{بغداد: الفرات نيوز} منذ نحو يومين يشهد العراق إنقطاعاً تاماً غير مسبوق لخدمة الانترنت بعد عام 2003، تزامن مع تظاهرات شعبية غاضبة في المحافظات الجنوبية بدأت في البصرة منذ الأحد الماضي وأمتدت لمدن أخرى مطالبة بتوفير الخدمات وفرص العمل.
ويعتقد ناشطون ان قطع الخدمة إجراء متعمد من الحكومة للحد في التواصل بين المتظاهرين وعدم ترويج الأخبار عن التظاهرات او نشر صور ومقاطع فيديو عنها.
لكن وزارة الإتصالات، نفت بوقت سابق هذا الأمر وأكدت عدم وجود صلة بين إنقطاع الخدمة والتظاهرات وقالت ان قابلو للخدمة قد أنقطع بين محافظة كركوك وقضاء طوزخورماتو شمالي محافظة صلاح الدين وان الكوادر الهندسية تعكف على إصلاحه.
وأعلنت الوزارة اليوم الأثنين، تشغيل عودة الإنترنت من الساعة الحادية عشر مساء أمس الأحد وحتى الساعة الواحدة بعد منتصف الليل بشكل مؤقت.
وقالت أن "التشغيل سيكون تجريبياً لبيان نتيجة إصلاح القطوعات التي أدت الى توقف الخدمة"، مضيفاً أن "الوزارة استنفرت جميع ملاكاتها الهندسية والفنية من أجل الإسراع لإعادة توفير خدمة الأنترنت بسرعة وكفاءة عالية عن طريق شبكة مستقره غير متذبذبة".
وتسبب إنقطاع الانترنت شللاً في الحياة العامة في العراق واعتبره البعض عقوبة جماعية وشككوا في رواية الحكومة وانه إجراء متعمد لكنه يدل على "موقف ضعيف" للحد من تداعيات التظاهرات.
ويرى آخرون وجهة نظر مثيرة من هذا قطع الانترنت وأنه أحيا تقاليد إجتماعية تكتد انها اختفت في السنوات الأخيرة وهي التواصل واللقاء والحوار بين الناس في المقاهي والأماكن العامة وحتى بين أفراد الأسرة الواحدة نفسها بعد ان كانوا مشغولين في مواقع التواصل الاجتماعي والحوار الافتراضي ومتابعة الأخبار والأحداث.
ويقول عبد الكريم {أبو أحمد} وهو صاحب متجر "إنقطاع الانترنت بالتأكيد له تأثير وكان شيء ينقصنا في حياتنا اليومية بعد ان تحول لحاجة أساسية، ولكن الغريب ان تواصلي مع الناس قد أصبح أكثر في الحوار والمناقشة لأوضاع البلد والهموم اليومية".
ويضيف "في انقطاع الانترنت أدركنا أمراً غاب عنا منذ سنوات حتى داخل المنزل فبتنا نجتمع على سفرة طعام واحدة ونتسامر على حكايات ووقائع السنوات القديمة من حياتنا وهذا لم يكن يحصل خلال أيام وجود الانترنت حيث تجد كل من أفراد عائلة مشغول بهاتفه المحمول".
أما مصطفى وهو طالب جامعي فلفت الى انه نام مبكراً بعد ان كان يسهر لساعات طويلة في الليل بالتواصل مع أصدقائه كما يقول.
وأوضح "نعم.. نمت مبكراً بعد يوم يكاد يكون غريباً أعيشه في حياتي بلا انترنت، لكن كان جميلاً في التواصل مع جيراني وأصدقائي في في منطقتنا، حيث لعبنا سوية كرة القدم وعادت بنا لذكريات جميلة".
وتقول أم سارة وهي ربة بيت "لم اعتد انقطاع الانترنت فبعد انها كل واجبات المنزل للعائلة لا أنفك عن تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، لكن خلال انقطاعه التام في البلد، شعرت بوجود الكثير من وقت الفراغ شغلته بأمور بيتية وتواصلت مع نساء جيراننا وتبادلنا أطباق الطعات والحلويات".
وتحسرت أم سارة على مثل هذه الأيام التي كانت من صلب حياتنا في الماضي وصارت منسية في أجيالنا الحالية وللأسف أصبحت اليوم أمر نادر وتحصل هذه المرة بفضل إنقطاع الانترنت".
ولوحظ في فترة انقطاع الانترنت خروج الناس الى شوارع ومقاهي بغداد وتواصلهم فيما بينهم بالحديث واللقاءات بعد ان كانوا حبيسي الهواتف ومقاهي الانترنت.
وبلا شك ان هذه الخدمة العالمية باتت جزءاً مهم بحياتنا اليومية لا يمكن الاستغناء عنها كضرورة في عصرنا لكن بلا شك لها ضريبة غالية ثمنها إنقطاع الناس عن بعضهم، ما يضع علامة إستفهام كبير، فهل مواقع التواصل الاجتماعي أسم حقيقي لمعنى التواصل؟.. ربما إنقطاع الانترنت كان تجربة واقعية للإجابة عن هذا السؤال. انتهى