• Sunday 19 May 2024
  • 2024/05/19 17:30:25
{دولية: الفرات نيوز} كشفت وثائق تنشر لأول مرة عن هوية الارهابي زعيم عصابات داعش الارهابية عبد الله قرداش ذو الأصول العراقية.

وبحسب تقرير استقصائي مطول لبي بي سي فانه "ورغم قلة المعلومات المثبتة والمتوفرة عنه، استطاع فريقها الحصول على وثائق وصور ومعلومات تنشر للمرة الأولى، تكشف أن قرداش من الرعيل الارهابي الأول في العراق، وأنه تدرج في مناصب دينية وأمنية كبيرة داخل داعش طيلة العقدين الماضيين، وأنه يعمل حالياً متخفياً من مناطق نفوذ سيطرة قوات سوريا الديمقراطية لإعادة بناء داعش، بحسب ما أكد مصدران استخباراتيان عراقيان.
على بعد نحو خمسة وثلاثين كيلومتراً غربي مدينة الموصل، تقع قرية المحلبية ذات الغالبية التركمانية، التي اكتسبت مؤخراً شهرة خاصة، مع تأكد تحدر زعيم داعش الجديد منها.
وبحسب سجلات خلية الصقور التابعة للاستخبارات العراقية، أطلعت عليها بي بي سي فإن "عبد الله قرداش، واسمه الكامل {أمير محمد سعيد عبد الرحمن السلبي المولى}، ولد في بلدة المحلبية التابعة لمحافظة نينوى عام 1976، لوالدٍ كان مؤذناً في أحد الجوامع، ومتزوج من امرأتين أنجبتا سبعة ذكور، أمير أصغرهم، إضافة إلى تسع إناث.
ويقول الرائد في خلية الصقور وأسمه {أحمد} إن عبد الله قرداش كان يدير أغلب أمور داعش حتى قبل مقتل أبو بكر البغدادي، وهو معروف في أوساط التنظيم على أنه صاحب فكر ودراية كاملة بعناصره، على اعتبار أنه بدأ العمل معهم منذ العام 2003-2004.
ويقول معتقل لدى خلية الصقور في مدينة الموصل إنه التقى عبد الله قرداش ثلاث مرات حين كان على رأس عمله في الجهاز الأمني لداعش في الموصل، وإنه كان يشغل منصب قاضي الدولة، بمثابة وزير العدل، وأنه بالإضافة لذلك كان يشرف على ديوان الجند والدواوين الأربعة عشر الأخرى.
وتعرف المعتقل على صورة قديمة لأمير {قرداش}، وأكد أنه هو عبد الله قرداش، لكنه اختلف كثيراً لاحقاً، إذ بات كث اللحية ويلبس عمامة ولباساً عسكرياً، كما يحمل سلاحه معه أينما حل.
يقول الرائد في خلية الصقور {أحمد} إن حجي عبد الله كلف بتأسيس معهد في "كلية الإمام الأعظم" في مدينة الموصل، لإعداد القضاة ورجال الدين، وهو منصب في غاية الأهمية بالنسبة لداعش للحفاظ على استمرارية فكره، على حد قوله.
وبحسب سجلات خلية الصقور، فإن أمير كان يواظب على الحضور في المعهد ويلقي عدة محاضرات في الأسبوع لرجال الدين الذين يسميهم التنظيم بالشرعيين وكذلك للقضاة، وإنه كان من بين المحاضرين في المعهد أيضاً عبد الرحمن القادولي، المعروف بأبي علي الأنباري، أحد أهم الشخصيات في قيادة التنظيم.
بعد بدء عمليات التحالف ضد داعش عام 2015، قُتلت مجموعة من أهم قيادات الصف الأول، ومن بينهم أبو معتز القرشي المعروف بأبي مسلم التركماني الذي كان يشغل منصب نائب البغدادي وقتل بقصف جوي استهدف سيارته في الموصل، وأبو علي الانباري الذي واكب انضمام عبد الله قرداش للتنظيمات الارهابية منذ اليوم الأول، وقُتل بتفجير نفسه خلال اشتباك مع قوة أمريكية اعترضت طريق عودته للعراق قادماً من سوريا.
