{بغداد: الفرات نيوز} تحقيق/ رغد دحام
محمد أب لأربعة طلاب ينتظر إنطلاقة العام الدراسي الجديد بترقب، فمع فرحة الدراسة تزاحمها هموم توفير التجهيزات المدرسية، التي لم تقتصر كما في سابق العهود على الملابس والحقائب فهي تطورت مع التطور الذي اجتاح العراق فتوسعت الى مواد القرطاسية، والكتب المدرسية فضلاً عن تعدد الحقائب والملابس، ما زاد من هموم الكسبة من أمثال الاب محمد الذي يعمل لقوته اليومي ولا يجد ما يفيض عنه لتوفير المستلزمات المذكورة.
ويقول محمد ان "غلاء الأسعار واستغلال الموسم الدراسي كانت من أول الصعوبات التي اواجهها على مدار العام الدراسي، فيعمد الكثير من التجار الى زيادة أسعار الملابس والحقائب والمستلزمات الأخرى بشكل ملحوظ، حتى اضطررت للجوء الى الملابس المستعملة {البالات} لاسد جزء من تلك الاحتياجات".
ويقول البائع عصام رافد ان "أغلب العوائل من ذوات الدخل المحدود تلجأ الى الملابس المستعملة لسد كفاية أبنائها من المستلزمات المدرسية، لرخص أسعارها مقارنة بالمستوردة، التي اعتبرت المنفذ الوحيد للكثير من أولياء الأمور في تهيأة متطلبات أبنائهم".
وأشار رافد الى ان "الملابس {البالات} تمتاز في كثير من الأحيان بجودة أقمشتها، فهي من مناشيء أوروبية، رغم ان الكثير من الموديلات لا تتلائم مع المجتمع العراقي والزي الرسمي الذي يتبعه طلبة العراق، والطالبات على وجه الخصوص مما يستدعي الامر الى تقليل سعر البضاعة، او أهمالها".
ويقول الباحث الاجتماعي أحمد عباس الذهبي، ان "الأسر العراقية تدخل في دوامة التحضيرات التي تقوم بها من أجل الإستعداد وتوفير المستلزمات المدرسية لأبناها ما تسبب بمعاناة حقيقة لأولياء الأمور من ذوي الدخل المحدودة الذين تضم أسرهم عدداً كبيراً من الأبناء الطلبة على مقاعد الدراسة، ويصل في بعض الحالات إلى {10} أو أكثر من خمسة أبناء يدرسون في وقت واحد ما يشكل ضغطاً ثقيلاً على كاهل الآباء والأسر حيث بدأت تتنافس الاسواق والمحال التجارية في عرض منتوجاتها من الملابس والحقائب والقرطاسية وباقي اللوازم بمختلف الاشكال والالوان والاسعار".
وبين الذهبي ان "الأسواق تشهد في مثل هذه المواسم إقبالاً واسعاً من قبل العوائل على شراء مستلزمات ابنائها إيذاناً ببدء العام الدراسي الجديد مع بروز شكوى أولياء الامور من الارتفاع الحاد لاسعار القرطاسية والملابس على وجه الخصوص مما يضطرهم الى التسوق مبكراً لتحاشي نفاد السلع المستوردة الجيدة والملابس ذات الماركات التي تفضلها العوائل ذوات الدخل الجيد على حد تعبير أكثرهم".
وبعد ان فرغ الأب محمد من شراء الملابس المدرسة لأولاده الأربعة، التجأ الى شارع المتنبي المعروف بالمستلزمات المدرسية والقرطاسية لشراء ما يتيسر له من تلك المواد، الا ان الوالد تفاجأ بتنوع المواد المدرسية من جهة وغلاء الأسعار من جهة أخرى الامر الذي شكل لديه هاجساً جديداً من القلق حيال نظرة أبنائه الى مقتنيات أقرانهم من ميسوري الحال الذين يتمكنون من شراء تلك المواد".
وتعجب محمد من انتشار الكتب المدرسية لمختلف المراحل الدراسية في سوق المتنبي، متسائلا عن الالية التي تمكن أصحاب تلك المكتبات من اقتناء الكتب وعرضها للبيع، والتي يبدأ الطلاب بالتوافد لشرائها حال اعلان وزارة التربية عن عجزها من توفير جميع المواد.
يذكر ان وزارة التربية في التاسع من آب الجاري عن توجيه دار النهرين بطباعة ١٣ عنوان منهجي بما يقارب ٥ ملايين نسخة للعام الدراسي القادم مع التأكيد على البدء بالمراحل المنتهية تلافيا لحصول اي تأخير في تأمينها للطلبة، حيث تمكنت الدار من طباعة اكثر من أربعة ملايين و750 كتاب بوقت قياسي ٥٠ يوماً".
وقالت الإعلامية وفاء الفتلاوي ان "على الرغم من مجانية التعليم الا اننا لا نرى في هذا البلد سوى شعارات ذهبت مع مهب الريح، فمشكلة التعليم التي تواجه العوائل اليوم وخاصة من الكسبة والمعدمين تعد معضلة مع ارتفاع أسعار الكتب والدفاتر والقرطاسية التي من المفترض ان توفر من قبل وزارة التربية".
وبينت الفتلاوي ان "وزارة التربية تتحمل الجزء الكبير من مسؤولية تردي التعليم وتوفير كل مايلزم الطالب من مستلزمات دراسية، فمن المفترض ان تعد خطة ستراتيجية لجميع مدارس العراق قبل بدء العام الدراسي الجديد وتتضمن توزيع عادل من الكتب والدفاتر والقرطاسية ومن مناشئ عالمية لجميع المدارس وبكافة المراحل رفع معاناة المواطنين خاصة العاجزين عن شرائها للابنائها".
امنيات في سطور
بعد ان ذهبنا مع الاسر العراقية بوجه عام واصحاب الدخل المحدود بوجه خاص في رحلة طويلة رسمت لنا اوجه مختلفة من الهم والحزن للاباء الذين لم يستطيعوا في صباح يوم بدء العام الدراسي الجديد ان يرسموا فرحة على شفاه أطفالهم وأبناهم في توفير أبسط مستلزمات الدراسة وهي الزي المدرسي جديد يحتالون عليهم بابسط الحيل منها {لم أجد لك او لكي زي جميل او انشغلت في امور اخرى وغدا اشتري.. الخ} وهؤلاء الابناء يتنظرون فرحة الملابس الجديدة ولانعرف متى ستتحقق؟!!
وهنا نقول ان هذه الحكايات تزرع في الف بيت وبيت وسط صمت مطبق من قبل الحكومة ولا يقتصر الامر على المؤسسات الحكومية فقط بل تعدت ايضا الى المنظمات المجتمع المدني التي لاتعرف سوى كسوة الاعياد من اجل الاعلان والاعلام متناسية السؤال الذي يبحث عن اجابة {كيف يقضي ابن اليتيم الذي انهى الارهاب على معيله الوحيد عامة الدراسي الجديد}؟.انتهى