وقال الكاظمي في كلمة متلفزة بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك ومرور عام على تشكيل الحكومة، مساء اليوم :"أقف أمامكم اليومَ، بعد عامٍ من أدائي اليمين رئيساً لمجلس الوزراء لكي نتباحث معاً بشفافيةٍ في بعض ماواجهنا من تحدياتٍ خلال العام المُنصرم، وكيف تعاملنا مع المسؤوليةِ الملقاةِ على عاتقنا في مرحلةٍ انتقاليةٍ معقّدةٍ ومفصليةٍ من تاريخ العراق.
وابتداءً أقول، إن الحكومةَ التي تشـرفت بتولي رئاستها، وُلِدتْ في ظرفٍ إستثنائيٍ خطير ...كان العراق يقفُ فيه على مُفترقِ طُرقٍ جرّاءَ أزمةٍ إجتماعيةٍ حادّةٍ ومصيرية....وهي أزمةٌ كانت في الواقع نتاجاً طبيعياً وحتمياً لسوءِ الإدارةِ وغياب الإرادةِ الحقيقيةِ للتغيير والتطوير.
إن مُهمَتنا الاساسية هي اجراء انتخاباتٍ نزيهةٍ وعادلةٍ، تنسجم مع ارادة شعبنا ، وقد حددنا العاشر من تشرين هذا العام موعداً نهائيا لهذه الانتخابات وسنسخر لذلك كل الجهود والامكانيات . .
قدمت حكومتي كل الدعم لانجاح الانتخابات ، وان قوانا واحزابنا السياسية الوطنية العزيزة مدعوة الى استحضار جوهر هذا الوطن والتكاتف معاً لحمايته وتجاوز اخطاء السنوات الماضية من خلال نشـر التسامح والتعايش والتعاون والمنافسة الشـريفة لانجاح الانتخابات.
ان القوى التي قارعت اقـسى دكتاتوريات العصـر الحديث جديرة بدون شك على ان توفي بهذه المسؤولية التاريخية في هذه المرحلة الحرجة.
كما ان شعبنا العظيم بكل فعالياته الاجتماعية والشبابية والدينية والثقافية مدعو الى دعم المشاركة في الانتخابات وانجاح اهدافها النبيلة،
ومن جانبنا أوفينا بعهدنا امام شعبنا بإعلان عدم المشاركة في الإنتخابات أو دعمِ أي حزبٍ أو طرفٍ على حسابِ الآخر ، وسنقوم بدورنا في حماية العملية الانتخابية القادمة.
شعبنا العزيز
رُغمَ تحدّيات جائحةِ فايروس كورونا في كل أنحاء العالم، حققتِ الحكومةُ تقدماً في السيطرة على الوباء من خلال سلسلةٍ من الإجراءاتِ لتقليل عدد الاصابات وتقديم أفضل دعمٍ ، وتوقيع اتفاقيات لشـراءِ اللقاحات، والمُضي باستكمال إعادةِ بناءِ المستشفياتِ المُتوقفة في عموم مُحافظات العراق.
لقد عززتِ الحكومة العراقية خلال العام الماضي سيادة الدولة وحصر السلاح بيدها من خلال دعم القوى الامنية واعادة الثقة بينها وبين المجتمع ، للتصدي لدورها في مواجهة الارهاب والسلاح المنفلت وعصابات الجريمة.
وقد حققت قواتنا تطوراً لافتاً على صعيد مواجهة جيوب تنظيم داعش الارهابي، نجحنا بقتل الإرهابي الذي يُسمي نفسه والي العراق ونائب الخليفة المكنى أبو ياسر العيساوي، وقتل نائب والي داعش في العراق، و منسق داعش لعمليات سوريا والعراق، وعازمون على تجفيف منابع الإرهاب وتكريس الاستقرار من خلال سلسلة عمليات سيتم إطلاقها لمواجهة جيوب داعش وذيوله.
وخلال العام الماضي ايضاً تصدت قواتنا البطلة للسلاح المنفلت والجماعات الخارجة عن القانون التي تطلق صواريخ على البعثات الدبلوماسية والمؤسسات العراقية ، ولدينا مئات المعتقلين من الخارجين على القانون وعناصر فرق الموت التي ارعبت اهلنا في البصرة للسنوات الماضية ومنفذي عمليات الاغتيال ، بالاضافة الى عصابات المخدرات والاسلحة.
