{بغداد: الفرات نيوز} تقرير... نطق لسان العدل اليوم, وكان في ذلك النطق تكفيف لدموع الثكالى، ومسح على رؤوس ايتام شهداء مجزرة سبايكر فيما وجد الناجون من هذه المجزرة صدور القضاء بحقي مرتكبيها نصرة للمظلومين من اقرانهم في جريمة تعد من ابشع جرائم العصر في العراق.
في حزيران عام 2014 ، خرج ما يقارب من 2000 شاب هائمين على وجوههم ، بلا سلاح او نطاق ، من قاعدة سبايكر ذلك الاسم الذي بات العراقيون ينطقونه بالم وحرقة وغضبا ، ودليلهم اوامر وتطمينات من ضباطهم بالخروج من القاعدة والذهاب الى اهليهم ، وان مايعرف بالارهابيين سيستقبلونهم وينقلونهم الى الى سامراء حيث مقر القوات الحكومية.
والمفاجاة هنا فقد استقبلهم هؤلاء الوحوش بنفس حديث الضباط دون زيادة او نقصان .. وماهي الا خديعة مورست للسيطرة على مئات الشبان ، وعدم استثارة مخاوفهم ، وتجنب اي مقاومة قد تبدر منهم، فجاءت عشرات الحافلات وسيارات النقل العام خلال وقت قصير ، لتنقلهم الى زنازين الامس وقبور اليوم .. {قصور صدام} .. لتبدأ من هناك رحلة الموت البطئ ، ويظهر الحقد الاسود لايتام صدام ، تنصرهم في ذلك القذارات القادمة من خلف الحدود .. ....
حقدهم لم يعطهم مجالا للنظر لابناء الجنوب ، والاستماع لاستغاثة هنا .. او توسل هناك .. فلم يرتضوا الا ان يروا الشبان مضمخين بدمائهم واخرين طعاما لاسماك النهر ....
ويروي احد الناجين من المجزرة قصة الافلات من موت محقق ويدعى علي كاظم من اهالي الديوانية، ويقول في 12 /6 ، صدرت الينا الاوامر من القادة العسكريين بالنزول مجازين لمدة ١٥ يوما وان يكون الالتحاق الى معسكر التاجي قرب بغداد ، وطلب منا التجمع في وسط القاعدة العسكرية واخبرونا بارتداء الملابس المدنية وترك اسلحتنا في القاعدة ، ولما استفسرنا عن خطورة الطريق، اجابونا بانه لايوجد داعش ، وان العشائر ستتكفل بنقلنا بحافلات من تكريت الى سامراء ، ويضيف علي ، لما وصلنا باب الخروج من القاعدة اعترضنا جنود الفرقة الذهبية {النخبة} ومنعونا من الخروج خوفا على حياتنا ، وقالوا الوضع في تكريت خارج السيطرة "والارهابيين " منتشرين في انحاء المدينة ، حتى استنفذوا معنا جميع سبل الاقناع بضمنها اطلاق النار في الهواء ، لتفريق الجموع التي اقتربت من ٣٠٠٠ عنصر ، لكننا كنا مقتنعين بكلام القادة العسكريين اولا ، والخشية من تكرار سيناريو الموصل وسقوط المدينة والثكنات العسكرية بايد داعش ثانيا .
وبين الناجي " كنت في مقدمة الجموع التي خرجت وكان لها بداية ، ولا ارى لها نهاية. وبعد مسيرة على الاقدام لنحو ٥ كيلو مترات شاهدنا عجلة همر عسكرية عليها راية داعش ويستقلها شخصان ، وقالو لنا " امضوا فلا علاقة لنا بكم" ، ولما اقتربنا من جامعة تكريت وجدنا مجاميع "مسلحة" وملثمة واغلبهم من افراد العشائر يقدر عددهم بعشرين "مسلحا" ، ثم بدأت اعدادهم تزداد ، وطلبوا منا الجلوس ورمي الهواتف النقالة ، وقالوا ستأتي سيارات توصلكم الى "سيطرات المالكي" فصدقنا بكلامهم كونه يطابق كلام قادتنا العسكريين ، وماهي الا نصف ساعة حتى بدأت الشاحنات والحافلات وسيارات النقل الخاص تصل المكان ، وفي هذه اللحظات بداوا يخشنون من اسلوبهم معنا ، ويطلقون الفاظاً ونعوتا كـ{ الروافض ، عملاء ، مشركين } عندها دب الخوف في قلوب بعضنا ، وقسم اخر منا اعتبر ذلك محاولة منهم لتصعيد الموقف بهدف خرق الاتفاق مع قادتنا ، وظل هذا البعض متمسكا بخيط امل".