ويقول المعتقل لدى الصقور إنه بمقتل هذين الرجلين على وجه التحديد، وغيرهم من قياديي الصف الأول والثاني، لم يتبق للبغدادي من خيار إلا الاعتماد على حجي عبد الله ذو المعرفة الدينية والأمنية والتنظيمية الكبيرة.
وأثار اختيار عبد الله قرداش كخليفة للبغدادي نقاشاً كبيراً داخل أوساط داعش وصل حتى السجون بشأن خلفيتها لإثنية، وما إذا كان من أصول عربية او تركمانية، وهو ما سبب جدلاً كبيراً بشأن أحقية تسلمه لهذا المنصب.
وحصلت بي بي سي على وثيقة الجنسية العراقية التي أصدرت للطفل أمير عام 1988، والتي تشير إلى اسمي والديه، وكلاهما توفيا منذ سنوات، وتوضح الوثيقة أن مسقط رأسيهما هي بلدة "الشورة" ذات الغالبية العربية وليس التركمانية.
لكن البحث في أسباب ذلك لا يثبت أصل أمير العربي، إذ لا يعني ذكر "الشورة" كمسقط لرأس والديه أنهما يتحدران من هناك، وإنما يعود سبب ذلك لتبعية قرية "المحلبية" إدارياً لبلدة "الشورة" في ذلك الوقت، قبل أن يقوم نظام صدام حسين بإعادة هيكلة المحافظة، وتحويل "المحلبية" لناحية تتبع إدارياً محافظة نينوى.
ويقول خبير الأنساب في ولاية نينوى نزار السعدون لبي بي سي إن أصول غالبية عائلة المولى في محافظة نينوى عربية، وتعود لفرع عشيرة البوريشة العباسيين، بمن فيهم موالي المحلبية، وكلهم يرجعون لبني هاشم، لكنه رفض أن يدخل في تفاصيل نسب عائلات بعينها لما قد يتسبب به ذلك من حساسيات وأزمات بين العشائر المعنية.
وعلم فريق بي بي سي أن حجي عبد الله حرص على تثبيت نسبة العربي منذ كان في الموصل عام 2015 عن طريق نساب توفي لاحقاً.
ويتحدر جزء كبير من القيادات الأمنية والعسكرية في "داعش"، وقبله "تنظيم القاعدة" من هذه المناطق، خاصة من مدينة تلعفر المجاورة. وتشمل هذه المنطقة المئات من القرى والبلدات ذات التركيبة السكانية المتنوعة أثنياً ودينياً وطائفياً، لكن كثيراً من الطائفة السنية بشقيها العربي والتركماني يعتبرون أنهم تضرروا على نحو كبير بعد سقوط نظام البعث عام 2003، وسيطرة الغالبية الشيعية على مفاصل الحكم في البلاد.
ويقول مدير ناحية المحلبية عبد الرحمن حسن الدولة إن "تنظيم القاعدة" بفرعه العراقي كان قد نشأ عام 2004 في هذه المنطقة التي تشمل جزيرة "المحلبية" و"تل عبطة" و"الحضر"، وهي منطقة شاسعة جداً تمتد إلى الحدود السورية، وأنه لاقى تأييداً كبيراً في المنطقة، لأن الحاضنة الاجتماعية كانت موجودة على حد قوله.
ويشير مدير الناحية إلى أن عائلة أمير لطالما عرفت بأنها مسالمة، واشتهرت بكونها عائلة متصوفة، لكنه يعتقد بأن نشاط التنظيمات الارهابية في هذه المنطقة هو ما أثر على أمير الذي انتقل إلى تلعفر طفلاً مع والده ليكمل دراسته الإعدادية والثانوية، قبل أن ينتقل بعدها إلى الموصل لإكمال دراسته الجامعية.
وتكشف وثائق جامعة الموصل أن أمير تخرج بمعدل ممتاز بتخصص علوم القرآن والتربية الإسلامية عام 2000.
