• Saturday 23 November 2024
  • 2024/11/23 18:53:47
{تقارير:الفرات نيوز} تقرير/ وفاء الفتلاوي:

المختصر المفيد.. في الاخبار الهامة تجده في قناة الفرات نيوز على التلكرام  .. للاشتراك اضغط هنا

تتأثر البلاد بفعل عوامل كثيرة منها اقتصادية وسياسية وامنية وصحية؛ لكنها متباينة وقد يؤدي البعض منها الى خلق حالة من الذعر في البيوتات العراقية ووسط المجتمعات ومخاوف من تسلل حالة الإحباط لدى الأهالي كارتفاع حالات الانتحار التي تلوح بالوصول الى الخطوط الحمر.

وارتفعت بالفعل حالات الانتحار في المحافظات العراقية التي شهدت نسبا مختلفة منذ 2022 نتيجة للعنف الأسري وقلة الوعي، ناهيك عن تأثير الواقع الاقتصادي ونسبة البطالة والابتزاز الالكتروني، جميعها عوامل ساهمت في ارتفاع معدل الانتحار في العراق.


بغداد اولاً 
وبحسب قائمة رسمية صدرت من وزارة الداخلية، والتي شكلت صدمة بتربع العاصمة بغداد قامة حالات الانتحار فيما تذيلت محافظة الانبار الموقف.
وقال الناطق باسم وزارة الداخلية، اللواء خالد المحنا {للفرات نيوز} ان :"اكثر المحافظات التي تشهد ظاهرة الانتحار هي التي تمتاز بعدد سكان عالٍ قياسا بالمحافظات الاخرى".
واضاف "جاءت العاصمة بغداد بالمرتبة الاولى تليها محافظة ذي قار وتتذيل الأنبار القائمة بسبب النسيج الاجتماعي العالي لديها".

وأشار المحنا، الى "استمرار الوزارة في حملات التثقيف والتوعية بشأن نبذ ظاهرة الانتحار فضلا عن تشديد حفظ معدلات العنف للعائلي".
وبين، ان "قوة النسيج الاجتماعي والكفالة المجتمعية بين المواطنين يساعد على منع حالات الانتحار".
لكن اللواء المحنا عاد وقال، انه :"على الرغم من الزيادة العددية في حوادث الانتحار في العراق الا انه بالمقارنة مع الدول المجاورة نرى ان النسبة منخفضة عنها".
وأكد ان "الوزارة أتخذت جملة من الإجراءات بالإيعاز الى مؤسساتها المعنية بتوفير الدعم النفسي للأشخاص المعرضين للانتحار او من حاولوا وباءت محاولتهم بالفشل".
وبلغت حالات الانتحار خلال 2021 بحسب وزارة الداخلية، {772} شخصا بارتفاع أكثر من {100} حالة عن العام 2020 الذي سجل 663 شخصاً، و36.6 بالمئة من المنتحرين خلال العام الجاري كانت أعمارهم أقل من 20 عاماً، فيما تشكل نسبة الذكور 55.9 بالمئة، والإناث 44.1 بالمئة.


البطالة والفقر
وعزت المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق، ارتفاع نسب الانتحار في المحافظات كافة جراء تفشي البطالة والفقر بشكل كبير في عموم البلاد.
وبين عضو المفوضية علي البياتي، {للفرات نيوز}، أن "تسجيل حالات الانتحار في العراق، أصبح يتم بشكل شبه يومي تقريبا في بعض المحافظات، وخصوصاً في العاصمة بغداد، وغالبا ما يكون المنتحر من فئة الشباب وتحديدا من الفتيات، وبعض هذه الحالات تكون بسبب مشاكل عائلية أو ضغوطات تمارس على الشباب من قبل أهاليهم".
فيما شدد على أن "الجهات الحكومية المعنية مطالبة بالتحرك العاجل، من أجل الحد من هذه الظاهرة، التي بدأت تنتشر بشكل كبير في المجتمع العراقي، ونحن بدورنا سنرفع عددا من التوصيات إلى الجهات الحكومية بهذا الشأن في القريب العاجل".


لا عقاب للمنتحر
 لم يشمل قانون العقوبات العراقي بالعقاب كل من يشرع في الموت بحسب المادة {408} رقم 11 لسنة 1969 النافذ؛ لكنه انزل أقسى العقوبات بحق من يساعد او يحرض على الانتحار، حيث يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنوات من حرض شخصا أو ساعده بأية وسيلة على الانتحار اذا تم الانتحار بناء على ذلك. 
وتكون العقوبة الحبس اذا لم يتم الانتحار ولكن الشروع فيه اذا كان المنتحر لم يتم 18 من عمره أو كان ناقص الإدراك أو الإرادة عد ذلك ظرف مشددا ويعاقب الجاني بعقوبة القتل عمدا أو الشروع فيه بحسب الاحوال اذا كان المنتحر فاقد الإدراك أو الإرادة.

فبعد هذه الحوادث تمعن المحاكم العراقية بحثا عن الأسباب وما إذا كانت هناك خفايا خلفها، فهل هناك عقوبات تطول مسببي هذه الحالات أو المحرضين عليها، وما هي أسباب هذه الحوادث في الغالب؟

يقول قاضي محكمة جنايات الكرخ حيدر جليل البيراوي إن "المادة 408 من قانون العقوبات العراقي رقم 11 لسنة 1969 النافذ ناقشت ومن خلال ثلاث فقرات موضوعة التحريض على الانتحار".

