وفي أعقاب ليلة صعبة شهدت اندلاع سلسلة حرائق في ولايتي نيو ساوث ويلز وفكتوريا اندمجت لتشكّل حريقًا هائلاً يتجاوز بأربع مرّات مساحة منطقة لندن الكبرى، انخفضت درجات الحرارة وهطلت الأمطار على المناطق التي اشتعلت فيها النيران.
وقالت رئيسة وزراء نيو ساوث ويلز غلاديس بيريجيكليان للصحافيين السبت "بينما كانت ليلة وطويلة وصعبة في أجزاء عدّة من نيو ساوث ويلز، نشعر بالارتياح هذا الصباح لعدم خسارة أي أرواح وعدم وقوع أي أضرار كبيرة في الممتلكات".
ويتوقع أن تتواصل الأجواء الأكثر اعتدالاً لنحو أسبوع، ما يعطي عناصر الإطفاء الوقت لمحاولة السيطرة على الحرائق.
ووصف مفوض مكافحة حرائق الأرياف في ولاية نيو ساوث ويلز شين فيتزسيمونز الأجواء بأنها "أفضل سبعة أيام مرّت علينا بدون ارتفاع في معدلات الحرائق الخطيرة".
وفي غضون أشهر، أودت حرائق الغابات الكارثية بـ26 شخصًا على الأقل ودمرت أكثر من ألفي منزل والتهمت نحو عشرة ملايين هكتار من الأراضي، ما يعادل منطقة تتجاوز مساحتها كوريا الجنوبية أو البرتغال.
ويقدّر العلماء في جامعة سيدني أن يكون نحو مليار حيوان من الثدييات والطيور والزواحف نفقوا في الحرائق.
ورغم انخفاض درجات الحرارة، إلا أن السلطات حذّرت من أن موسم حرائق الغابات لم ينته بعد، في وقت لا تزال مئات الحرائق تستعر في أنحاء ولايات عدّة.
وصرّح مدير الفريق المتخصص لمكافحة الحرائق في قرية توامبا ناثان بارندن لفرانس برس أن هطول الأمطار أمر "رائع" لكنه "غير كافٍ في هذه المرحلة لإخماد الحرائق".
وقال "سنحتاج لمئات المليمترات خلال فترة من الوقت (...) لتصبح مكافحة الحرائق أسهل بالنسبة إلينا".
ودعا رئيس وزراء ولاية فكتوريا دانيال أندروز السكان لتوخّي الحذر مشيراً إلى أن الأزمة التي تواصلت على مدى شهور "لا تزال بعيدة عن نهايتها".
وانعكس تحذيره في بلدة موغو، حيث لا تزال الكهرباء مقطوعة عن ما تبقى من شارعها الرئيسي بينما استخدمت المتاجر القليلة التي فتحت أبوابها المولّدات.
وقال أحد السكان وهو أب لولدين يدعى مارك بوك (49 عامًا) إن الأيام الأخيرة كانت "جحيمًا خاصة بوجود الأطفال".
وأفاد "لم يكن لدينا خبز أو حليب لنحو أربعة أيام".
أفاد بوك أن الكثير من أهالي المنطقة واجهوا صعوبات في التعامل مع الأزمة قائلاً "كان الوضع وكأن هناك حرب أو شيء كهذا. لم يكن بالإمكان الحصول على ما تحصل عليه عادة -- مجرّد الأساسيات -- كان هذا الجزء الأسوأ".
وخرج الجمعة عشرات آلاف المتظاهرين في أنحاء أستراليا مطالبين الحكومة المحافظة باتّخاذ موقف أقوى حيال التغيّر المناخي.
ويشير العلماء إلى أن التغيّر المناخي ساهم في إطالة أمد موسم الحرائق وتسبب باندلاع حرائق أكثر تكراراً وشدّة.
وذكرت أكاديمية العلوم الأسترالية، وهي منظمة مستقلة تمثّل أبرز العلماء في البلاد، أن على كانبيرا "التحرّك بشكل أقوى" في إطار التزاماتها العالمية للحد من الاحتباس الحراري. وأفاد رئيس الأكاديمية جون شاين في بيان أن "قاعدة الأدلة العلمية تظهر أنه مع ارتفاع درجات الحرارة في العالم بسبب التغيّر المناخي الذي يتسبب به البشر، نواجه ازدياداً في تكرار وحدّة أحداث الطقس الشديدة".
وأضاف "علينا كدولة التعامل مع أحداث الطقس الشديدة بشكل أكثر فعالية مما نقوم به حاليًا".
وكان العام 2019 الأكثر جفافاً وحرارة الذي يتم تسجيله في تاريخ أستراليا، إذ بلغ معدل درجات الحرارة الأعلى التي تم تسجيلها في منتصف كانون الأول/ديسمبر 41,9 درجة مئوية.
ورغم تزايد الانتقادات الداخلية والدولية، دافع رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون الذي لطالما شدد على أهمية صادرات السلع الأساسية على غرار الفحم بالنسبة لاقتصاد بلاده، عن سياسات حكومته حيال المناخ.
ودفعت الأزمة غير المسبوقة الكثير من المشاهير والشخصيات الرياضية والسكان لجمع الأموال دعمًا لعناصر الإطفاء المتطوعين والسكان المتضررين. انتهى