وقال السيد عمار في كلمته بمناسبة يوم الشهيد العراقي في أربيل "ـ نلتقي مجدداً باعتزاز كبير، في مدينة أربيل الحبيبة لنحتفل فيها معاً {بيوم الشهيد العراقي} بذكرى استشهاد شهيد المحراب الخالد آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم رضوان الله تعالى عليه".
وأضاف، إنَّ "حضورنا في كردستان الشموخ وعاصمتها أربيل مدينة الشهداء والمناضلين للاحتفال بهذه الذكرى الأليمة مع أصدقائنا وأهلنا وشعبنا الكردي العريق، المواسي لنا في محطات تاريخنا الأسري والسياسي والاجتماعي .. لهو رسالة بليغة في عمق هذه العلاقة التاريخية الوطنية الممتدة".
وتابع "نقف هنا لنستذكر معا محطات حياة أولئك القادة الوطنيين الذين ناضلوا وكافحوا من أجل حقوق شعبهم واعلاء كلمة وطنهم وتحقيق العدالة والاستقلال والاستقرار والازدهار لبلدهم".
وأوضح السيد عمار الحكيم إن "شهيد المحراب الخالد السيد محمد باقر الحكيم والزعيم الكردي الكبير الراحل الملا مصطفى البارزاني لم يكونا قادةً للشيعة أو الكرد فحسب ، بل كانا قادةً عراقيين ناضلوا وكافحوا من مواقعهم ومن عمق مجتمعاتهم من أجل استيفاء حقوق شعبهم بكل قومياتهم وأديانهم وطوائفهم".
وتابع "نجد ذلك شاخصاً في خطاباتهم وكلماتهم وسيرتهم كما نجده راسخاً في حركتهم ومسيرتهم وكتاباتهم الخالدة، وطالما نستشهد بمقولة الزعيم الراحل الملا مصطفى البارزاني في قوله: {إذا كان حب الوطن جريمةً ، فأنا سيد الجناة} وهو القائل أيضاً {إننا في ثورتنا نتوخى الخير أولاً للعرب ومن ثم للكُرد وباقي الشعب العراقي من {تركمان، وأشور، وأرمن وكل من يوجد على هذه الأرض}".
ولفت السيد عمار الحكيم الى "انها كلمات عميقة لا تصدر الا من زعيم وطني واعٍ بمقتضيات زمانه واحتياجات شعبه ومستلزمات نجاح بلاده ، وهي ذات المقولات التي كان يكررها شهيد المحراب الخالد وقبله والده المرجع الأعلى سماحة الإمام الراحل السيد محسن الحكيم رضوان الله عليهما، عندما كانا يدافعان عن حقوق الكرد، لا بوصفهم كرداً فحسب بل بكونهم عراقيين ومواطنين لهم وعليهم ما لغيرهم من حقوق وواجبات".
وقال ان "الشعوب الحرة تفتخر برموزها وقادتها وشهدائها وعلمائها ونخبها، ليس محبة واكراماً لشخوصهم وشخصياتهم فحسب ، بل تأسيا بعقولهم وتحركاتهم الاجتماعية والسياسية والوطنية ، واقتداءً بتضحياتهم وما قدموه من مواقف وانجازات".
وشدد رئيس تحالف عراقيون "لا يمكن ان نبني عراقا مستقلاً ومستقراً ومزدهراً من دون عراقيين اقوياء واعزاء واحرار ، وبجميع مكوناته التي تشعر بالطمأنينة والاحترام والعدالة ، وتعتز بانتمائها لأرض واحدةٍ وتاريخ ودولة وأمة واحدة، ومسير ومصير مشترك، وهو اعتزازٌ بهوياتهم الفرعية وخصوصياتهم القومية والاجتماعية والدينية".
