{دولية:الفرات نيوز} يحيي العالم السبت المقبل اليوم العالمي لحرية الصحافة 2014 تحت شعار "حرية الإعلام من أجل مستقبل أفضل وتشكيل جدول أعمال التنمية في مرحلة ما بعد عام 2015"، وسيركز اليوم العالمي لحرية الصحافة في عام 2014 على ثلاث مواضيع مترابطة وهي {أهمية وسائل الإعلام في التنمية، سلامة الصحافيين وسيادة القانون، استدامة ونزاهة الصحافة}.
كما ستقام مراسم حفل جائزة اليونسكو/ غييرمو كانو العالمية لحرية الصحافة السنوية في الـ 2 ايار 2014 في مقر اليونسكو، والتي فاز بها صحفي التحقيقات التركي أحمد شيخ.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد قررت في مايو عام 1993 الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة يوم 3 مايو كل عام، علي أثر توصية موجهة إليها اعتمدها المؤتمر العام لليونسكو سنة 1991، وبهدف الاحتفال بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة، وتقييم حرية الصحافة في العالم، وحماية وسائل الإعلام من التعدي على استقلالها، وتكريم الصحافيين الذين فقدوا حياتهم في ممارسة مهنتهم.
ويشير تقرير السنوي لحرية الصحافة لعام 2013، أنه تم قتل 71 صحفياً، واعتقال 826، واختطاف 87، كما تم تهديد أو الاعتداء الجسدي علي 2160 صحفياً، وفرار 77 من بلدانهم، كما تم قتل 6 متعاونين مع وسائل الإعلام، وقتل 39 مواطنا إلكترونيا ومواطنا صحفيا، واعتقال 127 مدوناً ومواطناً إلكترونياً.
وأشار بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة وإرينا بوكوفا في رسالة مشتركة بهذه المناسبة الى أن" هذه السنة سنحت فرصة للمجتمع الدولي لا تسنح إلا مرة واحدة في كل جيل لإعداد خطة طويلة الأجل تهدف إلي تحقيق التنمية المستدامة من أجل النجاح في بلوغ الأهداف الإنمائية للألفية التي ينتهي الأجل المحدد لها في عام 2015".
ولتطبيق هذه الخطة بنجاح، يتحتم ضمان تمتع كل الشعوب بالحقوق الأساسية في حرية الرأي والتعبير. فإن هذه الحقوق أساسية لتحقيق الديمقراطية والشفافية والمساءلة وسيادة القانون، كما أنها تؤدي دوراً حيوياً في النهوض بالكرامة الإنسانية والتقدم الاجتماعي والتنمية الشاملة.
ونوه مون وبوكوفا الي أن" اليوم العالمي لحرية الصحافة يسلط الضوء علي أهمية تنمية وسائل إعلام مستقلة وحرة وتعددية، لحماية هذه الحقوق وتعزيزها".
وقالا ان" الصحافة توفر منبراً للنقاش المستنير بشأن مجموعة واسعة من المشكلات التي تواجهها التنمية، إبتداءً من التحديات البيئية والتقدم العلمي وانتهاءً بتحديات المساواة بين الجنسين ومشاركة الشباب وبناء السلام. ولا يمكن إرساء حكم رشيد إلا إذا تمتع الصحفيون بحرية الرصد والتحري وإنتقاد السياسات والإجراءات".
وأضافا "وحتي حين ننظر إلي فترة ما بعد عام 2015، نري أنه يجب علينا التصدي للتهديدات الخطيرة الراهنة التي تواجهها حرية الصحافة في شتي أنحاء العالم".
وأشارا إلى انه "في عدد كبير من البلدان تعترض عقبات دائمة عمل الصحفيين وغيرهم من العاملين في وسائل الإعلام وتعوقهم عن نقل الحقيقة، بدءاً بالخضوع للرقابة والاعتقال والسجن وانتهاءً بالتعرض للترهيب والاعتداءات وحتي الاغتيالات.
وتبين هذه الانتهاكات الفاحشة مدي هشاشة حرية الصحافة وحقوق الانسان التي تقوم عليها، كما تبين ضرورة الدفاع عن هذه الحرية بفعالية".
وأكد مون وبوكوفا على "إدانة الجمعية العامة للأمم المتحدة إدانة صريحة جميع الاعتداءات وأعمال العنف التي تستهدف الصحفيين والعاملين بوسائل الإعلام، وطالبا الحكومات وجميع أصحاب النفوذ السعي الأن إلي إعمال هذة الإدانة من خلال حماية الصحفيين وغيرهم من العاملين في وسائل الإعلام".