وتابع علي " بدأنا بالصعود على متن الشاحنات على شكل مجاميع صغيرة، وكان هدفهم تفريقنا حتى يتمكنوا منا ، وسارت بنا الشاحنات الى مجمع القصور الرئاسية وسط تكريت التي يقدر عددها باكثر من سبعين قصرا .. وهناك ايقن الجميع حجم الخديعة ومصير الموت المحتم الذي ينتظر الجميع ، قيدوا ايدينا للخلف ، وحبسونا في كرڤان لايتسع لاكثر من مئة شخص ، لكنهم وضعوا فيه قرابة ٤٥٠ شخص ، وكنا نسمع اطلاق نار من امكنة ليست بعيدة فعرفنا انهم بداوا بقتل الجنود ، وان دورنا سيأتي قريبا"
ويروي علي تلك اللحظات الصعبة وهو يستذكرها بالم " بقينا على هذا الحال من الساعة 11 صباحا الى الساعة الخامسة عصرا في يوم من اشد ايام حزيران حرارة {٢٠١٤} ، فيما زادت معاملة " الارهابيين" سوءا ، وعند الساعة الخامسة عصرا اخذوا منا عشرة افراد ، كنت انا الرابع ، على يميني ستة وعلى يساري ثلاث.. يسألنا احدهم " انت شيعي لو سني؟ ... في تلك اللحظة فكرت بعائلتي وطفلاي والفراق المحتوم ، اخذونا عند حافة احد الوديان وبدأوا باطلاق النار وعندما سقط الذي بجانبي سقطت معه ، وتدحرجت معه الى تحت الوادي.. وكان هناك اثنين من الارهابيين ، فتقدم احدهم نحونا وقال للاخر بلهجة قروية عراقية " شيخنا بيه نفس " فقال { اتركه هذا رافضي يتعذب ويموت من النزيف}..بعدها بدات جثث الشباب تتساقط من اعلى الوادي ، وخفت ان ادفن تحتهم ، وقمت ادعي "يالله نزل الشمس" .. وبعد حلول وقت الغروب وانتشار الظلام نهضت من مكاني وبدأت بالسير بمجاراة نهر دجلة , ووجدت قطعة سيراميك لاقطع بها وثاقي فلم استطع ، حاولت افتح القيد بالطابوق لم استطع ايضا ، وصادفني كرفان صغير بجانب النهر ، وسمعت اصواتا بداخله واحذية كثيرة عند الباب ، فانهزمت من خلفه نحو النهر ، وبدلا من اتجه نحو الجنوب باتجاه سامراء .. اتجهت بالخطأ نحو الشمال ..
ويضيف الناجي علي " وجدت برميل متهرئ حاولت اقطع القيد في يدي ، واثناء ذلك برز عليّ شخص من القصب .. فزعت منه في البداية قبل ان اعرف انه جندي مثلي ويدعى عباس من اهالي الناصرية ، طلبت منه فك قيودي .. وهذا الشخص عباس كان ضمن مجموعة تقدر ب500 جندي تم اعدامهم بالرشاشات المتوسطة اعداما جماعيا ، واستطاع ان يوهمهم بان تلقى رصاصات ورمى بنفسه من الوادي ، لكنه للاسف سقط على صخرة كبيرة ، فتهشمت اغلب اضلاعه وعانى من ضيق كبير في التنفس ونزف داخلي شديد .. بقينا انا وعباس 3 ايام في مكاننا لانستطيع الذهاب لاية جهة لكون الارهابيين في كل مكان ، ولان المنطقة غريبة علينا ، ولانعرف ممراتها ومسالكها..
ويتابع علي " في اليوم الثالث اقدم داعش على حرق القصب في الجهة المقابل لنا .. وخفنا ان يقوموا بحرق القصب الذي بالجهة التي نحن فيها ، الجندي عباس بعد هذه الايام شبه انتهى ، لانه لايوجد اي شي يأكله ، وبالنسبة لي لم اترك نباتا اوحشرة لم اجرب اكلها من شدة الجوع .