وأضاف "مررنا جميعا عربا وكردا وتركمانا، شيعة وسنة، مسلمين ومسيحيين، ايزديين وصابئة بمحطات مؤلمة وقاسية في تاريخ بلادنا الحديث، تركت آثارها النفسية والمادية والعاطفية على مجتمعاتنا جميعا ودفعتهم الى قلق وحرصٍ مستمرين على مصائرهم ومستقبلهم وشعبهم".
واستدرك بالقول "لكن قادتنا لم توقفهم المصاعب ولم تربكهم المصائب ولم تدفعهم الاحداث يوماً الى التراجع والاحباط، رغم ما قدموه من تضحيات غالية بفقدان الأهل والأحبة والرفاق والأنصار، وصولا إليهم وما قدموه من أنفس أبية ودماء طاهرة زكية".
وشدد السيد عمار الحكيم "يجب أن نقتدي بقادتنا في إكمال مسيرتهم الوطنية ونوحد الجهود لرسم مستقبل أكثر أمانا وسكينة وأكثر توازنا وقوة لجميع مكونات بلادنا، بما يدفعهم للاعتزاز بعراقيتهم وبلدهم وهويتهم الوطنية الجامعة".
وأكد "يتحتم علينا جميعا عدم الركون الى الماضي الأليم فلا بد من تجاوز تراكماته وآثاره الفادحة بحاضر مختلف ومستقبل أفضل نصنعه بأيدينا المتشابكة وعقولنا الواعية المسؤولة".
وقال السيد عمار الحكيم للكرد: "كشقيق لكم وصديق صدوق، لم يكذبكم يوماً ولم يدَّخر لكم نصرة، أدعوكم بصراحة ووضوح الى تجديد العهد والوعد معا على أن نكون كما كنا طوال تاريخنا يدا واحدة لإكمال مسيرة بناء الدولة العراقية والأمة العراقية، وتقديم نموذج ناجح لأبناء شعبنا وللأجيال القادمة، على أساس وحدة التراب والدم والتاريخ، كما والنضال والجهاد والمصير المشترك".
وبين "لقد تشاركنا في الماضي وفي الدماء والدموع لتحرير أبناء شعبنا من طغمة الاستبداد والديكتاتورية وعلينا أن نتشارك اليوم في الخطاب والمشروع لإنضاج تجربتنا الديمقراطية وبناء دولة العراق العصرية العادلة التي ننعم في ظلها جميعا بحقوق المواطنة والكرامة والإرادة المشتركة".
ودعا الى "أن نخلق حُلماً عراقيا عنيداً يضم احلام مكونات البلاد الأصيلة جميعها، حلما صادقا يجمع احلام العرب والكرد والتركمان في مشروع وطنيٍ واقعيٍ متجدد، نقوى بنتائجه ونحظى بفوائده جميعا" منوها الى ان "بلادنا غنية بتعددها وتنوعها، وبمواردها البشرية والمادية الهائلة، ومائدة العراق تتسع لجميع أبنائه لينعموا بثرواته وبركاته، وذلك يتطلب إرادة جادة ومجتمعة بعقد اجتماعي وسياسي جديد يرسم ملامح المستقبل المستقر والآمن للجميع . ويحفظ حقوق الجميع، ويعزز مكانتهم في وطنهم".
وأشار الى، ان "الفجوات المصطنعة او تلك التي حدثت وتحدث بين الفينة والأخرى، بين العرب والكرد بسبب الضغوطات والتحديات والظروف الطارئة يجب ان تتبدد وتزول، من خلال خطاب عراقي {عربي كردي تركماني} مشترك ورصين، يدعو الى المواطنة والهويَّة الجامعة والأمة العراقية والمصالح العليا للبلاد".
وتابع "لنغلق الأبواب والنوافذ بوجه التشدد والتطرف والتوتر من كافة الاطراف، ولنفتح صفحةً عراقية بيضاء، نسطر فيها همومنا المشتركة ونعالج فيها أزماتنا الطارئة ونخلق من خلالها مشروعا عابرا للمكونات، يضمنا في جنباته ويمهد لنا جميعا القوة والمنعة بدولة عراقية قوية تضم اقليما كرديا قويا ومحافظات عراقية قوية وكريمة، كما أقر الدستور".
