و"الستراتوسفير" هي الطبقة الرئيسية الثانية من الغلاف الجوي للأرض، فوق طبقة "التروبوسفير" مباشرة، وتحت طبقة "الميزوسفير".
هذه الحقيقة العلمية أصبحت مثبتة لأن الباحثين قاموا بحفر وتحليل عينات اللب الجليدية في الأرض، وأخذوا عينات من أعماق الصفائح الجليدية والأنهار الجليدية، والتي حاصرت رذاذ الكبريت الذي نتج عن الانفجارات البركانية التي وصلت إلى طبقة الستراتوسفير واستقرت مرة أخرى على السطح.
وتمكن الجليد من المحافظة على أدلة البراكين على مدى فترات زمنية طويلة بشكل لا يصدق، وفق تعبير موقع "ساينس أليرت" لكن تحديد التاريخ الدقيق لحدث يظهر في طبقات لب الجليد لا يزال عملًا صعبًا.
وتمكن العلماء من دحر فرضية قديمة كانت تقول إن الرواسب الكبريتية تركها ثوران كبير أطلق في عام 1104 من قبل بركان "هيكلا " في أيسلندا، وهو بركان يسمى أحيانا "بوابة الجحيم" نظرًا لأن الشريط الرقيق من الجليد يعد من بين أكبر إشارات ترسب الكبريتات في الألفية الماضية.
وهذه النتائج، توصل إليها باحثون ونشروها في ورقة شهر أبريل 2020 بقيادة عالم المناخ المعروف سيباستيان جيليه من جامعة جنيف في سويسرا، تعني أن "هيكلا" لم يكن من الممكن أن يكون السبب وراء إشارة الكبريتات العملاقة.
وللتحقق أكثر، قام الفريق بفحص التوثيق التاريخي، بحثًا عن سجلات العصور الوسطى لخسوف القمر الغريب المظلم الذي يمكن أن يتوافق مع ضباب الستراتوسفير الرئيسي.
وقال الفريق إن الظواهر البصرية الرائعة في الغلاف الجوي المرتبطة بالهباء الجوي البركاني على ارتفاعات عالية قد جذبت انتباه المؤرخين منذ العصور القديمة.
وفقًا لسجلات وكالة ناسا المستندة إلى الحساب الفلكي، كان من الممكن ملاحظة سبعة خسوف إجمالي للقمر في أوروبا في العشرين عامًا الأولى من الألفية الماضية، بين 1100 و1120 م.
حقيقة تاريخية موثقة
وجاء في المؤلف التاريخي بيتربورو كرونيكل إنه "في الليلة الخامسة من شهر مايو، ظهر القمر ساطعًا في المساء، وبعد ذلك تضاءل ضوؤه شيئًا فشيئًا بحيث أنه بمجرد حلول الليل، كان منطفئًا تمامًا، لم يكن هناك ضوء ولا جرم سماوي، ولم يُشاهد أي شيء على الإطلاق".
وبيتربورو كرونيكل، هو أحد السجلات الأنغلو سكسونية، يحتوي على معلومات فريدة حول تاريخ إنكلترا بعد الفتح النورماندي.
ووفقًا لعالم اللغة جاك بينيت، هو تاريخ النثر الوحيد باللغة الإنكليزية بين حتى القرن الرابع عشر.
وناقش العديد من علماء الفلك منذ ذلك الحين هذا الخسوف الغامض والظلام غير المعتاد للقمر، حتى ظن البعض أنه اختفى.
وبعد قرون من حدوثه، كتب عالم الفلك الإنكليزي جورج فريدريك تشامبرز عن ذلك، قائلاً: "من الواضح أن هذا الكسوف كان مثالاً على كسوف "أسود" عندما يصبح القمر غير مرئي تمامًا بدلاً من أن يضيء باللون النحاسي المألوف".
وتشير الدراسة الجديدة إلى أنه على الرغم من أن الحدث معروف جيدًا في تاريخ علم الفلك، إلا أن الباحثين لم يشيروا أبدًا إلى أنه ربما كان سببه وجود الهباء الجوي البركاني في الستراتوسفير ، على الرغم من أن هذا هو السبب الأكثر ترجيحًا.
وكتب الباحثون: "نلاحظ أنه لا يوجد دليل آخر على حجاب الغبار البركاني، مثل تعتيم الشمس وتوهجات الشفق الأحمر والهالات الشمسية المحمرّة، خلال تحقيقاتنا للأعوام 1108-1110 م".
حسين حاتم