• Sunday 24 November 2024
  • 2024/11/24 17:30:02
{بغداد: الفرات نيوز} كشفت منظمة الصحة العالمية، عن معلومات بغاية الأهمية حول أثر التدخين في إصابة متعاطيها بفيروس كورونا.

ما هي العلاقة المحتملة بين تعاطي التبغ ووباء كوفيد-19؟
يؤثر تدخين التبغ بأشكاله المختلفة على أجهزة الجسم، ومنها الجهاز القلبي الوعائي والجهاز التنفسي، كما يمكن لمرض كوفيد-19 أيضًا أن يؤثر على الأجهزة العضوية ذاتها. وتوضح المعلومات التي ترد من الصين، وهو بلد المنشأ لمرض كوفيد-19، أن مرضى القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي جراء تعاطي التبغ، هم أكثر عُرضة للإصابة بالأعراض الشديدة للمرض.
وقد أظهرت الأبحاث التي أجريت على 55924 حالة مؤكدة مختبريًا في الصين أن النسبة الأولية للوفيات الناجمة عن مرض كوفيد-19 أعلى بكثير بين مرضى القلب والأوعية الدموية ومرضى السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة والسرطان، مقارنة بمن لا يعانون سلفاً من حالات طبية مزمنة. وهذا إن دل فإنما يدل على أن هذه الحالات الصحية التي يعانيها هؤلاء الأشخاص سلفاً قد تساهم في زيادة حساسيتهم للمرض.
وللتبغ تأثير كبير على صحة الجهاز التنفسي، وثمة صلة مؤكدة بين تعاطي التبغ وسرطان الرئة، إذ يعدُّ التبغ السبب الأكثر شيوعًا لسرطان الرئة، كما أنه يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالسل. وعلاوة على ذلك، يعدُّ تعاطي التبغ أهم عامل خطر في مرض الانسداد الرئوي المزمن، حيث يتسبب في تورم الأكياس الهوائية في الرئتين وتمزقها، مما يحد من قدرة الرئة على امتصاص الأكسجين وطرد ثاني أكسيد الكربون وتراكم المخاط، وهو ما يؤدي بدوره إلى سعال مؤلم وصعوبات في التنفس.
وقد يكون لذلك عواقب على المدخنين، أخذاً بعين الاعتبار أن التدخين يعتبر عامل خطر في أي عدوى بالجهاز التنفسي السفلي، وأن فيروس كورونا المستجد يضر أكثر الضرر بالجهاز التنفسي، وغالبًا ما يتسبب في ضرر يتراوح من خفيف إلى وخيم في المسالك التنفسية. ومع ذلك، ونظرًا لأن كوفيد-19 هو مرض جديد، فإن العلاقة بينه وبين تدخين التبغ لم تحدّد بعد.
وتتزايد مخاطر حدوث أعراض أكثر تفاقماً بل والوفاة بين مرضى كوفيد-19 الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية؛ فوفقًا للبيّنات والبراهين المتاحة، ينتمي فيروس كورونا المستجد إلى عائلة فيروسات كورونا نفسها المسببة لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم (سارس)، وكلاهما مرتبط بإحداث ضرر (إما حاد وإما مزمن) بالقلب والأوعية الدموية.
وقد أظهرت الأبحاث أن مرضى كوفيد-19 في الصين المصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية أكثر عرضة لخطر الإصابة بأعراض أشد، فضلاً عن أن مرضى كوفيد-19 ممن لديهم أعراض أشد يعانون في الأغلب من مضاعفات مرتبطة بالقلب.
وهذه العلاقة بين مرض كوفيد-19 وصحة القلب والأوعية الدموية هي علاقة مهمة نظراً لأن تعاطي التبغ والتعرض للدخان غير المباشر هي أسباب رئيسية لأمراض القلب والأوعية الدموية على مستوى العالم. وبالتالي فإن تأثير كوفيد-19 على الجهاز القلبي الوعائي يمكن أن يفاقم من أمراض القلب والأوعية الدموية الموجودة سلفاً.
وعلاوة على ذلك، فإن ضعف الجهاز القلبي الوعائي بين مرضى كوفيد-19 ممن لديهم تاريخ من تعاطي التبغ يمكن أن يجعل هؤلاء المرضى عرضة لأعراض وخيمة، وبالتالي زيادة احتمالات الوفاة.
