{بغداد: الفرات نيوز} للأسبوع الثاني على التوالي، يواصل العراقيون حملة واسعة هي الأولى من نوعها منذ نحو 20 عاماً، لإعادة الحياة إلى عشرات النواعير المنتشرة على جانبي نهر الفرات غربي الأنبار، والتي تشمل النواعير الموجودة في مدن هيت وحديثة وعنة وراوة وآلوس وجبة والحقلانية والموّدع والبغدادي وحصيبة والقائم.
ورُغْم اندثار العمل بالنواعير كوسيلة لسقي الأراضي الزراعية، بعد دخول المَكْنَنة الحديثة، إلا أن النواعير ترتبط بسكان تلك المناطق بقصص وذكريات كثيرة، يرفضون أن تغادرهم. إذ لا يزالون، حتّى الآن، ينسجون أغانيَ ومواويل عنها وعن صوتها الذي لا يتوقف ما دام النهر جارياً.
وخلال فترة انقطاع التيار الكهربائي عن تلك المناطق، أعيد العمل بعدد منها، ووفرت المياه للشرب والمزروعات، وهو ما اعتبره السكان دليلاً على أنه لا غنى عنها.
ويقوم ناشطون في مدينة هيت وحديثة ومدن أخرى، أعالي الفرات بحملة إعادة إعمار تلك النواعير، وذلك بدعم من وزارة الموارد المائية التي وافقت على أن تدعم جهود الناشطين. ومما يلاحظ، هو استعانة الناشطين الشباب بكبار السن من أجل الاستفادة من خبراتهم في طرق صنع النواعير، وتركيب قطعها الخشبية وبناء هيكلها الخارجي، رغم وجود نجارين ماهرين برفقتهم، وذلك لأنه، وبحسب أحد الناشطين، فإن للنواعير روحاً لا يعرف التعامل معها، إلا من عاش معها، وتعامل مع دورانها وصوتها ومائها.
الصحفي سيف الهيتي الذي يشارك في تغطية الحملة الحالية إعلامياً، أوضح أن الحملة جاءت بمبادرة من وزارة الموارد المائية التي تشرف على تمويل المشروع، فيما ينفذ أهالي المدينة عملية التأهيل. و"قد أبلغتنا الوزارة أن المواقع التي تضم النواعير ستتحوَّل إلى منتجع سياحي".
وأضاف الهيتي "هناك أكثر من خمسة مواقع للنواعير في مدينة هيت، كل منها يضم نحو ستّة نواعير ومواقع أخرى، تضم بعض الطواحين التي كانت تستخدم لطحن الحبوب، ولكن العمل حالياً يشمُل النواعير التي كانت تستخدم للسقي".
فيما أعرب الفنان التشكيلي والباحث في الفنون الشعبية، دهام بدر، عن تفاؤله بهذه الحملة في مدن أعالي الفرات غربي البلاد، والتي تمهّد لضمّها إلى لائحة التراث العالمي.
وقال الحديثي في تصريح صحفي "هناك نحو 80 موقعاً للنواعير في مدينة حديثة مثلاً، يضم كل منها ما بين 2 إلى 6 نواعير. فضلاً عن مواقع أخرى في هيت وعنّه وراوه ومناطق أعالي الفرات الأخرى".
وكشف بدر أن "منظمات تابعة للأمم المتحدة، زارت المدينة خلال العام المنصرم، لإدراج النواعير على لائحة التراث العالمي. وبدأت عميات التأهيل فعلياً، وأنجزت ناعورة واحدة في مدينة حديثة حتى الآن، والعمل جار على تأهيل ناعور ثانٍ".
من جانبه، ذكر مدير شعبة البيت الثقافي في حديثة بهاء ياسين أنّ "عملية التأهيل أسفرت عن إنجاز ناعور واحد في قرية النجمي، وهناك جهود لضم حرفة صناعة النواعير على لائحة التراث العالمي غير المادي التابعة لمنظمة يونسكو".
وأضاف في تصريح صحفي أن "وزارة الثقافة أرسلت لجنة لعمل ملف كامل عن النواعير في المناطق الغربية، واستمر العمل ثلاثة أيام بهذا الخصوص".
أمّا المؤرخ عبد الستار الدليمي، فكشف عن الحقبة التاريخية التي تعود إليها النواعير في مناطق أعالي الفرات، مبيناً أن "الباحثين يعتقدون أنّ تاريخ اختراع الناعور، يعود إلى الحضارتين السومرية والبابلية، لمّا كان المزارعون بحاجة ماسة لسقي مزارعهم البعيدة نسبياً عن ضفاف الأنهار، فكان هذا الاختراع العبقري". انتهى
بواسطة.. علاء الطائي