وقال الرائد أحمد إن أمير توجه بعدها فوراً لأداء خدمته العسكرية لمدة عام ونصف عند أطراف بغداد، وإن رحلته مع التنظيمات الارهابية بدأت منذ ذاك الحين، قبل سقوط نظام البعث بالتواصل مع جماعة "أنصار الإسلام" السلفية الارهابية في كردستان العراق، عن طريق عبد الرحمن مصطفى القادولي المعروف باسم أبو علاء العفري وأبو علي الانباري.
وتعرضت جماعة "أنصار الإسلام" التي كان يقودها فاتح كريكار لقصف أميركي كبير خلال غزو العراق عام 2003، فأسس من تبقى من قادتها جماعة "أنصار السنة"، وانتقلت من جبال كردستان لتبدأ العمل ضد القوات الأميركية في العراق، ثم ما لبثت أن بايعت، بضغط من القادولي، تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الذي أسسه أبو مصعب الزرقاوي بحسب ما تقول صحيفة "النبأ" التي يصدرها التنظيم.
وفي جولة في مدينة تلعفر مع قوة من خلية الصقور، عرض الرائد أحمد الأماكن التي سكنها أمير في تلك المرحلة، وقال إن تنظيم القاعدة استطاع السيطرة على المدينة لبعض الوقت بين 2004 و2005 قبل أن يتم طرده، وإن قيادات التنظيم وعناصره هربوا إلى مناطق أخرى، وأن أمير بالتحديد انتقل إلى مدينة الموصل.
فور انتقاله للموصل عام 2004، أكمل أمير الماجستير في الدراسات الإسلامية، وسرعان ما تدرج في تنظيم القاعدة، خاصة بعد مقتل الزرقاوي وإعلان خليفته ابو عمر البغدادي إقامة ما سمي بـ"دولة العراق الإسلامية".
وتسلم أمير الذي عُرف في ذاك الوقت باسم أستاذ أحمد أيضاً، منصب "الشرعي العام" في الموصل عام 2007، وهو منصب كبير تمتد مهامه للكثير من تفاصيل الحياة الدينية والقضائية. كما تسلم أيضاً لفترة وجيزة نائب أمير الموصل قبل أن يتفرغ مجدداً لمنصبه كـ"شرعي عام".
وتكشف صورة الهوية الشخصية لقرداش التي صدرت عام 2007، والتي توضح كيف كان يبدو شكله في تلك الفترة.
يقول الرائد أحمد إن أمير سكن جامع الفرقان في حي البعث في الجانب الأيسر من الموصل لبعض الوقت، وهو الجامع الذي كان يسكن فيه والده قبل أن يتوفى عام 2001، وأن أمير كان يلقي محاضرات في هذا الجامع بالتحديد.
تجربة بوكا
في مطلع عام 2008 داهمت قوة أميركية موقع أمير في الموصل واعتقلته، وأودع سجن بوكا، ومنح الرقم 326175 بحسب ما تظهر سجلات خلية الصقور. وخلافاً لما يُعتقد، لم يلتق أمير بأبو بكر البغدادي في هذا السجن، إذ كان البغدادي قد أُطلق سراحه بعد فترة اعتقال قصيرة انتهت عام 2004.
خضع أمير لتحقيقات أميركية مكثفة طيلة أشهر، لكن اللافت فيها أن أمير أصر خلالها على أنه انضم للتنظيم في آذار مارس عام 2007 وليس قبل ذلك، وأنه كُلف بمنصب "الشرعي العام" فور التحاقه، بالإضافة لتعيينه نائباً لأمير الموصل في ذات العام.
بعد الاتفاق الأميركي العراقي عام 2009، وتسليم المعتقلين من السجون التي كانت تديرها قوات التحالف إلى الحكومة العراقية، تم إطلاق سراح أمير ضمن ترتيبات غير واضحة.