ويقول علي " في مساء اليوم الثالث قلت لعباس اني سوف اعبر للضفة الثانية للنهر بالليل ، فخاطبني بلكنه اهل الجنوب وهو يأن من الالم "تقدر تاخذني وياك" . قلت له تعرف تسبح ، قال لا ، ففكرنا في حلول للسباحة لكننا لم نجدها متيسرة ، خصوصا ان حالته الصحية لاتساعده .. فقال عباس لي "اذا تاخذني وياك سوف اغرقك معي ، فاذهب انت لكن لاتنساني اذا كتبت لك الحياة ،
يقول علي " اقسمت له على ذلك .. ومضيت في التجديف ، وصادف ليلة 15 من شهر شعبان ، والليلة مقمرة ، وخشيت ان ياخذني الماء الى الجهة التي هم فيها.. سبحت مايقارب 2 كيلو .. وشعرت بتعب كبير ، وسط دعوات لله والنبي واله . وتمكنت من العبور للضفة الثانية ، بعدها اخذتني غفوة على ضفة النهر ، واستيقظت مع بزوغ الشمس ..حيث وقفت على مشارف قرية بجانب النهر دعيت الله سبحانه ان يسدد طريقي ، خشية ان اقع في الايدي الخطأ ، شاهدت شابا عند احد البيوت ، وذهبت بأتجاهه وقلت له " اني دخيل عندكم " قال " ما نقدر " قلت له طيب " اني جوعان ، ممكن تعطيني شي ااكله ، قال "ابشر" فجاءني برغيف خبز وطماطم.
ويمضي علي في سرد روايته " وقفت بجانب احد البيوت ، وبعد وقت قصير خرج نفس الشخص الذي رفض دخولي منزله بسيارته ، فاوقفته وقلت له " من رخصتك اني اذهب لسامراء ، ممكن تساعدني " فقال لي " تذهب للجسر يقتلوك ، تبقى وياي يقتلوك ، في هذه الاثناء جاء شخص يركض باتجاهي وهو يصيح "انبطح"ويضع يده على خاصرته ، كانه يحمل مسدسا .. قال عرّف نفسك؟ قلت انا عامل في كركوك وتقطعت بي السبل ، فاخذني على ابوه الذي حكيت له قصتي بعد ان شاهدت فيه الطيبة والوقار ، فانقهر كثيرا على عباس الذي بقي عند حافة النهر ..
ويستطرد علي " بقيت عند ذلك الرجل ثلاثة ايام ، لكن مسلحو داعش عرفوا ان جنودا في القرية مختبئين ، فجاءوا يفتشون ، فحمل صاحب البيت سلاحه ، وقال لاتخاف ، واتصل بعمي وطمأنه علي .. واخذني الى ناحية العلم حيث عشائر الجبور التي وقفت بوجه الدواعش ووجدت هناك العشرات من الجنود ، انقذهم سكان الناحية ، وفي مقدمتهم الشهيدة امية الجبوري ، وشاركنا في معارك معهم ضد داعش ، وبقيت 16 يوم في ناحية العلم قبل ان يستخرجوا لنا بطاقات هوية مزورة باسماء مستعارة ، لغرض الخروج من تكريت ، وقرروا ايصالنا الى اربيل وسط عوائلهم عن طريق كركوك ، واجتزنا خلال تلك المسافة اكثر من ٢٠ حاجز للدواعش ..
