لكن رغم تزايد حالات الإصابة بالمرض في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، أصبح هناك انقسام في المجتمع حول جدوى ارتداء هذه الأغطية.
وفي محاولة لمعرفة مدى قدرتها على الوقاية من التقاط عدوى فيروس كورونا المستجد، قام باحث في المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا، التابع للحكومة الأميركية، بتحويل مرآب منزله إلى معمل لتصوير ما يحدث خلال عملية إطلاق الفيروس في الهواء، وذلك بواسطة طريقة تصوير تسمى "شليرين (Schlieren imaging) وهي تقنية يمكن من خلالها رصد التغيرات التي تحصل في وسائط شفافة مثل الدخان وغيرها.
ماثيو ستايميتس، نشر مقالا يتضمن مقاطع فيديو توثق تجربته، وكتب فيه أنه استخدم هذه التقنية "لإنتاج فيديو نوعي يوضح أهمية ارتداء غطاء الوجه وإيجابيات وسلبيات أنواع مختلفة من الأغطية المصنوعة في المنزل".
مهندس الميكانيكا رصد الهواء الذي يخرج من الأنف والفم أثناء ارتداء الكمامة، ويشير أحد المقاطع إلى مدى تحرك الهواء بقوة أقل وببطء، مقارنة بالهواء الذي يخرج في حال عدم ارتدائها.
ويعني ذلك أن الكمامة يمكنها أن تبطئ انتشار الفيروس في الجو، لكن مع عدم ارتدائها، تخرج القطرات عن طريق السعال إلى الهواء لتهبط على أشخاص آخرين في مسافة قريبة.
وفي الحالة الأخيرة، يمكن أن تتبخر هذه القطرات في الهواء وتتحول إلى جزيئات صغيرة للغاية تطير في الهواء لمسافة أبعد، ونظرا لصغر حجم هذه الجزيئيات، سيكون من الصعب للغاية تصفيتها.
لكن إذا كان الشخص مرتديا للكمامة، لن يكون بإمكان هذه القطرات الثقيلة وكبيرة الحجم التبخر والتحول لجزيئات صغيرة، لأنها لن تستطيع المرور عبر الكمامة.
وفضلا عن ذلك، فإنه مع خروج الهواء عبر الكمامة، يتشكل ليصبح أشبه بالدوامات، وليس تيارا هوائيا قويا مثل ذلك الذي يخرج من دون غطاء للوجه، ما يعني أن القطرات لن تستطيع التحليق إلى مسافة أبعد.
وبصرف النظر عن نوع غطاء الوجه المستخدم، يجب التأكد من تغطية الأنف والفم جيدا، وفي الوقت ذاته لا يجب تضييق الغطاء بشدة، حتى لا يتسرب الهواء من الأطراف.
ولاختبار مدى فعالية الكمامة، قم بإطفاء شمعة وأنت ترتديها، على أن تكون الشمعة على مسافة نحو 30 سنتيمترا.
ولطالما أشارت الدراسات السابقة إلى كفاءة غطاء الوجه في منع انتقال المرض من المصاب إلى الآخرين، إلا أن دراسة جديدة وجدت أنه يحمي أيضا مرتدي الغطاء غير المصاب من التعرض لعدوى الفيروس.
ووجدت الدراسة التي أجراها مستشفى دافيس للأطفال، التابعة لجامعة كاليفورنيا الأميركية، أن كمامات الوجه قد تمنع خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد، بنسبة 65 في المئة.
وتؤكد التجربة الأخيرة التي قام بها ستايميتس أهمية ارتداء أغطية الوجه في جميع الحالات، نظرا لأنه ثبت أيضا أن نسبة كبيرة من المصابين لا تظهر عليهم أعراض، ما يعني أن الشخص قد يكون مريضا ولا يعرف إصابته بالمرض.
وعن نوعية أغطية الوجه، قال الباحث بعد أن اختبر 26 نوعا أنها جميعها يمكن أن توفر الحماية "حتى أبسط أغطية الوجه (لفافة الوجه "البندانا"، وأقنعة تدفئة الرقبة، وغيرها) منعت كميات كبيرة من السعال من الوصول إلى شخص آخر".
ويؤكد أيضا أهمية إحكامها جيدا حول الأنف والذقن والخدين ما "يساعد على منع السعال من التسرب"، ويحذر من سحب الغطاء إلى تحت الأنف، لأن الهواء سيخرج بأريحية من الأنف عند السعال.
الجدير بالذكر أن منظمة الصحة العالمية أعلنت مؤخرا وجود أدلة تدعم انتقال الفيروس عبر الهواء، بعد أن دقّت مجموعة من 239 عالما دوليا ناقوس الخطر حول هذا النوع من الانتقال.
وكانت جامعة فلوريدا أتلانتك الأميركية قد وجدت في دراسة سابقة، أن قدرة كمامة الوجه على احتواء قطرات الرذاذ تختلف بحسب جودتها.
وأوضحت الدراسة أن الكمامات المصنوعة من طبقتين من نسيج القطن، كانت الأكثر فاعلية في وقف انتشار قطرات الرذاذ الناجم عن السعال والعطس، أما أقلها كفاءة كانت لفافات الوجه (بندانا).
دراسة أخرى سابقة وجدت أيضا أن الكمامات من نوع "N95" التي يستخدمها العاملون في المجال الصحي هي أفضل الأنواع على الإطلاق نظرا لقدرتها على تصفية (أو فلترة) الجزئيات الفيروسية بدرجة يمكن أن تصل إلى 90 في المئة.
وكشفت أيضا عن فعالية أغطية الوجه المصنوعة من عناصر أخرى، وكانت بالترتيب: كيس المكنسة الكهربائية (86 في المئة) ومنشفة الأطباق (73 في المئة) ومزيج قطني (70 في المئة) والوسادة المضادة للميكروبات (68 في المئة) والكتان (62 في المئة) والوسادات العادية (57 في المئة) والحرير (54 في المئة) والملابس المصنوعة من قطن 100 في المئة (51 في المئة) والأوشحة (49 في المئة). انتهى
محمد المرسومي