عام 2021 لا يختلف كثيراً عن السنوات الماضية بأحداثها السياسية المتسارعة والمستمرة في العراق لكنه ربما هو "الأخطر" في ظل انقسام حاد لا تعرف نهايته.
يبدو المشهد السياسي في العراق مفتوحاً على كل الاحتمالات بعد قرار المحكمة الاتحادية بشأن ردها للطعون في نتائج الانتخابات المقدمة من رئيس تحالف الفتح هادي العامري.
وتستعرض وكالة {الفرات نيوز} أبرز الأحداث والمواقف السياسية في العراق خلال هذا العام وهو على وشك الإنتهاء.
كانون الثاني 2021.. انتخابات واحتجاجات
تواصل مفوضية الانتخابات استعداداتها اللوجستية لإجراء انتخابات نيابية مبكرة مقررة في 10 تشرين الأول مع استمرار التظاهرات والاحتجاجات الشعبية في محافظات جنوبية - وان كانت متفرقة أحياناً- ضد سوء الخدمات والبطالة والفساد وغيرها.
شباط.. الناتو يضاعف وجوده في العراق
تصاعدت الاستعدادات الحكومية والفعاليات الثقافية خلال هذا الشهر لاستقبال بابا الفاتيان فرنسيس الأول الى العراق في زيارة هي الأولى للحبر الأعظم الى وادي الرافدين على الإطلاق.
وخلال هذا الشهر أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ في (18 فبراير/ شباط ) أن دول الناتو ستزيد عدد الأفراد الذين تنشرهم في العراق من 500 إلى حوالي 4000 شخص "لمهمات التدريب في العراق لدعم القوات العراقية في تصديها للإرهاب".
آذار.. زيارة تأريخية لبابا ولقاء نادر بالنجف
واستهل شهر آذار بحدث تاريخي في العراق بعدما وصل بابا الفاتيكان إلى العاصمة بغداد في الخامص من الشهر، في زيارة أستمرت 4 أيام.
وشملت الزيارة محطات عدة بينها بغداد، والنجف، وذي قار {مدينة أور الأثرية}، ونينوى، وأربيل، فضلا عن لقاء نادر مع المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى الإمام السيد علي السيستاني وكانت له أصداء محلية وعربية ودولية .
ونقل بيان لمكتب المرجع الأعلى عن حديث الإمام السيستاني خلال اللقاء وأشار فيه الى عما يعانيه الكثيرون في مختلف البلدان من الظلم والقهر والفقر والاضطهاد الديني والفكري وكبت الحريات الاساسية وغياب العدالة الاجتماعية، وخصوص ما يعاني منه العديد من شعوب منطقتنا من حروب وأعمال عنف وحصار اقتصادي وعمليات تهجير وغيرها، ولا سيما الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة".
وفي استقبال كبير، وصل البابا أور التي يوجد فيها "بيت النبي إبراهيم عليه السلام" وسط حضور لعدد من ممثلي الأديان والطوائف، حيث ألقى كلمته التاريخية التي قال في جزء منها "نحن أحفاد إبراهيم ولا يمكن لأحدنا العمل بمعزل عن الآخر، ولقاء الأديان للتوحيد والإيمان بدأ من هنا، وإبراهيم بدأ من أور وأصبح أبا لجميع الأديان".
وفي معتقد البابا أن هناك حجا مسيحيا وهو الحج الأكبر الذي يبدأ من موطن النبي إبراهيم وينتهي بكنيسة القيامة في القدس.
نيسان.. اتفاق عسكري مهم
ولم يختلف نيسان عن آذار من حيث أهمية الحدث بزيارة البابا حيث أعلنت بغداد وواشطن في السابع من الشهر الرابع اتفاقهما على تحول مهامات القوات الأمريكية للتدريب وتقديم المشورة لقوات الأمن العراقية.
كما وافقت أمريكا أيضا على سحب "القوات المقاتلة" من العراق، في المقابل جددت بغداد التزامها بحماية أفراد وقوافل التحالف الدولي في البلاد.