كيف يمكن أن يساهم تدخين النرجيلة (الشيشة) في انتشار مرض كوفيد-19؟
النرجيلة (الشيشة) هي أحد منتجات التبغ، ولتدخينها آثار ضارة حادة وطويلة الأجل على الجهاز التنفسي والجهاز القلبي الوعائي، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض منها مرض الشريان التاجي ومرض الانسداد الرئوي المزمن.
وتدخين النرجيلة هو نشاط جماعي، بمعنى أن الأشخاص عادةً يتشاركون في استعمال فوهة واحدة وخرطوم واحد، وخاصة في التجمعات والمناسبات الاجتماعية.
بالإضافة إلى ذلك، قد تساهم النرجيلة (بما في ذلك الخرطوم والزجاجة) نفسها في استفحال هذا الخطر إذ توفر بيئة مواتية لبقاء الكائنات الحية الدقيقة خارج الجسم. وفي الوقت ذاته، لا تحرص معظم المقاهي على تنظيف النراجيل بعد كل مرة يستعملها شخص ما لأن غسل أجزاء النرجيلة وتنظيفها يتطلب عملاً شاقاً ويستغرق وقتًا طويلاً.
وتزيد هذه العوامل من احتمالية انتقال الأمراض المعدية بين مدخني النرجيلة. وبالتوازي مع ذلك، أظهرت البيّنات أن تدخين النرجيلة مرتبط بزيادة خطر انتقال العوامل المعدية مثل فيروسات الجهاز التنفسي، وفيروس التهاب الكبد سي، وفيروس إيبِشتاين- بار، وفيروس الهربس البسيط، والسل، والجرثومة المَلْوِيَّة البَوَّابية، وفطر الرشاشية (الأسبيرجيللا). وتوفر التجمعات فرصة كبيرة لانتشار فيروس كورونا المستجد.
ولما كان تدخين النرجيلة نشاطاً عادةً ما يحدث في التجمعات بالأماكن العامة، ويزيد تدخينها من خطر انتقال الأمراض، فإنها قد تحفز انتقال فيروس كورونا المستجد في التجمعات والمناسبات الاجتماعية. وعندما يكون التدخين في أماكن مغلقة، كما هو الحال في أماكن عديدة، يمكن أن يكون مستوى الخطر أعلى.
هل ستساعد تدابير مكافحة التبغ المعززة في هذا السياق؟
طرحت منظمة الصحة العالمية، في عام 2008، حزمة السياسات المعروفة باسم مجموعة السياسات الست، التي تستند إلى أهم المواد المعنية بتقليل الطلب على التبغ في اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، وهي كالآتي:
رصد تعاطي التبغ وسياسات الوقاية من تعاطيه
حماية الناس من دخان التبغ
عرض المساعدة على الإقلاع عن تعاطي التبغ
التحذير من مخاطر التبغ
فرض حظر الإعلان عن التبغ والترويج له ورعايته
زيادة الضرائب المفروضة على التبغ
وسوف تساهم تدابير مكافحة التبغ المعززة، ومنها الأماكن العامة الخالية من التبغ وحماية الأشخاص من التدخين السلبي، وفقًا للمادة 8 من الاتفاقية الإطارية بشأن مكافحة التبغ ومبادئها التوجيهية، في الحد من خطر المعاناة من الأعراض الوخيمة. وسوف يقلل استهلاك التبغ من معدلات كثير من أمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأعراض الأكثر خطورة لمرض كوفيد-19 وبالوفاة.
Rويمكن أن يؤدي تقليل الطلب على منتجات التبغ، ومنها النرجيلة، بشكل غير مباشر إلى الحد من التجمعات التي تساهم في انتشار الفيروس.
وتعدُّ صحة الجهاز التنفسي وصحة القلب والأوعية الدموية أمراً مهماً بالنسبة لمرضى كوفيد-19 حتى يتسنى لهم الاستجابة بإيجابية للمرض ونجاح التعافي منه.
وفيما يتعلق بتدخين النرجيلة على وجه التحديد، ولما كانت جهود مكافحة التبغ عادةً ما تتغافل عن تدخين النرجيلة، فإن هناك فرصة كبيرة لتحقيق نتائج صحية إيجابية في الوقت الحالي، سواء فيما يتعلق بمرض كوفيد-19 أو بشكل عام، وذلك إذا ما اتُخِذت تدابير شاملة فورية لمكافحة التبغ تشمل مكافحة النرجيلة.
ويمكن للبلدان الاستفادة من مجموعة السياسات الست التي تعد أداة فعالة للغاية لدعم صياغتها تدابير مكافحة التبغ وتنفيذها.
