"الحارس اليقظ".. تعاون رقابي متناغم لضمان ودائع المواطنين في المصارف العراقية

وعلى الرغم من التداخل الظاهري في مهامهما، إلا أن التعمق في تفاصيل دورهما يكشف عن تكامل وظيفي دقيق يضمن سلامة ومتانة القطاع المصرفي في البلاد.
تتجسد مهمة دائرة مراقبة المصارف في الإشراف والرقابة الدقيقة على المؤسسات المصرفية العاملة في العراق. فهي بمثابة الحارس اليقظ الذي يضمن الالتزام الصارم بالمعايير المالية والمحاسبية المعمول بها. تمتد مسؤوليات الدائرة لتشمل تقييم الأداء المالي للمصارف، وضمان امتثالها للقوانين واللوائح المصرفية ذات الصلة، لا سيما فيما يتعلق بمتطلبات السيولة والملاءة المالية. وفي أوقات الأزمات، تتدخل الدائرة بحزم لاحتواء التداعيات وتوفير الدعم اللازم للحفاظ على استقرار النظام المصرفي ومنع انهياره.

على الجانب الآخر، تضطلع الشركة العراقية لضمان الودائع (ICDI) بدور محوري في حماية ودائع الجمهور وضمان سلامتها. فهي بمثابة شبكة الأمان التي تحمي المدخرات من الضياع في حال تعرض البنك للإفلاس. من خلال توفير ضمانات على الودائع المصرفية تصل إلى حد معين، ترسخ ICDI الثقة في نفوس المودعين وتشجعهم على الادخار والاستثمار في المصارف بدلا من الاكتناز، مما يسهم في زيادة السيولة المتاحة للاقتصاد الوطني، وبالتالي دفع عجلة النمو والتطور.

إن التكامل بين دائرة مراقبة الصيرفة وICDI يكمن في توزيع الأدوار والمهام بشكل متناغم يضمن تحقيق الهدف الأسمى، ألا وهو صون النظام المصرفي وتعزيز استقراره. فبينما تضطلع الدائرة بدور "الحارس" الذي يراقب ويوجه، تقوم ICDI بدور "الملاذ الآمن" الذي يحمي ويوفر الطمأنينة. إن هذا التكامل الوظيفي الدقيق يعكس التعاون الوثيق بين المؤسستين، ويبرهن على أن دورهما ليس متعارضًا، بل متكامل ومتناسق لتحقيق هدف مشترك الا وهو حماية الودائع وضمان استخدامها من قبل المصارف استخداما ناجحا وامينا.

هذا وان تجربة العراق خير دليل على نجاعة هذا التكامل. فعقب انضمام العراق إلى الهيئة الدولية لضامني الودائع، شهدت البلاد تحسنًا ملحوظًا في استقرار نظامها المالي، وارتفاعًا كبيرًا في حجم الودائع المصرفية، مما يشير إلى تنامي ثقة المواطنين في النظام المصرفي. هذه النتائج الإيجابية تؤكد أن التعاون الوثيق بين دائرة مراقبة المصارف وICDI  له دور حاسم في تحقيق الاستقرار المالي المنشود.

في الختام، لا شك أن التكامل بين دائرة مراقبة المصارف والشركة العراقية لضمان الودائع يشكل نموذجًا يحتذى به للتعاون البناء بين مؤسسات الدولة. هذا التكامل يساهم في تحقيق الأهداف المشتركة المتمثلة في حماية أموال المودعين، وتعزيز الاستقرار المالي، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة في العراق.