وبهذا الصدد أقول ..
نعم، مازال هناك من يحاول التنمّر على الدولة مُستغلاً ظروف العراق الإستثنائية ، للتلويح بجرِّ العراقِ الى الدّم والحرب الأهليةِ، ولكن يجب أن يعرف الجميع ..إن التنمر على الدولة ليس بلا ثمن، سواء اليوم أو غداً. وإن حقوق الدولة لاتسقط بالتقادم، وسيجد كلُ من يعتقد أنه أقوى من الدولة نفسه مُسائلاً أمام مؤسساتها القانونية مهما كبُر شأنه.
ان قتلة الناشط الشهيد ايهاب الوزني في كربلاء سيواجهون المصير الذي واجهه قتلة احمد عبد الصمد في البصرة وباقي الشهداء بما اجرموا بحق شعبنا وشبابنا.
في مناسبات واحداث واجهناها معاً خلال هذا العام اثبتت الحكومة عهودها لكم بانها لن تسمح بالاستخفاف بالدم وعرضنا نتائج لجان التحقيق التي شكلت في بعض الاحداث المؤسفة ، وهناك لجان تحقيقية مازالت تعمل بلا كلل في قضايا الاغتيالات الاجرامية التي وقعت خلال العام الماضي.
لقد عملت الحكومة الحالية على ترسيخ مبدا الاعلان على نتائج التحقيق بموعدها المحدد وابعاد التسويف الذي كان ملازما لتشكيل اللجان سابقا واعلنا عن نتائجها خلال المدد المحددة واتخذنا اجراءات بعضها ادارية والبعض الاخر احلناه للقضاء وماضون بهذا النهج ولن نتراجع عنه.
كما شكلت الحكومة فريق تقصي حقائق عالي المُستوى من قضاةٍ سابقين مازال تجمع البياناتِ والشهاداتِ حول أحداثِ تشرين من عام 2019، وسوف تعلنُ نتائجَ عملِ هذه اللجنة فور صدورها.
وفي هذا الوقت اتخذت الحكومة عدةَ إجراءات للتعاطي مع تداعيات تلك الأحداث مثل الإفراج عن جميع المحتجزين بسبب التظاهرات إذ أن التظاهر حق دستوري، واعتبرنا الضحايا في ساحات الاحتجاج شهداءَ وتم ضمان حقوقهم،
كما أطلقنا مشروعاً للحوار الوطني الشامل يشمَل المتظاهرين ويثبّتُ مطالبَهم المشروعة، مثلما يشمل القوى السياسية والفعاليات الشعبية.
في ملفِ مُكافحة الفساد، كانت هناك قبل هذا العام (أقوالٌ) فقط ...حتى مجيء هذه الحكومة التي تعهدت أمام الشعب بالأفعال وفعلت، ولم تتوقف رُغمَ كلّ العراقيل التي وُضعت أمامَ لجنةِ مكافحةِ الفساد، ورغمَ كلِ الحملات الدعائية مدفوعة الثمن التي انطلقت لتشويهِ هذا الواجب الوطني.
أقول وليسمعني الجميع .. ان مافعلناه خلال عامٍ واحدٍ من مكافحة الفساد يُساوي فعلياً ما انتجتهُ كلُ الجهودِ بهذا الصدد لأكثر من 17 سنة الماضية .
الدولة لاتنسـى دَيناً ،،، يعني ((يروح الكاظمي يجي غيره ..الدولة ماتنسة دين ...وكل دينار سرق من أموال الشعب العراقي راح يرجع ...اليوم رجعنا جزء ..وباجر يرجع الباقي)) ..هذا أمرٌ لا مساومة فيه ولا مزايدة ..وكل من يحاول المزايدةَ سيكشف نفسه أمامَ الشعبِ وأمام التاريخ ..والتاريخ لا يرحم .
