{بغداد: الفرات نيوز} دعا رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي، السيد عمار الحكيم، الى انشاء مدينة اعلامية، مهنية وسكنية، من اجل رفع المستوى المعيشي للاعلامي، وتمكينه من الوسائل التي تضمن حريته واستقلالية تفكيره، وخلق البيئة المناسبة له .
وقال السيد عمار الحكيم، في كلمته التي القاها في المؤتمر التأسيسي لاتحاد الاذاعات والتلفزيونات العراقية ان "جوهر الاعلام هو توصيل خبر او معلومة اوفكرة، ومع تعدد وسائل الاتصال اليوم فقد اصبح الاعلام هو العلامة الفارقة لهذا العصر، واضحى تأثيره في حياتنا طاغيا ومن الصعوبة تجنبه " مشيرا الى ان " الاعلام اليوم لايصنع رأيا عاما وانما يؤثر في العقول ويحركها ويستطيع ان يغير توجهات الافراد ويوجههم الى حيث يشاء، فانه لم يعد ناقلا وواصفا للحدث وانما هو من يصنع الحدث وهو قادر على ان يقدم للشعوب والامم وصفات للتقدم للامام وهذا هو الاعلام التنويري وقد يقدم وصفات التراجع والانغلاق والظلامية، وهذا هو الاعلام المتحجر فيعيد الشعوب الى الوراء حيث التخلف والجمود وهناك الاعلام العدائي والساعي الى وقف مسيرة الشعوب والتلاعب بالثوابت الوطنية وعلاقاتها الانسانية ".
واضاف ان " الاعلام في عصرنا يعد من اسرع الوسائل لتوسيع الحدود الادراكية للشعوب وهنا يستطيع الاعلام ان يصنع شعوبا متقدمة ومتنورة ومتصالحة مع نفسها ومدركة لذاتها، او شعوب تعاني من الضياع الفكري وهي تواجه ضعوطا هائلة من الهلوسة الاعلامية الموجهة وفي عالم اليوم المتخم بوسائل الاعلام فان الاعلام اصبح من اخطر الاسلحة واكثرها انتشارا حتى ان الحروب الاعلامية باتت تبدأ بقرار سياسي وتنتهي بهدنة وهي حروب شرسة وان كانت تخلو من البندقية ولكنها اشد فتكا لانها تستهدف العقل ومفتاحي العقل هما البصر والسمع والاعلام لايريد غيرهما كي يتمكن من التأثير على العقل، انها حرب الاثير والقوة الناعمة التي تنساب في الفضاء، فمن الاعلام نستطيع ان نجد حقيقة الاعلام وهي ان يكون مهمته خلق الوعي وهو من اصعب المهام إذ بوجود شعب واع تستطيع الامم ان تتقدم الى الامام وتصان الحقوق ".
واوضح سماحته ان " الاعلام هو الاداة الاكثر تأثيرا في عملية نشر الوعي ولكن اي اعلام، اعلام التضليل الفاقد للضمير او الاعلام المتزن الصادق مع نفسه وجمهوره الذي يبحث على معلومة ولا يحورها ويتعامل مع الحدث وينقل الاخبار ولا يحورها اننا ندرك ان المثالية شيء من الكمال ولا نتصور ان تكون الامور بحالتها المثالية وخصوصا بمجال متحرك كالاعلام، ولكن ندرك ان السعي للمثالية هي حالة مثالية بحد ذاتها كما ان السعي للكمال كمال بحد ذاته ان تكون الوسيلة الاعلامية تبحث عن الحقيقة وهدف سام بينها وبين جمهورها ولكنها قد تخطئ هنا او هناك فهو شيء مقبول جدا وفي سياق طبيعة الحياة والاحداث ولكن ان توحد الوسيلة الاعلامية بهدف التلاعب بالعقول وحرف الحقائق فهذا مانعنيه بالاعلام الفاقد للضمير لانه ناتج عن اعلاميين يفتقودن الضمير الانساني ولا يمتلكون شرف المهنة فلكل مهنة شرف حتى في السياسة هناك شرف وان كان البعض يرى ان السياسة خداع ومكيدة نحن نتحفظ على هذه الرؤية فان شرف السياسي من شرف سياساته وشرف الطبيب من شرف وصفاته وشرف الاعلامي من شرف الحقيقة التي يوصلها للناس التي تخدمهم وتثقفهم وتوعيهم ".