ويروي ناج اخر يدعى واثق شاكر الحميداوي من اهالي كربلاء شهادة اخرى ويقول " خرجنا من معسكر سبايكر مع اربعة من رفاقي في سيارتي الشخصية {هونداي –سوناتا} التي استخدمها في الذهاب والاياب , وكنا نسير ببطء في منتصف الشارع الواصل بين القاعدة ومدينة تكريت بينما المئات من الجنود يسيرون عل جانبي الطريق , وبعد مسيرة تقدر بنصف ساعة شاهدنا سيارتين للشرطة يستقلها مسلحون ملثمون وينادون عبر مكبرات الصوت في السيارة {انتم في امان , لاعلاقة لنا بكم اذهبوا الى بيوتكم والذي يحمل سلاح يرميه على الارض } { استمرينا في المسير حتى شاهدنا عند احد المجسرات حاجزا للارهابيين وقسم منهم غير ملثم واصحاب لحى طويلة , فعرفنا انهم الدواعش , شاهدناهم يوقفون الجنود ويجلسونهم جانبا ويقيدون ايديهم , ويضيف شاكر " في هذه اللحظات شعر الجميع بالقلق , وقرر رفاقي الاربعة الترجل من السيارة والذهاب شرقا او غربا مع عشرات الجنود الذي فضلوا تغيير طريق سيرهم بعيدا عن الحاجز الداعشي , ورفضت انا الذهاب معهم وقلت لن اترك السيارة , وكنت اقترب من الحاجز لمسافة 500 متر واستدير راجعا ومن ثم اتوجه نحوهم وهكذا على امل ان ينسحبوا , لكنهم بداوا بنقل الجنود بسيارات وحافلات كبيرة دون ان يتركوا مكانهم , فقررت التوكل على الله والتوجه نحوهم , ومما دفعني الى ذلك اني شاهدتهم يسمحون للسيارة التي فيها شخص واحد بالمرور دون اعتراضه ، وكذلك ان رقم لوحة سيارتي تحمل محافظة اربيل وليس كربلاء مكان سكني , فتقدمت نحوهم وكان هنالك شخص ضخم ذو لحية طويلة يقف في منتصف الشارع يحمل سلاح رشاش متوسط , ولما وصلت اليه اشار الي بيده وقال : {اطلع} : تجاوزت الحاجز ، لكني لم اصدق اني نجوت منهم , وبدات بالسير بسرعة خيالية كون الشارع خال تماما من السيارات , ولما اقتربت من الحدود الجنوبية لمدينة تكريت باتجاه سامراء تفاجات بحاجز اخر لمسلحين اكثر عددا من الحاجز السابق, وقررت حينها الرجوع باتجاه وسط المدينة على امل ان اجد منفذا اخر يوصلني الى سامراء, وتوجهت الى وسط المدينة وعندما نزلت من الجسر الرئيس المؤدي للبلدة شاهدت حاجزا اخر للدواعش , فلم استطع الرجوع كوني اصبحت قريبا منهم , وتوجهت نحوهم فقال لي احدهم {ابو السوناتا اطبك} , قالوا لي انت من وين ؟؟ قلت انا سني ومن عشيرة البو عيسى السنية من فخذ البو جاسم في منطقة جرف الصخر, ورد عليً احدهم : ماذا تعمل في تكريت. قلت : جئت استكمل معاملة تحويل ملكية السيارة . فاخذوني الى داخل مسجد قريب بعد ان قيدوني , ووجدت هناك العشرات من الجنود المعصوبي الاعين والمقيدين ومن بينهم ثلاثة جنود من سريتي رايتهم لكنهم لم يروني كون الارهابيين لم يعصبوا عيني على عكس الاخرين , واجلسوني في احدى الزوايا بالمسجد , وبعد قليل جاءني احد الاشخاص سوداني الجنسية ,, قال : انت سني لو شيعي , قلت سني وانتمي لعشيرة البو عيسى السنية في منطقة جرف الصخر , وقال : هل تعمل مع حكومة المالكي ؟ قلت نحن لانشتغل باي وظيفة كونها حرام ؟ فطلب منهم فك قيودي واطلاق سراحي , واركبوني سيارتي وانطلقت بها، لم اصدق مرة ثانية اني نجوت من قبضة الدواعش .. وسلكت طريقا اخر الى سامراء بعد ان ادلني عليه احد الاشخاص الذي سالتهم . توجهت مسرعا الى المدينة وشاهدت نقطة تفتيش للشرطة الاتحادية العراقية على مقربة من سامراء , وتوقفت عندهم وسردت لهم ما يجري من احداث في تكريت واحتجاز المئات من الجنود , وسالتهم عن طريق بغداد فقالوا لي انه امن ولايوجد فيه شي .. فقررت التوجه مباشرة الى بغداد ،، لكن مع دخولي منطقة الاسحاقي ، هالني منظر العجلات العسكرية المحترقة وجثث الجنود على