وتكشف بعض نصوص التحقيق التي سربتها واشنطن مع أمير إلى أنه تعاون بشكل كبير مع المحققين في الإدلاء بالكثير من المعلومات عن قيادة وعناصر التنظيم، بحسب ما توضح دراسة أعدها مركز محاربة الإرهاب الذي حصل على بعض هذه التحقيقات، والتي لا تشكل سوى ثلاثة محاضر من أصل 66 جلسة.
بعد خروجه، إستصدر امير بطاقة هوية ثانية عام 2012، توضح بعض التغير الذي طرأ على شكله آنذاك.
يقول الرائد أحمد إنه وفور خروجه من السجن التحق بأبي بكر البغدادي الذي كان قد تسلم زعامة التنظيم بعد مقتل أبو عمر البغدادي، ليعمل مجدداً كـ "شرعي" في محافظة نينوى.
وشهدت تلك الفترة إعادة بناء التنظيم بعد الانسحاب الأميركي، ونجاحه باجتذاب الكثير من العناصر الجدد، مستغلاً الفراغ الأمني الذي تسببت به الانتفاضة في سوريا، وخروج مساحات واسعة عن سيطرة النظام السوري في المنطقة المحاذية للحدود مع العراق.
وفي ظروف غامضة آنذاك، أغتيل عامر المولى، شقيق أمير، والذي كان يرأس اتحاد الطلبة التركمان في جامعة الموصل، ووجهت أصابع الاتهام لتنظيم القاعدة بالوقوف وراء العملية، دون أن تستطيع القوات الأمنية إثبات الاتهام، فيما غادر شقيقه الآخر عادل إلى تركيا بعد صدور مذكرة توقيف بحقه.
ويقول الرائد أحمد إن عادل كان ناشطاً في الجبهة التركمانية لسنوات في العراق، لكن تمت ملاحقته من قبل القوات الامنية بسبب ما وصفها بنشاطاته المشبوهة بدعم تنظيم القاعدة، وانه هرب الى تركيا بعد صدور أوامر باعتقاله.
وظل المولى ناشطاً بشكل علني ضمن الجبهة التركمانية العراقية في تركيا، وذلك لحين تعيين شقيقه كخليفة للبغدادي، ويُظهر الموقع الرسمي للجبهة على فيسبوك بعض الصور الخاصة به، لكنه اختفى عن الانظار وبات الوصول إليه صعباً.
وتوفي غانم الأخ الأكبر لأمير، والذي كان يعمل في مركز ناحية المحلبية لأسباب صحية بعد التقدم بالعمر، فيما يعيش من تبقى من إخوته وأخواته حياة طبيعية في الموصل وتلعفر والمحلبية، بحسب ما أكدت خلية الصقور التي تمتلك معلومات كاملة عن كل شخص منهم.
الاقتتال الداخلي
ورث عبد الله قرداش الذي بات يُعرف بأبو إبراهيم الهاشمي القرشي، تنظيما متهالكاً مرهقاً منقسماً على نفسه، قُتل عشرات الآلاف من قادته ومقاتليه، والآلاف ممن نجا منهم يقبع في السجون في العراق وسوريا.
وحاول داعش التكتم على الاقتتال الداخلي الذي جرى في المرحلة الأخيرة من عمره قرب الباغوز، والذي كانت شرارته اعتراض المئات من العناصر المهاجرين على قيادة أبو بكر البغدادي على خلفية صراعات سابقة بين تيارات داخل التنظيم، توجت باتهامهم لقيادة التنظيم العراقية بالتضحية بهم وتركهم لمصيرهم المجهول.
يقول سالم الذي كلف بقيادة قوة للقضاء على ما يصفه بـ "الفتنة" التي جرت آنذاك، إن نحو 350 شخصاً ممن يصفهم بـ "الخوارج" خرجوا لقتال التنظيم، وإنه تم القضاء عليهم حين كان البغدادي لا يزال في المنطقة.
ويشير المعتقل الأمني لدى خلية الصقور إلى أن غالبيتهم كانت من الجزائر وتونس، وأنهم طالبوا بتنحية البغدادي وتعيين خليفة جديد، وأن مواجهة صعبة جرت في تلك الفترة الحرجة التي كان يمر بها التنظيم تحت أنظار قوات التحالف الدولي.