التزمت الحكومة بمساعدة النازحين على العودة إلى ديارهم وإنهاء مشكلة النزوح الداخلي بشكل كبير، وإغلقنا خلال عام واحد أكثر من تسعين بالمائة من مخيمات النازحين على مستوى العراق، ودعمنا النازحين في العودةِ الطوعيةِ الى مناطقهم .
لقد أقسمنا على عراقٍ يكون فيه جميع العراقيين متساوون في الحقوق والواجبات، ولن نسمح بتصنيفِ العراقيين على أساسِ دينهم أو مذهبِهم أو هويّتهِم، وأوفينا بالقسم وسنكمل ما بدأناه مهما كانتِ التحديات
قمنا برعاية اتفاقية َسِنجار التي عززت مسؤولية الحكومة الاتحادية لأهلِنا الأيزيديين في سنجار ، على المستويين الإداري والأمني، وبما يسمح بإعادة أهلنا النازحين في سنجار الى مدينتهم، كما عززنا التفاهم الايجابي بين الحكومة الاتحادية وحكومةِ إقليم كردستان تمهيداً لحل المُشكلات العالقة تحت ظلِّ الوطنِ الواحدِ والمصير الواحد.
عندما تشكلت هذه الحكومة قبل عام من اليوم ..كان العراق يمرُ بواحدةٍ من أخطر التحدياتِ الإقتصادية، ووجدت الحكومةُ نفسها أمام واقعِ نقصِ المواردِ وافراغ الخزينة والاعتمادِ الكاملِ على النِفط .
أطلقنا مشـروعاً اصلاحياً هو الورقة البيضاء ، وقدمنا مشـروعَ الموازنة لعام 2021، بخطط طموحة لتنويع الإستثمار وتفعيل المشـروعات المتوقفة وقررنا سحب أي استثمارٍ لم تنجز اعماله، ومنحهِ لمستثـمرين قادرين على العمل, كما بدأنا في إعداد موازنةِ للسنوات 2022-2024.
أحبائي في كل العراق، وحيثما رٌفع علمُ العراق، عندما نتحدث عن دورٍ عراقي أساسي على المستوى الإقليمي والدولي لتهدئة الأزمات والاختناقات وتكريس التعاون بديلاً عن الصـراع، فنحن ننطلق من إيماننا بوزن العراق ودوره التاريخي.
وعلى هذا الأساس وضعنا مساراً جديداً للسياسةِ الخارجيةِ يكونُ العراقُ فيها مُبادراً ...قلنا قبل عامٍ بصوتٍ مُرتفع إن العراق أولاً ...وفهم الجميع ان العراق يرفض أن يكون ساحة للمنازعات، قلنا إن كرسيَ العراقِ الإقليمي لايمكن تقزيمه، ولن يجلس فيه أحد سوى العراق، وإن العراق لن يرتدي الا مايليق بشعبه وبمقاسهِ التاريخي، وإن اسمَ العراق أكبر بكثير من أن يكون حديقةُ خلفية لأحد أو ملعباً لمغامرات أحد بل عامل سلام واستقرار للمنطقة والعالم.
عملت بغداد التاريخ والكرامة وبإسم الشعب العراقي خلال هذا العام للبحث عن نقاط التقاء وتوازن في المنطقة لتأسيس واقع يحل فيه التكامل والتعاون الاقليمي محل التناحر.
نفتخر بالتطور الكبير لعلاقتنا مع الاردن ومـصر و السعودية و الامارات وكل دول الخليج وايران وتركيا ولبنان وسوريا وجميع دول المنطقة المحبة للسلام.
كما كان نجاحِ زيارة الحبر الاعظم قداسة البابا فرنسيس للعراق في آذار 2021 انعكاساً لهذه السياسة.
كما نفتخر بموقعنا اليوم داخل المجتمع الدولي وعلاقتنا المتميزة مع دول اوربا والولايات المتحدة الأميركية، وقد احتفظنا بموقف العراق التاريخي الحاسم الداعم للقضية الفلسطينية.