آيار.. تداعيات مستمرة لفاجعة أبن الخطيب
رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يوافق في الرابع من آيار على طلب الاستقالة التي قدمها وزير الصحة والبيئة السابق حسن التميمي من منصبه بعد صدور التقرير الخاص بلجنة التحقيق المشكلة على خلفية حادثة مستشفى ابن الخطيب، التي أودت بحياة نحو 90 شهيداً وإصابة أكثر من 110 آخرين الشهر الماضي جراء الحريق في المستشفى الخاص بعلاج مرضى كورونا في 24 من نيسان.
حزيران.. قرار مهم للكونغرس الأمريكي وتحالف عربي جديد
مجلس النواب الأمريكي صوت في 17 حزيران على إلغاء تفويض استخدام القوة العسكرية الممنوح للرئيس منذ عام 2002 والذي سمح بشن الحرب في العراق، في إطار مساعي النواب لاستعادة سلطة إعلان الحرب من البيت الأبيض.
وفي 27 من الشهر ألتقى زعماء العراق ومصر والأردن بالعاصمة بغداد في مسعى لخلق تفاهمات بين الدول الثلاث قد تصل إلى تحالف جديد، إذ هي المرة الأولى التي يزور فيها رئيس مصري العراق منذ 31 عاما.
وعزز هذا الأمر لما أشار إليه البيان الختامي المشترك للقمة الثلاثية حيق قال :"تم التوافق بين القادة الثلاثة حول أهمية العمل المكثف للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة في إطار الحفاظ على وحدة واستقلال دول المنطقة وسلامتها الإقليمية".
تموز.. فاجعة تتكرر و"نقطة تحول"
تسبب حريق داخل مركز لعزل وعلاج مرضى فيروس كورونا في مستشفى الناصرية التعليمي في 12 من الشهر باستشهاد 92 شخصاً وأكثر من 50 مصابا، مع وجود أكثر من 20 جثة لم يتم التعرف عليها بسبب تفحمها، فيما لايزال الأهالي يبحثون عن أبنائهم الذين فقدوا جراء الحريق الضخم.
وهذه ثاني مأساة من نوعها في العراق في ثلاثة أشهر بعد حريق مماثل في مستشفى أبن الخطيب ببغداد، وأنحى رئيس الجمهورية برهم صالح باللوم في الحادثين على الفساد.
وفي حدث اعتبره محللون سياسيون نقطة تحول في العلاقات العراقية الامريكية خلال لقاء رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بالرئيس الامريكي جوزيف بايدن في البيت الأبيض في 27 من تموز.
وقال بايدن في حضور الكاظمي "لن نكون مع نهاية العام في مهمة قتالية" في العراق، لكن تعاوننا ضد الإرهاب سيتواصل حتى في هذه المرحلة الجديدة التي نبحثها".
كما تمحور لقاء بايدن والكاظمي بشكل أساسي حول وجود القوات الأمريكية في العراق وعلى نطاق أوسع، قدرة بغداد على التصدي لخلايا تنظيم "داعش" المتبقية.
وأرسلت الولايات المتحدة في وقت لاحق من زيارة الكاظمي نصف مليون جرعة من لقاح فايزر ضد فيروس كورونا مجاناً للعراق وفقاً لقرار من بايدن.
آب.. عودة دولية قوية للعراق
طغى إنعقاد مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة بحضور إقليمي ودولي رفيع على كل أحداث هذا الشهر حيث استضافت العاصمة العراقية قمة جمعت الحلفاء الدوليين "والأضداد" في المنطقة بمشاركة زعماء وممثلي 9 دول عربية وأجنبية ومنظمات عربية ودولية أبرزهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني.
وأكد البيان الختامي لأعمال القمة بغداد دعم الدول المشاركة لحكومة مصطفى الكاظمي و"جهودها في تعزيز مؤسسات الدولة" كما شدد البيان على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية برقابة دولية.