كيف يمكن للقوانين الإقليمية لمكافحة التبغ أن تدعم الحد من انتشار الفيروس؟
تنطبق الاعتبارات الخاصة بمكافحة التبغ نفسها على الصعيد العالمي، وفقًا للاتفاقية الإطارية ومجموعة السياسات الست، أيضاً على مكافحة التبغ داخل إقليم شرق المتوسط.
ويجب أن تسعى البلدان إلى الحد من تدخين النرجيلة وغيرها من أشكال تعاطي التبغ من أجل الحد من آثاره الصحية المؤكدة وتحسين صحة الجهاز التنفسي وصحة القلب والأوعية الدموية.
وقد تكون مكافحة تعاطي التبغ والحد من تدخين النرجيلة أمراً ذا أهمية في تقليل خطر انتقال فيروس كورونا المستجد، ولذلك فمن الأهمية مكافحة تدخين النرجيلة بشكل خاص في الوقت الحالي وضمن نهج شامل لمكافحة جميع أشكال تعاطي التبغ في ضوء الالتزامات الناشئة بموجب الاتفاقية الإطارية والتوصيات المتعلقة بمجموعة السياسات الست.
وبوجهٍ عام، توصي منظمة الصحة العالمية بأن تنفذ البلدان الاتفاقية الإطارية ومجموعة السياسات الست كاملة، بما في ذلك تطبيق الحظر الشامل على جميع أشكال تعاطي التبغ، ومنها النرجيلة، في جميع الأماكن العامة (ومنها المقاهي والمطاعم).
فمثل هذا الحظر قد يفيد في منع أي تفاقم لخطر انتقال فيروس كورونا المستجد على نحو يرتبط بتعاطي التبغ. ويجب على البلدان التأكد من تطبيق هذا الحظر تطبيقاً تاماً.
لماذا يعدُّ الوقت الحالي هو الوقت المناسب لمحاولة الإقلاع عن تعاطي التبغ؟

يزيد تعاطي التبغ بشكل كبير من خطر التعرض للعديد من المشاكل الصحية الخطيرة، ومنها مشاكل الجهاز التنفسي (مثل سرطان الرئة والسل ومرض الانسداد الرئوي المزمن) وأمراض القلب والأوعية الدموية. وفي حين أنه من المستحسن على الدوام الإقلاع عن تعاطي التبغ، إلا أن الإقلاع عن تعاطيه الآن يكتسي أهمية خاصة من أجل تخفيف وطأة الضرر الناجم عن مرض كوفيد-19.
وقد يصبح مدخنو التبغ أقل عرضة للإصابة إذا توقفوا عن التدخين حيث يفيد ذلك في تقليل فرص لمس الفم بأصابع اليد. ومن الممكن أيضاً أن يتمكنوا من مواجهة الحالات المرضية المصاحبة بشكل أفضل حال إصابتهم بالعدوى لأن الإقلاع عن تعاطي التبغ له تأثير إيجابي مباشر غالباً على وظائف الرئة والقلب والأوعية الدموية، ويزداد هذا التحسن بمرور الوقت.
وقد يزيد هذا التحسن من قدرة مرضى كوفيد-19 على التصدي للعدوى ويقلل من خطر الوفاة. كما أن الشفاء الأسرع والأعراض الأكثر اعتدالًا تقلل أيضاً من خطر انتقال المرض إلى أشخاص آخرين.
ما هي أهم الدروس المستفادة من التجارب السابقة؟
ينبغي استنباط الدروس من الخبرة السابقة في الاستجابة لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم (سارس)، باتخاذ الاحتياطات العامة، ولاسيما في التجمعات والمناسبات الاجتماعية.
وقد تكون النرجيلة أحد العوامل المحفزة في التجمعات والمناسبات الاجتماعية في بيئات من شأنها أن تزيد من انتقال الأمراض.
وتشير البيّنات السابقة إلى أن التدخين له آثار ضارة على بقاء الأفراد المصابين بأمراض مُعْدية على قيد الحياة، كما تشير البينات المستنبطة من الفاشيات الأخرى التي سببتها فيروسات من عائلة فيروس كورونا المستجد نفسها إلى أن تدخين التبغ يمكن أن يساهم مساهمة مباشرة أو غير مباشرة في زيادة خطر الإصابة بالعدوى، وسوء توقع سير المرض، والوفيات بسبب أمراض الجهاز التنفسي المُعْدية.انتهى
عمار المسعودي

 

اخبار ذات الصلة