وبينا إن" الأمم المتحدة علي أتم الاستعداد لأداء دورها، وقد باشرت هيئات الأمم المتحدة فعلا العمل فيما بينها ومع شركاء آخرين بقيادة اليونسكو بغية إقامة بيئة حرة وآمنة للصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام في كل أنحاء العالم".
وأضافا"وإننا نناشد في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة جميع الدول والمجتمعات والأفراد الدفاع بفعالية عن حرية التعبير وحرية الصحافة بوصفهما حقين من الحقوق الاساسية ومساهمتين جليلتين في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية وفي وضع خطة التنمية لما بعد عام 2015".
وتشير تقارير {مراسلون بلا حدود} حول حرية الصحافة لعام 2014، الى تدهور كبير في بلدان مختلفة مثل الولايات المتحدة وجمهورية أفريقيا الوسطى وجواتيمالا، في حين حققت الإكوادور وبوليفيا وجنوب أفريقيا تقدماً ملحوظاً.
ويرى كريستوف ديلوار، الأمين العام للمنظمة أن" الترتيب العالمي لحرية الصحافة الذي تصدره مراسلون بلا حدود، يمثل أداة مرجعية ويتمحور حول 7 مؤشرات وهي{ مستوى الانتهاكات، ومدى التعددية واستقلالية وسائل الإعلام، والبيئة والرقابة الذاتية، والإطار القانوني والشفافية والبنية التحتية}، فهو يضع الحكومات أمام مسؤولياتها متيحاً للمجتمع المدني وسيلة موضوعية وموفراً للهيئات الدولية مؤشراً للحكم الرشيد يمكن الاستناد إليه لاتخاذ قراراتها".
من جهتها أوضحت لوسي موريون، مديرة الأبحاث في منظمة مراسلون بلا حدود، أن" ترتيب بعض البلدان بما في ذلك بعض الدول الديمقراطية، يعكس إلى حد كبير تأويلاً فضفاضاً على نحو مفرط وبشكل تعسفي لمفهوم حماية الأمن القومي هذا العام، كما يسلط الضوء على ما تحمله النزاعات المسلحة في طياتها من تأثيرات سلبية على حرية الإعلام والفاعلين في هذا القطاع".
ويسلط ترتيب 2014 الضوء على الترابط السلبي بين حرية الإعلام والصراعات المسلحة الجارية كانت أو غير معلنة.. ففي سياق يطغى عليه عدم الاستقرار، تصبح وسائل الإعلام مستهدفة على نحو استراتيجي من قبل الجماعات أو الأفراد الذين يحاولون فرض رقابة على كل من يسعى إلى نشر المعلومات، وذلك في انتهاك فاضح للضمانات التي تقدمها المواثيق الدولية.
فقد حافظت فنلندا على موقعها في الصدارة حيث تعتلي قمة الترتيب للعام الرابع على التوالي. وتأتي بعدها كل من هولندا والنرويج على غرار طبعة العام الماضي، وفي الطرف المقابل فيتذيل التصنيف الثلاثي الجهنمي المعهود والذي يتألف من تركمانستان وكوريا الشمالية وإريتريا حيث حرية الصحافة منعدمة بكل بساطة، ورغم بعض الاضطرابات النادرة التي كان من شأنها أن تلقي بظلالها على هذه البلدان خلال عام 2013، إلا أنها لا تزال تمثل وصمة عار على الصعيد الإعلامي باعتبارها جحيماً حقيقياً بالنسبة للصحفيين.
ويشمل التصنيف العالمي 180 بلداً هذا العام مقابل 179 في الطبعة السابقة، حيث انضمت بليز إلى القائمة لتحتل مباشرة مرتبة تحسد عليها (29)، حيث سجلت حالات عنف نادرة ضد الصحفيين في هذا البلد، إضافة إلى بعض الشوائب المتمثلة في محاكمات بتهمة التشهير مصحوبة بغرامات مالية مغرضة، إلى جانب بعض الاستثناءات المتعلقة بالأمن القومي والتي تعيق التطبيق السليم لقانون الوصول إلى المعلومات العامة، ناهيك عن تدخل الحكومة في إدارة الترددات بشكل جائر في بعض الأحيان.
كما أن تراجع مالي 22 مركزاً عن العام الماضي واحتلت بها المركز 122، وجمهورية أفريقيا الوسطى تراجعت 34 مركزاً احتلت بها المركز 109، يعكس بدوره ذلك الترابط السلبي المشار إليها أعلاه.