وأضاف البيراوي أن "الفقرة الأولى من المادة تناولت عقوبة المحرض على الانتحار أو الشخص المساعد كأن يقوم بتوفير أو تجهيز أدوات الانتحار أو يساعد بشكل ما على ارتكاب الحادث"، لافتا إلى أن "الفقرة نصت على ان يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن سبع سنوات في حالة تمت عمليه الانتحار"، ويواصل  بالقول  إنه "في حال لم يتم الانتحار وفقط تم الشروع فيه ولم يكتمل كان أطلق الضحية عيارا ناريا من مسدس ولم يصب نفسه أو انقطع الحبل وعدة أمثلة أخرى هنا تكون العقوبة الحبس من 24 ساعة إلى خمس سنوات".

ويفصل القاضي البيراوي الفقرة الثانية من القانون بالقول أن "المنتحر إذا لم يتم الـ (18)  سنة من عمره أو إذا كان ناقص الأهلية (مصاب بمرض عقلي) يعد ذلك ظرفا مشددا على المحرض أي انه ينال أقصى درجات العقوبة والتي قد تصل للسجن المؤبد".

وأوضح أن "لا عقاب على المنتحر أو من شرع بالانتحار ولكن الرأي العام والعرف المجتمعي  يعاقبه بالزجر الديني والاجتماعي إضافة إلى العقوبة السماوية"، مبينا أن "أكثر حالات الانتحار الواردة إلى المحاكم هي من قبل النساء".

وبحثا في الأسباب، في ما يخص الرجال فأن البيراوي يبين أن "حالات الانتحار الواردة اغلبها بسبب العوز المادي الذي تفاقم في الفترة الأخيرة بسبب الظروف الاقتصادية والأمنية وكذلك بسبب التركيب المجتمعي الهش".

ويلفت إلى أن "الاسباب التي تدفع النساء في الغالب إلى الانتحار هو التضييق الأسري والعنف الذي تتعرض له النساء سواء من الزوج أو الأب أو الأخ، فالاعتداء بالضرب والاضطهاد يؤدي إلى الانتحار أو يعتبر من عوامله ولكلا الطرفين نساء او رجال".

ويضيف قاضي محكمة جنايات الكرخ أن "التضييق من قبل الزوج أو الأهل على الفتيات من أهم عوامل الانتحار المرصودة حاليا وكذلك بعض الأعراف الاجتماعية أو حرمان الفتيات من التعليم أو التواصل المجتمعي وكذلك مع دخول مواقع التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) او متابعة برامج تلفزيونية وكثير من الأسباب الحياتية كانت واردة في الحالات المعروضة أمام قضاة المحاكم".

وحيث ان الفقر أحد الدوافع الرئيسة للانتحار، اقترح الخبير القانوني علي التميمي عبر {الفرات نيوز}، تشريعاً برلمانياً يخصص حصة من النفط على شكل أموال لكل مواطن وتعزيز مفردات البطاقة التموينيّة.


تعاطي المخدرات
ومن وجه نظر الباحث النفسي، جميل اسعد، بان الأسباب الحقيقية تعود إلى، انتشار متعاطي المخدرات يولد حالة من اليأس والكآبة التي تدفع إلى الانتحار، ويلاحظ أن غالبيتهم اما هم عاطلون عن العمل وغير قادرين على توفير لقمة العيش، وإما لديهم مشاكل اجتماعية تتعلّق بمسائل الشرف والثأر العشائري".
وقال اسعد {للفرات نيوز} ان "البحوث الاجتماعية تشير إلى أن الانتحار يستفحل بين النساء، لا سيما الفتيات، بسبب السيطرة الذكورية على المجتمع والأسرة، حيث حقوق المرأة منقوصة، وتهان وتضرب عند أيّ خطأ أو عند أيّ حالة غضب، كما هناك أمهات يلجأن إلى إنهاء حياتهن بسبب فقدان المعيل وعدم القدرة على إعالة أنفسهن وأولادهن، ويدفع الفقر بالمرأة إما إلى الانتحار او الاختفاء".


الحروب العبثية
فيما يرى الناشط، أحمد المرسومي {للفرات نيوز} ان :"ارتفاع نسب الانتحار في العراق برأيي يعود للضغوط النفسية والتراكمات التي عاشتها البلاد قبل وبعد ٢٠٠٣، فقبلها كان العراق يعاني من الحصار والجوع والتهديدات المستمرة بالحروب العبثية التي تسببت بجروح عميقة في كل بيت عراقي وعكستها على الاجيال المتعاقبة.
فضلا عن الانفتاح الكبير على العالم الغربي، حيث لم نتعلم منهم الشيء الايجابي بقدر ما غزتنا السلبيات، فضلا عن غزو المخدرات التي هي جزء من الحرب الباردة التي تمارس على الشعب العراقي والغرض منها تفكيك المجتمع وهذا ربما يعطي نتائج أفضل وتكلفة اقل من غزو الارهاب والحرب العسكرية" يقول المرسومي.

وأكد "حاجة العراق ان يضع اولوية لملف المخدرات بقدر حتى أكثر من الارهاب، فالإرهابي يمكنه ان يقتلك بالسلاح ولكنه لا يمكن ان يفكك المجتمع كما تفعل المؤثرات العقلية".

وتعزو السلطات العراقية الصحية والأمنية على حد سواء، ارتفاع ظاهرة الانتحار، إلى مشاكل اقتصادية واجتماعية مختلفة، أبرزها الفقر والبطالة وانعدام الأمل بوجود تغيير إيجابي، مع استمرار حالة الانسداد السياسي في البلاد، وتعثر الحكومة بمعالجة ملفات الخدمات والسيطرة على مستويات الفقر والبطالة بعموم مدن العراق.
 

 

اخبار ذات الصلة