الطرقات ، وما هي الا لحظات ، واذا ارى في مرآة السيارة سيارات مسلحة تخرج من بساتين العنب على جانبي الطرق ويتجهون نحوي , فزدت السرعة على امل الخلاص ، لكن تفاجات بحاجز داعشي امامي , مما دفعني الى ايقاف السيارة والنزول مهرولا باتجاه بساتين العنب , وبدات برمي مستمسكاتي يسارا ويمينا خوفا من وقوعها بايديهم , ولمحت احدى الدور السكنية في داخل البساتين فقفزت من الحائط الخارجي ، واختبأت تحت اريكة في بهو الدار ، لكن اهل الدار ابلغوا الارهابيين عن مكاني ، فسحبوني من تحت الاريكة وانهالوا علي بالضرب ، سألوني عن اسمي ومحل سكني ، قلت نفس كلامي السابق باني سنيا ومن اهالي جرف الصخر ، وضعوني في صندوق السيارة العائدة لي بعد تقييدي ' وساروا مسافة تقدر بربع ساعة حتى توقفت السيارة وانزلوني من السيارة في باحة احدى المدارس رفعت عيني فقرات { مدرسة كعب بن زهير } في الاسحاقي ، ومن ثم اخذوني في احدى قاعات المدرسة وتركوني هناك ، وبعد قليل جاء شخص ملتحي عرفت اسمه فيما بعد ويدعى ابى حذافة من سوريا ، واخر يدعى ابو هاجر مسؤول الشرعية في تنظيم داعش . وبدا الاخير بالتحقيق وهو يجلس على كرسي ويدون افادتي بدفتر صغير عنده، ولما انتهى من اسئلته ، نهض من مكانه وقال لاحدهم : اسالو اناس في تلك المنطقة عن حقيقة ما يقول ، وتركوني عدة ساعات ، كانت كافية لاطلع على مايدور في المدرسة ، حيث رايت الدواعش وهم ياتون بالشباب وكبار السن الشيعة الذين يسلكون الطريق بسياراتهم الى مراحيض المدرسة ليطلقوا النار على رؤوسهم ويتركوا ساعات هناك ومن ثم ينقلوهم الى منطقة الجزيرة لرميهم هناك. في عصر اليوم ذاته دخل علي ابو هاجر غاضبا وقال لي { ولك ليش تچذب علينا، انت رافضي ، فاقسمت له اني سني ابن سني ، لكنه طلب من اشخاص بجانبه بتعليقي بالمروحة وتعذيبي في قاعة مجاورة ، اخذوني ورفعوني فوق كرسي وشدوا يدي من الخلف وثبتوا نهاية الحبل بالمروحة . وازاحوا الكرسي من تحت اقدامي ماتسبب بخلع مرفقي يدي واوجاع رهيبة ، وبداوا بالضرب في كل مكان من جسمي بواسطة مقابض حديدية وخشبية ، وبقيت على هذا الحال ٤ ايام ، وكان احد اسباب تحملي للالم الشديد وعدم الاعتراف اني سمعتهم يقولون لمسؤولهم ابو هاجر باني رافضي من لهجتي ولكنتي في الكلام ، وهو يقول لهم ، لانستطيع قتله اذا لم يعترف بلسانه انه رافضي . وفي عصر اليوم الرابع عثروا على بطاقتي الشخصية في حافظة السيارة ، وجاءني ابو هاجر وهو يصيح وين العيساوي { اشارة الى عشيرة البو عيسى التي انتحلت صفة الانتماء اليها} قال وهو يلوح بيده "هذه مو هويتك"، لما شاهدتها انصعقت في مكاني واصبت بانهيار كامل ، وقال لي هذه لك ، قلت انها مزورة ، فجن جنونه ، وقال مازلت تكذب ، ووجه كلامه الي وقال " انت مو شخص عادي لو ضابط استخبارات لو شخصية مهمة ، {صار اربعة ايام تحت التعذيب وما تعترف} " وصاح على اشخاص بقربه ، وقال لهم ، اريد منكم ان تنحروه نحرا ولاتقتلوه برصاصة ، وكلف اربعة اشخاص للقيام بالمهمة في منطقة الجزيرة احدهم الذباح والاخر مصور واثنان يقومان بالحماية . ونقلوني في قاعة جديدة ، وجدت فيها شقيقين من اهل الدجيل وشخص من بغداد ، وكان قد صدر بحقهما حكما بالذبح من قبل ابو هاجر ، وفي الساعة الخامسة من فجر اليوم التالي دخل اربعة اشخاص علينا احدهم الذباح والاخر المصور ومسلحين اثنين ، و اقتادونا الى الخارج حيث اصعدونا في سيارة الشقيقين {كيا} وصعد معنا الارهابيين ، فيما ركب الذباح والمصور في سيارتي ، وتوجهوا بنا الى منطقة الجزيرة بحسب ماقال لهم المدعو ابو هاجر ، وبعد مسير دام نصف ساعة دخلوا في احد المزارع المكتظة بالقصب .