فالحروب المفتوحة على مختلف الجبهات والاشتباكات التي تزعزع استقرار جمهورية الكونغو الديمقراطية أدت إلي تراجعها 8 مراكز احتلت بها المركز 151، وكذلك مناورات العصابات والجماعات الإرهابية في كل من الصومال التي احتفظت بنفس المركز 176، ونيجيريا التي تراجعت 4 مراكز لتحتل المركز 12، لا تساهم في تحسين تصنيف هذه البلدان بأي شكل من الأشكال.
وأشار تقرير مراسلون بلا حدود لعام 2014 ،الى أنه لا يمكن اعتبار دول {سيادة القانون} مثالاً يقتدى به في هذا الباب، بل على العكس من ذلك تماماً.
ففي كثير من الأحيان تضحي السلطات بحرية الإعلام لتبقي الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام كل تأويل فضفاض لمفهوم الأمن القومي، مما يمهد الطريق نحو تراجع مثير للقلق فيما يتعلق بالممارسات الديمقراطية، حيث تواجه الصحافة الاستقصائية صعوبات جمة في بعض الأحيان كما هو الحال في الولايات المتحدة والتي تحتل المركز 46 ، والتي فقدت 13 مرتبة في التصنيف العالمي، مسجلة بذلك أحد أكبر التراجعات وأكثرها إثارة للانتباه في سياق يتميز بملاحقة شرسة لمصادر المعلومات ومتابعة أشرس لكاشفي الفساد.
فإدانة الجندي برادلي مانينغ أو مطاردة موظف وكالة الأمن القومي إدوارد سنودن تشكلان تحذيراً شديد اللهجة لكل من ينوي تسريب ونشر معلومات حساسة حتى وإن كانت تستأثر باهتمام واسع في أوساط الرأي العام.
فقد أفاقت مهنة الصحافة على وقع زلزال مدو بسبب فضيحة تجسس وزارة العدل الأمريكية على وكالة أسوشيتد برس من خلال رصد سجلات اتصالاتها الهاتفية دون سابق إنذار لتحديد مصدر تسريب المعلومات من داخل وكالة المخابرات المركزية، مما أكد الحاجة الملحة لـقانون وقائي على الصعيد الوطني، لضمان حماية المصادر التي يلجأ إليها الصحفيون لاستقاء المعلومات.
بيد أن تفعيل العملية التشريعية في هذا الاتجاه لا يبدو كافياً لتبديد شواغل جيمس رايزن صحفي نيويورك تايمز، الذي أُجبر على المثول أمام المحكمة للإدلاء بشهادته في محاكمة موظف سابق بوكالة المخابرات المركزية متهم في قضية أخرى تتعلق بتسريب معلومات سرية.
كما لا يمكن إغفال قضية الصحفي المستقل الشاب باريت براون الذي يواجه عقوبة السجن 105 أعوام لنشره على الإنترنت بعض بيانات شركة ستراتفور الأمنية الخاصة التي تعمل بموجب عقد رسمي مع الحكومة.
وبدورها، تراجعت المملكة المتحدة 3 مراكز عن العام الماضي لتحتل المركز 33 ، حيث رفعت المملكة المتحدة شعار مكافحة الإرهاب لممارسة ضغوط سافرة على صحيفة الغارديان، ناهيك عن الاعتقال الذي دام تسع ساعات في حق دفيد ميراندا، زميل الصحفي غلين غرينوالد ومعاونه.
ويبدو أن سلطات البلدين تظهران حماساً مفرطاً في ملاحقة كاشفي الفساد بينما لا تبدي نفس القدر من الصرامة في تنظيم ممارسات المراقبة التعسفية المتناقضة مع مبدأ الخصوصية الذي يحتل مكانة غالية في ثقافتهما الديمقراطية.
كما يأتي قانون {أسرار الدولة}، الذي اعتمده البرلمان الياباني في أواخر عام 2013، ليضيف مزيداً من الضبابية والتعتيم على تعاطي الحكومة اليابانية مع المواضيع التي تهم الشأن العام مثل القضية النووية والعلاقات مع الولايات المتحدة، وغيرها من القضايا التي تدخل في نطاق المحرمات الكبرى.
ذلك أن نواب الشعب الياباني تناسوا بعض المفاهيم الجوهرية من قبيل الصحافة الاستقصائية ، والمصلحة العامة وسرية المصادر ليضربوا بها عرض الحائط، حريصين أشد الحرص على منع نشر أية معلومات محرجة تفادياً لتشويه سمعة البلاد في الخارج، وبسبب ذلك فقد فقدت اليابان 5 مراكز عن العام الماضي لتحتل هذا العام المركز 59.
