• Thursday 16 January 2025
  • 2025/01/16 13:54:35
{محلية: الفرات نيوز} من يسكن إقليم كردستان عليه أن يتكيف مع أمرين أساسيين، كهرباء حكومية عاجزة، ومولدات بضجيج مزعج يرافقه دخان يلوث الهواء، ويضيف أعباءً مالية على الموطنين. أما الحلول فلم تكن فعالة.

وشهد إقليم كردستان تراجعا كبيرا في خدمات الكهرباء الحكومية، حيث انخفضت ساعات الإمداد إلى أقل من 7 ساعات يوميا.

هذا الواقع أجبر مواطني الإقليم على الاعتماد على المولدات مددا تتجاوز 13 ساعة يوميا.

وخيار المولدات الكهربائية يضيف عبئا اقتصاديا إضافيا على السكان، خاصة فئة الموظفين، في ظل تأخر صرف الرواتب.

وأدى انتشار استخدام المولدات إلى تفاقم الأضرار البيئية والصحية نتيجة زيادة الانبعاثات الضارة الناتجة عن احتراق الوقود.

في المقابل، يُضدؤ جزء من الطاقة المنتجة في الإقليم إلى خارج الإقليم، مما يزيد من الأزمة.

ويقول مسؤول إعلام وعلاقات مديرية كهرباء السليمانية، سيروان محمد إن جزءا من إنتاج الطاقة الكهربائية الاستثمارية في الإقليم يصدر إلى محافظتي نينوى وكركوك وفق اتفاقات وعقود أبرمتها شركات إنتاج الطاقة في الإقليم مع الحكومة الاتحادية.

أعباء أثقلت كاهل المواطنين

تقول هوار عبد الله، التي تعيش على راتب الوظيفة، إن تكلفة الاشتراك في المولدات بلغت 75 ألف دينار (50 دولارا) شهريا.

وبالمقارنة مع مستويات رواتب الموظفين من أمثال هوار، فإن دفع 50 دولارا يعد مبلغا كبيرا لا يمكن تحمله، ويزيد من صعوبات المعيشة.

عدم قدرة المواطنين على تلبية تكاليف الكهرباء في الإقليم أدت إلى تراكم فواتير الكهرباء الحكومية غير المدفوعة، وهو ما يعد معاناة أخرى على المواطنين الذين تتراكم عليهم الديون.

ويؤكد مسؤولون في وزارة الكهرباء أن حاجة إقليم كردستان من الطاقة تبلغ 7500 ميغاواط لتغطية الطلب الشتوي، في حين لا يتجاوز الإنتاج الحالي 3500 ميغاواط. ويخصص جزء من هذا الإنتاج للمؤسسات والدوائر الحكومية، مما يحد من الخدمة المقدمة للمواطنين.

يقول مسؤول إعلام وعلاقات مديرية كهرباء السليمانية سيروان محمد، إن مشكلة تراجع ساعات التجهيز تتكرر سنويا خلال فصلي الشتاء والصيف نتيجة ارتفاع الطلب على الطاقة.

وأضاف أن محافظة السليمانية بحاجة الى 1900 ميغاواط وحجم التجهيز الحالي لا يتجاوز 650 ميغاوط وهذا لا يسمح سوى بـ 6 إلى 8 ساعات تجهيز يوميا .

ولفت محمد الى أن حجم ديون الكهرباء المترتبة على المواطنين والمعامل والدوائر الحكومية في إقليم كردستان تقدر بأكثر من ترليون دينار.

وأشار الى أن عدم تسديد الأجور يحمل وزارة الكهرباء أعباء مالية تنعكس سلباً على حجم إنتاج الطاقة .

ويرفض مشتركو الطاقة الكهربائية في الإقليم وخاصة شريحة الموظفين تسديد جباية أجور الكهرباء الحكومية منذ أكثر من عشر سنوات.

وسبب الرفض هو أن الموظفين يقولون إن لهم في ذمة حكومة الإقليم رواتب مدخرة، وأن على الحكومة استقطاع قيمة فواتير الكهرباء من الرواتب المدخرة.

وكانت حكومة إقليم كردستان قررت في عام 2014 العمل بنظام ادخار رواتب الموظفين نتيجة الأزمة المالية إثر قرار الحكومة الاتحادية قطع ميزانية الإقليم المالية بعد شروع الإقليم بتصدير نفطه بشكل مستقل من دون الرجوع إلى بغداد وعجز الإقليم عن تأمين رواتب الموظفين من وارداته الداخلية.

عجز في التوليد وضجيج مولدات

بحسب سيروان محمد، مسؤول إعلام كهرباء السليمانية، فإن محافظة السليمانية تحتاج إلى 1900 ميغاواط يومياً، بينما لا يتجاوز حجم التجهيز الحالي 650 ميغاواط، ما يؤدي إلى انقطاع الكهرباء لفترات طويلة. كما تراكمت ديون الكهرباء على المواطنين والمعامل والدوائر الحكومية لتتجاوز تريليون دينار، مما يعيق قدرة وزارة الكهرباء على تحسين الإنتاج.