وأستطرد بالقول "تعلمنا من صفحات الدكتاتورية والارهاب بأننا كلما توحدنا انتصرنا معا، وكلما تفرقنا خسرنا جميعا، دون تمييز، وفي ذلك دروس وعبرة، وشهداؤنا ودماؤنا وتضحياتنا واحدة، وهذه الوحدة يجب أن تدفع العرب للدفاع عن الكرد وتدفع الكرد للدفاع عن العرب، وبهذه الروحية والخطاب نتمكن من تجاوز كل الصعاب والمتاعب والتحديات".
وأكد ان "اشكاليات الأمن والاقتصاد والسياسة الخارجية يجب ان تدفعنا نحو حوار شامل وجاد وتؤسس لمعادلة جديدة وفاعلة وواعية يكون مفادها المحاور التالية:
ـ إن أمن العراق غير قابل للتجزئة، وما يصيب بغداد يصيب الجميع، وما يصيب أربيل أو الوسط أو الجنوب يصيب الجميع .
ـ فعلينا جميعا العمل على ضبط الأمن في جميع مناطق العراق بشكل صارم وكامل.
وأعلن السيد عمار الحكيم "استنكاره الشديد لما تعرضت له مدينة أربيل مؤخراً من هجمات صاروخية مخربة تمس بالصميم أمن كردستان والعراق معا".
ولفت الى ان "اقتصاد العراق بحاجة الى ثلاثية تكاملية تتمثل بـ {توحيد الرؤية وتوحيد المصادر وعدالة التوزيع} فلا يمكن ان نقبل بالخطط الاقتصادية البالية والريعية الجامدة، ونؤكد على ان تمويل الموازنة العامة للعراق هي مسؤولية الجميع، كما يعتاش عليها الجميع، فكل العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات كما نص عليه الدستور".
وأوضح "هنا لا اتكلم بلغة الشعارات والانفعالات بل بلغة الحلول الشاملة والمرضية للجميع، ولنجعل أمننا واقتصادنا موحدا،ً وسنرى كيف سيحظى الجميع بحقوقهم المشروعة والمرضية".
ورأى ان "ما يجري سنويا من تجاذبات ومفاوضات حول الموازنة والنفط والمنافذ الحدودية باتت معرقلات سنوية محبطة للمواطن العراقي العربي والكردي الذي يترقب بقلق وخشية مصير رزقه ومعيشته وأمنه الاقتصادي".
ودعا الى "اتفاق مالي واقتصادي شامل وعادل مع بغداد، ينهي الجدل نهائيا من خلال بنود تحفظ حقوق الجميع وتزيل الحساسيات وتحدد مسؤولية الاطراف كلها، ويعز علي ان ارى المواطن الكردي والموظف الكردي يترقب راتبه لأشهر مديدة ، وينتظر يوما يكون فيه مستقرا اسوة بكافة موظفي العراق".
وخاطب السيد عمار الحكيم الكرد ومسؤولي الاقليم بالقول "أمنحونا الحلول والمرونة لنقف معكم بقوة ومنطق ومرونة اكبر، ونساعدكم وندافع عنكم في كل مكان".
ودعا "في السياسة الخارجية الى إبعاد العراق عن أية توترات وتصفيات وتدخلات، مع ضرورة الانفتاح على الجميع، والحوار مع الجميع، لخلق مناخ آمن ومستقر لشعبنا وشعوب المنطقة كافة".
وقال "أراهن كثيرا على حكمة وبصيرة قادة الإقليم، وفي مقدمتهم الأخ الرئيس مسعود البارزاني الذي يمثل خير خلف وخير زعيم لخير سلف وزعامة، ونتمنى عليه أن يساعد ويقف معنا كما كان دائماً، في جبهة واحدة هي جبهة العراق الواحد الموحد القوي المستقل المستقر المزدهر".