وغادر الكاظمي، اليوم الثلاثاء، العاصمة بغداد متوجها الى الولايات المتحدة الأمريكية، على رأس وفد حكومي، تلبية لدعوة رسمية.
ويمثل مستقبل الوجود العسكري الأميركي في العراق جوهر ملفات الزيارة التي اعتبرها خبراء أميركيون تتخطى في نطاقها علاقات الدولتين، لتشمل ملفات إقليمية مهمة خاصة ما يرتبط بالمواجهة الأميركية الإيرانية في العراق ومنطقة الخليج.
وتأتي زيارة الكاظمي لواشنطن بعد أسابيع من زيارة مهمة قام بها لطهران، التقى خلالها قائد الثورة الاسلامية في ايران آية الله السيد علي خامنئي، وهو ما حظي باهتمام كبير في العاصمة الأميركية.
وينتظر أن يتصدر ملف استكمال انسحاب القوات الأميركية -البالغ عددها 5200 جندي- من العراق أجندة زيارة الكاظمي والوفد المرافق له.
وتعليقا على ذلك، رجّح الخبير في شؤون العراق وإيران بمركز خدمة أبحاث الكونغرس كينيث كاتزمان، في تصريح صحفي، أن يتفق "الطرفان على تخفيض واشنطن قواتها في العراق من دون الإعلان عن انسحاب أميركي كامل".
من جانبه، أعتبر مايكل روبن خبير الشأن العراقي بمركز أميركان أنتربرايز، والمسؤول السابق في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، أن "الانسحاب الكامل من العراق ليس هدف البلدين في الفترة الحالية".
وأضاف روبن أن السؤال الأهم هو: كيف يمكن للبلدين الاستمرار في الشراكة في وقت تختلف فيه التحديات التي يواجهها العراق اليوم عن تلك التي واجهها من قبل، حين تم إجراء مفاوضات ومناقشات شاملة بين الطرفين على هذا المستوى حول مستقبل علاقاتهما قبل أكثر من عقد من الزمان.
واتخذ مايكل بريجينت الباحث في معهد هدسون الأميركي موقفا أكثر تصلبا تجاه فكرة الانسحاب الكامل لقوات بلاده من العراق، وقال للجزيرة نت إن "إذا طُلب من الأميركيين المغادرة والخروج من العراق، فإن الولايات المتحدة ستترك العراق على شفا انهيار اقتصادي".
من جهته، استبعد الخبير العسكري في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني الأميركية ديفيد دي روش، أن يخرج الاجتماع بين ترامب والكاظمي باتفاق على الانسحاب الكامل.
ورأى دي روش "أنه سيكون هناك بيان بالشروط التي يجب الوفاء بها إذا كان هناك انسحاب، ومن المحتمل أن الولايات المتحدة لن تتمكن من الانسحاب".
ويرجّح دي روش أن يعزز الاجتماع دعوة الكاظمي لإجراء انتخابات مبكرة، لكنه توقع أيضا أن يكون هناك تنديد أميركي قوي "بالفساد وتزوير الانتخابات والت\خل الخارجي".
وشكك أغلب الخبراء الأميركيين في حظوظ الكاظمي الانتخابية، إذ يرى كاتزمان أن "رئيس الوزراء ليست لديه دائرة طائفية أو عشائرية أو حزبية قوية في العراق، لا أعتقد أن الحوار الإستراتيجي مع الولايات المتحدة سيزيد من فرصه في الفوز بالانتخابات القادمة".
لكن كاتزمان يؤمن أنه "إذا لم تتمكن الفصائل الشيعية القوية من الاتفاق على شخص رئيس وزراء جديد توافقي بعد تلك الانتخابات، فمن الممكن أن توافق على الكاظمي والسماح له بالبقاء رئيسا للوزراء، لكنه لن يكون قراره، بل سيكون قرار الفصائل القوية".
ويتفق روبين مع الطرح السابق، حيث أكد أن "زيارة الكاظمي لواشنطن ولقاءه الرئيس ترامب لا علاقة له بحظوظه الانتخابية. وببساطة، بعد أن أصبح هناك موعد للانتخابات، على الكاظمي أن يبدأ تحقيق نتائج وإنجازات ملموسة على الأرض، لأن لديه القليل جدا من النجاح الملموس حتى الآن، منذ وصوله لمنصب رئيس الوزراء".
ويقول بريجينت إن "الكاظمي يدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة، وهي انتخابات يهيمن عليها تحالف بعض الأحزاب، ولم يكن له أن يسمح بحدوثها ما لم يكن ذلك لصالحها".
وأضاف أنه يتعين "على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الضغط من أجل اعتماد قانون جديد للانتخابات".
وأشارت تقارير متعددة إلى تمتع العراق والكاظمي بكل ما هو مطلوب لردم الفجوة بين واشنطن وطهران، إذ يمتلك رئيس الوزراء خطوط تواصل مع مختلف العواصم المتصارعة في المنطقة، وهو ما يمكن لواشنطن أن تستفيد منه خلال الزيارة.
ويعتقد مايكل روبين، أن "معظم القادة العراقيين يركزون على مصالحهم الخاصة بدلا من التركيز على لعب دور وسيط"، مشيرا إلى أن " عمان وسويسرا دأبت على سد هذه الفجوة بشكل جيد، وبالتالي لا حاجة أو رغبة للعراق في أداء هذا الدور".
ويؤكد دي روش أن "إدارة ترامب تريد إخراج جميع القوات الأميركية من العراق، ولكن لن يحدث ذلك إذا كان يعني أنه سيتعين علينا العودة إذا تصاعد نفوذ داعش مرة أخرى".
وخلال لقاء له بمعهد السلام الأميركي قبل أيام من زيارة الكاظمي، أكد قائد القيادة الوسطى للجيش الأميركي كينيث ماكنزي أن تواجد بلاده العسكري "في العراق سيتغير بالتنسيق مع الحكومة العراقية"، مرجحا أن "يسير الكاظمي في الاتجاه الصحيح وعلى الولايات المتحدة أن تدعمه".
عمار المسعودي