تشهد بغداد سنويًا مشهدًا روحانيًا ضخما مع احتشاد ملايين المؤمنين لإحياء ذكرى استشهاد الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)، الإمام السابع من أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، الذي يُعدّ رمزًا للصبر والمقاومة في وجه الظلم والطغيان.
وبدأت جموع الزائرين منذ أيام بالتدفق إلى مدينة الكاظمية المقدسة، حيث يسير الملايين سيرًا على الأقدام باتجاه مرقد الإمام الكاظم (عليه السلام)، الذي استُشهد في سجون الخليفة العباسي هارون الرشيد عام 183 هـ. المناسبة، التي توافق الخامس والعشرين من شهر رجب، تُعد من أكبر التجمعات الدينية السنوية في العراق، حيث يتوجه الزوار من داخل البلاد وخارجها حاملين مشاعر الولاء والوفاء.
ومع اقتراب ذروة مراسم الزيارة، تتواصل الاستعدادات لاستقبال المزيد من الزوار وسط أجواء روحانية وإجراءات أمنية محكمة، مما يعكس إيمان العراقيين وولاءهم للإمام الكاظم (عليه السلام) وقيمه الخالدة.
وأعلنت وزارة الداخلية عن خطة أمنية شاملة لتأمين الزوار، بمشاركة قوات من وزارتي الدفاع والداخلية، الحشد الشعبي، والأجهزة الاستخبارية.
وفقًا لتصريحات العميد مقداد ميري، المتحدث باسم الوزارة، فإن الخطة شملت ثلاث مراحل أساسية:
1. المرحلة الأولى: تنفيذ عمليات استباقية لتأمين المناطق المحيطة.
2. المرحلة الثانية: فحص وتجريب القطعات الميدانية للتأكد من جاهزيتها.
3. المرحلة الثالثة: التنفيذ الكامل بالتزامن مع بدء التدفق المليوني نحو الكاظمية.
كما أشار إلى انتشار فرق المرور والدفاع المدني لتسهيل حركة الزائرين وتأمين الطرق.
وأكد أن القائد العام للقوات المسلحة يشرف شخصيًا على الخطة لضمان سيرها بسلاسة.
فيما شارك في هذه الزيارة أكثر من 6 آلاف موكب حسيني، تقدم الخدمات للزائرين، من طعام وشراب ومبيت، بالإضافة إلى توفير خدمات طبية وصحية.
وأكدت الجهات المنظمة تشغيل 25 ألف مركبة لنقل الزوار داخل بغداد، وسط منظومة خدمية متكاملة.
وقرر مجلس الوزراء تعطيل الدوام الرسمي في بغداد يوم الأحد، كما أعلنت محافظات أخرى تعطيل الدوام لإتاحة الفرصة للمؤمنين للمشاركة في هذه المناسبة الأليمة.
ونشرت وزارة الصحة فرقًا طبية وسيارات إسعاف على طول الطرق المؤدية إلى الكاظمية، مع تجهيز مراكز طبية ميدانية لتقديم الخدمات الصحية ومعالجة الحالات الطارئة.
وغصت شوارع بغداد والكاظمية بمراسيم العزاء، حيث نُظمت مجالس الخطابة والعزاء التي تُبرز مواقف الإمام الكاظم (عليه السلام) البطولية وصبره على الظلم.
الإمام الذي لُقب بـ"باب الحوائج" و"كاظم الغيظ"، يُعدّ مثالًا للصبر والإيمان في مواجهة المحن.
وتحمل هذه المناسبة رسالة عميقة للوحدة والتلاحم بين العراقيين بمختلف أطيافهم، وتجسد ارتباطهم العميق بقيم أهل البيت (عليهم السلام) التي تمثل العدالة والصبر في وجه التحديات.