واستدرك " اننا لسنا هنا لنعرف الاعلام بل من باب تقديم التحية والاحترام والتقدير لجهودكم ولايماننا الكبير بالدور الذي تقومون به بهذه المرحلة الحساسة من حياة الشعب والوطن، وندرك جيدا الصعاب التي تواجهونها والحصار الذي تحاولن فكه وان تبقوا محافظين على نقائكم في زمن اصبح الحفاظ على النقاء امر صعب، ومهمة معقدة فكيف الحال وانتم تعملون بمهنة المتاعب حيث الحقائق تخبئ والاغراء لايتوقف كي يأسركم والتهديد كي يرعبكم وان دوركم الكبير يدفعكم للعمل في مناخات غير مهنية واجواء تشوبها الضبابية في اغلب الاحيان ولكن هذا قدر الذين يريدون صناعة الوطن بعد ان انهكه الحصار الفكري قبل الاقتصادي وخربت الة الحرب بنيته التحتية واليوم الارهاب ان يدمر بنيته الوطنية ".
واشار الى ان " الوطن يحاول ان ينهض وشعب صامد يدفعه نحو النهوض وانتم تقاتلون الارهاب والطائفية بيد وتحاربون الفساد والانحراف باليد الاخرى كل ذلك بصدور عارية الا من الايمان بقضيتها ومشروعها ووطنها وكمواطنين بهذا الوطن فانكم تعانون مايعاني منه المجاهدون في سبيل توفير العيش الكريم لكم ولعوائلكم انها بحق مهمة صعبة حينما يعمل الانسان على مساحة العقل والتفكير ويكون على عاتقه مسؤولية احياء امة وهذه هي مسؤوليتكم الحقيقة انها لمهمة صعبة حينما تحاولون ان تتلمسوا الحد الفاصل الرفيع بين الانتقاد البناء والانتقاد الهدام وادارة المعلومة وتدوير المعلومة وبين التسويق لمشروعنا ووطننا وبين التزلف لهذا وذاك كل هذه التحديات وغيرها يجابهها الاعلام العراقي اليوم وهو بطريقه لصناعة نهج اعلامي ناصع وعميق وحيوي ".
واكد سماحته على " اننا اليوم بحاجة لوقفة حقيقية من اجل رفع المستوى المعيشي للاعلامي وتمكينه من الوسائل التي تضمن حريته واستقلالية تفكيره وان يكون هو صاحب المبادرة في عملية نشر الوعي الجماهيري وهذا لايتحقق بالوعود والاماني، وانما بالعمل الصادق والتخطيط الاستراتيجي " مبينا ان " اول خطوة لتمتين الاعلام بكل وسائله انما تتم من خلال خلق البيئة المناسبة معيشيا وعمليا للاعلاميين ويكون ذلك من خلال مشروع المدينة الاعلامية المهنية والسكنية حيث تكون منطلق لايجاد هذه البيئة وهي ليست بالمشروع الكبير اذا ماقورنت بالدور المتنامي والمحوري للاعلامي في توعية المجتمع وبناء الوطن والدفاع عنه بالكلمة الصادقة والمعلومة الحقيقية كذلك تمنح هذه الفئة المهمة المساحة المشتركة الواحدة والبيئة المتقاربة مثلما تسمح لهم بالتفرغ لاداء دورهم في المجتمع بعيدا عن المعوقات ".
وتابع " اننا نتمنى من القريبين منا في القرار والمسؤولية ان يتبنوا معنا هذا المشروع وان يساهموا بالعمل عليه كي يرى النور باسرع وقت ولا يعتبروه صفقة سياسية وانما هي خطوة اولى في معركتنا في الدفاع عن مشروعنا الحضاري لهذا الوطن وان تكريم المقاتلين المجهولين في هذه المعركة لهو من اقدس الواجبات والاعلامي هو المقاتل المجهول ".
وانطلق اليوم الثلاثاء، المؤتمر التأسيسي لاتحاد الاذاعات والتلفزيونات العراقية بحضور رئيس المجلس الاعلى الاسلامي السيد عمار الحكيم ورئيس الوزراء نوري المالكي وبمشاركة وسائل الاعلام المرئية والمسموعة في بغداد. انتهى م