ولجأت حكومة الإقليم إلى حلول تخفف المعاناة عن المواطنين، منها تركيب العدادات الذكية ونظام الدفع المسبق.

لكن الحلول لم تنجح، فالعجز بقي على حاله، ولم ترتفع ساعات تزويد الكهرباء. بل بقي ضجيج المولدات مسموعا في الأحياء السكنية.

شيرزاد سعيد مشغل مولدة كهربائية في أحد احياء السليمانية يقول" إن ساعات التشغيل تتجاوز أحيانا 15 ساعة يوميا وخاصة في فصلي الشتاء والصيف لأن ساعات تجهيز الكهرباء الحكومية تتراجع الى أدنى مستوياتها.

ويضيف أنه كلما زادت ساعات التشغيل أرتفع سعر الأمبير وحاليا يتراوح بين 16 إلى 17 الف دينارا، إي ما قيمته 11 دولارا أميركيا.

وأوضح شيرزاد أن تكاليف تشغيل المولدات مرتفعة فهي بحاجة إلى وقود وعمال تشغيل وأجور إدامة وإيجار موقع وغيرها الكثير.

وبحسب هيئة إحصاء إقليم كردستان يتجاوز عدد المولدات في الإقليم ثلاثة آلاف مولدة، وعدد المشتركين أكثر من مليون ونصف المليون مشترك.

بالإضافة إلى مئات المولدات الشخصية ومولدات الدوائر والمؤسسات الحكومية والأماكن العامة.

وأضاف شيرزاد أن حكومة الإقليم أوقفت منذ سنوات تزويد أصحاب المولدات بالوقود المدعوم ما تسبب في رفع قيمة الأمبير على المشتركين.

شيرزاد سعيد أكد أن أصحاب المولدات ملتزمون بشروط الحفاظ على البيئة عبر وضع مرشحات على عوادم المولدات للحد من انبعاثات الغازات الضارة للبيئة واستخدام مولدات كاتمة للصوت للحد من الضوضاء.

خطر التلوث

وتفاقمت مشكلة التلوث البيئي نتيجة الاعتماد على المولدات. وسجلت وزارة الصحة في الإقليم 10 آلاف حالة إصابة جديدة بالسرطان في 2023، مشيرة إلى أن التلوث البيئي أحد الأسباب الرئيسية.

والجسيمات الدقيقة الناتجة عن احتراق الوقود (PM2.5) تُعد من أخطر مسببات الأمراض المزمنة مثل السكتات الدماغية وأمراض القلب والسرطان.

ويقول المتحدث باسم هيئة حماية البيئة، عبد الرزاق خيلاني، إن تلوث الهواء في مدن الإقليم يصل أحيانا إلى مستويات خطيرة، تتجاوز ضعف المعدل الطبيعي.

ورغم محاولة أصحاب المولدات استخدام مرشحات للحد من التلوث، يلجأ بعضهم إلى وقود رديء يزيد من خطورة الانبعاثات.

وشددت هيئة حماية البيئة على ضرورة مراقبة نوعية الوقود والمولدات المستخدمة، وأوصت الحكومة بشراء محطات متطورة مزودة بأجهزة استشعار لرصد الملوثات بدقة.

المتحدث باسم هيئة حماية البيئة في الإقليم، عبد الرزاق خيلاني، أكد أن المولدات هي أحد أكثر مسببات تلوث البيئة في الإقليم.

وأضاف أن بعض أصحاب المولدات يستخدمون وقودا رديئا ورخيصا لتحقيق ربح أكبر.

وأكد خيلاني أن الاحتراق غير الكامل لهذا الوقود ينتح عنه جزيئات كاربونية سامة خطيرة يستنشقها الأنسان وتسبب أمراضا عديدة في الجهاز التنفسي.

وقال خيلاني إن حكومة الإقليم شددت من إجراءات مراقبة نوعية الوقود المستخدم في تشغيل مولدات الكهرباء ومدى التزامها باستخدام المرشحات على عوادم المولدات.

وعملت الحكومة على مصادرة المولدات غير الكاتمة للصوت باعتبار الضوضاء أحد انواع التلوث البيئي، وفق خيلاني.

وشدد خيلاني أن الهيئة أوصت الحكومة بشراء محطات متطورة مزودة بأجهزة استشعار لاستكشاف ملوثات الهواء وإعطاء قراءات دقيقة عن مستوى التلوث في مدن الإقليم.

صباح نامق، أخصائي الصحة العامة، قال إن جزيئات الوقود المنبعث من عوادم المولدات تشكل خطرا على الصحة العامة.

وأضاف أن جزيئات الوقود المحترق تترسب في الجهاز التنفسي والأوعية الدموية عند استنشاقها وتتسبب بأمراض الجهاز التنفسي وأنواع من الأمراض السرطانية.

وتقول هوار إن انقطاع الكهرباء في كردستان العراق يطول لساعات ويؤثر سلبا على الحياة اليومية للمواطن.

وتؤكد أن المولدات ليست حلا، فهناك أعمال منزلية تستوجب تشغيل أجهزة كهربائية عالية القدرة، ولا يمكن فعل ذلك من دون كهرباء الحكومة.

اخبار ذات الصلة