وحذر خبراء وقانونيون من خطورة تلك الطرق للبيع، مؤكدين أنها تعتبر بمثابة حيلة لاستدراج المستهلكين، وخاصة فئة الشباب إلى أسعار غير حقيقية للمنتجات والسلع بطرق غير قانونية.
من جانبها، أطلقت اقتصادية دبي «مرصد الأسعار»، المرصد اليومي للأسعار بالحد الأدنى والأقصى لأسعار السلع الغذائية الأساسية والمنتجات الضرورية، لضبط الأسعار ومنع التلاعب وضبط المخالفين، حيث تتم ملاحقة المتلاعبين في أسعار المنتجات، علاوة على أن مواد القانون الإماراتي «قانون اتحادي بشأن حماية المستهلك» رادعة بما يكفي وتضع ضوابط وتدابير لحماية السوق من الاحتكار، والمغالاة في الأسعار، وممارسة صور من النصب والاحتيال في الأنشطة التجارية.
بدورها، أكدت وزارة الاقتصاد الإماراتية، فرض غرامات فورية وفقاً للقانون تصل إلى 100 ألف درهم بحق المحال التجارية المتلاعب بالأسعار.
من جهته، قال رئيس جمعية حماية المستهلك في الإمارات، محمد المهيري، إن مسؤولية الرقابة على علميات البيع والشراء عبر منصات التواصل الاجتماعي، خاصة إنستغرام، تقع على عاتق المجلس الوطني للإعلام، ومن ثم الجهات الرقابية المحلية الأخرى، ولكن بالمقدمة يجب أن تكون مهمة الرقابة والترخيص من قبل المجلس.
وأضاف المهيري أن الجمعية شاركت مؤخراً في اجتماع للجنة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد، وتم التأكيد على أن المهمة ملقى على عاتق المجلس الوطني للإعلام، بحيث يقوم بترخيص المواقع غير المرخصة، ومخالفة المواقع غير الملتزمة، ومن ثم التعاون مع الجهات الحكومية الأخرى وخاصة هيئة تنظيم اتصالات بهدف إغلاق المواقع المخالفة سواء في غش التجاري أو عمليات النصب المتعلقة بعمليات الدفع.
ولفت المهيري إلى أن وعي الجمهور مسألة أساسية في هذا المجال، خاصة أن التسوق الإلكتروني شهد ارتفاعاً ملحوظاً خلال الفترة الماضية نتيجة تداعيات فيروس كورونا، ولكن يجب أن تناط عملية الرقابة بجهة اتحادية محددة، وهنا بالتحديد المجلس الوطني للإعلام.
بدائل رخيصة
قال المستشار الاقتصادي ورئيس دعم العمليات في مجموعة الإمارات دبي الوطني سابقاً، حسين مشربك، إنه مع تقلص الموارد المالية بسبب أزمة «كوفيد-19» وتوجه المستهلكون إلى البحث عن بدائل أرخص للتوفير اشتدت المنافسة بين منافذ البيع لشد انتباه المستهلك بعرض بعض السلع الاستهلاكية المنتقاة بأسعار منخفضة.
وأوضح أن ذلك للإيحاء بأن أسعار منفذ البيع هذا أرخص من بقية السوق وهي حيلة تسويقية قد تنطلي على المستهلكين ولكن ليس أغلبهم. مشيراً إلى أن غالبية المتسوقين لديهم ثقافة الشراء وكان لديهم الوقت الكافي لمقارنة الأسعار والتبضع خلال الأزمة.
وأوضح أن تفقّد الأسعار عبر المواقع الإلكترونية أصبح مُتاحاً للجميع وهو أداة ممتازة لتقييم الأسعار قبل الانطلاق للسوق والبدء بعملية الشراء.
وأكد تحديد السلع المستهدفة قبل الذهاب إلى السوق مع وضع ميزانية محددة للشراء وعدم تجاوزها. مشيراً إلى أن التواصل مع الجهات المختصة في وجود أي تجاوزات من قبل منافذ البيع، إضافة إلى أنه من المهم وضع تقييم في محرك البحث «غوغل» لأسعار وجودة المنتجات تُجبر منفذ البيع على إعادة النظر في سياساته في وضع الأسعار.
حماية المستهلك
بدوره، قال الدكتور حبيب الملا، الذي يترأس مكتب بيكر آند ماكينزي حبيب الملا، لـ«الرؤية»، إن السلع الأساسية هي التي تحتاج إلى تحرك من الجهات الرقابية لحماية المستهلك إن حدث في أسعارها بعض التلاعب تزامناً مع استمرار أزمة الجائحة.
وأشار إلى أن تدخل الجهات الرقابية دوماً من المفترض أن يكون هدفه حماية المستهلك من أية عمليات تلاعب فقط وليس للضغط على التجار حيث إن ما يحكم السوق هو مسألة العرض والطلب بالأسواق وللمستهلك حق الاختيار.