كما لا تتردد بعض الحكومات في اللجوء إلى ورقة مكافحة الإرهاب لاتهام الصحفيين بـتهديد الأمن القومي، ففي تركيا تقدمت مركزا واحدا لتحتل بها المركز 154، حيث يقبع عشرات الفاعلين الإعلاميين في السجون تحت هذه الذريعة، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بتغطية القضية الكردية.
بينما أظهرت قضية علي أنوزلا أن السلطات المغربية باتت تخلط بين الصحافة و الإرهاب، مما حكم على هذا البلد بالبقاء في المرتبة 136. أما في إسرائيل فقد تقدمت 17 مركزاً عن العام الماضي لتحتل المركز 96 ، فإن حرية الإعلام ليست سوى مفهوماً فضفاضاً يمكن تعليقه في أية لحظة وحين بحجة حماية أمن الدولة.
وفي كشمير الهندية، تتوقف خدمة الإنترنت النقال وباقي وسائل الاتصال بمجرد اندلاع بعض الاضطرابات، في حين يسيطر الجيش بالكامل علي شمال سيرلانكا التي تراجعت مركزبن لتحتل المركز 165، حيث لا يسمح بأي تعارض مع الخطاب الرسمي فيما يتعلق بعملية تهدئة معاقل الانفصاليين التاميل السابقة.
وعلى صعيد آخر، فإن الأنظمة الاستبدادية في آسيا الوسطى، تشدد الرقابة ولا تغفل عن وسائل الإعلام، تحسباً لأي محاولة لزعزعة استقرار السلطة الحاكمة.
وذكر التقرير أنه في عدد من البلدان تكون الجماعات الأهلية غير الحكومية هي مصدر التهديد الرئيسي لأمن الصحفيين ، فنجد في ليبيا التي تراجعت 5 مراكز لتحتل المركز 137، فالميليشيات التي تعمل على استتباب الفوضى في ليبيا الجديدة أو الجماعات اليمنية المسلحة ذات الصلة بتنظيم القاعدة هي المرآة التي تعكس خصخصة العنف على هذا النحو.
أما القاسم المشترك بين حركة الشباب في الصومال التي تحتل المركز 176، وحركة M23 في جمهورية الكونغو الديمقراطية فيتمثل في اعتبار الصحفيين أعداء بشكل مطلق مما أدي إلي تراجع ترتيب الكونغو الديمقراطية 8 مراكز لتحتل بها المركز 151، كما أن الجماعات الارهابية، مثل جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام {داعش}، تهاجم بعنف الفاعلين في الحقل الإعلامي رغبة منها في السيطرة بأي ثمن على المناطق التي تحررها.
وعلى صعيد آخر، لا تزال الجريمة المنظمة آلة طاحنة مرعبة بشكل عام، حيث تطال هندوراس التي تراجعت مركزا واحداً لتحتل المركز 129، وجواتيمالا التي تراجعت 29 مركزاً لتحتل المركز 125 ، والبرازيل التي تراجعت مركزين لتحتل المركز 111، وباراغواي التي فقدت 13 مركزاً لتحتل بها المركز 105 ، ولكنها تمتد أيضاً إلى باكستان والصين وقيرغيزستان والبلقان.
فأمام هذه القوة الهمجية، يكون من الصعب أو بالأحرى من المستحيل تجنب الوقوع في الرقابة الذاتية، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بقضايا حساسة مثل الفساد والاتجار بالمخدرات وتسلل المافيا إلى بلاط الدولة. ذلك أن تساهل بعض السلطات أو تواطؤها أو تسامحها مع بعض الممارسات، بل وفي بعض الأحيان مشاركتها بشكل مباشر أو غير مباشر في الجرائم المقترفة ضد وسائل الإعلام ، يقوي حظوظ تلك العصابات الإجرامية في الإفلات من العقاب ويذكي دوامة العنف التي تستهدف الفاعلين في الحقل الإعلامي.
وأمام تصاعد دوامة العنف تحرك المجتمع الدولي أخيراً، ففي يوم 26 تشرين الثاني 2013 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتوافق الآراء أول قرار بشأن سلامة الصحفيين وحول إحداث اليوم العالمي لمكافحة الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، ويشكل هذا القرار بلا شك خطوة هامة في الاتجاه الصحيح، حيث يأتي استكمالاً للقرار 1738 الذي يدين الاعتداءات على الصحفيين في حالات النزاع المسلح، المعتمد من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في كانون الاول 2006 بناء على اقتراح من منظمة مراسلون بلا حدود، دون إغفال خطة العمل للأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين والإفلات من العقاب، التي اعتمدت في نيسان 2012.انتهى