وخلافاً لتنظيم القاعدة الذي حدد مبكراً أولوياته بقتال "العدو البعيد" ممثلاً بالولايات المتحدة الأمريكية، وإخراج قواتها من المنطقة بعد تدخلها في حرب الخليج الثانية عام 1991، فإن داعش الذي نشأ في ظروف ومعطيات مختلفة عقب غزو العراق، مر بمخاض انتهى بصيغة لا تتقاطع مع تنظيم القاعدة إلا في الجذور المشتركة للفكر السلفي الجهادي، لكنها تفترق حتى في تفسيراته التي دفعت قادته مبكراً للتصدي لـ"العدو القريب"، ممثلاً بالقوى التي قبلت العمل تحت مظلة القوات الأمريكية والبريطانية التي غزت العراق عام 2003، وهو ما تُرجم على الأرض بتكفير الشيعة بكل مذاهبهم، وتخوين السنة ممن قبلوا العمل معهم.
ويقول الباحث في شؤون الجماعات الارهابية حسن أبو هنية إن البعد الهوياتي بات هو الفاعل والمحدد الأكبر منذ تأسيس داعش في العراق بقيادة أبو عمر البغدادي الذي خَلَف تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" بعد مقتل أبو مصعب الزرقاوي.
وتجلى ذلك على الارض بما يصفه أبو هنية بـ "عرقنة" التنظيم، وإعطاء الأولوية لقيادات عسكرية وأمنية سنية من النظام الصدامي المخلوع للسيطرة على المفاصل الأهم في التنظيم، وإعادة بنائه كمنظمة شبه عسكرية مركزية الإدارة، ما أثبت نجاعته لاحقاً بعد تولي أبو بكر البغدادي زعامة داعش، والذي قاد بدوره مرحلة الانتقال إلى "التمكين"، وهو ما ألهم عشرات الآلاف من السوريين والمهاجرين من مختلف انحاء العالم للالتحاق بالتجربة، لكنه ادى إلى تصدعات كبيرة في صفوف التنظيم لم يجرِ بحث أثرها على انهياره على نحو واف حتى اليوم.
خطر السجون
وتعج السجون في العراق وسوريا بالآلاف من معتقلي التنظيمات الارهابية، الجزء الأكبر منهم من داعش، ورغم قسوة وفشل التجربة التي فرضوها على المنطقة، إلا أن الكثير منهم لا يزال يؤمن بالعنف وسيلة لتحقيق أهدافهم بإقامة "دولة الخلافة الإسلامية" وفق تصوراتهم المتطرفة.
من بين الشخصيات ذات المكانة الدينية الهامة والمقربة من البغدادي في تلك المرحلة كان {حسام ناجي} المعتقل لدى خلية الصقور، والذي يتمتع إلى اليوم بوضع خاص لدى المعتقلين بالنظر إلى شهرته كأحد اهم شرعيي داعش قبل اعتقاله، ومعرفته الشخصية بكبار قادة الصف الاول.
بدا الرجل هزيلاً متعباً في سجن محصن قرب بغداد، واتضح لاحقاً أن إدارة السجن تصر على وضعه في زنزانة انفرادية بسبب استمرار ما تصفه بتأثيره السلبي على بقية المعتقلين وحثهم على التمسك بأفكارهم المتشددة.
اعتقل حسام بعد سيطرة داعش على الموصل بأسابيع قليلة، وكان يشغل قبل ذلك منصب المسؤول الشرعي العام في مدينة الفلوجة التي كانت تحت سيطرة داعش، وتلقى اتصالاً من أحد القيادات يحثه فيه على المجيء للموصل لتسلم منصب نائب قاضي داعش، إلا أن رصد الاتصال من قبل الأجهزة الأمنية قاد لاعتقاله قبل التوجه إلى هناك.