وأوضح أنه على سبيل المثال فإنه خلال أزمة كورونا ارتفعت نسبة شركات توصيل طلبات الطعام من 20% إلى 30% ولكن المطاعم لها حرية استخدام هذه الشركات أو القيام بتوصيل الطعام بنفسها، مضيفاً أنه كذلك للمستهلك الحق في الاختيار بين الأسعار المختلفة التي تعرضها تطبيقات التجارة الإلكترونية مثل «سوق دوت كوم أو أمازون أو نون دوت كوم» وهي التطبيقات الأشهر على مستوى الدولة حيث إن هذا الارتفاع كان ناتجاً عن عمليات زيادة في الطلب خلال الأزمة.
وشدد على أن ترك السوق للعرض والطلب ولاختيار المستهلك أمر مهم مع تأكيد حماية المستهلك من أي عمليات احتيال وعلى سبيل المثال ارتفع الطلب على «قوالب الثلج» خلال فترة الجائحة للاستخدام بحمامات السباحة للأطفال والكبار أثناء فترة الحظر وكذلك الكمامات وبعد عودة الحياة لطبيعتها تراجعت أسعار تلك اللوازم وتم ضبط الأسواق.
تشديد العقوبات
من جانبه، أكد المستشار القانوني والمحامي المقيد بمحاكم أبوظبي ودبي والمحكمة الاتحادية العليا، ناهس العنزي، إن المواقع الاجتماعية المختلفة أصبحت تعج بخدمات توصيل المنتجات وجاءت هذه الظاهرة مع انتشار فيروس كورونا «كوفيد-19» بسبب خوف المستهلكين من الذهاب للمحلات بأنواعها خشية إصابتهم بالعدوى.
وأشار إلى أن ذلك دفع الطلب على خدمات بعض الشركات المتخصصة بخدمات توصيل الطلبات للمنازل، كما رفع من أعداد تراخيص لتلك الشركات، ودفع كثيراً من أصحاب المواقع لاستغلال استعدادها للتوصيل وبيع بعض المنتجات غير الصالحة للاستعمال أو الاستهلاك الآدمي أو أنها على وشك انتهاء صلاحيته.
وأكد أن ذلك أيضاً دفع بعضهم لرفع الأسعار وآخرين نصبوا على كثير من المستهلكين ولم يقوموا بتوصيل السلع رغم أنهم استلموا قيمتها مقدماً لذا يجب التشدد مع أصحاب هذه المواقع ومراقبتها ورصدها ولا يسمح بالإعلانات عن المنتج إلا بعد حصوله على ترخيص بذلك وتحديد سعر المنتج الذي يرغب ببيعه ووقت توصيله ويكون هذا المنتج محدداً سعره ونوعه وبلد الإنتاج حتى لا يقع المستهلك ضحية للغش والنصب والاحتيال.
وقال العنزي إنه يجب التعاون مع الجهات الرسمية عند تعرضهم لأي عملية نصب والإبلاغ عنها كما يجب تشديد العقوبات مع مرتكبيها ونشر أسمائهم لكي يكون رادعاً لهم.
عرض وطلب
وقال المحامي والمستشار القانوني حميد درويش، إن المعاملة التجارية مبنية على العرض والطلب ولا بد أن يلتزم طرفا التعاقد بحسب النية في العقود الرضائية مما يوجب توافق الإيجاب والقبول بعد تحديد الثمن والمبيع إلا أن جائحة كورونا وبسبب الإجراءات الاحترازية لجأ أصحاب المحلات إلى وسيلة أخرى للتسويق وتوصيل البضائع إلى المشتري خلاف ما جرى عليه العمل سابقاً.
وأوضح أنه بضرورة الحال يتم فرض رسوم التوصيل وهذا سبب لزيادة لتفاوت الأسعار نتيجة طرق جديدة للبيع، لافتاً إلى أنه إذا شاب هذا البيع تقديم منتجات مختلفة بأسعار غير معلومة للمستهلكين سواء بالخطأ في التعاقد أو الغش التجاري أو التغرير وبذلك يفسخ العقد وإعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كنا عليها قبل التعاقد.
وأبدى بعض المواطنين والمقيمين بدولة الإمارات آراءهم بهذا الشأن إلى صحيفة «الرؤية»، حيث قال خالد فنصة المقيم بإمارة دبي إنه يجب ملاحقة كافة أنواع التجارة الإلكترونية غير المرخصة، كما أنه يجب أن يتم حصر البيع عبر الإنترنت بالمواقع الكبيرة المرخصة لذلك الغرض. موضحاً أن استغلال منصات التواصل الاجتماعي لبيع منتجات غير معروفة المصدر ولا يقدم بائعها أي ضمان للمشتري مخالف لجميع القوانين.
وقال محمد ديب الذي يسكن بإمارة الشارقة إننا كمستهلكين يجب أن نكون أكثر ذكاء في استطلاع الأسعار بشكل جيد لا سيما بعد اندلاع أزمة كورونا وظهور خدمات التوصل وإضافتها إلى الأسعار الأساسية للسلع.
رغد دحام