واوقفوا السيارتين امام غرفة من الطين على بعد عشرات الامتار من ضفاف نهر دجلة، وبعد ان اجلسونا لدقائق شعرنا ان مصيرنا بات معروفا ، وبيننا وبين الموت سوى دقائق ، تقدم الذباح وطلب من الارهابيين ان ياتيا بالاخوين وراءه الى حافة النهر ، وبقيت انا والشخص الاخر من بغداد ، وماهي لحظات حتى بدأوا يكبرون فعرفنا انهم بدأوا بذبح احد الاخوين ، عندها تملكتني رغبة بالهرب وساعدني في ذلك ان قيودي غير محكمة ، والسيارتان تركوها تعملان لاضاءة الطريق الى النهر ، فاستعنت بالله سبحانه وتعالى وفككت وثاقي ووقفت على طولي ، عندها صرخ الشخص المقيد قربي بفك وثاقه ، { اخوي لاتتركني} ففتحته وركضت نحو سيارتي التي مازالت تعمل وصعد هو بجانبي ، ولم يشعر اي من الدواعش بهروبنا ، الا عندما ضغطت على دواسة الوقود واستدرت يمينا ، حيث بداوا باطلاق النار نحونا فاخترقت ٥ اطلاقات السيارة من الخلف لكن بحمد الله لم تصب احدا منا ، ووقتها قلت للشخص الذي بجانبي يقتلوننا بالرصاص من الخلف افضل من ان يذبحونا كالخراف ، وظلت اسير بسرعة خيالية في طرق فرعية لعلي اصل الى الشارع العام ، مما لفت انتباه المزارعين ، لكنهم كانوا يعتقدون اننا من داعش ، على ما اظن، حتى وصلنا الى طريق مغلق بمرتفع ترابي.
وقفنا هناك وشاهدت طفلين ، فسألتهم عن الشارع الرئيس ، فاشارا لي من جهة اليسار ، فأستدرت وعدلت مساري ، واذا بالشارع العام امامي فاستدرت يسارا باتجاه طريق بغداد ، وماهي الا خمس دقائق ، واذا بلوحة مرورية { الدجيل ترحب بكم { فرحنا قليلا بالخلاص من منطقة الاسحاقي ، لكن مازلنا خائفين من احتمالية ان تكون الدجيل قد سقطت هي الاخرى بيد الدواعش .. حتى شاهدنا مفرزة عسكرية .. توقفنا بعيدا عنهم ، لكنهم شهروا سلاحهم علينا ، حينها شعرت باعياء كبير وفتحت باب السيارة وسقطت عالارض ، فيما بدا الشخص الذي معي بالصراخ باننا منتسبون في الجيش وكنا محتجزين لدى داعش .. وصلوا الينا وتاكدوا منا ونقلونا الى ثكنتهم حيث اطعمونا وعالجونا ، وبقينا هناك اربعة ايام ، وكنا نلتقي يوميا عشرات المشايخ ووفود من اهالي الدجيل يسالون عن ابناءهم الذين فقدوا على طريق {الدجيل - سامراء}، بعدها ذهبنا الى بغداد وقضيت ليلة واحدة عند اقربائي في منطقة السيدية قبل ان ياتي اهلي وياخذوني الى كربلاء..
مجزرة سبايكر او جريمة العصر مثلما اخذت تتداولها منظمات حقوق الانسان لم تنتهي ماساتها عند هذا الحد ..فلم يكشف عن جميع المقابر التي دفن فيها اكثر من ١٧٠٠ جندي ، ولم يتعرف ذوي الشهداء على ابناءهم المغدورين رغم مرور 20 شهرا على المجزرة.
الا ان صدور الاحكام اليوم على 40 مدانا من المشتركين في هذه المجزرة البشعة كان بمثابة الثأر لدماء الشهداء بالنسبة لذويهم الذين استقبلوا الاحكام بدموع جرت على جفونهم عسى ان تبرد نار قلوبهم.انتهى