وشهدت القمة عدة لقاءات مهمة جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر، في أول اجتماع من نوعه منذ اتفاق البلدين في كانون الثاني على إنهاء خلاف استمر طويلا بينهما.
أيلول.. "خرق تطبيعي خطير"
في 24 من الشهر كشف النقاب عن مؤتمر عقد بأربيل "للتطبيع مع إسرائيل" حضره أكثر من 300 عراقي بمن فيهم شيوخ عشائر، في أول نداء من نوعه أطلق خلال مؤتمر رعته منظمة أمريكية في إقليم كردستان، ما أثار إدانات رسمية وحزبية وصدرت مذكرات قضائية بإلقاء القبض على عدد من الحاضرين.
وشجبت الحكومة الاتحادية هذا المؤتمر وأكدت في بيان رسمي، أن "طرح مفهوم التطبيع مرفوض دستورياً وقانونياً وسياسياً في الدولة العراقية، وأن الحكومة عبرت بشكل واضح عن موقف العراق التاريخي الثابت الداعم للقضية الفلسطينية العادلة، والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه بدولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف، ورفض كل أشكال الاستيطان والاعتداء والاحتلال التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الشقيق".
تشرين الأول.. الحدث الأهم
جرت في 8 من الشهر عملية التصويت الخاص في الانتخابات البرلمانية المبكرة قبل يومين من التصويت العام، وسط إجراءات أمنية وإقتراع ألكتروني الأول من نوعه بعد 2003.
وحق لنحو مليون و200 ألف من أفراد الجيش والأمن والنازحين ونزلاء السجون المشاركة في التصويت الخاص.
وبعد يومين {10 تشرين الاول} فتحت صناديق الاقتراع في العراق في الساعة الـ 7 صباحاً وأغلقت بتمام السادسة مساءً أمام الناخبين في انتخابات تشريعية مبكرة، قدمها السلطة على أنها تنازل لحركة احتجاجية غير مسبوقة، لكن الفساد المستشري في البلاد وسطوة جماعات مسلحة آضعفت آمال وشكوك الناخبين بإمكانية أن يحقق هذا الاستحقاق تغييراً ملموساً على واقعهم ولا زالت تداعياته مستمرة حتى الآن.
وحق في هذه الانتخابات الاولى من نوعها في العراق كونها مبكرة لنحو 25 مليون شخص التصويت، لكن المشاركة في عملية التصويت الإلكتروني والاختيار من بين 3240 مرشحاً، تتطلب حيازة بطاقة بيومترية.
وجرت الانتخابات لاختيار 329 نائباً، وفق قانون انتخابي جديد يرفع عدد الدوائر وينص على تصويت أحادي، ما يفترض أن يعطي دفعاً للمستقلين والمرشحين المحليين وهو ما تحقق نسبياً بعد إعلان النتائج التي كانت مقررة خلال 24 ساعة من اغلاق صناديق الاقتراع وهو ما لم يتحقق.
وخرجت تظاهرات وإحتجاجات شعبية منددة – لازالت مستمرة- ضد نتائج الانتخابات وسط اتهامات بالتزوير والتلاعب بها.
تشرين الثاني.. الإغتيال ومبادرة السيد الحكيم
في فجر السابع من الشهر كانت محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي داخل منزله في المنطقة الخضراء شديدة التحصين وسط بغداد ان تعصف بأزمة سياسية لا يحمد عقباها ولا يعرف عواقبها.
وقالت السلطات الأمنية إن محاولة الاغتيال نُفذت بثلاث طائرات مسيرة مفخخة بمتفجرات، أسقطت قوات أمنية اثنتين منها، بينما سقطت الثلاثة في مقر إقامة الكاظمي داخل "المنطقة الخضراء"، ما أصاب عددا من حراسه.
وقال الكاظمي ان السلطات "تعرف جيداً" هوية المنفذين دون الإشارة إلهم بصريح العبارة.
وقوبلت محاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، فجر الأحد 7 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بحملة إدانات محلية ودولية واسعة.
