يعد العراق من أوائل دول الشرق الاوسط استخداما للقطارات بنقل المسافرين والبضائع، حيث سجلت أول رحلة تم تسييرها كانت من بغداد إلى سميجة {الدجيل حالياً} جنوب مدينة سامراء سنة 1914 بينما تم تسيير أول قطار بين بغداد والبصرة سنة 1920، وأول قطار بين بغداد وكركوك سنة 1925، وأول قطار بين بغداد والموصل تم تسييره سنة 1940.
ويعود تاريخ إنشاء السكك الحديدية في العراق إلى أوائل مطلع القرن العشرين الماضي، على يد الألمان ولكنها طورت فيما بعد من قبل البريطانيين وامتدت إلى نحو أكثر من ألفين كم شمالاً وجنوباً وغرباً.
وتقع المحطة العالمية أو ما تسمى بـ"جوهرة بغداد"، في قلب العاصمة العراقية، وهي المركز الرئيس لتجمع السكك والقطارات في البلاد، وقد تميزت ببنائها اللافت وطرازها المعماري، والتي أشرف على وضع تصاميمها وتنفيذها بشكل مباشر شركات إنجليزية، واستغرق العمل فيها نحو 4 سنوات، بدءاً من عام 1948.
لكن خطوط سكك الحديد في العراق تعاني اليوم من مشاكل عديدة منها نقص الوعي والثقة عند المواطن العراقي في نظام النقل بالسكك الحديدية وفق الباحث الاقتصادي ياسر السليم.
ويقول مدير عام السكك الحديد طالب الحسني في حوار أجرته معه وكالة {الفرات نيوز} :"ان الشركة العامة للسكك الحديد من الشركات الرائدة والشركات العراقية يتجاوز عمرها 110 أعوام، الشركة حتى عام 2003 من الشكات الرابحة لانها كانت تنقل مفردات البطاقة التموينية الى حساب وزارة التجارة والمشتقات النفطية لحساب وزارة النفط، فضلا عن البضائع والمعدات الثقيلة الى وزارة الدفاع".
وأضاف "كما كان لها دور كبير في تنقل الوحدات العسكرية بين المحافظات".
وأستدرك بالقول "لكن بعد عام 2003 ونتيجة عزوف الدوائر والمؤسسات عن استخدام القطار في نقل بضائعهم تحولت الشركة الى خاسرة، مثلا ان شركات وزارة النفط عازفة عن نقل مشتقاتها بواسطة السكك الحديد على الرغم من تأهيل الخطوط وصيانتها ضمن بعض مصافي وزارة النفط، واستيراد احواض السكك والصهاريج لنقل المشتقات النفطية خلال العامين الماضيين على امل استخدامها".
وأشار الحسيني الى، ان "الاستيراد والتحضيرات حملت السكك تكاليف مالية عالية جدا حتى ان الشركة تضم اكثر من 4000 منتسب وهم من التمويل الذاتي ما أنعكس سلبا على دفع رواتب الموظفين كونها عازفة عن استخدام القطار، ووضع الشركة بموقف ضعيف".
ووقعت شركة سكك الحديد عقد مع شركة {بي إي جي} {PEG} الإيطالية "لإعداد تصاميم لخطوط السكك الحديد والربط السككي للقطارات الحديثة التي تبدأ من الفاو مرورا بالبصرة ثم بغداد وصولا إلى الحدود التركية بطول 1220 كيلومترا، حيث تبلغ سرعة هذه القطارات 260 كيلومترا في الساعة لنقل الركاب المسافرين و160 كيلومترا في الساعة لنقل البضائع".
وبين الحسيني :"هذا العقد لتطوير جميع مفاصل السكك الحديد وربط الخطوط في المحافظات ودول الجوار، وننتظر تقديم الدراسات من قبل الشركة ليتسنى لنا اتخاذ ما يلزم".
ولفت الى ان "الشركة تمتلك 12 مجموعة من القطارات الحديثة التي ممكن ان تنقل المسافرين الى مختلف المحافظات، وبعد تقديم التصاميم والمباشرة بتقديم الاعمال ومد خطوط السكك سيكون هنالك تحديث للقطارات".