ونؤكد موقف العراق برفض وادانة الاعتداءات الاسرائيلية الجبانة على اهلنا الفلسطينيين العزل في القدس وغزة ، هذا الشعب الذي عانى اقسـى ظلم شهده التاريخ الحديث، ويستمـر باعطاء العالم كله دروس الصمود والاصرار، والثبات على المطالب المشروعة. ان حقوق الشعب الفلسطيني التي كفلتها المواثيق الانسانية والاخلاقية والدولية تعيش في وجدان كل عراقي ولا يمكن التفريط بها وخصوصا حق القدس العاصمة التاريخية لدولة فلسطين.
إن سياسة الانفتاحِ والاعتدالِ مع كل دول العالم التي انتهجتها الحكومة انعكست على إعادة فتح مَعبر عرعر الحدودي مع السعودية المغلقِ منذ عقود، واستعدادِ الشـركاتِ السعوديةِ والإماراتيةِ والخليجية للاستثمارِ في مختلف القِطاعاتِ في العراق.
لقد وصلت المفاوضات مع إيران لبناء خطِ سكٍة حديد بين البصـرة والشلامجة مراحلها النهائية، ووقعنا خمس عشـرة اتفاقيةٍ ومذكرةِ تفاهمٍ مع الأردن ومصـرَ حول الطاقةِ وخطوطِ النقل، فضلاً عن توقيع العديد من الاتفاقياتِ مع تركيا في القضايا الأمنية والاقتصاديةِ والاستثماريةِ، وتوقيع عددٍ من الاتفاقيات ومذكراتِ التفاهم مع فرنسا، وألمانيا وبريطانيا لإعادة تأهيل و بناء طرقٍ ومطاراتٍ وخطوطٍ جديدة للسكك الحديدية. وكذلك تفعيل التفاهمات في الاتفاقيةِ الصينيةِ لتطبيقها على أرضِ الواقعِ عبر سلسلةِ مشاريعٍ للبُنى التحتية، وتوقيعِ عقودٍ مع شركات أميركيةٍ كُبرى للاستثمارِ في العراق.
و في ملف الحوار الستراتيجي مع الولايات المتحدة، اثبتنا أن الحوار والصـراحة والطرق المباشرة أكثر جدوى من العناد والتعنت والفوضى.
وحققنا خلال ثلاثِ جلساتٍ من الحوار خطواتٍ متقدمةً لخروج ماتبقى من القوات القتالية للتحالف الدولي، وتكريس التعاون في كل المجالات ومن ذلك التدريب والتـأهيل، ونعدُّ لجولاتٍ قادمة بين اللجان العسكرية لوضع الأطر الزمنية والفنية لتحقيق ذلك.
أهلي وأحبتي.. قبل عام من اليوم وفي خطابِ تكليفي لتشكيل الحكومة قلتُ لكم "علينا أن نعملَ معاً لنستعيدَ العراق من الأزماتِ والنزاعاتِ والحُروبِ العبثية، وعلينا أن نثبتَ أمام التاريخ أننا نليقً بالعراق، بالأفعال لا الأقوال" وبعد عامٍ أقول لكم كانت مِحنةً كبيرة نجحنا معاً في تجاوز مخاطرها وعلينا ان نكمل لنضع العراق على الطريق الصحيح.
ان الدول تقوى بتكاتف شعبها وقواها الوطنية ونخبها .. وانا ادعوكم الى استحضار روح العراق والتضامن معاً لحماية وطننا ومنح شعبنا الامل الذي يستحقه بعراق مستقر مزدهر موحد.
واختتم كلمته بالقول ايها الشعب العراقي "سلامٌ عليكم يومَ صبرتُم، ويوم انتفضتُم ويوم تمسّكتُم بحقِكُم في مستقبلٍ يليقُ بِكم، سلام على المرجعيةِ الرشيدةِ التي صانت العراق يتقدمها سماحة السيد علي السيستاني، سلام على المرأةِ العراقيةِ العظيمةِ، على كل أمٍ وزوجةٍ وابنةٍ وحبيبة، سلام على رجال العراق، شبابَهم وشيوخهم وهُم يَنتزِعُونَ المستقبل، سلام على كل طفلة وكل طفل نستلهم من ابتساماتهم قيم الحياة، سلامٌ على العراق والرحمةُ والخلود لشهداء العراق وعاش العراق .
عمار المسعودي