وفي محاولة لحلحلة تعقيدات أزمة النتائج ومنع الإنسداد السياسي طرح رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية، السيد الحكيم، دعا خلال كلمته في منتدى الأمن والسلام في الشرق الأوسط أقيم في دهوك في 16 من الشهر الماضي الى "مبادرة وطنية سياسية وموسعة تجمع جميع القوى الفائزة {على مستوى المقاعد او الأصوات} وعلى مستوى {المتقبل للنتائج أو المعترض عليها} وعلى مستوى {القوى الكبيرة او القوى الناشئة الشبابية والمستقلة}، لوضع صيغة تفاهم تفضي الى إعادة التوازن للعملية السياسية من خلال إتفاق وطني جامع، متبنى من قبل الجميع، بآليات ونقاط وتوقيتات واضحة وعملية".
وأكد على إن "يتم التصويت على ورقة الإتفاق الوطني في مجلس النواب الجديد كقرار برلماني في أولى جلساته الرسمية".
وفي حدث مهم أعلنت مفوضية الانتخابات في 30 من الشهر الماضي - وبعد 40 يوماً من إجراء الانتخابات- النتائج النهائية بعد حسم سلسلة طعون مقدمة من القوى المعترضة وعمليات عد وفرز جزئي لمحطات انتخابية.
ووفقاً للنتائج فقد أحتلت "الكتلة الصدرية"، المرتبة الأولى بـ73 مقعدا من أصل 329، فيما حصلت كتلة "تقدم" بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي (سُني) على 38 مقعدا، تليها كتلة "دولة القانون" برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (2006 ـ 2014) بـ34 مقعدا.
كانون الأول.. طعون انتخابية و"القول الفصل"
تقدم قوى في الإطار التنسيقي الممثلة "للقوى الشيعة" عدة طعون في نتائج الانتخابات وطالبت بإلغاء النتائج باعتبارها "مزيفة" في ظل تجاذب للمواقف والحراك بين الكتل بشأن تشكيل الحكومة وبينها اصرار زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر على "الاغلبية السياسية" التي واجهت رفضاً من الإطار الذي يرغب بجعلها توافقية.
ورفضت المحكمة الاتحادية العليا أمس الاثنين، دعوى إلغاء نتائج الانتخابات والطعن المقدم بشأن الكوتا كما ردت رد دعوى عدم المصادقة على النتائج، وتحميل المشتكي كافة المصاريف".
وصادقت المحكمة نتائج الانتخابات لتفتح المجال الآن أمام البرلمان الجديد لعقد جلسته الأولى خلال الأسبوعين المقبلين، ثم انتخاب رئيس له ورئيس للجمهورية، قبل أن يتم اختيار رئيس للحكومة في عملية تعتمد على المفاوضات السياسية بين القوى المختلفة.
وستكون الجلسة الأولى برئاسة أكبر الأعضاء سناً وهو القيادي في تحالف عزم محمود المشهداني {73 عاماً} الذي تولى المنصب للفترة 2006 -2009 قبل تقديم استقالته آنذاك.
والنظام السياسي في العراق بعد 2003 لا يعطي لأحد القدرة على تشكيل الحكومة دون الحصول على النصف زائد واحد من عدد مقاعد برلمان يتألف من 329 مقعدا، أي سيحتاج إلى 165، وهو ما يعني أن المكونات السياسية، السنة والشيعة والكرد ومكونات أخرى، تحتاج إلى التوافق.
ليبقى المشهد السياسي في العراق منقسماً بشأن العديد من الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية والصحية والاجتماعية.
ولعل أبرز التحديات المقبلة حسم الخلاف بين القوى السياسية على هوية الحكومة وحسم توجهها بين الاغلبية والتوافقية، ولا ننسى عقدة الاتفاق على أسم رئيس الوزراء المقبل ما يجعل العام المقبل 2022 متخم بالأحداث لا يمكن التكهن بها حتى الآن.