وانتهج العراق برنامجا اقتصاديا متعدد الفقرات؛ منها الانفتاح العربي والعالمي، إضافة إلى إنشاء مشاريع إستراتيجية تساهم بإحداث قفزة نوعية في الاقتصاد الوطني، ويعتزم في هذا الإطار البدء فعليا بمشروع إستراتيجي سككي ينطلق من جنوب البلاد مرورا بالأراضي التركية صوب القارة الأوروبية.
وبشأن الربط السككي بين العراق ودول الجوار قال الحسيني :"ان تدشين خط البصرة - الشلامجة مرتبط بمشروع ميناء الفاو الكبير، وماضون مع الجانب الايراني بالمناقشات والتفاوضات من الناحية الفنية وسيتم تنفيذه بعد ربط ميناء الفاو الكبير بشبكة خطوط السكك الحديدية".
ولا يمتلك العراق خطا لسكك الحديد مع دول الجوار، ويعتمد في التبادل التجاري على المنافذ الحدودية البرية والبحرية.
وعلى الرغم من مرور 8 سنوات على تحرير المدن من عصابات داعش الارهابية إلا أن القطارات التي تدخل تلك المناطق مازال أغلبها غائب عن الحضور بسبب انهيار أغلب البنى التحتية للسكك الحديدية جراء الألغام والعمليات العسكرية، باستثناء خطي " بغداد- الفلوجة"، و "سامراء- بيجي"، اللذان أعيد افتتاحهما عام 2018.
فيما يواصل قطار بغداد- البصرة، السير بإتجاه جنوب البلاد، دون تعثر مقارنة بما هو عليه الحال في المناطق الغربية والشمالية إلا أن أعداد المسافرين مازال عند مستويات متدنية.
ويقول مدير شركة سكك الحديد ان "السكك تعمل الآن 30% من طاقتها الكلية لتعرض خطوطها الغربية والشمالية والشرقية الى دمار كامل نتيجة لدخول داعش الى تلك المناطق".
وأضاف ان "السكك الحديد في كافة خطوطها أكل الدهر عليها وشرب كونها متهالكة وحتى هذه اللحظة لم تكن هنالك أي مشاريع حقيقة للسكك من قبل وزارة التخطيط ولديها أسبقيات ولا يمكن ان تخصص الاموال على حساب وزارة الصحة والوزارات الاخرى" مشيرا الى ان "الدولة متناسية ان جميع الدول التي لديها سكك حديد متطورة تحافظ على البنى التحتية والطرق والجسور وغيرها".
وكان العراق قد تسلم 11 قطاراً فائقة السرعة، عام 2015، ضمن عقد أبرم مع شركة {D.E.C} الصينية، بقيمة 138 مليون دولار، ضمن خطط تطوير سكك الحديد في العراق.
وتتألف كل وحدة من القطارات الجديدة من عشر عربات وتصل سرعتها القصوى إلى 160 كيلومترا في الساعة وتبلغ سعة كل وحدة 459 راكبا في الرحلة.
وحول مسألة أسعار التذاكر قال الحسيني، ان "الشركة لم تفكر بتغييرها كونها تسعر من الجانب الخدمي لا الربحي واذا ما حاولنا العمل بالجدوى الاقتصادية لقطار المسافرين فلن نحقق شيئا كون ان عدد مقاعد قطارات المسافرين قليلة قياسا بالمسافة التي يقطعها من بغداد الى البصرة" مؤكدا ان "إدارة الشركة لم تفكر بزيادة الاسعار كونه خدمي لا ربحي".
وبشأن ظاهرة رمي الحجارة على القطارات في بعض المناطق التي يمر بها قال مدير شركة سكك الحديد :للأسف انها مستمرة منذ سنوات وهي مرفوضة وغير مقبولة ونحن دوما ما نؤكد على ان تقوم الحكومات المحلية وشيوخ العشائر ووجهاء المدن والقريبين من السكك بضرورة التثقيف حول المحافظة على القطارات الا انها لا تزال مستمرة وتؤدي في بعض الاحيان الى خسائر بشرية ومادية كبيرة".
ونوه الى ان "السكك لديها احصائيات شهرية بالتجاوزات الموجودة على خطوطها، وتمتد من بغداد الى البصرة بطول 553 كم وتتجاوز أكثر من 400 تجاوز على خط السكة من بغداد مرورا بالحلة والسماوة والديوانية والناصرية والبصرة".