث مصر لتركيا، بينما ندد آخرون بسياسات النظام المصري ووجدوا في خبر سرقة الثريات من المسجد وقبلها الدروع الرياضية فرصة لدعوة الناس للتظاهر ضد من وصفوهم بـ "العصابة".
في حين نبه فريق ثالث لا يحمل أي ولاءات سياسية من "الانخراط في حرب الاستقطاب وتجاهل الخطر الحقيقي الذي يهدد تاريخ مصر وآثارها".
وحمل هؤلاء الحكومات المتعاقبة على حكم مصر بالتفريط بالآثار لصالح حلفائها أو استعمالها كهدايا تقدم لرؤساء وملوك الدول الصديقة.
ويقول البعض إن مسلسل التنازل عن آثار مصر بدأ منذ عقود طويلة لافتين إلى أن هناك مواقع إلكترونية عالمية تعرض آلاف القطع الأثرية المصرية للبيع في هدوء ولا اعتراض.
ودعوا إلى تفعيل القوانين وإعطاء صلاحيات أكبر لوزارة الآثار لملاحقة ومحاسبة مهربي الآثار .
وفي السياق ذاته، استغرب مغردون آخرون سر الاختفاء المتكرر لأشياء ثمينة من مقار وأماكن يفترض أن تكون آمنة.
تأخر المسؤولين في اكتشاف تلك السرقات المتتالية أثار تساؤلات لدى البعض الآخر، خاصة أن تقارير صحفية أشارت إلى أن بعض تلك الحوادث تعود إلى سنة 2012.
وكانت وسائل إعلام رياضية مصرية قد تداولت قبل أيام خبر اختفاء كؤوس الأمم الإفريقية وبعض الميداليات التي كانت محفوظة في مخازن الاتحاد المصري لكرة القدم.
وقال الاتحاد في بيان إنه "فتح تحقيقا لمعرفة ما إذا كانت الكؤوس نجت من عملية حرق ونهب مقر الاتحاد في عام 2012 لدى الهجوم عليه من مجموعات الأولتراس، أم أنها راحت ضمن الخسائر التي نجمت عما تعرض إليه المبنى في هذه الواقعة".
وكان الإعلامي أحمد شوبير، أول من أثار موضوع اختفاء كأس الأمم الأفريقية 2010 وحرص شوبير على موافاة متابعيه بنتائج التحقيق من خلال نشر مقطع مطول يشرح فيه تفاصيل الواقعة.
وقد أعرب الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف) عن صدمته لاختفاء تلك الكؤوس من مقر الاتحاد، وعرض خدماته لاستعادة تلك الجوائز"التي لا تقدر بثمن".
وكعادتهم في كل أزمة تواجههم، لا يجد المصريون طريقة أنجع من "السخرية" عبر وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن ما يجول في خلدهم.
فلم يترك المهتمون بخبر اختفاء الجوائز من مقر اتحاد كرة القدم وسرقة الثريات من مسجد الحسين {ع}، في تركيب الصور الكاريكاتورية وإطلاق النكات للتعليق على الحدث.
كما استعان آخرون بمشاهد سينمائية لكتابة تدوينات تحتوي على إسقاطات سياسية أو أخرى تحاكي وتتخيل ما حدث للكؤوس والثريات المفقودة.
وذكر خبر اختفاء النسخة الأصلية من كأس الأمم الإفريقية، بواقعة توقيف مواطن إفريقي في مطار القاهرة عام 2013.
واتهمت السلطات آنذاك الرجل بتهمة سرقة الكأس وعرضته على نيابة ليتبين فيما بعد أن كان يحمل نسخة مقلدة من الكأس تستخدم للدعاية.
عمار المسعودي