تجنب ناجي الرد على سؤال بخصوص عبد الله قرداش، لكنه سجل الكثير من المآخذ الشرعية على اختيار البغدادي كـ"خليفة" قبله، ومن أهمها عدم وجود إجماع على شخصه، وأن "منازعيه أكثر من مؤيديه" على حد قوله، لكنه لا يخفي أن إعلان إقامة الخلافة كانت لحظةً لطالما انتظروها.
ويشرح ناجي أهمية الإعلان ليس بكونها هدفاً بحد ذاتها، وإنما لما تشكله من خطوة لا بد أن تتحقق كونها تستبق ظهور محمد المهدي، وهو إنسان عادي اسمه محمد بن عبد الله، تقول مصادر السنة إنه سيظهر فيما يعرف إسلامياً بـ"آخر الزمان"، وسيعمل على "نشر العدل والإسلام الصحيح وينهي الظلم والفساد على وجه الأرض ويحارب أعداء الإسلام"، بحسب النسخة السنية من الرواية الإسلامية.
ولا يزال الآلاف من المعتقلين في السجون يؤمنون بهذه الأفكار، ويوصفون من قبل الكثير من مراكز الأبحاث المعنية بدراسة التطرف بالقنبلة الموقوتة التي قد تنفجر في أي لحظة إذا ما تسنى لهم الهرب.
ويقول قائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي إن من تبقى من مقاتلي داعش يوجدون حالياً في المناطق الصحراوية والوعرة، والأماكن التي تمتاز بكثافة الأشجار التي تؤمن لهم مخابئ طبيعية.
وأشار الساعدي إلى أنهم يمتلكون كافة التفاصيل والمعلومات عن الخليفة الجديد، لكنه لم يعد يشكل خطراً، إذ أن كل من يتم اعتقالهم من خلايا داعش يقولون إنهم بايعوا شبحاً، وأنهم لدى التحقيق معهم يؤكدون انهم لم يلتقوا به أو يسمعوا صوته على حد تعبيره.
لكن الرائد في خلية الصقور {أحمد} يقول بأن ذلك كان صحيحاً في الأشهر الأولى لاختيار عبد الله قرداش خليفة للبغدادي، وأن الضعف وعدم القدرة على التواصل خلال تلك الفترة تسبب بتأخير الحصول على ما يُعرف بالبيعات، كما جرى في مناطق نينوى والبادية والجزيرة، إذ تطلب الامر أكثر من أربعة أشهر للحصول على البيعات عبر بريد ورقي مباشر يقوم بنقله أشخاصٌ مؤتمنون من قيادة داعش.
قرداش في سوريا
وتتفق خلية الصقور وجهاز مكافحة الإرهاب على أن عبد الله قرداش يوجد حالياً في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية شمال وشرق سوريا، إلا أن الجهاز يقول إنه يعبر الحدود القريبة مع العراق بين الحين والآخر.
ويقوم التحالف الدولي بين الحين والآخر بعمليات إنزال ومداهمات أرضية في المناطق الممتدة من جنوب مدينة الحسكة وصولاً لنهر الفرات، وأعلن اعتقال وقتل بعض قيادات داعش، دون أن يشير إلى وجود قرداش في تلك المنطقة، علماً أن مساحات واسعة من هذه المناطق المحاذية للحدود العراقية لم يتم تأمينها وتنظيفها من الخلايا النائمة منذ طرد داعش منها عام 2018-2019، وتشهد حالات اغتيال وهجمات بشكل يكاد يكون شبه يومي.
وبحسب خلية الصقور فإن قرداش يعمل مع هيكلية قيادية جديدة حالياً ضمن لجنة تسمى "اللجنة المتنفذة"، كانت تسمى سابقاً بـ"اللجنة المفوضة العليا"، وتضم نائبه رئيس اللجنة سامي جاسم محمد الجبوري المعروف بحجي حامد، وعضوا اللجنة بشار خطاب الصميدعي المعروف بحجي زيد، ومعتز نعمان عبد نايف المعروف بحجي تيسير، مع مجموعة من قادة القواطع، لإعادة بناء التنظيم وفق تكتيكات تختلف من مكان إلى آخر بحسب الأوضاع الأمنية.


 

اخبار ذات الصلة